بِل موراي الفائز.. سعيد وبعيد عن التواصل الاجتماعي

الممثل الحائز جائزة «إيمي»: لا أرى أن عليّ أن أمثّل كثيرًا حتى أبقى معروفًا

بل موراي  -  كما بدا في «هايدبارك على الهدسون»
بل موراي - كما بدا في «هايدبارك على الهدسون»
TT

بِل موراي الفائز.. سعيد وبعيد عن التواصل الاجتماعي

بل موراي  -  كما بدا في «هايدبارك على الهدسون»
بل موراي - كما بدا في «هايدبارك على الهدسون»

الجائزة التي نالها الممثل الكوميدي بل موراي أخيرًا عن دوره في المسلسل الدرامي «أوليف كيتريدج»، كأفضل ممثل مساند ضمن نتائج جوائز «إيمي» التلفزيونية، تنضم إلى أكثر من أربعين جائزة أخرى نالها عبر مسيرته. من بين هذه الجوائز جائزة بافتا البريطانية عن دوره في فيلم صوفيا كوبولا «مفقود في الترجمة» (2003) وجائزة غولدن غلوبس عن الفيلم نفسه من «جمعية هوليوود للمراسلين الأجانب» وجائزتان من «الجمعية الوطنية لنقاد السينما» (عن «مفقود في الترجمة» و«راشمور» سنة 1998).
لم يحضر بِل موراي الحفل وتسلم كل من زميلي مهنته ماجي جيلنهوال ولييف شرايبر الجائزة عنه. السبب غالبًا أن موراي يقوم بتصوير دوره حاليًا في فيلم «مقتحمو الأرواح» Ghost busters. الفيلم السابق الذي تم تحقيقه قبل نحو 30 سنة نفسه مع معالجة جديدة. هذه المعالجة لم تمنع إعادة ممثلين من ممثليه السابقين إلى النسخة الجديدة هما دان أكرويد وبِل موراي.
العمل التلفزيوني الذي نال عنه موراي جائزة «إيمي» كأفضل ممثل مساند هذا العام يحمل اسم شخصيته الأولى، أوليف كيتريدج، عنوانًا له ومقتبس عن رواية بالاسم ذاته أيضًا وضعتها إليزابيث ستراوت وأنتجتها شركة HBO مسندة البطولة إلى فرنسيس ماكدورماند في دور أوليف كيتريدج وإلى رتشارد جنكينز في دور زوجها.
إنها رواية مثيرة للحزن معظم الوقت. منذ مطلعها الذي تتذكر فيه أوليف حياتها وهي على أهبة توديعها انتحارًا مرورًا باستعادة خمس وعشرين سنة من ذكريات الألم العاطفي والإحباطات النفسية ومشاعر حب غير مستجابة. جاك هو الصديق القديم الذي يطل على الأحداث حاملاً، لمن لم يقرأ الرواية، شيئًا من أمل الفوز ببعض أداءاته الكوميدية السوداء المدروسة. لكن المناسبة لا تتيح له ذلك. هو أيضًا قابع في هم الأيام المتوالية التي لم تتح له تحقيق ما يصبو وتركته جريحًا بعد حكاية حب محبطة.
في أحد مشاهد المسلسل القصير (أربع حلقات) نرى بل موراي جالسًا على مقعد في حديقة هادئة ينظر أمامه ويقول لفرنسيس ماكدورماند الواقفة قريبًا منه: «أعطني سببًا واحدًا لكي أستيقظ في الصباح». عبارة كهذه، ومشاهد متعددة تكشف عمق الأزمة لشخصيات الرواية كافية لجذب الباحثين عن دراما صادقة عن الحياة في عصر حالي. ونقاد «ذا نيويورك تايمز» و«ذا نيويوركر» و«يو أس توداي» و«ذا هوليوود ريبورتر» مع حفنة أخرى من نقاد الصحف والمجلات الأميركية أشادت بالمسلسل الذي يعالج موضوع الانتحار وإذا كان الإقدام عليه هروبًا من المواجهة أو حلاً أخيرًا.
فرنسيس ماكدورماند نالت جائزة «إيمي» عن دورها الرئيس هنا في نطاق جائزة «أفضل مسلسل محدود أو فيلم تلفزيوني» ونال رتشارد جنكينز، جائزة أفضل ممثل في هذا النطاق أيضًا بينما نالت المخرجة المنحدرة من أصول روسية، ليزا شولودنكو، جائزة أفضل إخراج عن هذه الفئة.
