«طولناها» يضع جدة في تحدٍّ مع المدن العالمية السياحية

120 فعالية في عروس البحر تخفف حرارة الصيف على الزوار

عروض السيرك تمتد حتى منتصف أكتوبر المقبل
عروض السيرك تمتد حتى منتصف أكتوبر المقبل
TT

«طولناها» يضع جدة في تحدٍّ مع المدن العالمية السياحية

عروض السيرك تمتد حتى منتصف أكتوبر المقبل
عروض السيرك تمتد حتى منتصف أكتوبر المقبل

على غير العادة، استمرت فعاليات مهرجان جدة 36 على مدار 30 يوما تحت اسم «طولناها»، معلنة بهذا التغيير نقلة في عالم الترفيه والفعاليات التي بلغ عددها 120 فعالية موزعة في أنحاء جدة، حيث بلغ عدد الزوار في منتصف أيام الفعاليات إلى مليوني زائر.
وحقق المهرجان إقبالا كبيرا من زوار عروس البحر الأحمر، إذ تنوعت برامجه بين الترفيهية والفنية والعلمية والثقافية والفكرية، وكان أبرزها المسرحيات التي تعالج عدة قضايا اجتماعية، بمشاركة كبار نجوم المسرح، مما أعطى الزوار فعاليات دسمة للاختيار بما يتلاءم مع اهتماماتهم.
وشهدت جدة أحداث وعروض السيرك الإيطالي العالمي «بيللوتشي» ضمن فعاليات مهرجان جدة، وهي العروض التي ستستمر حتى منتصف أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، على عكس كثير من الفعاليات الصيفية التي انتهت بنهاية الأسبوع الماضي.
وتوقع القائمين على المهرجان أن يشاهد عروض السيرك نصف مليون مشاهد وزائر لعروس البحر الأحمر من أصل 3 ملايين زائر استهدفهم المهرجان.
وتعود قصة السيرك الذي سيشاهده زوار جدة إلى أكثر من مائة عام، وتحديدا إلى عام 1906، لصاحبة ريبورت بيللوتشي، أحد أشهر مدربي الأسود في العالم والفائز بجائزة «مونت كارلو» عام 1984.
وتجوب عروض السيرك الإيطالي مدن العالم بدءا من أميركا مرورا بأوروبا ومنها إلى مدن عربية وخليجية ومن بينها مدينة جدة التي تعد من أشهر المدن السياحية في المنطقة ودول الخليج.
وتأتي فعالية عروض السفاري الأفريقية التي أطلقها مركز «الرد سي»، إحدى أهم وأبرز الفعاليات المستمرة حتى 23 سبتمبر (أيلول) المقبل، إذ تقوم خلالها عائلة «شرّاي» بمساعدة الزوار على التجول داخل السفاري إضافة إلى تثقيفهم عن أهم الحيوانات المجسمة والمسابقات المصاحبة لهذه الفعالية.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة أسواق البحر الأحمر المالكة لمركز الرد سي محمد علوي: «كوننا الوجهة الرئيسية للتسوق والترفيه في مدينة جدة، فإن ذلك يجعلنا ملتزمين تجاه زوار المركز وزوار جدة بتقديم الفعاليات المبتكرة والمتنوعة لتكون تجربة التسوق داخل المول ممزوجة بالمتعة والترفيه التثقيفي».
وأضاف علوي: «تعود عائلة (شرّاي) هذا العام لتمثل العائلة المغامرة التي تجوب وتتجول داخل عالم السفاري الأفريقي المثير لتسهّل للزوار تجوالهم فيها ومساعدتهم في التثقف عن الحيوانات المجسمة التي تمثّل معظم حيوانات الغابات الأفريقية».
وأكد أن مدينة جدة تتميز بتنوع الفعاليات المبتكرة خصوصا في مهرجان «جدة غير» الذي أصبح أحد أهم المهرجانات السعودية ووصل صداه إلى منطقة الخليج والدول المجاورة. وأشار إلى تشرف «الرد سي مول» بكونه أحد أهم الرعاة للمهرجان منذ إطلاق نسخته الأولى وفي عدة نسخ تالية.
وكشف علوي عن وجود جوائز كثيرة وقيمة بانتظار أهالي وزوار مدينة جدة من خلال السحوبات الأسبوعية التي تجري خلال فعالية السفاري الأفريقية.
من جانب آخر كشف القائمون على مهرجانات جدة في نسخته 17 تحت شعار «طولناها» عن استراتيجية جديدة ابتداء من العام المقبل في تنظيم المناسبات والفعاليات الاقتصادية والسياحية والمجتمعية، وأن اللجنة العليا برئاسة الأمير مشعل بن ماجد محافظ جدة تعكف على إعداد الدراسات اللازمة من أجل أن تكون جدة واجهة حقيقية للمدن في المنطقة والعالم.
وقال الأمين العام للغرفة التجارية الصناعية في جدة عدنان مندورة: «إننا نعمل من أجل نجاح المهرجانات والمنتديات والمؤتمرات في هذه المدينة بتفاصيلها الصغيرة والكبيرة، من خلال دراسة نقاط الضعف والقوة والاستفادة من النماذج المحلية والخليجية والعالمية في تنظيم المهرجانات، وهو ما منح مهرجان جدة أن يحقق معدلات تفوق اقتصاديا مدنا مشابهة في الخليج والمنطقة».
وشدد محمد الصفح مدير إدارة المهرجانات في غرفة جدة على أهمية أن يدرك الجميع أن الطاقات الشبابية السعودية تعمل من أجل جدة المدينة الساحرة، وأن من يقلل من أهمية جدة السياحية هو غير منصف لها.
وربط نجاح المهرجان بالجهود المبذولة من كل فريق العمل والقائمين عليه، والدراسات التي وضعت وتم تنفيذها لإرضاء الزوار وتقديم البرامج الترفيهية والتثقيفية في نفس الوقت لكل أفراد الأسرة.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».