الصحف الأوروبية تتساءل: هل ستغير موسكو موقفها لتكسر الجمود في الأزمة السورية؟

الإعلام الأميركي: أعاصير ومهاجرون ولاجئون

الصحف الأوروبية تتساءل: هل ستغير موسكو موقفها لتكسر الجمود في الأزمة السورية؟
TT

الصحف الأوروبية تتساءل: هل ستغير موسكو موقفها لتكسر الجمود في الأزمة السورية؟

الصحف الأوروبية تتساءل: هل ستغير موسكو موقفها لتكسر الجمود في الأزمة السورية؟

تنوعت الموضوعات التي لاقت اهتمامًا من جانب الصحافة الأوروبية خلال أيام الأسبوع، ما بين الاستمرار في التركيز على ملف الهجرة واللجوء، والعثور على جثث لمهاجرين في شاحنة على نقطة حدودية في النمسا، وآخرين في قاع مركب في المسافة ما بين الحدود البحرية الإيطالية والسواحل الليبية، إلى جانب اختيار موضوعات أخرى مثل التغير المناخي والأزمة في سوريا.
ونبدأ من الصحافة البريطانية، فقد نشرت «الإندبندنت» في صدر صفحتها الأولى، عنوانًا رئيسيًا لموضوع عن تغير المناخ، يقول: «الحقيقة المرعبة عن تغير المناخ». يتحدث الموضوع عن خطأ فكرة توقف ظاهرة الاحترار العالمي؛ حيث يتوقع علماء المناخ أن العام الحالي سيصبح أكثر الأعوام حرارة في التاريخ المسجل لدرجات الحرارة العالمية وبفارق كبير. وتقول الجريدة إن «هذا يؤكد أن فكرة توقف ظاهرة الاحترار لم تكن واقعية؛ حيث إنه ورغم بقاء عدة أشهر على نهاية العام، إلا أن المعدل الحالي لدرجات الحرارة يشير إلى أننا نتوجه لتسجيل فارق كبير في درجة الحرارة الإجمالية في مختلف أنحاء العالم عن أكثر السنوات ارتفاعًا في درجات الحرارة».
وتضيف الجريدة أن «الرقم القياسي في ارتفاع درجات الحرارة العالمية قد تم تحطيمه 3 مرات خلال الأعوام الخمسة الماضية فقط؛، مما يشير لخطورة الظاهرة؛ حيث يجمع العلماء درجات الحرارة المسجلة في عدة دول في مختلف أنحاء العالم وفي أوقات مختلفة من العام». وتشير الجريدة إلى أنه «يوجد احتمال واحد قد يؤدي لعدم تسجيل درجة حرارة قياسية للعام الحالي بشكل عام، وهو حدوث انبعاثات بركانية ضخمة تمنع أشعة الشمس عن الوصول لأجزاء من الأرض خلال الأشهر المتبقية من العام الحالي». وتقول الجريدة إنه «بالمعدل الحالي سيكون أكثر الأعوام تسجيلاً لدرجات حرارة مرتفعة 3 منها في الأعوام الخمسة الماضية، وتسعة منها في القرن الحادي والعشرين، وهو ما يوضح حجم التغير المناخي الواقع والمنتظر خلال الأعوام المقبلة».
وفي ملف آخر ومن «الغارديان»، وتحليل لإيان بلاك بعنوان «هل ستكون موسكو أول من يغير موقفه لكسر الجمود في الأزمة السورية؟». ويقول بلاك إن «أحدث تصريح للرئيس السوري بشار الأسد عن الأزمة في بلاده، هو أن إيران وروسيا، أقرب حلفائه، ما زالا يساندانه، وأن الأسد، مثل أي سياسي، كان يود أن يصل ذلك إلى أسماع شعبه وحلفائه وأعدائه». ويتساءل بلاك «هل أن تصريح الأسد أكثر من دعاية؟». ويقول: «لأنه بعد أربعة أعوام ونصف على بدء الحرب، تجد سوريا نفسها في كارثة، ففي الأسبوعين الماضيين قتل 250 شخصًا في عمليات للنظام». ويقول بلاك إنه «في وقت سابق من الشهر الحالي بدت مؤشرات على أنه قد تحدث انفراجة في الجمود بشأن حل سياسي للصراع في سوريا، حيث تحدث الرئيس الأميركي بارك أوباما عن فرصة في كل من طهران وموسكو، على خلفية تغير الوضع العسكري للأسد». ويقول بلاك إن «التوصل إلى اتفاق دولي بشأن برنامج إيران النووي صاحبته آمال بتحول في سياسة طهران بشأن سوريا. كما أن روسيا أبدت دعمها لقرار لمجلس الأمن يدعو للتحقيق بشأن استخدام الأسد لأسلحة كيماوية، رغم أنها كانت تستخدم سابقًا حق النقض (الفيتو) ضد أي قرار قد يدين سوريا».
من جهة أخرى بدأ الأسبوع، مثلما انتهى، بتركيز الإعلام الأميركي على أخبار المهاجرين واللاجئين الشرق أوسطيين في أوروبا. واهتمت الصحف والتلفزيونات الأميركية بخبر منح الرئيس الفرنسي، فرنسوا هولاند، وسام الشرف لثلاثة أميركيين. هم: سبنسر ستون، الكس شارلوت، انتوني سادلر. والبريطاني كريس نورمان. وذلك لإحباطهم محاولة إرهابي مغربي قتل عدد كبير من المسافرين في قطار.
ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز»، منذ بداية الأسبوع، وطوال الأسبوع، حلقات انطباعات عدد من صحافييها أرسلتهم إلى أوروبا لمتابعة اللاجئين والمهاجرين.
في منتصف الأسبوع، تغلبت الأخبار والكوارث الأجنبية في الإعلام الأميركي. تهتم بمثل هذه الأخبار صحف مثل: «نيويورك بوست» و«نيويورك ديلي نيوز». قتل سبعة أشخاص بعد تعرضهم لمواد كيماوية سامة في مصنع للورق في وسط الصين. وقتلت ثمانية وثلاثون فتاة في حادث اصطدام شاحنة قرب حفل أومهلانجا التقليدي في سوازيلاند. وتابع تلفزيون «آي إس بي إن» الرياضي منافسات الألعاب الأولمبية التمهيدية في الصين:
في بطولة العالم لألعاب القوى 2015: هزمت دافنى شيبارز (ألمانيا) إلين طومسون (الولايات المتحدة) في نهائي سباق 200 متر للنساء وفي سباق 100 متر للنساء، هزمت الأميركية شيلي آن فريزر الألمانية دافنى شيبارز. وتقدمت كينيا إلى المركز الأول، وحصلت على ميدالية ذهبية الكينية فيفيان تشيريوت (في سباق 10,000 متر). وأيضا، ازيكيل كيمبوي (في سباق 3000 متر موانع).