قبل أشهر من هذا الاحتفال الموازي للأوسكار في أهميته على صعيد الصناعة التلفزيونية، وقبل أن ينتهي دان أكرويد من كتابة سيناريو «مقتحمو الأشباح» الذي بوشر بتصويره في يوليو (تموز) ولا يزال العمل جاريًا عليه، جلست وبل موراي في فندق «ذا فور سيزنز» في لوس أنجليس، حيث كان يجري سلسلة لقاءاته بمناسبة فيلمه الجديد آنذاك «ذا غراند بودابست هوتيل»، الذي كان قد تم تقديمه في مهرجان برلين ولاحقًا، مطلع هذا العام، كان من بين أكثر الأفلام نيلاً للجوائز ما بين نهاية 2014 ومطلع العام الحالي.
لكن الحديث مع بل، على قلّة المناسبات التي يلتقي فيها أهل الصحافة به، يتمدد باتجاهات مختلفة. لم يجلس ليتلقى أسئلة بقدر ما جلس، خصوصًا عند بداية اللقاء، ليتعرّف على من يلقي الأسئلة.
هو مرتاح ومبتسم وفي نظراته تلك الوداعة التي نراها في الأفلام التي يقوم بتمثيلها.
نص الحوار:
* هل ما زلت متمسكًا بقرارك أنه من الأفضل أن يجهد من يرغب في الحديث إليك عوض أن يصل إليك بسهولة؟
- لا يخلو الأمر من مزاجية. أحيانًا أنا سهل الوصول إليه خصوصًا إذا ما كان العمل الذي أقوم به مرتبطًا بعقد ينص على أن أقوم بالترويج له. لكني أفضل أن أبقى صعب الوصول. البعض اعتقد خطأ أنني إنسان لا يُطاق. لكن الحقيقة أنني إنسان يحب خصوصيته. لا استخدم الهاتف الجوال كثيرًا وليس عندي صفحة على «فيسبوك» ولا أقوم بالتغريد.
* لماذا؟
- لأني أنا أحق بالوقت الذي سأقضيه في مقابلات غير مبرمجة أو في الحديث على الهاتف أو في الكتابة على الإنترنت.
* يعتقد كثيرون أن أحد شروط النجاح في هذا الزمن بالتحديد هو أن يكونوا متوفرين للغير.
- هذا شأنهم. أنا لا أشارك هذا الرأي. لا أعتقد أن النجاح مرهون بقليل أو بكثير في مدى التواصل مع الآخرين، بل في العمل ذاته. لا أعتقد أن الرد على كل مكالمة هاتفية أو الاشتراك في التواصل الاجتماعي يقدّم أو يؤخر مسيرة فنان. لكن هذا يرجع لكل شخص على حدة.
* كذلك لا تملك وكيل أعمال. شخص يجلب لك المشاريع التي تقرأها لتوافق عليها أو ترفضها. كيف تتعامل مع هوليوود إذن؟
- لا أسعى للتواصل مع أحد. أجلس وأنتظر ليصلني السيناريو في معظم الأحيان. أراك متعجّبًا لكن هذه هي الحقيقة. كنت في البداية مرتبطًا مع وكيل يعمل لمؤسسة معروفة لكني قررت أنني لا أريد أن أصبح لاعبًا في وسط تتجاذبه المصالح. من الأفضل لي أن أعيش متحررًا من هذا التقليد السائد على أن أنتمي إليه.
* إذا كنت صعب الوصول ولا تملك وكيل أعمال، أمر اعتقدت أنه إشاعة، فكيف تتلقى العروض؟
- من يريد أن يجدك سيجدك. كثيرون في الوسط يعرفون مكان وجودي. وليس كل من يحاول أن يعثر عليّ لديّ شيء أنا أهتم به. البعض لديه ما أعتبره جيدًا لي وبيننا لا أرى أن عليّ أن أمثل كثيرًا حتى أبقى معروفًا أو متاحًا للعمل. بالتدرج أصبح المنتجون يعرفون ذلك وحاليًا أتسلم المزيد من السيناريوهات التي يعلم أصحابها أنني لن أرفضها.
* أحد المخرجين الذين تداوم العمل معهم هو وس أندرسون. وأدوارك تختلف في أفلامه. بعضها ثانوي مثل «ذا غراند بودابست هوتيل» وبعضها رئيسي كدورك في «الحياة البحرية مع ستيف زيزو»..
- وس أندرسون من القلة الذين يستطيعون طلبي في أي وقت وسأكون سعيدًا بالاستجابة. إنه مخرج موهوب جدًّا كما لا بد تعرف. لا مفاجآت حين العمل معه، لذلك حجم الدور لا يعنيني مطلقًا. وعمومًا حجم الدور لا يعنيني بحد ذاته في أي عمل.
* المهم أن تجد نفسك فيه؟
- طبعًا. وهذا ليس صعبًا عليّ. قبل سنوات كثيرة كنت أتسلم الكثير من السيناريوهات. كنت نهمًا في قراءتي لها، لكني كنت أرفض معظمها. انتشر عني أنني انتقائي فقل عدد السيناريوهات المرسلة وهذا ما أسعدني (يضحك).. حقًا.. لست بحاجة لأقرأ الكثير.

