قانون «المَحرَم» الحوثي يؤرق اليمنيات ويقيد التنقل

الميليشيات أقرت بإصدار 300 تصريح للسفر خلال أسبوع

يمنيات في ضواحي صنعاء أخضعهن الحوثيون لتعبئة طائفية (إعلام حوثي)
يمنيات في ضواحي صنعاء أخضعهن الحوثيون لتعبئة طائفية (إعلام حوثي)
TT

قانون «المَحرَم» الحوثي يؤرق اليمنيات ويقيد التنقل

يمنيات في ضواحي صنعاء أخضعهن الحوثيون لتعبئة طائفية (إعلام حوثي)
يمنيات في ضواحي صنعاء أخضعهن الحوثيون لتعبئة طائفية (إعلام حوثي)

لم تتمكن امرأة يمنية رمزت لاسمها بـ«سماح» رفقة ثلاث من صديقاتها من الذهاب على متن سيارتها إلى متنفس عام في أطراف صنعاء، بسبب منعهن من قبل مسلحين حوثيين في مخارج العاصمة المحتلة، بحجة وجود تعليمات بمنع النساء من التنقل والسفر إلا برفقة رجل من الأقارب الذكور.
ويؤرق القانون الحوثي «سماح» ورفيقاتها اللائي شعرن بالصدمة حيال تقييد مسلحي الجماعة الانقلابية لحرياتهن، ومنعهن من حرية التجول أو التنقل داخل وخارج العاصمة وضواحيها.
ووسط اعتراف الميليشيات بإصدار 300 تصريح للسماح بالتنقل خلال أسبوع، وفي المقابل، تُجبر الميليشيات الحوثية النساء اليمنيات في المناطق تحت سيطرتها على ترك منازلهن، وتنفيذ زيارات ميدانية إلى مقابر قتلاها، وحضور فعاليات على صلة بمناسبات طائفية.
ومثل «سماح» ورفيقاتها يوجد مئات النساء والفتيات اليمنيات ممن حرمتهن الميليشيات الحوثية على مدى سنوات الانقلاب الماضية من أبسط حقوقهن، في التنقل والتعبير والصحة والعمل وغيرها؛ بل وارتكبت الميليشيات في حقهن سلسلة لا حصر لها من الجرائم والاعتداءات، وُصف كثير منها بـ«الاعتداءات الوحشية».
وسبق أن فرض الحوثيون قبل أشهر «شرط المَحرَم» الذي يُلزم النساء بالسفر مع قريب من الذكور، الأمر الذي تسبب في مزيد من المعاناة للنساء وعائلاتهن، كما منعهن من مزاولة العمل والخروج بمفردهن.
ويؤكد حقوقيون في صنعاء حدوث أعمال ابتزاز ومنع من حرية التنقل والسفر، طالت في الأسبوعين الماضيين عشرات النساء اليمنيات في نقاط تفتيش تابعة للميليشيات، في أثناء مغادرتهن العاصمة للتوجه إلى مناطقهن لقضاء أيام العيد.
وحسبما ذكرته إحدى الفتيات -وهي في العشرينات من عمرها- أقدمت عناصر حوثية في نقطة تفتيش خارج صنعاء على منعها من مغادرة صنعاء صوب محافظة تعز؛ حيث مسقط رأسها، على الرغم من وجود شقيقها معها، بحجة عدم إثبات صلة القرابة.
وذكرت الفتاة لـ«الشرق الأوسط» أن عناصر الحوثي لجأوا إلى حيلة أخرى من أجل ابتزاز الفتاة وشقيقها، إذ طالبوهما بإثبات صلة القرابة، ثم أخضعوهما للتحقيق، وانتهى الأمر بإرغامهما على العودة إلى العاصمة لطلب تصريح رسمي للسماح لهما بالمغادرة.
وعلى صلة بالموضوع، أقرت الميليشيات الحوثية، عبر القائمين على أجهزتها الأمنية في صنعاء، بمواصلة استهداف النساء اليمنيات بعموم المناطق تحت سيطرتها، عبر منعهن من حقوق الحركة والتنقل والعمل، وغيرها.
ونقل موقع الإعلام الأمني التابع لوزارة الداخلية في حكومة الانقلاب غير المعترف بها، عن المدعو حامد القرم المنتحل صفة مدير مكتب وكيل الوزارة لقطاع الأمن والشرطة، اعترافه بإصدار أكثر من 300 تصريح سفر للنساء داخل وخارج اليمن خلال أيام العيد.
وزعم القيادي الحوثي أن القطاع الذي يديره قدم تسهيلات للنساء اللواتي لم يكن لديهن مَحرَم، وكُن بحاجة إلى السفر إلى مختلف المحافظات أو إلى خارج اليمن خلال إجازة هذا العيد؛ معتبراً أن ذلك يأتي في سياق ما تسميه الميليشيات الإجراءات الوقائية لحماية المرأة.
وبالعودة إلى جرائم منع الميليشيات نساء اليمن من حرية التنقل، تحدثت ناشطة حقوقية عن إعادة الجماعة أكاديمية متخصصة في الكيمياء (لم تسمِّها) من إحدى نقاط التفتيش، عندما كانت في طريقها إلى العاصمة المؤقتة عدن، بذريعة عدم وجود مَحرَم.
وأفادت الناشطة لمياء الإرياني -وهي رئيسة منظمة «مدرسة السلام»- عبر حسابها في «فيسبوك»، بأن الأكاديمية تلقت حينها دعوة للمشاركة في مؤتمر علمي خارج اليمن؛ مشيرة إلى أن الأكاديمية (50 عاماً) أرملة، وابنها الوحيد مهاجر منذ سنوات خارج البلاد. ورداً على المطالبات الدولية والأممية المتكررة للميليشيات الحوثية بالتوقف عن تقييد حرية النساء في التنقل والعمل، اكتفت الميليشيات بالتجاهل والإمعان في مواصلة فرض مزيد من القيود المشددة على حركة الإناث وتنقلهن وعملهن.
وأدان أكثر من 122 منظمة حقوقية يمنية قبل أسابيع، بأشد العبارات، ما وُصف بالانتهاكات التي تمارسها ميليشيات الحوثي ضد النساء والفتيات اليمنيات، ومنها ممارسة العنف بكافة أشكاله، والتضييق والتمييز وتقييد الحريات، وحرمانهن من الحقوق التي كفلها الدستور.
وذكرت المنظمات، في بيان مشترك، أنها تدين الانتهاكات الممنهجة لحقوق النساء والفتيات في مناطق سيطرة الميليشيات الحوثية، بما في ذلك تقييد سفر المرأة دون ولي أمر، ومنع الوصول إلى الرعاية الصحية والإنجابية، والمنع من العمل، والفصل بين الجنسين في الأماكن العامة.
وأشار البيان إلى دأب الجماعة، على مدى سنوات الانقلاب الماضية، على تفتيش واستجواب النساء المسافرات بمفردهن، على الرغم من أن القانون اليمني لا يشترط أن تسافر المرأة مع أحد من أفراد الأسرة أو مع وصي.
وطالبت المنظمات اليمنية ‏المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمبعوثين الأممي والأميركي ومنظمات وهيئات حقوق الإنسان، بإدانة هذه الممارسات الإجرامية الحوثية، واتخاذ إجراءات رادعة، وممارسة ضغط حقيقي على قيادات الميليشيا، لإجبارها على وقف انتهاكاتها ضد المرأة.
وتقول الأمم المتحدة إن القيود المفروضة من قبل الانقلابيين الحوثيين على حركة الموظفين المحليين أثرت على أنشطة الرصد والتقييم؛ حيث شهد العام الماضي قيوداً متزايدة الصرامة على حرية المرأة في التنقل، وإن ذلك أثر على مشاركة المرأة الاقتصادية والمجتمعية، فضلاً عن وصولها إلى الخدمات الأساسية. ومن الناحية التشغيلية، تأثرت الأنشطة الإنسانية بالقيود المفروضة على قدرة الموظفات الوطنيات على القيام بالعمل الميداني.


