مسرحيون عراقيون يجسدون مأساة النازحين والمهجرين في عمل فني جديد

حاولوا لفت انتباه السياسيين والحكومة لمعاناتهم

مسرحيون عراقيون يجسدون مأساة النازحين والمهجرين في عمل فني جديد
TT

مسرحيون عراقيون يجسدون مأساة النازحين والمهجرين في عمل فني جديد

مسرحيون عراقيون يجسدون مأساة النازحين والمهجرين في عمل فني جديد

«نازحون إلى الوطن» كان عنوان العمل المسرحي العراقي الجديد الذي اختاره مجموعة من الشباب المسرحي للحديث عن قصة الطوفان الأسود للجماعات المتشددة (داعش) وغيرها من الميليشيات التي سيطرت على أمن واستقرار البيت العراقي لينزح الجميع من الوطن إلى الوطن في مدن ومخيمات ومدارس استبدلت صفوفها بأمتعة المهجرين وفجيعتهم بدلاً من رحلات الطلاب وحقائبهم.
يقول الفنان خالد أحمد مصطفى، معد ومخرج المسرحية في لقاء مع «الشرق الأوسط»: «قدمت مع أعضاء الفرقة مسرحية (نازحون إلى الوطن) في عدد من الكنائس في بغداد، من بينها كنسية الانتقال في منطقة المنصور وسط العاصمة وكنيسة مار يوسف - الكرادة بغداد. كتب نص العمل الفنان علي عبد النبي وياسين إسماعيل، وهي تتحدث عن أزمة ومعاناة النازحين في العراق وقد ارتفع عددهم إلى 3 ملايين نازح داخل الوطن نفسه بسبب الحرب والاقتتال المسلح والميليشيات التي تعيث فسادًا في البلاد ضد كل المكونات، وهذا ما لم يحدث قبلاً».
وأضاف: «نحاول في عملنا أن نوجه رسالة للساسة العراقيين والحكومة أيضًا لأجل أن يتحركوا بجدية أكبر لأجل حماية أهل البلاد وسلامة وأمن العراقيين»، مشيرًا إلى أن المسرحية عرضت حالة النزوح التي تعرض لها العراقيون بشكل عام، والمسيحيون بشكل خاص في عمل مدته ساعة وربع امتزج بالدراما التهكمية والسخرية، لنشارك أهلنا في محنتهم، ولنؤكد اتهامنا للساسة بالضلوع في مثل هذه الجريمة بتسترهم وتنصلهم وعدم إيجاد حلول منطقية مقنعة بعد مرور أكثر من عام ونصف على ترك آلاف العوائل لمنازلهم وذكرياتهم.
وتدور أحداث المسرحية بقصة البطل باسل الذي أراد البقاء في المدينة للدفاع عن كنيسته، بينما يصر الجميع على الرحيل لشعورهم بالخذلان أمام تخلي المسؤولين السياسيين عنهم وتركهم مواجهة «داعش» وحدهم، فتتطرق العمل إلى قصص واقعية عاشها النازحون. وفي نهاية المطاف يقرر باسل الزواج من حبيبته مريم قبل دخول «داعش»، والاحتفال بوقوفه وحده بوجه «داعش» مع إيمانه بالرب الذي خلق الإنسان من أجل أن يزرع بالأرض، وأن يتعايش بسلام ومحبة.. وهي خلاصة ما جاء به عيسى، عليه السلام.
وقدمت المسرحية ضمن فعاليات اليوم العراقي الذي استمر على مدى أسبوع برعاية كنيسة «انتقال مريم العذراء» بالمنصور.. وبإشراف مميز من لدن الأب روبرت جرجيس راعي الكنيسة.. أما فريق العمل فهو كله من أبناء الكنيسة المتطوعين، وهم هواة وليسوا محترفين، باستثناء الإعلامية آن خالد ألتي جسدت دور مريم أمام بطل المسرحية باسل (خالد أحمد مصطفى).
الجدير بالذكر أن الفرقة تشكلت قبل سنة وهي تابعة للكنيسة وحملت اسم فرقة «مرآة العدل والسلام» وقدمت 4 أعمال مسرحية خلال هذا الموسم أهمها مسرحية «كان هناك وطن» وهي من تأليف وإخراج أيضًا.. عرضت مرتين - الأولى في أغسطس (آب) 2014 بكنيسة الانتقال وأعيد عرضها بمهرجان آخر في كنيسة مار يوسف في نهاية عام 2014.
وعن أعمالهم الجديدة، قال مصطفى: «نتهيأ لمهرجان يخص الأطفال النازحين، حيث سنقدم فيه مسرحية للدمى والعرائس وسنستضيف الدكتور حسين علي هارف والدكتورة المتخصصة في فن الدمى زينب علي لإقامة ورشة لصناعة الدمى والعرائس.
الشابة مريم حربي إحدى المشاركات في العرض المسرحي قالت: «شعرت بمعاناة المهجرين، وخصوصًا أبناء الطائفة المسيحية وحاولت أن أقدم بعض ما عانوه من ويلات خلال الفترة الماضية وأعتقد أننا نجحنا في شد انتباه الجمهور لنا وسنواصل عروضنا في الكثير من المناسبات.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».