مهرجان تورنتو: لؤلؤة في الأربعين

3 أفلام عربية وعودة للسياسي المشاغب مايكل مور

لقطة من فيلم مايكل مور الجديد «أين نغزو تالياً؟»
لقطة من فيلم مايكل مور الجديد «أين نغزو تالياً؟»
TT

مهرجان تورنتو: لؤلؤة في الأربعين

لقطة من فيلم مايكل مور الجديد «أين نغزو تالياً؟»
لقطة من فيلم مايكل مور الجديد «أين نغزو تالياً؟»

العدد المتنامي من الأفلام التي لم تعرض سابقًا، والمتوجهة إلى مهرجان تورنتو السينمائي لهذه الغاية بالذات، يؤكد الاختيار المتاح أمام شركات الإنتاج وصانعي الأفلام للابتعاد عن المهرجان التقليدي، المتمثّل بعدد ضخم من المهرجانات الصغيرة والكبيرة، واعتماد المهرجان غير التقليدي، ذاك الذي يرمز إليه مهرجان تورنتو الواقع ما بين العاشر والعشرين من سبتمبر (أيلول) المقبل.
المناسبة الأربعون من هذا المهرجان الدولي الكبير يحفل بأفلام لا يُشبع منها: أكثر من عشرة أفلام بحفلات افتتاح خاصة «غالا» وأكثر من ثلاثين فيلما آخر ضمن تظاهرة «تقديم خاص»، ثم ما وصلت إليه ذراعا المهرجان الطويلة من أفلام أخرى بعضها مرّ على شاشات برلين ولوكارنو وكان وقسم منها سيشاهد على شاشة مهرجان فينسيا، إلى جانب أفلام أخرى أرسلت خصيصًا لكي تعرض في تورنتو ولم يسبق لها العرض في مكان آخر من قبل.
منصّة أولى
لسنوات خلت كانت الفئة التي سبق عرضها في المهرجانات الأخرى هي الغالبة وكان ذلك يتم بقصد منح المشاهدين (غالبه من الجمهور العام) فرصة مشاهدة ما تم عرضه في المهرجانات الدولية الأخرى. الفرصة كانت ثمينة إذ توفر للمشاهد أن يرى الأعمال التي سمع عنها والتي لم يكن ليستطيع أن يسافر من أجلها من مكان إلى آخر.
المفهوم الذي نجح في «تورنتو» أكثر من نجاحه في أي مهرجان آخر انضوى تحت اسم «مهرجان المهرجانات»، ففي حين أن مهرجان لندن السينمائي كان يحتوي على تظاهرة بهذا الاسم كذلك «القاهرة» و«طوكيو» من بين أخرى، إلا أن تورنتو كان المكان الأوسع لعرض كل شيء والمهرجان المخصص في صميمه من هذا النوع من البرمجة.
قبل خمس عشرة سنة تقريبًا بدأ التغيير بالوقوع. أخذ مهرجان تورنتو يضخ الأفلام التي لم يسبق عرضها من قبل في أي مكان، وباتت هذه الأفلام، بتدرج مريح، تصبح الشأن الغالب والسمة الأساسية لتورنتو. الآن لم يعد مناسبًا على الإطلاق، تسميته «بمهرجان المهرجانات» رغم أن برامجه لا تخلو من أفلام عرضت سابقًا، بل صار لزاما معاملته على أساس أنه مهرجان أول بكل تفاصيل الكلمة يحشد أفلاما جديدة من كل مكان وينافس المهرجانات الموازية الأخرى في الشمال الأميركي كما حول العالم.
الموقع الجديد يقترح، ومنذ بضعة أعوام، شكلاً جديدًا ومفهومًا مختلفًا لمهرجانات السينما. تورنتو، أكثر من أي موقع سينمائي تحت الشمس، هو الفرصة الأهم للإعلان عما سيتكرر ذكره والاستشهاد به من أفلام وتيارات سينمائية في الأشهر الفاصلة من الآن وحتى موعد الأوسكار في الشهر الثالث من العام المقبل.
إلى ذلك، هو المنصّة الأولى، حجمًا وأهمية، لإطلاق الأفلام كافة (أميركية وعالمية) صوب السوق الأميركية. مسألة باتت تفرض نفسها على الكثير من الشركات التي تتوخى من المهرجان الترويج لما قامت بإنتاجه، أو كما ذكر المنتج البريطاني ستيفن وولي عندما التقيناه في مهرجان بالم سبرينغز الأميركي في العاشر من يناير (كانون الثاني)، 2013: «أتفهم حاجة الكثير من منتجي اليوم اختيار مهرجان تورنتو عوض المهرجانات الأخرى. هو نوع من اختصار الطريق في الواقع. إذا لم يبع المنتج فيلمه في مهرجان أوروبي فإن فرصة بيعه لاحقًا ستكون ضئيلة جدًا، لذلك يزداد عدد المتجهين إلى تورنتو وهم على قناعة بأن فرص النجاح فيه هي أعلى من فرص نجاحه في برلين أو في كان على الرغم من وجود أسواق سينمائية نشطة وقوية فيهما».
مكارثية وسياسة خارجية

تحت هذا الغطاء، يزداد إذن اعتماد المنتجين على مهرجان تورنتو كشاشة أولى لعرض أفلامهم. من ناحية هو مهرجان فعلي ومن ناحية أخرى هو سوق بحد ذاتها. وبعد سنوات من الخجل، بات قيام المخرجين العرب بتقديم أفلامهم على شاشة تلك المدينة الجميلة مطروقًا أكثر من ذي قبل.
هذا العام على سبيل المثال نلحظ وجود حفنة من الأفلام العربية، على الأقل لناحية هوية مخرجيها، كما الحال مع فيلم المخرج الفلسطيني هاني أبو أسعد الجديد «المحبوب» (The Idol) الذي يشهد عرضه العالمي الأول في تظاهرة «تقديم خاص» إلى جانب أفلام وفدت من الولايات المتحدة والنرويج وفرنسا والهند وآيرلندا وبريطانيا والمكسيك وكندا من بين كثيرة أخرى.
«المحبوب» هو سيرة ذاتية للمغني الفلسطيني الشاب محمد عسّاف عالجها المخرج الفلسطيني على نحو يشمل ما هو شبه خاص بما هو شبه عام من أوضاع وظروف واختار اللبنانية نادين لبكي لتقود البطولة النسائية.
من لبنان أيضًا تقوم المخرجة الفلسطينية مي المصري بعرض فيلمها الجديد «3000 ليلة» وهو أول فيلم روائي للسينمائية التي عرفت بأعمالها التسجيلية ذات الجوائز الكثيرة ولو كان معظمها من مهرجانات عربية.
وينتقل المنتج السعودي إبراهيم دشيشة والمنتج السوري أنور قوادري إلى هناك حيث سيشهد فيلمهما «ترنيمة مدينة» عرضه العالمي الأول هناك.
فيلم الافتتاح سيكون «هدم» (Demolition) حول رجل أعمال (جايك جيلنهال) يخسر زوجته ويكاد يخسر استقراره الاقتصادي على إثر ذلك مع ناوومي ووتس وكريس كوبر ومن إخراج جان - مارك فالي، نفسه الذي أخرج فيلم الجوائز «دالاس بايرز كلوب» قبل عامين.
جان - مارك هو كندي من كوبيك (مواليد 1963) كذلك دنيس فيللنيوف (المولود سنة 1967) الذي سيعرض في تظاهرة «تقديم خاص» فيلمه الأخير «سيكاريو» وهو ليس العرض العالمي الأول، بل العرض الشمال أميركي الأول بعدما كان شوهد في «كان» ضمن المسابقة ولم ينل منها أي جائزة.
الأفلام الأخرى المهمّة كثيرة منها «خطة ماغي» مع إيثان هوك في البطولة إخراج ربيكا ميلر و«أغنية المغيب» للبريطاني ترنس ديفيز، وفيلم المخرج الفرنسي المخضرم كلود ليلوش «واحد زائد واحدة» (تم تصوير جزء منه في الهند).
والسياسة لن تكون بعيدة عن كل هذا الحفل. أساسًا في الفيلمين العربيين «المحبوب» و«3000 ليلة» ما يكفي لكي يغرف منهما المشاهد ما يريد في هذا المجال، لكن بالإضافة إليهما هناك فيلم جاي روتش «ترامبو» الذي يدور حول كاتب السيناريو دالتون ترامبو الذي تعرض للمنع من العمل خلال الحقبة المكارثية في أواخر الأربعينات، ويقوم بدوره غير المعروف جيدًا برايان كرنستون بينما تلعب دايان لاين دور زوجته وتشترك هيلين ميرين في تمثيل شخصية صاحبة العمود الفني اليومي هيدا هوبر.
الأهم منه هو الفيلم الجديد لمايكل مور. هو المخرج التسجيلي المثير للشغب الذي تعرض لمواضيع سياسية أميركية داخلية وخارجية أثارت ضجيجًا على الجانبين الإيجابي والسلبي. فيلمه الأول من العام 2009 عندما حقق «رأسمالية: قصة حب» (اختاره لمهرجان فينيسيا آنذاك) بعنوان «أين سنغزو تاليًا؟» Where to Invade Next وذلك تعليق ساخر على سياسة الولايات المتحدة العسكرية الخارجية.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».