مقالات ذات صلة

إدانة خليجية للاعتداء الغادر بمعسكر قوات التحالف في سيئون اليمنية

الخليج جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية (مجلس التعاون)

إدانة خليجية للاعتداء الغادر بمعسكر قوات التحالف في سيئون اليمنية

أدان جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الاعتداء الغادر في معسكر قوات التحالف بمدينة سيئون بالجمهورية اليمنية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم العربي قادة حوثيون في مطابع الكتاب المدرسي في صنعاء (إعلام حوثي)

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

تواصل الجماعة الحوثية إجراء تغييرات في المناهج التعليمية، بإضافة مواد تُمجِّد زعيمها ومؤسسها، بالتزامن مع اتهامات للغرب والمنظمات الدولية بالتآمر لتدمير التعليم

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي استعراض الجماعة الحوثية لقدراتها العسكرية في العاصمة صنعاء والتي تتضمن أسلحة نوعية (رويترز)

تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

تقرير جديد لفريق الخبراء الأُمميّين المعنيّ باليمن يكشف عن تعاون الحوثيين مع تنظيم «القاعدة»، و«حركة الشباب» الصومالية، وابتزاز وكالات الشحن الدولية.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي توقعات بإقصاء من يرفضون المشاركة في فعاليات الجماعة الحوثية من وظائفهم (رويترز)

انقلابيو اليمن يستكملون «حوثنة» المؤسسات بهياكل إدارية جديدة

بدأت الجماعة الحوثية بإعداد آلية لدمج عدد من مؤسسات الدولة وتقليص الهيكل الإداري لها وتغيير مهامها في سبيل المزيد من السيطرة والنفوذ عليها وأدلجتها.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي جانب من لقاء وزير التخطيط اليمني مع مسؤولي البنك الدولي على هامش زيارته لواشنطن (سبأ)