«حرب الإعلام» التضليلية... الهاجس الجديد للاتحاد الأوروبي

مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
TT

«حرب الإعلام» التضليلية... الهاجس الجديد للاتحاد الأوروبي

مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)

«المعارضة الحقيقية هي وسائل الإعلام، ومواجهتها تقتضي إغراقها بالمعلومات المفبركة والمضللة».

هذا ما قاله ستيف بانون، كبير منظّري اليمين المتطرف في الولايات المتحدة عندما كان مشرفاً على استراتيجية البيت الأبيض في بداية ولاية دونالد ترمب الأولى عام 2018.

يومذاك حدّد بانون المسار الذي سلكه ترمب للعودة إلى الرئاسة بعد حملة قادها المشرف الجديد على استراتيجيته، الملياردير إيلون ماسك، صاحب أكبر ثروة في العالم، الذي يقول لأتباعه على منصة «إكس» «X» (تويتر سابقاً): «أنتم اليوم الصحافة».

رصد نشاط بانون

في أوروبا ترصد مؤسسات الاتحاد وأجهزته منذ سنوات نشاط بانون ومراكز «البحوث» التي أنشأها في إيطاليا وبلجيكا والمجر، ودورها في صعود الأحزاب اليمينية المتطرفة في غالبية الدول الأعضاء، والذي بلغ ذروته في انتخابات البرلمان الأوروبي مطلع الصيف الماضي.

وتفيد تقارير متداولة بين المسؤولين الأوروبيين بأن هذه المراكز تنشط بشكل خاص على منصات التواصل الاجتماعي، وأن إيلون ماسك دخل أخيراً على خط تمويلها وتوجيه أنشطتها، وأن ثمة مخاوف من وجود صلات لهذه المراكز مع السلطات الروسية.

درع ضد التضليل

أمام هذه المخاوف تنشط المفوضية الأوروبية منذ أسابيع لوضع اللمسات الأخيرة على ما أسمته «الدرع ضد التضليل الإعلامي» الذي يضمّ حزمة من الأدوات، أبرزها شبكة من أجهزة التدقيق والتحقق الإلكترونية التي تعمل بجميع لغات الدول الأعضاء في الاتحاد، إلى جانب وحدات الإعلام والأجهزة الرقمية الاستراتيجية الموجودة، ومنها منصة «إي يو فس ديسانفو» EUvsDisinfo المتخصّصة التي انطلقت في أعقاب الغزو الروسي لشبه جزيرة القرم وضمّها عام 2014. و«هي باتت عاجزة عن مواجهة الطوفان التضليلي» في أوروبا... على حد قول مسؤول رفيع في المفوضية.

الخبراء، في بروكسل، يقولون إن الاتحاد الأوروبي يواجه اليوم «موجة غير مسبوقة من التضليل الإعلامي» بلغت ذروتها إبان جائحة «كوفيد 19» عام 2020، ثم مع نشوب الحرب الروسية الواسعة النطاق ضد أوكرانيا في فبراير (شباط) 2022.

