طيران التحالف يدك معاقل الحرس الجمهوري في الحديدة.. والحوثيون يفرون إلى المناطق السكنية

أكثر من 350 حالة انتهاك قامت بها الميليشيات في تهامة

طيران التحالف يدك معاقل الحرس الجمهوري في الحديدة.. والحوثيون يفرون إلى المناطق السكنية
TT

طيران التحالف يدك معاقل الحرس الجمهوري في الحديدة.. والحوثيون يفرون إلى المناطق السكنية

طيران التحالف يدك معاقل الحرس الجمهوري في الحديدة.. والحوثيون يفرون إلى المناطق السكنية

تستمر ميليشيات الحوثيين والمخلوع علي عبد الله صالح في حملة الاعتقالات والمداهمات لجميع المناوئين والمعارضين للانقلاب على الشرعية في محافظة الحديدة، غرب اليمن، حيث تنفذ الميليشيات حملة ملاحقة للمشتبه بانتمائهم للمقاومة الشعبية التهامية، التي تصعد من هجماتها ضد الميليشيات في مدينة الحديدة وعدد من مديريات المحافظة، التي شهدت، أمس، سلسلة غارات جوية استهدفت مواقع الميليشيات.
وقال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» إن الطيران استهدف معسكرات قوات الحرس الجمهوري الموالية للمخلوع علي عبد الله صالح، في منطقة «الكيلو 16» ومناطق القوقر ومحطة المسعودي ومدينة بيت الفقيه، وإنه شوهد عدد من المسلحين الحوثيين، في بيت الفقيه، وهم يفرون من غارات قوات التحالف، إلى الأحياء السكنية، وأكدت مصادر محلية أن قصف معسكرات الحرس الجمهوري أدى إلى انفجارات هائلة في مخازن للأسلحة والذخائر.
وفي الوقت الذي اعتقل فيه الحوثيون عددا من المناوئين في مديريات المحافظة وقاموا بابتزاز المواطنين والتجار بمبالغ مالية كبيرة دعما لما يسمونه «المجهود الحربي»، كشف تحالف «رصد»، (منظمة مجتمع مدني)، بالحديدة ارتكاب ميليشيات الحوثي وصالح 353 حالة انتهاك في المحافظة خلال شهر أغسطس (آب) الماضي، وقال في بلاغ صحافي له، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إن جماعة الحوثي «أقدمت على ارتكاب (353) انتهاك خلال شهر فقط، وتنوعت تلك الانتهاكات وفقا للآتي: اعتداءات بحق أشخاص: قتل (7)، التسبب في قتل (61)، اختطاف (162)، اعتداء/ إصابة (8)، التسبب في إصابة (26)، تهديد (4)، والاعتداءات على الممتلكات: ممتلكات خاصة باقتحام (24) منزلا، و(10) محلات تجارية، و(4) مقرات من منظمات المجتمع المدني، ونهب (12) حالة، تنوعت ما بين نهب مبالغ مالية وسيارات خاصة ومقتنيات وأدوات شخصية أثناء اقتحام المنازل، واعتداءات على ممتلكات عامة من خلال اقتحام (4)، والاستيلاء على (14)، ونهب (2)».
وأضافت المنظمة أن تلك الانتهاكات تنوعت بين «انتهاكات للمؤسسات العامة ومؤسسات تعليمية ومرافق صحية، بالإضافة إلى القيام بمصادرة حرية الرأي والتعبير والاعتداء على (3) وقفات احتجاجية سلمية، وتقويض سلطات الدولة من خلال التدخل في المهام (2)، واستحداث نقاط تفتيش (8)، والعقوبات الجماعية التي تمارسها الجماعة المسلحة بحق أبناء المحافظة المتمثلة في قطع الكهرباء التام عن المحافظة في ظل أجواء شديدة الحرارة، مما أدى إلى وفاة زوجين، أول من أمس، وكذا قطع الماء في أغلب الأحياء السكنية وانعدام المشتقات النفطية».
وناشد ناشطون من أبناء تهامة أعضاء الحكومة اليمنية ولجنة الإغاثة وممثلي تهامة في مؤتمر الرياض وضع حد للكارثة الإنسانية التي يعاني منها أبناء مدينة الحديدة وتهامة ككل، وحملوهما المسؤولية أمام هذا الوضع الإنساني جراء انقطاع التيار الكهربائي لأيام متتالية، وطالبوا بالسماح لناقلة المازوت بالدخول إلى الميناء وتفريغها بمحطة رأس كثيب، لتزويد محطة الكهرباء بالمازوت وعودة التيار الكهربائي إلى المحافظة في هذا الصيف القائظ.
وقال سكان في مدينة الحديدة لـ«الشرق الأوسط» إن ميليشيات الحوثي وصالح «هي المتسبب في انقطاع الكهرباء عن مدينة الحديدة وعن اليمن كافة، لأسباب يعرفها الجميع ولم تراع حتى المدن والمحافظات التي تشهد الحر الشديد مثل محافظات الحديدة وحجة وريمة والمحويت وغيرها، مما يؤدي إلى عودة انتشار الأوبئة مثل حمى الضنك وغيرها من الأوبئة، وكل هذا يأتي عقابا للمواطنين في تلك المدن والمحافظات التي رفضت وجودهم وطالبت بخروجهم من محافظاتهم».



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.