تعاون إسرائيلي ـ تركي يمنع امرأة فلسطينية من الانضمام إلى «داعش»

وصلت إلى إسطنبول فاعترضتها الشرطة وأعادتها إلى تل أبيب

تعاون إسرائيلي ـ تركي يمنع امرأة فلسطينية من الانضمام إلى «داعش»
TT

تعاون إسرائيلي ـ تركي يمنع امرأة فلسطينية من الانضمام إلى «داعش»

تعاون إسرائيلي ـ تركي يمنع امرأة فلسطينية من الانضمام إلى «داعش»

تمكنت الشرطة التركية من منع مواطنة عربية من إسرائيل (فلسطينيي 48) في الدقيقة التسعين تماما من دخولها الأراضي السورية للقتال في صفوف «داعش»، وأعادتها على متن أول طائرة متوجهة إلى تل أبيب. وقالت مصادر سياسية إسرائيلية إن هذا التصرف التركي يؤكد أمرين: أولهما أن أنقرة بدأت تحارب «داعش» جديا. والثاني أنها معنية بتحسين العلاقات مع إسرائيل، خصوصا في الجانب الأمني.
وحسب المعلومات التي حصلت عليها «الشرق الأوسط»، فإن المرأة من سكان مدينة شفا عمرو، تجاوزت الأربعين عاما، وهي متزوجة وأم لأطفال. وقد سافرت إلى تركيا في رحلة استجمام مع والدها. ولكنها بدأت تتصرف في الليلة الأخيرة من الرحلة بغرابة. والتقت شخصا وتحدثت معه باللغة الإنجليزية مطولا، وهي اللغة التي لا يجيدها والدها. وذهبت في اليوم التالي برفقة والدها إلى المطار بغرض العودة، لكنها استأذنت والدها لبضع دقائق، ولم تعد. وقد انتظرها إلى ما قبل لحظات من إقلاع الطائرة. وحاول منع الطائرة من الإقلاع أو النزول عائدا إلى المطار لينتظرها، لكن طاقم المضيفات لم يفهم قصده ولم يسمح له بالنزول.
وما إن حطت الطائرة في تل أبيب حتى أبلغ الشرطة الإسرائيلية بما جرى، وأخبرهم بما جرى له مع ابنته. وأبدى خشيته من أن يكون الرجل الذي التقاها من «داعش»، وأن يكون قد أخذها معه إلى سوريا فعلا. وفي الحال استصدرت الشرطة الإسرائيلية أمر اعتقال دوليا لها. وأخبرت الشرطة التركية، فسارعت الأخيرة إلى التفتيش عن المرأة واعتقلتها. ونقلتها على متن الطائرة الأولى وسلمتها إلى الشرطة الإسرائيلية، فقامت هذه باعتقالها على ذمة التحقيق، ومددت محكمة الصلح في الناصرة، أول من أمس، توقيفها. وحسب النيابة فإن التحقيق معها يدور حول شبهات عدة، منها التخطيط للالتحاق بـ«داعش» والانضمام إلى تنظيم إرهابي محظور، والتعامل مع وكيل أجنبي. وقررت المحكمة، بناء على طلب النيابة، منع نشر تفاصيل عن القضية.
وقال المحامي داود نفاع الذي يترافع عنها إن موكلته المشتبهة بمحاولة الالتحاق بتنظيم داعش لم تحظ، حتى اليوم، بحقها في لقاء محامٍ، على الرغم من أنه جرى اعتقالها وتوكيل محامٍ.
الجدير بالذكر أن مواطنة أخرى من فلسطينيي 48 تمكنت من الانضمام إلى «داعش» في سوريا قبل شهور، وهي صبية من مدينة سخنين. ويقدر عدد المواطنين من فلسطينيي 48 الذين التحقوا بـ«داعش»، خلال السنوات الثلاث الماضية، بنحو 50 شخصا، كلهم سلكوا طريق تركيا إلى سوريا.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم