بدأت مصر تحريك أسعار سلع تموينية، بدايةً من أول شهر مايو (أيار) الجاري، وهي سلع غذائية تدعمها الحكومة، وتُصرف ضمن مقررات شهرية للمستحقين من أصحاب البطاقات التموينية، بما يعادل القيمة المخصصة لهم من الدعم، البالغة قيمتها 50 جنيهاً شهرياً (الدولار بـ30.9 جنيه) لكل فرد مقيّد بالبطاقة التموينية.
وقالت وزارة التموين والتجارة الداخلية المصرية، أمس (الاثنين)، إنها «بدأت اليوم صرف سلع شهر مايو الجاري لأصحاب البطاقات التموينية البالغ عددهم 64 مليون مستفيد على مستوى الجمهورية عبر 40 ألف منفذ من مجمعات استهلاكية وبدالين ومنافذ (جمعيتي)». وأكد وزير التموين والتجارة الداخلية علي المصيلحي، توافر جميع السلع التي يحتاج إليها المواطنون بالمنافذ، موضحاً أن الأوضاع الحالية ومعدلات التضخم المرتفعة تدفع الوزارة إلى تحريك أسعار السلع التموينية بشكل تدريجي خلال الفترة المقبلة، موضحاً أن أسعار السلع لم يتم تحريكها منذ ديسمبر (كانون الأول) الماضي، من أجل توفير استمرار توفير السلع.
ووفق بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر فإن تضخم أسعار المستهلكين في مدن البلاد قفز إلى معدل أعلى من المتوقع بلغ 25.8 في المائة، على أساس سنوي في يناير (كانون الثاني)، وهو أسرع معدلاته في أكثر من خمس سنوات.
وأوضح الوزير أن تحريك أسعار سلع البطاقات التموينية يهدف إلى توفير السلع وإتاحتها في السوق والقضاء على الخلل السعري، مضيفاً أن وجود فروق سعرية بين سلع بطاقة التموين المدعمة والحرة في المنافذ يخلق مشكلات في توفير السلع، مؤكداً أن الوزارة توفر 31 سلعة ضمن قائمة المنظومة التموينية، وتشمل السلع الأساسية كالزيت والسكر والأرز والمكرونة، بالإضافة إلى سلع أخرى متنوعة، مثل الألبان الجافة، والجبن، والصلصة، والخل، والدقيق، والتونة، والمربى، وكذلك العدس والفول.
وقبل أسبوع، قرر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي «زيادة موازنة برامج الحماية الاجتماعية في مصر». وقال وزير المالية المصري، محمد معيط، إن «الرئيس السيسي أمر برفع موازنة الدعم والحماية الاجتماعية في البلاد من 358.4 مليار جنيه إلى 529.7 مليار جنيه بنسبة زيادة 48.8 في المائة». وذكر معيط أن «ذلك يُمكّن الدولة المصرية من التوسع في شبكة الحماية الاجتماعية الأكثر استهدافاً للأسر الأولى بالرعاية والأكثر احتياجاً، على نحو يتكامل مع جهود الارتقاء بمستوى المعيشة».
... فما تأثير تحريك أسعار السلع التموينية على المصريين؟
يرى الدكتور علي الإدريسي، الخبير الاقتصادي، أن رفع السلع التموينية هو نتيجة طبيعية لما شهدته الأسواق من ارتفاع سعر السلع بنسبة 100 في المائة على مدار عام مضى، مبيناً أن القرار له أكثر من أثر في أكثر من جانب، أولها أن الدعم المقدم للمواطن يقل تأثيره الإيجابي، حيث تقل الكميات التي يحصل عليها المواطن ذو الدخل المحدود، الذي ينتظر حصته التموينية التي تضم سلعاً أساسية بشكل شهري توفّر له الحد الأدنى من المعيشة، وبالتالي ستقل الكميات التي يحصل عليها من هذه السلع، وهو ما يطرح التساؤل حول الفارق بين الدخل الحقيقي والدخل النقدي للمواطن، فلا يهم قيمة الدعم لكن ماذا سوف أحصل عليه من عدد سلع وخدمات؟
ويتابع: «ثانياً، يؤثر القرار بالسلب على برامج الحماية الاجتماعية وجدواها، حيث يقل تأثير المخصصات المالية، وبالتالي يمس ذلك أهداف هذه البرامج من الارتقاء بالمستوى الاجتماعي والاقتصادي للأسر المستهدفة، لكن يظل الجانب الإيجابي والذي يُحسب للدولة المصرية، فرغم الظروف الاقتصادية العالمية والمحلية، فإنها ما زالت تقدم دعماً للسلع، ولا تزال حريصة على تقديم حزمة حماية اجتماعية خاصة بمحدودي الدخل، وهو ما يُحسب لها».
ويتساءل الخبير الاقتصادي: «ماذا عن المواطن الذي لا يحصل على الدعم العيني لأنه لا يمتلك بطاقات تموينية؟»، متوقعاً أن تشهد السلع خارج المنظومة التموينية هي الأخرى ارتفاعاً في الأسعار، وبالتالي يترتب عليه مزيد من ارتفاع معدلات التضخم.
تتوافق في الرأي؛ الدكتورة شيرين الشواربي، أستاذة الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة القاهرة، التي تقول: «أخشى أن يكون تحريك أسعار السلع التموينية مبرراً لرفع أسعار السلع في الأسواق خارج المنظومة التموينية من جانب التجار الذين قد ينتهزون الفرصة لزيادة سعر سلعهم».
وتبين أن الأسر المصرية تحاول دائماً التكيف في ضوء ارتفاع الأسعار، سواء بالاتجاه إلى سلع بديلة، أم بتقليل الكميات، أم بالاستغناء بحملات المقاطعة، إلا أنه في ظل تأثر قيمة الجنيه سيكون التأثير كبيراً على الأسر ذات الدخل المنخفض، كما يؤثر على مدخرات الفئات ذات الدخل الأعلى.
وتلفت إلى أن الأكثر تضرراً من ارتفاع الأسعار سيكون الأطفال، حيث تتأثر تغذيتهم السليمة من البروتين الحيواني والنباتي، وذلك مع لجوء الأسر الفقيرة إلى كميات أقل تتناسب مع الميزانية المالية لها، وهو ما يؤدي إلى مشكلات صحية متعددة لهم على المدى القصير، وبالتالي وجود جيل غير منتج على المدى الطويل.
ما تأثير تحريك أسعار السلع التموينية على المصريين؟
ما تأثير تحريك أسعار السلع التموينية على المصريين؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة