أنصار البشير يرون أن الحرب الحالية ستحدد مصيرهم

إسلاميون يدعون لقتل قادة سياسيين أو سحب جنسياتهم

البشير أثناء خطاب في القصر قبل شهرين من سقوط نظامه في أبريل 2019 (أ.ب)
البشير أثناء خطاب في القصر قبل شهرين من سقوط نظامه في أبريل 2019 (أ.ب)
TT

أنصار البشير يرون أن الحرب الحالية ستحدد مصيرهم

البشير أثناء خطاب في القصر قبل شهرين من سقوط نظامه في أبريل 2019 (أ.ب)
البشير أثناء خطاب في القصر قبل شهرين من سقوط نظامه في أبريل 2019 (أ.ب)

توعّد عدد من أنصار نظام الرئيس المعزول عمر البشير من الإسلاميين، بنشر الفوضى في البلاد؛ لقطع الطريق أمام أي اتفاق تتأسس بموجبه حكومة مدنية، ما يهدد بتفكك تمكينهم من مفاصل الدولة التي حكموها 30 عاماً، ويقطع الطريق أمام عودتهم للحكم مجدداً.
وشنّ هؤلاء حملة تحريض واسعة لإشعال الحرب بين الجيش وقوات «الدعم السريع»، وما إن اشتعلت الحرب بالفعل، ظلوا يطالبون باستمرارها وعدم التفاوض مع «الدعم السريع» حتى دحره والتخلص منه تماماً، بل أصدر أحد خطبائهم فتوى بقتل المدنيين المعارضين لاستمرار الحرب.
وسرعان ما استبدل أنصار حزب «المؤتمر الوطني» المحلول، الذي يتزعمه البشير، بشعار «الجهاد» القديم، الذي كانوا يستخدمونه لتصفية خصومهم السياسيين، باعتبارهم خارجين عن المِلة وضد الإسلام، شعاراً جديداً يقوم على فكرة «دعم الجيش الوطني» وتخوين كل من ينادي بوقف الحرب، ووصفه بالعمالة للسفارات وغيرها؛ تمهيداً لتصفيتهم باعتبارهم مناصرين لقوات «الدعم السريع».
وتستهدف حملة الترهيب والتخوين والتشويه والتخويف، التي يشنّها عدد من الإسلاميين، قادة القوى المدنية التي أسقطت نظامهم بالثورة الشعبية، في أبريل (نيسان) 2019، وعلى رأسها تحالف «الحرية والتغيير»، الذي قاد الثورة وما زال يطالب بالتحول إلى الحكم المدني الديمقراطي، والتخلص من سيطرة أتباع البشير على مؤسسات الدولة.
وتتهم القوى المدنية أنصارَ البشير من الإسلاميين بالتحريض على الحرب وعلى استمرارها، لكن الاتهام تأكّد بعد فرار قادتهم من السجن، وتصريحات نائب البشير المطلوب لـ«المحكمة الجنائية الدولية» أحمد محمد هارون، وإعلانه، فور فراره من السجن، موقفاً مناوئاً لوقف الحرب، ودعوته أتباعهم للاصطفاف مع الجيش في الحرب بينه وبين قوات «الدعم السريع»، قائلاً: «ندعو كل جماهير شعبنا وعضويتنا، لمزيد من الالتفاف حول القوات المسلحة؛ لمواجهة الميليشيا المنحلّة»؛ في إشارة إلى قوات «الدعم السريع».
ونقل مقطع مصوَّر للداعية الإسلامي المتشدد عبد الحي يوسف، دعا فيه لقتل المدنيين وقادة الأحزاب، وبرَّر فيه قتل المدنيين أثناء القصف الجوي، كما دعا لما سمّاه «ترتيبات إدارية» تحكم بتفريقهم عبر قتلهم، أو إسقاط الجنسية عنهم باعتبارهم «خونة». وقال: «لا بد أن تكون هناك ترتيبات إدارية تضطلع بها الدولة، تحكم بتفريقهم حتى لا يجتمعوا في مكان واحد، كإسقاط الجنسية عن بعضهم من الرؤوس والخونة، بل بالحكم بالقتل على بعضهم».
