كيف أصبح توتنهام مثل السفينة التي تتلاطمها الأمواج وتُبحر من دون اتجاه؟

الفريق سيعاني سنوات من الفشل ما لم يُعد بناؤه بشكل صحيح مع مدرب يتم اختياره بعناية

لاعبو توتنهام بعد تقدم ليفربول بثلاثية في 15 دقيقة (رويترز)
لاعبو توتنهام بعد تقدم ليفربول بثلاثية في 15 دقيقة (رويترز)
TT
20

كيف أصبح توتنهام مثل السفينة التي تتلاطمها الأمواج وتُبحر من دون اتجاه؟

لاعبو توتنهام بعد تقدم ليفربول بثلاثية في 15 دقيقة (رويترز)
لاعبو توتنهام بعد تقدم ليفربول بثلاثية في 15 دقيقة (رويترز)

قال حارس مرمى توتنهام، هوغو لوريس، بعد هزيمة توتنهام المذلة أمام نيوكاسل بستة أهداف مقابل هدف وحيد: «إنه أمر محرج للغاية». لقد أصبحت كلمة «الإحراج» تتردد كثيرا على ألسنة عشاق ومحبي توتنهام في الآونة الأخيرة، وإن كان ذلك مصحوبا بالطبع بسلسلة من الشتائم قبلها وبعدها! لقد وجد الفريق نفسه متأخرا بخماسية نظيفة بعد مرور 21 دقيقة فقط، حيث تلاعب نيوكاسل به تماما، وذلك قبل مواجهة ليفربول في أنفيلد والتأخر بثلاثية نظيفة في أول 15 دقيقة، قبل أن ينتفض الفريق اللندني ويسجل ثلاثة أهداف ثم يحرز ديوغو جوتا هدف الانتصار لأصحاب الأرض في الوقت بدل الضائع، ويوجه السقوطان ضربة قاسية لآمال توتنهام في احتلال أحد المراكز الأربعة الأولى المؤهلة للمشاركة في دوري أبطال أوروبا الموسم المقبل.
لقد كانت هناك آمال وتوقعات قبل بداية الموسم بأن يقدم الفريق مستويات جيدة، لكن توتنهام أحبط مشجعيه كعادته. وكانت الهزيمة القاسية أمام نيوكاسل هي المرة الأولى التي تهتز فيها شباك الفريق بستة أهداف في مباراة بالدوري منذ 10 سنوات كاملة، وبالتحديد منذ الخسارة بسداسية نظيفة أمام مانشستر سيتي في عام 2013. والآن، يتساءل المشجعون متى سيستعيد الفريق نغمة الانتصارات مرة أخرى، بعدما تعادل أيضا في مباراته أمام مانشستر يونايتد قبل الهزيمة أمام ليفربول.
لا يزال هدف توتنهام يتمثل في إنهاء الموسم ضمن المراكز الأربعة الأولى، لكنه يتأخر الآن بفارق إحدى عشرة نقطة عن نيوكاسل صاحب المركز الثالث (الذي لديه مباراة مؤجلة)، وبفارق تسع نقاط عن مانشستر يونايتد (الذي له مباراتان مؤجلتان)، وبالتالي فمن المرجح أن يفشل توتنهام مرة أخرى في المشاركة في دوري أبطال أوروبا، وهو الأمر الذي يزيد من شعور جمهور النادي بالإحباط. إذن، إلى أين أن يتجه هذا النادي؟
في الحقيقة، كان توتنهام يواجه صعوبات وتحديات حتى منذ أيام المدير الفني الأرجنتيني ماوريسيو بوكيتينو. يرغب العديد من مشجعي توتنهام في عودة بوكيتينو، لكن يبدو أنه قد حسم قراره وسيتولى قيادة تشيلسي بداية من الموسم المقبل. وبالنظر إلى ولع توتنهام الشديد بالتعاقد مع المديرين الفنيين السابقين لتشيلسي، فمن المؤكد أنه لن يمر وقت طويل قبل عودة بوكيتينو إلى توتنهام بعد نهاية مسيرته مع البلوز! لقد كان بوكيتينو هو أول من دعا إلى الحاجة إلى ضخ استثمارات كبيرة وتدعيم صفوف الفريق بشكل قوي حتى يكون قادرا على المنافسة. وفي الوقت الذي كان يركز فيه النادي على بناء ملعب جديد لمنافسة أفضل الأندية في العالم في هذا الصدد، كان بوكيتينو يبذل قصارى جهده باستخدام الأدوات والعناصر المتاحة لديه. وقال بوكيتينو في عام 2019: «عندما تتحدث عن توتنهام، يقول الجميع إن لديك منزلاً رائعاً، لكنك بحاجة إلى وضع الأثاث المناسب داخل هذا المنزل!»، لقد كان المدير الفني الأرجنتيني محقا تماما في ذلك.
وعلى الرغم من أن النادي دعم خلفاءه جوزيه مورينيو ونونو إسبريتو سانتو وأنطونيو كونتي (ربما إلى أقصى حد) في سوق انتقالات اللاعبين، فإن النادي لا يزال يدفع ثمن عدم الاستثمار وتدعيم صفوف الفريق بالشكل الكافي تحت قيادة بوكيتينو بعد أن قاد الفريق إلى المركز الثاني في الدوري الإنجليزي الممتاز في عام 2017 ونهائي دوري أبطال أوروبا في عام 2019. بل ودخل توتنهام التاريخ في عام 2018 عندما أصبح أول نادٍ في الدوري الإنجليزي الممتاز لا يتعاقد مع أي لاعب خلال فترة الانتقالات الصيفية! لقد أتيحت لتوتنهام فرصة البناء على النجاح الذي حققه وأن يظل قادرا على المنافسة، لكنه اكتفى بما حققه ولم يدعم صفوفه بالشكل المطلوب، وبالتالي فإنه يدفع الآن ثمن ذلك!
ويجد توتنهام نفسه الآن يعاني من أزمة كبيرة، حيث لم يحقق الفريق سوى فوز وحيد في آخر خمس مباريات؛ ولا يوجد مدير فني دائم (مرة أخرى)، واضطر المدير الرياضي فابيو باراتيشي إلى الاستقالة بعد أن عوقب بعدم ممارسة أي أنشطة لها علاقة بكرة القدم لمدة 30 شهراً. في الواقع، يبدو توتنهام مثل السفينة التي تتلاطمها الأمواج وتُبحر من دون اتجاه. وبالتالي، يتعين على رئيس النادي، دانيال ليفي، أن يختار المدير الفني القادم بعناية وبشكل مدروس وصحيح لكي يعيد توتنهام إلى المسار الصحيح وينجح في جذب القاعدة الجماهيرية المحبطة مرة أخرى. صحيح أن اختيار المدير الفني الصحيح لن يكون كافيا لإرضاء المشجعين، لكنه سيكون خطوة في الاتجاه الصحيح.
يعد جوليان ناغيلسمان ولويس إنريكي هما أبرز مرشحين لهذا المنصب، وإن كان المدير الفني السابق لبايرن ميونيخ هو الخيار الأكثر تفضيلاً لدى معظم المشجعين. لقد تواصل ليفي مع المدير الفني الألماني مرتين من قبل، لكن دون جدوى، لكنه يأمل في إقناعه بتولي قيادة الفريق هذه المرة. لقد فشل آخر ثلاثة مديرين فنيين اختارهم ليفي، لذلك يتعين عليه أن يتخذ القرار الصحيح هذه المرة لمساعدة توتنهام على تجاوز هذه الأزمة. وعلاوة على ذلك، يتعين عليه أن يتعاقد مع الأشخاص المناسبين للعمل مع المدير الفني الجديد.
كان يُعتقد أن باراتيشي، الذي لعب دوراً أساسياً في التعاقد مع نونو وكونتي، يؤيد التعاقد مع لويس إنريكي، لكن الآن وبعد رحيله عن منصبه فإن الصورة ليست واضحة تماما فيما يتعلق بهوية المدير الفني الجديد. لقد تم تعيين سكوت مون، المدير التنفيذي السابق لمجموعة «سيتي فوتبول غروب»، كرئيس تنفيذي لكرة القدم في توتنهام في وقت سابق من الشهر الماضي، ومن المؤكد أن هذه الخطوة ستخفف الضغط من على كاهل ليفي، لكن يبقى أن نرى إلى أي مدى سيشارك مون في اختيارات اللاعبين الجدد والمدير الفني الجديد.
يجب على توتنهام ألا يتسرع في عملية اختيار المدير الفني الجديد، بل يجب عليه أن يتأنى حتى نهاية الموسم ويختار الرجل المناسب بعناية، والأهم من ذلك أن يدعمه بكل قوة خلال فترة الانتقالات الصيفية المقبلة. لقد أصبح الفريق يعاني من التقدم في السن في ظل عدم ضخ دماء جديدة - أربعة من اللاعبين الذين شاركوا في التشكيلة الأساسية في المباراة التي خسرها توتنهام أمام نيوكاسل بخمسة أهداف مقابل هدف وحيد قبل سبع سنوات شاركوا أيضا في التشكيلة الأساسية في المباراة التي خسرها الفريق بستة أهداف مقابل هدف على ملعب «سانت جيمس بارك» هذا الموسم.
من المؤكد أن السنوات القليلة المقبلة ستكون بمثابة اختبار قوي للغاية لتوتنهام، وبالتالي يتعين على النادي إعادة بناء الفريق بشكل قوي وإلا فسيتخلف عن الركب ويتأخر كثيرا، ليس فقط عن الأندية التي تسبقه في جدول الترتيب، ولكن أيضا عن تشيلسي وليفربول، اللذين سيعودان بشكل أقوى خلال الموسم المقبل دون أدنى شك، وكذلك الأندية التي تُدار بشكل أفضل. ومع تراجع توتنهام في جدول الترتيب، تتقدم أندية أخرى مثل برينتفورد وبرايتون وأستون فيلا. في النهاية، إذا لم يكن ليفي مستعداً لمنح المدير الفني الجديد كل الصلاحيات ودعمه بأقصى درجة ممكنة لأداء وظيفته على أعلى مستوى، فإن سلسلة الهزائم قد تتكرر كثيرا!


مقالات ذات صلة


شاهد... روبوتات تنافس البشر في نصف ماراثون بكين

الروبوت «تيانغونغ ألترا» يعبر خط النهاية خلال نصف ماراثون إي تاون للروبوتات البشرية (رويترز)
الروبوت «تيانغونغ ألترا» يعبر خط النهاية خلال نصف ماراثون إي تاون للروبوتات البشرية (رويترز)
TT
20

شاهد... روبوتات تنافس البشر في نصف ماراثون بكين

الروبوت «تيانغونغ ألترا» يعبر خط النهاية خلال نصف ماراثون إي تاون للروبوتات البشرية (رويترز)
الروبوت «تيانغونغ ألترا» يعبر خط النهاية خلال نصف ماراثون إي تاون للروبوتات البشرية (رويترز)

تنافس أكثر من 20 روبوتاً في أول نصف ماراثون بشري في العالم في الصين اليوم (السبت)، ورغم تفوقها التكنولوجي المذهل، فإنها لم تتفوق على البشر في المسافة الطويلة.

وشارك أكثر من 12 ألف شخص في السباق الذي يمتد إلى 21 كيلومتراً. وفصلت حواجز مسار عدْو الروبوتات عن منافسيها من البشر.

وبعد انطلاقها من حديقة ريفية، اضطرت الروبوتات المشاركة إلى التغلب على منحدرات طفيفة، وحلبة متعرجة بطول 21 كيلومتراً (13 ميلاً) قبل أن تصل إلى خط النهاية، وفقاً لصحيفة «بكين ديلي» الحكومية.

شاركت فرق من عدة شركات وجامعات في السباق، الذي يُمثل عرضاً للتقدم الذي أحرزته الصين في تكنولوجيا الروبوتات، في محاولتها اللحاق بالولايات المتحدة، التي لا تزال تفخر بنماذج أكثر تطوراً، وفق ما أفادت شبكة «سي إن إن» الأميركية.

وتم السماح للمهندسين بإجراء تعديلات على أجهزة التكنولوجيا المتقدمة الخاصة بهم على طول الطريق، مع تحديد محطات مساعدة خاصة للروبوتات. ولكن بدلاً من الماء والوجبات الخفيفة، كانت المحطات تقدم بطاريات، وأدوات فنية للروبوتات.

روبوت يفقد السيطرة عند بداية أول نصف ماراثون روبوتي في العالم خلال نصف ماراثون الروبوتات البشرية الذي أقيم في بكين (أ.ب)
روبوت يفقد السيطرة عند بداية أول نصف ماراثون روبوتي في العالم خلال نصف ماراثون الروبوتات البشرية الذي أقيم في بكين (أ.ب)

ورغم منح الروبوت أقصى طاقة ممكنة، تأخر الروبوت «تيانغونغ ألترا» كثيراً عن أسرع رجل في السباق، الذي عبر الخط في ساعة واحدة و11 ثانية تقريباً. أول روبوت يعبر خط النهاية، تيانغونغ ألترا، من ابتكار مركز بكين لابتكار الروبوتات البشرية، أنهى السباق في ساعتين و40 دقيقة. وهذا يقل بنحو ساعتين عن الرقم القياسي العالمي البشري البالغ 56:42 دقيقة، والذي يحمله العداء الأوغندي جاكوب كيبليمو. أما الفائز بسباق الرجال اليوم (السبت)، فقد أنهى السباق في ساعة ودقيقتين.