اليمن يقدم رؤية شاملة للبنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات التنموية

قدمت الحكومة اليمنية إلى البنك الدولي رؤية شاملة لإعادة هيكلة المشروعات، في مسعى لزيادة المخصصات المالية للبلاد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

مدارس لبنانية تفتح أبوابها للتلاميذ لتلقي العلم وسط النازحين

المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
TT

مدارس لبنانية تفتح أبوابها للتلاميذ لتلقي العلم وسط النازحين

المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)

في بلدة عمشيت الساحلية الهادئة التي تبعد 45 دقيقة بالسيارة شمالي بيروت، استأنفت المدارس الحكومية أخيراً مهمتها التعليمية وسط عشرات الآلاف من النازحين الذين اتخذوا من بعض المدارس مأوى مؤقتاً.

وحسب «رويترز»، قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إنه مع تصاعد الصراع بين إسرائيل و«حزب الله» في سبتمبر (أيلول) لحق الدمار بمئات المدارس في لبنان أو اضطرت لغلق أبوابها بسبب الأضرار أو المخاوف الأمنية.

وقالت وزارة التربية والتعليم العالي اللبنانية إنه تم تحويل 505 مدارس من بين نحو 1250 مدرسة حكومية في لبنان إلى ملاجئ مؤقتة لبعض النازحين الذين يبلغ عددهم 840 ألف شخص.

وبدأت الوزارة، الشهر الماضي، إعادة فتح المدارس على مراحل، مما سمح بعودة 175 ألف طالب منهم 38 ألف نازح إلى بيئة تعليمية لا تزال بعيدةً عن وضعها الطبيعي.

وفي مدرسة عمشيت الثانوية الحكومية، التي تضم الآن 300 طالب مسجل ويُتوقع انضمام المزيد منهم مع استمرار وصول العائلات النازحة، تحولت المساحات المألوفة ذات يوم إلى مكان مخصص لاستيعاب الواقع الجديد.

وقال مدير المدرسة، أنطوان عبد الله زخيا، إنه قبل شهرين ونصف الشهر اختيرت المدرسة كملجأ.

واليوم، تتدلى الملابس المغسولة من نوافذ الفصول الدراسية، وتملأ السيارات ساحة اللعب التي كانت ذات يوم منطقةً صاخبة، والممرات التي كان يتردد فيها صوت ضحكات التلاميذ أصبحت الآن استراحةً للعائلات التي تبحث عن ملجأ.

وأعربت فادية يحفوفي، وهي نازحة تعيش مؤقتاً في المدرسة، عن امتنانها الممزوج بالشوق. وقالت: «بالطبع، نتمنى العودة إلى منازلنا. لا أحد يشعر بالراحة إلا في المنزل».

كما أعربت زينة شكر، وهي أم نازحة أخرى، عن قلقها على تعليم أطفالها.

وقالت: «كان هذا العام غير عادل. بعض الأطفال يدرسون بينما لا يدرس آخرون. إما أن يدرس الجميع، أو يجب تأجيل العام الدراسي».

التعليم لن يتوقف

قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن الخطة المرحلية لاستئناف الدراسة ستشمل تسجيل 175 ألف طالب من بينهم 38 ألف طفل نازح في 350 مدرسة عامة غير مستخدمة كملاجئ. وقال وزير التربية والتعليم العالي، عباس الحلبي، لـ«رويترز»: «العملية التعليمية هي أحد مظاهر مقاومة العدوان الذي يواجهه لبنان». وأضاف الحلبي أن قرار استئناف العام الدراسي كان صعباً لأن العديد من الطلاب والمدرسين النازحين لم يكونوا مستعدين نفسياً للعودة إلى المدرسة. وفي مبنى مجاور في مدرسة عمشيت الثانوية الرسمية، يتأقلم المعلمون والطلاب مع أسبوع مضغوط مدته 3 أيام ويشمل كل يوم 7 حصص دراسية لزيادة وقت التعلم إلى أقصى حد.

ولا تزال نور قزحيا (16 عاماً)، وهي من سكان عمشيت، متفائلة. وقالت: «لبنان في حالة حرب، لكن التعليم لن يتوقف. سنواصل السعي لتحقيق أحلامنا». ويتأقلم المعلمون مع الظروف الصعبة. وقال باتريك صقر وهو مدرس فيزياء (38 عاماً): «الجميع مرهقون ذهنياً... في نهاية المطاف، هذه الحرب تطولنا جميعاً». وبالنسبة لأحمد علي الحاج حسن (17 عاماً) النازح من منطقة البقاع، يمثل الأسبوع الدراسي الذي يدوم 3 أيام تحدياً لكنه ليس عائقاً. وقال: «هذه هي الظروف. يمكننا أن ندرس رغم وجودها».