انطلاق أول قطار مصري الصنع بخدمة «واي فاي» من القاهرة للإسكندرية

23 قطارًا جديدًا على ثاني أقدم سكك في العالم

لقطة للقطار من الداخل
لقطة للقطار من الداخل
TT

انطلاق أول قطار مصري الصنع بخدمة «واي فاي» من القاهرة للإسكندرية

لقطة للقطار من الداخل
لقطة للقطار من الداخل

بعد أكثر من 163 عاما من إنشاء أول خط سكة حديد في مصر وأفريقيا وثاني الخطوط في العالم بعد بريطانيا؛ انطلقت أول من أمس الاثنين رحلة لأول قطار مصري الصنع من محطة رمسيس بالقاهرة وحتى محطة سيدي جابر بالإسكندرية.
وقام رئيس الوزراء المصري المهندس إبراهيم محلب، والمهندس هاني ضاحي، وزير النقل، بتدشين أول رحلة للقطار مصري (VIP)، وذلك بعد الانتهاء من التشغيل التجريبي، ومن كافة الملاحظات الفنية الخاصة بعوامل الأمن والسلامة، بحضور الفريق عبد العزيز سيف الدين، رئيس الهيئة العربية للتصنيع، واللواء أحمد حامد، رئيس هيئة السكة الحديد. وأشاد رئيس الوزراء بهذا الإنجاز، الذي يتم بأيد مصرية، وتجول في القطار، وأجرى حوارات مع بعض الركاب، الذين أشادوا بهذا الإنجاز.
وأكد وزير النقل المصري هاني ضاحي، لـ«الشرق الأوسط» أن هذا القطار هو أول قطار مصري مكيف ضمن 23 قطارا، التي تقوم بتصنيعها أياد مصرية بالهيئة العربية للتصنيع (مصنع سيماف)، حيث تم التعاقد على توريد 212 عربة مكيفة سيتم إدخالها للخدمة وفقًا للجدول الزمني وتتوزع ما بين الوجهين البحري والقبلي. وأشار الوزير إلى أن نسبة المكون المحلي والمواد المستخدمة في تصنيع القطار تصل إلى أكثر من 50 في المائة. ولفت الوزير إلى أن بعض عربات أسطول السكة الحديد تعمل منذ 40 سنة، وأن عربات القطار المصري الصنع تعتبر أول عربات جديدة تنضم للخدمة بهيئة السكة الحديد منذ 35 سنة.
يتكون القطار المصري الجديد من ثلاث عربات درجة أولى مكيفة، وخمس عربات درجة ثانية مكيفة، بالإضافة إلى عربة بوفيه متميزة لخدمة المسافرين، والتدخين ممنوع طبقا للقانون بجميع عربات القطار. وتتحرك رحلته الأولى من محطة رمسيس بالقاهرة في تمام الثالثة عصرا، وتنطلق رحلة العودة من الإسكندرية في تمام السابعة مساء من محطة قطار سيدي جابر.
يتميز القطار الجديد بخدمات مميزة غير متاحة في القطارات الأخرى والتي كان يتم استيرادها من أميركا وإسبانيا وألمانيا، ومن أهم الخدمات التي سوف يتمتع بها المسافر بالقطار الجديد: خدمة الإنترنت «واي فاي»، وخدمات طبية حيث يوجد مسعف للحالات الطارئة بالقطار، وكاميرات مراقبة في كل عربة لمتابعة مستوى الخدمة التي تقدم للجمهور.
وكانت لموجة الإرهاب التي تتعرض لها مصر آثارها السلبية على السكك الحديد المصرية، حيث قدرت الخسائر التي حققتها هيئة السكك الحديدية بنحو 5 مليارات جنيه عن عام 2014، بينما بلغت مصروفات الهيئة خلال العام ذاته بنحو 7 مليارات جنيه. كما بلغت خسائر الهيئة خلال آخر 4 سنوات بلغت 12 مليار جنيه، حيث بلغت المصروفات 20 مليار جنيه والإيرادات 8 مليارات جنيه.
تعتبر أسعار تذاكر ركوب هذا القطار مرتفعة نسبيا بالنسبة للمصريين، حيث كانت أغلى قيمة لتذكرة استقلال قطار من القاهرة للإسكندرية نحو 60 جنيها، بينما سعر تذكرة الدرجة الأولى المكيفة 100 جنيه، والدرجة الثانية المكيفة 70 جنيها.
وكان أول خط حديدي في مصر قد بدأ تشييده يوم 12 يوليو (تموز) عام 1851. بعد مفاوضات الخديو عباس الأول مع المهندس الإنجليزي روبرت ستيفنسون، نجل مخترع القاطرة الشهير جورج ستيفنسون، بعقد قيمته 56 ألف جنيه إسترليني لإنشاء خط حديدي بطول 209 كيلومترات، يبدأ من الإسكندرية وينتهي في القاهرة. وانطلق أول قطار على هذا الخط عام 1854.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».