صدرت حديثاً للكاتب العراقي لؤي عبد الإله، روايته الثانية: «جاذبية الصفر»، عن «دار دلمون الجديدة» السورية.
وهي تقع في 513 صفحة من الحجم المتوسط، وكانت لوحة الغلاف للرسام العراقي قاسم الساعدي.
تعتمد الرواية تكنيك الرسائل التي عثر عليها السارد في حقيبة أخذها بالخطأ، وهي تعود لمسافر عائد من برلين إلى لندن، وتحتوي على 28 مظروفاً، ستشكل جوهر وهيكل الرواية؛ إذ نتعرف عبرها على تاريخ العراق المأساوي، خصوصاً بعد 1958، حين حصل الانقلاب العسكري على النظام الملكي، لكنها تكشف أيضاً، في الوقت نفسه، حيثيات ما حصل لاحقاً في تاريخ العراق الحديث بالعودة إلى احتلال الجيش البريطاني للعراق عام 1917، وربطه باحتلال العراق عام 2003. وقبل ذلك، غزو العراق للكويت، والحرب المدمرة التي أعقبت ذلك، بل حتى العودة إلى الأساطير الأولى، وإسقاطها على الحاضر. تاريخ دموي تتشابك أحداثه التي نعيشها، ليس بشكل مجرد، بل من خلال انعكاسها على حيوات الشخصيات ومصايرها، خصوصاً في المنفى؛ إذ تبدأ الرواية بـ«عراق مصغر» في لندن، عبر مجموعة من المنفيين، متحدرين من اتجاهات متباينة، خلفيات متنوعة، كما هي الفسيفساء العراقية، وعبر لقاءاتهم اليومية، واستذكاراتهم نتعرف أمكنة وأزمنة عراقية عصفت بها متغيرات هائلة قلبت حال البلد، وشكلت مصيره الذي لا يزال غامضاً.
كتب الناقد العراقي ياسين النصير في قراءته الأولية عنها: «(جاذبية الصفر)... شاحنة وحقيبة ورسائل، هذه هي أمكنة الرواية الثلاث، وهي أزمنتها أيضاً: ثلاثة أرحام ولودة تشترك في نسج هذه الرواية؛ رحم الشاحنة المتحرك بين المدن، علامة لسفر دائم في الطرق، ورحم الحقيبة المهترئة التي تسلمها الراوي بدلاً من حقيبته، دلالة على تشابه مؤونة أغطية الجسد، ورحم الرسائل المودعة في مظروفاتها في جوف الحقيبة، دلالة على زمن متخثر في كهوف الذاكرة. ثلاثة أمكنة وثلاثة أزمنة تصنع نسيجاً استثنائياً عن محن العراقيين المشتركة... نحن في عالم مركب تقول الرواية، لا يكون السرد فيه بطريقة واحدة، تتعاقب الضمائر كما لو أن ذاكرة الشخصيات ذاكرة كونية. هذه الرواية الاستثنائية واحدة من الكتب التي تقول شيئاً عن رحلة لا تتوقف في عالم مجهول، حين انتزعت الشخصيات من أرضها وذاكرتها، ولم يبقَ إلا أن تركب شاحنة تسير، وحقيبة مهترئة تُفتح متى ما أريد لها، وذاكرة تستوطنها رسائل تبتدئ الرواية بها وتنتهي، ويبقى القارئ إحدى شخصيات الرواية عندما يجد نفسه متضمناً في الشاحنة والحقيبة والرسائل».
أما الناشرة عفراء هدبة، مديرة «دار دلمون الجديدة»، على ظهر غلاف الرواية كتبت: «تشبه (جاذبية الصفر) أغنية البجع الأخيرة، وهي تودع القرن العشرين، الذي عاش أبطاله فيه، مستثمرة الدعابة والأسطورة والتاريخ للاقتراب من مسراته وكوارثه، مستكشفة ما يربطه بالعصور السابقة واللاحقة، لكأننا عبر صفحاتها أمام عودة أبدية مفتوحة على مصراعيها».
سبق للكاتب لؤي عبد الإله أن نشر 4 مجموعات قصصية ما بين عامي 1992 و2015، هي: «العبور إلى الضفة الأخرى» عام 1992، و«أحلام الفيديو» عام 1996، وكلتاهما صدرت عن «دار الجندي» السورية، ثم صدرت له مجموعة «رمية زهر» عن «دار المدى»، عام 1999، و«لعبة الأقنعة» عن «دار دلمون الجديدة» في دمشق عام 2015.
وكان عبد الإله قد أصدر روايته الأولى «كوميديا الحب الإلهي» عن «دار المدى» عام 2008، التي استلهم فيها أيضاً تاريخ العراق الحديث.
وله في الدراسات: «حين تغيرنا عتبات الطريق»، وهو يضم مقالات نُشِرت ما بين عامي 1990 و2020، في عدد من الصحف والمجلات الثقافية العربية، وفي أدب الرحلات، أصدر عام 2004 «مفكرة بغداد: يوميات العودة إلى مسقط الرأس»، عن «المؤسسة العربية للدراسات والنشر» ببيروت.
تراجيديا أمكنة وأزمنة عراقية في «جاذبية الصفر» للؤي عبد الإله
تراجيديا أمكنة وأزمنة عراقية في «جاذبية الصفر» للؤي عبد الإله
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة