الإيزيديون يشكلون مجلسًا أعلى لتنظيم شؤونهم بموافقة حكومة كردستان

تخصيص 10 % من مقاعده للنساء

الإيزيديون يشكلون مجلسًا أعلى لتنظيم شؤونهم بموافقة حكومة كردستان
TT

الإيزيديون يشكلون مجلسًا أعلى لتنظيم شؤونهم بموافقة حكومة كردستان

الإيزيديون يشكلون مجلسًا أعلى لتنظيم شؤونهم بموافقة حكومة كردستان

حصل الإيزيديون في إقليم كردستان أمس على موافقة رسمية من حكومة الإقليم على تأسيس المجلس الإيزيدي الأعلى الذي يتكون من 100 عضو يشكل النساء نسبة 10 في المائة منهم، ليكون بمثابة برلمان مصغر للمكون. وبحسب شخصيات إيزيدية فإن المجلس الجديد سيدير شؤون المكون سياسيا ودينيا واجتماعيا داخل العراق وخارجه، وستصدر عنه كل القرارات المتعلقة بالإيزيديين.
ووصف ممثل الإيزيديين في برلمان إقليم كردستان ورئيس «مركز (لالش) الاجتماعي والثقافي للإيزيديين»، النائب شيخ شامو، تأسيس المجلس الإيزيدي الأعلى بأنه «قرار جيد ونحن بحاجة إلى مجلس أعلى لتنظيم أمور الإيزيديين، فالمجلس الروحاني الإيزيدي لم يمتلك حتى هذه اللحظة أي آلية منتظمة لخدمة الإيزيديين والتفاعل مع أوضاعهم، ونحن في مركز (لالش) نعلن عن دعمنا لهذا القرار»، وتابع شامو: «هذا المجلس ليس بديلا عن المؤسسات الحكومية والحزبية وليس بديلا عن البرلمان، بل سيختص بأمور الإيزيديين الدينية والمجتمعية، فهناك مادة في دستور الإقليم الذي تتم صياغته حاليا من قبل لجنة الدستور، تنص على حق الإيزيديين والمكونات الأخرى في تشكيل مجالس خاصة بهم دون العودة إلى الحكومة، وهذا يأتي ضمن الحريات التي منحها الدستور في الإقليم للمكونات والقوميات المتعايشة في الإقليم».
وأشار شامو إلى أن «الإيزيديين يعيشون أوضاعا مأساوية وهم بحاجة إلى تنظيم أمورهم وحل مشكلاتهم، وهذا يجب أن يبدأ بتوحيد كلمتهم لأن هناك أطرافا تعمل على إشاعة التفرقة بينهم أو إبعادهم عن قوميتهم الكردية، وهذا المجلس برأيي سيوحد كلمتهم».
بدوره، أوضح عضو اللجنة الاستشارية لتأسيس المجلس الدكتور ممو فرحان أنه «تم وضع النظام الداخلي للمجلس الإيزيدي الأعلى قبل نحو أربع أعوام من قبل اللجنة الاستشارية لتأسيسه، لكن الآن يجب أن يتغير هذا النظام الداخلي بما يتناسب والأوضاع الحالية للإيزيديين، لذا بحثنا هذا الموضوع مع رئيس حكومة الإقليم نيجيرفان بارزاني، الذي أبدى موافقته على تشكيل هذا المجلس وأبلغنا بأنه سيتحمل كل مصاريف المؤتمر التأسيسي للمجلس».
وعن موقف العشائر والأطراف الإيزيدية من تأسيس المجلس والمشاركة في عضويته، بيّن فرحان أن «كل العشائر الإيزيدية وأطرافها الموجودين داخل البلاد وخارجها متفقون على تأسيس هذه المجلس»، مشيرا إلى أن آلية تشكيل هذا المجلس وعدد أعضائه واللجان والهيئة العاملة فيه كلها ستكون في مجال البحث خلال الشهر المقبل ونأمل الانتهاء من هذه الاستعدادات قبل 6 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل الموعد المحدد لتأسيس المجلس الذي يصادف عيد جما (أكبر الأعياد الإيزيدية التي تعني عيد التجمع)».
وعن عدد الأعضاء الذين سيتم اختيارهم لمجلس، كشف فرحان أن «المقترح الموجود حاليا بين أيدينا ينص على أن يتكون المجلس من 100 عضو تمثل المرأة فيه نسبة 10 في المائة، وهو مجلس خاص بإيزيديي العراق، ويمثل إيزيديو سنجار نسبة 60 – 70 في المائة من عدد أعضائه، وسينبثق عن هؤلاء، المائة عضو، نحو تسع لجان سيشكل رؤساؤها الهيئة العاملة للمجلس الإيزيدي الأعلى، الذي سيجتمع بعد تأسيسه مرتين كل شهر، للتباحث وإدارة الشؤون المدنية للديانة الإيزيدية، فهذا المجلس ليس مجلسا سياسيا أو دينيا بل هو مجلس مدني للإيزيديين».
وعن واجبات هذا المجلس، أوضح فرحان: «سيتصل المجلس الإيزيدي الأعلى بعد تشكيله بكل الأطراف الحكومية والسياسية في إقليم كردستان بالدرجة الأولى، ومن ثم قد يتصل أيضًا بالأطراف السياسية والحكومية في العراق والخارج في المستقبل، للاشتراك في القرارات الخاصة بمصير الإيزيديين داخل العراق وخارجه»، مضيفا أن المجلس سيعقد جلساته في معبد لالش (الموقع المقدس لدى الإيزيديين الذي يقع في منطقة جبلية قرب عين سفني نحو 60 كلم شمال غربي مدينة الموصل).
من جهتها، قالت النائبة الإيزيدية في تحالف الكتل الكردستانية في مجلس النواب العراقي، فيان دخيل، إن هناك شبه اتفاق على أن تكون نسبة تمثيل المرأة في هذا المجلس الإيزيدي الموحد نحو 15 في المائة، مضيفة أن «هناك كثيرا من المواضيع المهمة جدا التي لم تعالج حتى الآن في المجتمع الإيزيدي بشكل قاطع ومفصلي، مع أنها لا تتعارض مع الثوابت الدينية في الديانة الإيزيدية، لكنها مجتمعيا لم تكن مقبولة لحد الآن، لذا أعتقد أن المرأة سيكون بمقدورها من خلال هذا المجلس الموحد أن تثبت بعض حقوقها من خلال القرارات الصادرة من المجلس».
وتعرضت القرى والبلدات الإيزيدية التابعة لقضاء سنجار والمناطق الأخرى الواقع غرب الموصل، إلى حملات إبادة جماعية نفذها تنظيم داعش ضد الإيزيديين خلال هجماته للسيطرة على تلك المناطق في أغسطس (آب) من العام الماضي، وقتل التنظيم الآلاف من الرجال والشباب الإيزيديين وخطف الآلاف من نسائهم وفتياتهم وأطفالهم الذين باعهم (داعش) في أسواق النخاسة التي أقامتها لذلك في الموصل والفلوجة في العراق والرقة في سوريا.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.