وإلى جانب الحملات الإعلامية المُضلِّلة، التي تشّنها منذ سنوات بعض الأحزاب والقوى السياسية داخلياً، تعرّضت الساحة الأوروبية لحملة شرسة ومتطورة جداً من أطراف خارجية، في طليعتها روسيا.

ومع أن استخدام التضليل الإعلامي سلاحاً في الحرب الهجينة ليس مُستجدّاً، فإن التطوّر المذهل الذي شهدته المنصّات الرقمية خلال السنوات الأخيرة وسّع دائرة نشاطه، وضاعف تداعياته على الصعيدين: الاجتماعي والسياسي.

الهدف تعميق الاستقطاب

وراهناً، تحذّر تقارير عدة وضعتها مؤسسات أوروبية من ازدياد الأنشطة التضليلية بهدف تعميق الاستقطاب وزعزعة الاستقرار في مجتمعات البلدان الأعضاء. وتركّز هذه الأنشطة، بشكل خاص، على إنكار وجود أزمة مناخية، والتحريض ضد المهاجرين والأقليات العرقية أو الدينية، وتحميلها زوراً العديد من المشاكل الأمنية.

وتلاحظ هذه التقارير أيضاً ارتفاعاً في كمية المعلومات المُضخَّمة بشأن أوكرانيا وعضويتها في حلف شمال الأطلسي «ناتو» أو انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي، فضلاً عن معلومات مضخمة حول مولدافيا والاستفتاء الذي أجري فيها حول الانضمام إلى الاتحاد، وشهد تدخلاً واسعاً من جانب روسيا والقوى الموالية لها.

ستيف بانون (آ ب)

التوسّع عالمياً

كذلك، تفيد مصادر الخبراء الأوروبيين بأن المعلومات المُضلِّلة لا تنتشر فحسب عبر وسائط التواصل الاجتماعي داخل الدول الأعضاء، بل باتت تصل إلى دائرة أوسع بكثير، وتشمل أميركا اللاتينية وأفريقيا، حيث تنفق الصين وروسيا موارد ضخمة خدمة لمصالحها وترسيخ نفوذها.

كلام فون دير لاين

وفي الكلمة التي ألقتها أخيراً أورسولا فون در لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، بمناسبة الإعلان عن مشروع «الدرع» الذي ينتظر أن يستلهم نموذج وكالة «فيجينوم» الفرنسية ورديفتها السويدية «وكالة الدفاع النفسي»، قالت فون دير لاين: «إن النظام الديمقراطي الأوروبي ومؤسساته يتعرّضون لهجوم غير مسبوق يقتضي منّا حشد الموارد اللازمة لتحصينه ودرء المخاطر التي تهدّده».

وكانت الوكالتان الفرنسية والسويدية قد رصدتا، في العام الماضي، حملات تضليلية شنتها روسيا بهدف تضخيم ظهور علامات مناهضة للسامية أو حرق نسخ من القرآن الكريم. ويقول مسؤول أوروبي يشرف على قسم مكافحة التضليل الإعلامي إن ثمة وعياً متزايداً حول خطورة هذا التضليل على الاستقرار الاجتماعي والسياسي، «لكنه ليس كافياً توفير أدوات الدفاع السيبراني لمواجهته، بل يجب أن تضمن الأجهزة والمؤسسات وجود إطار موثوق ودقيق لنشر المعلومات والتحقق من صحتها».

إيلون ماسك (رويترز)

حصيلة استطلاعات مقلقة

في هذه الأثناء، تفيد الاستطلاعات بأن ثلث السكان الأوروبيين «غالباً» ما يتعرضون لحملات تضليلية، خاصة في بلدان مثل اليونان والمجر وبلغاريا وإسبانيا وبولندا ورومانيا، عبر وسائل التواصل الاجتماعي والتلفزيون. لكن المفوضية تركّز نشاطها حالياً على الحملات والتهديدات الخارجية، على اعتبار أن أجهزة الدول الأعضاء هي المعنية بمكافحة الأخطار الداخلية والسهر على ضمان استقلالية وسائل الإعلام، والكشف عن الجهات المالكة لها، منعاً لاستخدامها من أجل تحقيق أغراض سياسية.

وللعلم، كانت المفوضية الأوروبية قد نجحت، العام الماضي، في إقرار قانون يلزم المنصات الرقمية بسحب المضامين التي تشكّل تهديداً للأمن الوطني، مثل الإرهاب أو الابتزاز عن طريق نشر معلومات مضلِّلة. لكن المسؤولين في المفوضية الأوروبية يعترفون بأنهم يواجهون صعوبات في هذا المضمار؛ إذ يصعب وضع حدودٍ واضحة بين الرأي والمعلومات وحرية التعبير، وبالتالي، يضطرون للاتجاه نحو تشكيل لجان من الخبراء أو وضع برامج تتيح للجمهور والمستخدمين تبيان المعلومات المزوَّرة أو المضلِّلة.