وكان السباق بمثابة عرض فني، وقال رئيس الفريق الفائز إن روبوتهم -رغم تفوقه على البشر في هذا السباق تحديداً- كان نداً لنماذج مماثلة من الغرب، في وقتٍ يحتدم فيه السباق نحو إتقان تكنولوجيا الروبوتات البشرية.

المهندسون يتسابقون مع الروبوت «تيانغونغ ألترا» خلال نصف ماراثون «إي تاون» للروبوتات البشرية (رويترز)
المهندسون يتسابقون مع الروبوت «تيانغونغ ألترا» خلال نصف ماراثون «إي تاون» للروبوتات البشرية (رويترز)

وكانت الروبوتات، بأشكالها وأحجامها المتنوعة، تجوب منطقة ييتشوانغ جنوب شرقي بكين، موطن العديد من شركات التكنولوجيا في العاصمة.

خلال الأشهر القليلة الماضية، انتشرت مقاطع فيديو لروبوتات صينية بشرية وهي تؤدي حركات ركوب الدراجات، والركلات الدائرية، والقفزات الجانبية على الإنترنت.

روبوت يشارك في أول نصف ماراثون روبوتي في العالم خلال نصف ماراثون الروبوتات البشرية الذي أقيم في بكين (أ.ب)
روبوت يشارك في أول نصف ماراثون روبوتي في العالم خلال نصف ماراثون الروبوتات البشرية الذي أقيم في بكين (أ.ب)

في وثيقة سياسية لعام 2023، حددت وزارة الصناعة وتكنولوجيا المعلومات الصينية صناعة الروبوتات البشرية باعتبار أنها «حدود جديدة في المنافسة التكنولوجية»، وحددت هدفاً بحلول عام 2025 للإنتاج الضخم، وسلاسل التوريد الآمنة للمكونات الأساسية.

وقال مهندسون لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن الهدف هو اختبار أداء الروبوتات، وما إذا كانت جديرة بالثقة. ويؤكدون أنّ الأولوية هي الوصول إلى خط النهاية، لا الفوز بالسباق. ورأى كوي وينهاو، وهو مهندس يبلغ 28 عاماً في شركة «نوتيكس روبوتيكس» الصينية، أن «سباق نصف الماراثون يشكل دفعاً هائلاً لقطاع الروبوتات بأكمله». وأضاف: «بصراحة، لا يملك القطاع سوى فرص قليلة لتشغيل آلاته بهذه الطريقة، بكامل طاقتها، على هذه المسافة، ولوقت طويل. إنه اختبار صعب للبطاريات، والمحركات، والهيكل، وحتى الخوارزميات». وأوضح أن روبوتاً تابعاً للشركة كان يتدرب يومياً على مسافة تعادل نصف ماراثون، بسرعة تزيد على 8 كيلومترات في الساعة.

منافسة مع الولايات المتحدة

وشدّد مهندس شاب آخر هو كونغ ييتشانغ (25 عاماً) من شركة «درويد آب»، على أن سباق نصف الماراثون هذا يساعد في «إرساء الأسس» لحضور هذه الروبوتات بشكل أكبر في حياة البشر. وشرح أنّ «الفكرة الكامنة وراء هذا السباق هي أنّ الروبوتات الشبيهة بالبشر يمكنها الاندماج بشكل فعلي في المجتمع البشري، والبدء بأداء مهام يقوم بها بشر». وتسعى الصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، إلى أن تصبح الأولى عالمياً في مجال الذكاء الاصطناعي والروبوتات، مما يضعها في منافسة مباشرة مع الولايات المتحدة التي تخوض معها راهناً حرباً تجارية. أصبحت الشركات الصينية، وتحديداً الخاصة منها، أكثر نجاحاً في استخدام التقنيات الجديدة.

في يناير (كانون الثاني)، أثارت شركة «ديب سيك» الناشئة اهتماماً إعلامياً واسعاً في الصحف العالمية بفضل روبوت محادثة قائم على الذكاء الاصطناعي، وتقول إنها ابتكرته بتكلفة أقل بكثير من تكلفة البرامج التابعة لمنافسيها الأميركيين، مثل «تشات جي بي تي».