«داعش» يهاجم إردوغان ويشوش على المنطقة الآمنة شمال سوريا

المعارضة تدفع بتعزيزات إلى مارع لصد هجمات التنظيم المتشدد

«داعش» يهاجم إردوغان ويشوش على المنطقة الآمنة شمال سوريا
TT

«داعش» يهاجم إردوغان ويشوش على المنطقة الآمنة شمال سوريا

«داعش» يهاجم إردوغان ويشوش على المنطقة الآمنة شمال سوريا

شن تنظيم داعش أمس، هجومًا على الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، واصفًا إياه بـ«الخائن»، وهو الموقف الأبرز الذي يتخذه التنظيم من السلطات التركية، بعد سماح أنقرة للولايات المتحدة الأميركية باستخدام قواعد للانطلاق على الأراضي التركية لتوجيه ضربات جوية ضد التنظيم، في وقت دفعت قوات المعارضة وكتائب إسلامية في الشمال، بتعزيزات إلى ريف حلب الشمالي لصد هجمات «داعش» ضد بلدة مارع، الخاضعة لسيطرة المعارضة، وسط معلومات عن دعم أنقرة لمقاتلين معتدلين بالسلاح.
وتأتي تلك التطورات، بعد انسحاب قوات جبهة النصرة، وهي فرع تنظيم القاعدة في سوريا، من مناطق سيطرتها قرب الشريط الحدودي مع تركيا، إثر ضربات جوية تعرضت لها، من قبل طائرات التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب، بعد مهاجمة مقاتلين حلفاء لواشنطن في ريف حلب الشمالي.
غير أن معارضين، يفصلون تقدم «داعش»، عن انسحاب «النصرة»، كون مناطق نفوذ الأخيرة لم تكن على تماس مع مناطق وجود «داعش» في المنطقة المحيطة بمدينة مارع، وهي ثاني كبرى المدن السورية الخاضعة لسيطرة المعارضة في ريف حلب الشمالي المحاذية للحدود التركية.
وقال مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط»، إن «قوات المعارضة، وبينها عناصر تابعة لفيلق الشام وأحرار الشام وغيرها، أرسلت تعزيزات إلى محيط مارع لمنع تقدم التنظيم المتشدد إليها».
وأشار عبد الرحمن، إلى أن «داعش» أحرز تقدمًا استراتيجيًا في عدة قرى، في محاولة لإيقاف ما يحكى عن منطقة تركية آمنة داخل الأراضي السورية تمتد من جرابلس شرقًا، حتى أعزاز غربًا على الشريط الحدودي مع تركيا.
وقال عبد الرحمن إن «(داعش) موجود في تلك المنطقة، وحاول في السابق التقدم، قبل أن يتعرض لضربات جوية قبل أشهر، منعته من التقدم باتجاه مارع»، مشيرًا إلى أن الضربات الجوية التي تلقاها خلال الأيام الماضية لم تكن مؤثرة، ولم تقوض قدرته على شن هجمات ضد مواقع المعارضة، لكنها منعته من حشد مقاتلين للمشاركة في الهجمات ضد مارع.
وكان «داعش» سيطر، الجمعة الماضي، على قرية تلالين الواقعة إلى الشمال مباشرة من مدينة مارع مما يضاعف الضغط على مقاتلي المعارضة في مارع، وذلك بعد سيطرته على قرية أم حوش الواقعة إلى الجنوب من المدينة.
وبينما يحاول «داعش»، عسكريًا، إحباط الجهود لإنشاء منطقة آمنة على الحدود التركية – السورية، شن هجومًا على الرئيس التركي، واصفًا إياه بـ«الخائن». وحث التنظيم، في رسالة مصورة بثها على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، المسلمين في تركيا لدعم الجماعة المسلحة المتطرفة وقتال «الصليبيين والملحدين والطغاة».
وأظهر شريط الفيديو، الذي بثه تنظيم داعش في ولاية الرقة، أحد أعضاء التنظيم متحدثا باللغة التركية ومتوعدا الرئيس التركي بأنه سيكون هدفا لضربات التنظيم ما لم يتراجع عن تحالفه مع من وصفهم بالصليبيين.
كما دعا المقاتل التركي في «داعش»، شعب بلده إلى «التوبة إلى الله من تأييدهم لتسليط هذا الخائن (إردوغان) على رقاب المسلمين، ثم القيام لقتاله قبل فوات الأوان، لأن الأمر خطير جدا». كما دعا المتحدث في الشريط أعضاء التنظيم في تركيا إلى نصرة من سماهم «إخوانهم في التنظيم كيفما استطاعوا وأينما استطاعوا»، على حد تعبيره.
وإلى جانب انخراط تركيا في الحرب على «داعش» في سوريا، والسماح للطائرات الأميركية بالإقلاع من قاعدة جوية تركية جنوب البلاد، تضاعفت ذرائع هجوم التنظيم المتشدد على أنقرة، بعد التسريبات حول دعم أنقرة لمقاتلين معتدلين في شمال البلاد، بهدف قتال التنظيم.
وأفادت صحيفة «التايمز» البريطانية أمس، بأن تركيا بدأت بتسليح الجبهة الشامية التي تضم فصائل معتلة، بينها حركة نور الدين الزنكي وحركة حزم وعناصر سوريا تلقت تدريبات عسكرية ضمن برنامج «البنتاغون»، وذلك منذ بدء الحديث عن المنطقة الآمنة التي تنوي أنقرة استحداثها في شمال سوريا، لافتة إلى أن الجبهة تلقت دعمًا من الأسلحة عقب المشاورات التي عقدت بين الولايات المتحدة وتركيا.
وقال معدا التقرير في صحيفة «التايمز»، إن «الجبهة الشامية أصدرت فتوى يوم السبت الماضي اعتبرت فيها أن توجه إدارة التنظيم للتعاون مع كل من أميركا وتركيا في الحرب على (داعش) أمر مشروع، كما نقلت الصحيفة عن تشارلز ليستر الخبير المحلل بمعهد بروكينغز بالدوحة، قوله إن «تقديم الأسلحة للجبهة الشامية هو قرار حكيم».
وأشارت الصحيفة إلى أن المجموعات التي تشكل الجبهة قريبة من تركيا وعلى علاقات معها، لافتة إلى أن مقاتلي الجبهة الشامية سيؤدون دورًا أكثر تأثيرا في حرب تركيا وأميركا على «داعش» بجانب الدعم الجوي.
وفيما أكد رامي عبد الرحمن تلقي الجبهة الشامية أسلحة عبر تركيا، نفى مصدر مقرب من أحرار الشام استلام المقاتلين حتى الآن أي شحنات أسلحة، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن «وصول أسلحة من تركيا إلى الجبهة الشامية حدث كبير، كان سيعلن عنه لو كان صحيحًا، لكن الخبر ليس دقيقًا».



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.