بغداد تستعدلاحتضان فعاليات مهرجان الرواد للخط العربي والزخرفة

تضم روائع الخط وبمشاركة المئات من الفنانين العراقيين

بغداد تستعدلاحتضان فعاليات مهرجان الرواد للخط العربي والزخرفة
TT

بغداد تستعدلاحتضان فعاليات مهرجان الرواد للخط العربي والزخرفة

بغداد تستعدلاحتضان فعاليات مهرجان الرواد للخط العربي والزخرفة

يستعد الفنانون والمهتمون في دائرة الفنون التشكيلية بوزارة الثقافة العراقية لاحتضان فعاليات مهرجان الرواد الثامن للخط العربي والزخرفة الذي ينظمه المركز الثقافي العراقي للخط والزخرفة في مطلع أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، ومن المؤمل إقامته على قاعات المتحف الوطني للفن الحديث (كولبنكيان)، وهي أقدم وأكبر قاعات العرض التشكيلي وسط العاصمة بغداد. يستمر المهرجان ثلاثة أيام، ويشارك فيه المئات من الفنانين من كل محافظات العراق.
وفي لقاء مع الفنان فالح الدوري، الأمين العام للمركز، وهو أحد منظمات المجتمع المدني، أشار إلى أن المهرجان هو تقليد سنوي دأبت وزارة الثقافة على احتضانه بالتعاون مع دائرة العلاقات الثقافية والفنون التشكيلية، بمشاركة خطاطي العراق من كلا الجنسين من الرواد والشباب. ويمثل المهرجان تظاهرة فنية، تعكس ميراثا غنيا بالإبداع وموروثا فنيا، وتعرض فيه أعمال الخط العربي الكلاسيكية والأعمال الفنية الأخرى التي يدخل فيها الحرف العربي المجود، وكل خامات الورق والقماش والخشب والنحاس والسيراميك ومواد أخرى.
وأضاف الدوري: «يهدف المهرجان الذي يقام تحت شعار (الحرب العربي رمز المحبة والسلام) إلى إحياء مآثر ومكانة وجمال الخط العربي الذي ولد في بغداد، بحسب مقولة شهيرة للخطاط حامد الأمدي، إذ كانت بدايته على يد ابن مقلة وابن البواب والمستعصي، ومنها انطلق إلى رحاب الدنيا في شرقها وغربها، واشتهر بهذا الفن الخطاط هاشم البغدادي وكثيرون من بعده، إذ يمثل الحرف والخط العربي هوية عربية وتأريخا مجيدا للفنان العراقي».
وبين الدوري أن برنامج المهرجان يتضمن حفل افتتاح معرض الخط العربي والزخرفة للخطاطين المشاركين، وإقامة ورشة عمل آبرو وخط عربي ومشوقات حروفية حرة للخطاطين المشاركين، وتقديم الشهادات التقديرية وبعض الهدايا الرمزية للفنانين وإقامة أمسية فنية ثقافية في مقر المركز العراقي.
وأشار الدوري إلى أن هناك طموحات كبيرة ونشاطات في طور التنفيذ تهدف إلى أن يكون للتراث والثقافة الاجتماعية ارتباط وثيق باستعادة الثقة بالنفس والسعي إلى تأكيد الهوية الوطنية وإيجاد أنجح السبل للنهوض بواقع فن الخط العربي والزخرفة ورفع مستوى العاملين فيهما حتى يستعيد الخط العربي ألقه بجهود المخلصين ويظهر مزهوا بلوحات الخطاطين وإبداعاتهم في تطويع الحرف العربي بجماليات الخط والزخرفة.
ويقوم المعدون حاليا بإعداد أرشيف للخطاطين العراقيين في كل من الشارقة ودبي في الإمارات العربية المتحدة للمشاركة في نشاطاتهم القادمة الخاصة بالخط والزخرفة، إضافة إلى التنسيق لإقامة أسابيع ثقافية للخط والزخرفة خارج العراق في عدد من الدول العربية، إلى جانب إقامة استذكار خاص بالخطاط الراحل محمد هاشم البغدادي قنديل الخط العربي، وإقامة ندوة عن إنجازات الراحل وسيرة حياته.
وعن الوسائل التي حافظت على الخط العربي من الاندثار في ظل التقنيات الحديثة في الكتابة وتطوير الحواسيب قال: «أسهمت مواقع التواصل الاجتماعي والشبكة العنكبوتية قبلها في تواصل وديمومة هذا النوع من الفنون، بين أبرز الخطاطين في العالم ومنهم العراق، وصار التنافس أكبر. وعموما فإن الخط العربي يمتلك قابلية للاستمرار كونه أحد الفنون اليدوية، ويمتاز الحرف بأنه مطواع للجمال والتميز، وقد أخذ مكانة أكبر لأنه صار فنا تشكيليا تجريديا في آن واحد».
ومما يذكر أن المركز العراقي للخط العربي والزخرفة تأسس في عام 2003، وهو يحرص على تشجيع وتنمية المواهب ومشاركتها في المعارض وإقامة المهرجانات، وتقديم الدعم لنشر هذا الفن التراثي، وإصدار المنشورات والكتب باعتبار الخط من الفنون التراثية الإنسانية الجميلة. وسبق أن نظم 11 مهرجانا للخط بينها سبعة مهرجانات للرواد، انضم لها حتى الآن 1200 خطاط في بغداد والمحافظات، وضمنها محافظات إقليم كردستان العراق.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».