مخرجون مميزون
* لكن يبدو لي أنك مشغول أكثر من أي وقت مضى، على الأقل في السنوات الأخيرة. هناك فيلم «مقتحمو الأشباح» الذي هو إعادة صنع وتقوم بدور البطولة في «هز القصبة» Rock the Kasbah وفيلم تلفزيوني بعنوان «أوليف كيتريدج». وفي العام الماضي ظهرت في ثلاثة أو أربعة أفلام. هل هذا النشاط وليد تخطيط أو نتيجة تلقائية لرغبتك في الظهور في أعمال متكاثرة في هذه الآونة بالتحديد؟
- كلا. لا يمكن التخطيط لمثل هذه الأمور. الظهور المتكاثر مؤخرًا هو أقرب لما قلته: نتيجة تلقائية لرغبتي في العمل. كل ما سبق الحديث فيه لا ينفي أنني في النهاية ممثل أسعى للتواصل مع الجمهور الذي يقدّر الكوميديا ويعرف أنه سيجدها ماثلة في فيلم أقوم بالتمثيل فيه. هذا هو الصيت الوحيد الذي على الممثل أن يحتفظ به. ليس سهلاً بل ممكن.
* مَنْ مِن المخرجين الآخرين لا تتوانى العمل معهم؟
- هناك مجموعة لا بأس بها. أكتب الآن سيناريو فيلم بعنوان «عيد كريسماس موراي» (A Very Murray Christmas وهو لعب على العبارة التقليدية Merry Christmas) وحال انتهائي منه سأبعث به إلى صوفيا كوبولا. هي واحدة من المخرجين الذين أثق ببراعتهم وموهبتهم.
* فيلمك السابق معها «مفقود في الترجمة» برهن على ذلك.
- على نحو مؤكد. هي فنانة وإنسانة رائعة ولا تستعجل العمل. بعد ذلك الفيلم (2003) كان يمكن لها أن تقوم بتحقيق أي فيلم تريده لكنها آثرت التريث. احترم ذلك لدى الفنان.
* قبل ثلاثة أعوام انضممت إلى الممثلين الذين لعبوا أدوار رئيس الجمهورية الأميركي في فيلم «هايد بارك على هدسون». هل قابلت رؤساء جمهورية؟
- نعم كلينتون وبوش الأب وبوش الابن وجيمي كارتر.
* لم تقابل باراك أوباما؟
- لا، لكني لا أمانع في مقابلته.
* هل بنيت بعض مواقف ذلك الفيلم على شخصية رئيس معيّن؟
- لا. اتبعت النص لكن دور رئيس الجمهورية ليس صعبًا (يضحك). لعبت شخصية الرئيس روزفلت وكان لا بد بالطبع من معرفة ما الذي يمكن لي أن أقوم به لإتقان دور رجل معروف كشخصية روزفلت. بعض الشخصيات لا تستطيع العبث بها.
* تقصد في البيت الأبيض أو خارجه؟
- في البيت الأبيض وخارجه (يضحك ثم يقول جادًا) طبعًا هو دور صعب وأصعب ما فيه هو عندما يحاول رئيس الجمهورية اتخاذ قرارات لم يسبقه إليها أحد. أحد السياسيين قال لي عن أوباما إنه رئيس جيّد، لكنه لم يشأ الوصول إلى ثمار الشجرة القريبة، بل تركها راغبًا في قطف الثمار البعيدة. يعجبني ذلك لكني أفهم صعوبة تحقيقه.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».