سوريا ترفض تسليم تونس متطرفين لقضاء أحكام بالسجن في بلادهم

اعتقال 6 عناصر متطرفة حاولت دخول البلاد للالتحاق بالجماعات المتشددة

سوريا ترفض تسليم تونس متطرفين لقضاء أحكام بالسجن في بلادهم
TT

سوريا ترفض تسليم تونس متطرفين لقضاء أحكام بالسجن في بلادهم

سوريا ترفض تسليم تونس متطرفين لقضاء أحكام بالسجن في بلادهم

أكد التونسي زياد الهاني، رئيس وفد «الائتلاف المدني التونسي ضد الإرهاب»، الذي زار سوريا نهاية الأسبوع الماضي للاطلاع على ظروف التونسيين في سوريا، وبحث مشكلة المتشددين المعتقلين هناك وإمكانية استرجاعهم، أن الوفد دافع عن الشباب التونسي المغرر به للانضمام إلى التنظيمات المتشددة، وقال إن جلهم كان ضحية عملية خداع منظمة قادتها شبكات محترفة لتجنيد الشبان وجرهم إلى بؤر القتال. لكن الطرف السوري عبر لهم بصراحة عن صعوبة عودة السجناء التونسيين في سوريا إلى تونس، وأكد لهم أنهم «في صحة جيدة وتتم معاملتهم مثل بقية السجناء السوريين».
وكان نجم الدين أحمد وزير العدل السوري، قد حذر خلال لقائه بالوفد التونسي من عودة المتطرفين التونسيين إلى بلادهم، بعد تلقيهم تدريبات محترفة وقدرات قتالية عالية، ما ينعكس سلبا على أمس المجتمع التونسي، على حد تقديره، مشيرًا إلى أن عودتهم إلى تونس تعتبر «صعبة جدًا خاصة أنه يوجد ضمنهم من تورط في ارتكاب أبشع الجرائم، أو في سفك دماء السوريين»، مؤكدًا أن جميع المعتقلين الذين انخرطوا في القتال إلى جانب التنظيمات المتشددة سينالون محاكمة عادلة أمام القضاء السوري.
وخلافًا لإحصائيات سابقة قدرت عدد المقاتلين التونسيين في سوريا بنحو ثلاثة آلاف مقاتل على أقصى تقدير، كشفت مصادر من وزارة العدل السورية لوسائل إعلام تونسية، رافقت الوفد التونسي، أن عددهم يتراوح بين 7و8 آلاف مقاتل. واستبعد الجانب السوري إمكانية تسليم من تورطوا في الإرهاب إلى تونس لقضاء بقية مدة عقوبتهم، فيما ذكرت مصادر من الوفد التونسي لـ«الشرق الأوسط» أن اللجوء إلى هذا الحل قد يكون من خلال اتفاقية دولية تبرم لهذا الغرض.
من جانبها، ذكرت مصادر أمنية تونسية أن عودة المتشددين من بؤر التوتر إلى تونس ستكشف عن تفاصيل مرعبة عن شبكات التسفير إلى المحرقة السورية، مشيرة إلى أن منظمي عمليات التسفير إلى بؤر التوتر يتقاضون مبالغ مالية هامة عن كل شاب يصل إلى ساحات القتال، فيما تصرف أموال إضافية إلى عائلته.
وكان منظمو الزيارة إلى سوريا قد طالبوا بإطلاق سراح المغرر بهم، ممن لم يثبت تورطه في حمل السلاح، والعمل على إحالة ملفات الموقوفين التونسيين المتهمين بالتورط في أعمال متشددة إلى القضاء السوري في أقرب الآجال، مع توفير الضمانات القانونية لمحاكمتهم بصفة عادلة.
يذكر أن الوفد التونسي ينهي في السادس من شهر سبتمبر (أيلول) الحالي زيارته إلى سوريا التي بدأها يوم 28 من الشهر الماضي.
من ناحية أخرى، أكدت أمس فرقة مكافحة الإرهاب اعتقالها ستة عناصر متطرفة، بعد محاولتها دخول تونس قصد الالتحاق بالجماعات المتطرفة التي تتحصن بجبال الشعانبي بالقصرين (وسط غربي تونس)، وقالت إن هدفها كان إحياء «كتيبة عقبة بن نافع» المتطرفة، التي تعرض أبرز قادتها للتصفية، والتحضير لتنفيذ أعمال إجرامية في الفترة المقبلة، تستهدف منشآت حيوية وأمنية حساسة.
وأوضح بلاغ لوزارة الداخلية التونسية أن الأبحاث الأولية التي أجرتها أكدت تورط عدد من عناصر المجموعة ومشاركتهم في التفجيرات التي استهدفت فندق سوسة، وروضة عائلة بورقيبة في المنستير (وسط شرقي تونس) سنة 2014. وذكر البلاغ أن أحدهم مصاب بجراح بليغة نتيجة مشاركته في أعمال قتالية في ليبيا المجاورة.
وأشار المصدر ذاته إلى تأكد السلطات المختصة من ارتباط هذه المجموعة بمنظمات إرهابية أخرى، تضم عددًا من التونسيين، وهي تتمركز بالتراب الليبي على مقربة من الحدود التونسية.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.