وعبد الحي يوسف هو أحد الدعاة المتطرفين المؤيدين لنظام الرئيس المعزول البشير. وقد نُقل عنه، إبان الثورة الشعبية التي شملت اعتصاماً ضخماً أمام مقر الجيش، في الأيام الأخيرة قبل سقوط البشير، إصداره فتوى تبرر للبشير قتل «ثلث» الشعب ليعيش الثلثين؛ وذلك لمواجهة المظاهرات العارمة التي أسقطت حكم الحركة الإسلامية برئاسة البشير، كما كشفت وقائع المحكمة، التي أدانت البشير بخيانة الأمانة والاتجار بالنقد الأجنبي، أن الرئيس المعزول دفع ليوسف 5 ملايين دولار، من جملة ملايين الدولارات التي عُثر عليها نقداً في مسكن البشير الخاص.
وهدَّد يوسف بقطع دابر «الخونة والمنافقين»، بقوله: «بعض الناس لا يُكفّ شرُّه إلّا بأن يُقطَع دابره، وأن يُقتل لأنه مَرَدَ على الخيانة والنفاق، ليس المقاتلون فقط، بل هناك من الأحزاب العميلة ومن كان ينفخ في نار هذه الحرب ويهدد بها»، مضيفاً «أقول: لا بد أن يُنظر في تدبير يواجه مكرهم الذي تكرَّر منهم مراراً».
ونشطت حملة أنصار البشير والإسلاميين بُعَيد توقيع «الاتفاق الإطاري السياسي» بين كل من قائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان، وقائد قوات «الدعم السريع» الفريق محمد حمدان دقلو «حميدتي»، في 5 ديسمبر (كانون الأول) 2022 مباشرة، وشنّوا حملة تحريض ضخمة ضد هذا الاتفاق الذي يقضي بتسليم السلطة للمدنيين، وعودة العسكريين إلى ثكناتهم، وتصفية سيطرة الإسلاميين على مؤسسات الدولة.
واستهلّ هذه الحملة القيادي الإسلامي الحاج آدم يوسف، والتي رصدتها «سكاي نيوز عربية»، محرِّضاً أنصار حزبه من الإسلاميين، الذين رددوا الهتافات، قائلاً إن خطتهم تتطلب عملاً كبيراً يشارك فيه الشباب والكبار، مستدلّاً بالآية الكريمة «انفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ»، وحثّ جميع أتباعهم على مواجهة القوى المؤيدة للحكم المدني، قائلاً «لا تخافوهم، لا يوجد ما يخيف، هم مجرد هبوب، ولن يخيفونا».
كما وصف القيادي في الحركة الإسلامية، والوالي السابق، الذي اشتهر بمواقفه المتطرفة أنس عمر، الحكومة المدنية الانتقالية بـ«الفاشلة»، كاشفاً عن دورهم في إسقاطها، مهدداً بإسقاط أي حكومة «لا يريدونها أو لا يرضون عنها، ولا تطبق شرع الله»، مضيفاً، بلهجة متشنجة يخاطب فيها من يعتبرهم أعداءه: «لن تحكمونا ولن تتولوا علينا، ولا ولاية لكم علينا، ولا سمع ولا طاعة لكم علينا أبداً».
وتحفظ ذاكرة السودانيين لأنس عمر مواقف عدة متشددة، إبان حكمه ولاية شرق دارفور، ولا سيما تصريحاته التي استرخص فيها أرواح أفراد الحركات المسلَّحة في دارفور، على ثمن الرصاصة التي تقتلهم، بقوله: «الرصاصة أغلى من المتمردين»، فضلاً عن دعوته لعدم دفن جثامينهم، وتركها لتقتات عليها الصقور والوحوش.
أما نائب البشير الأسبق إبراهيم محمود فقد وجَّه أنصار حزبهم بالاستعداد، بقوله: «لو جرى الاتفاق (السياسي النهائي)، فيجب أن يكون كل الشعب السوداني في الميدان»، مهدداً «سوف يعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون». وتوعّد بأن يرى معارضوهم ما يرونه من الشعب السوداني»، حاثّاً عضوية حزبه بقوله: «نريد من كل محلياتنا ووحداتنا أن تكون جاهزة، وأن يأتوا بمواصلات أو من دونها، فالقصر الجمهوري قصركم أنتم، وليس قصراً للعملاء».
وفي وسائط التواصل الاجتماعي تنشط حملات تحريض ضد وقف الحرب، بل تدعو لاستمرارها حتى فناء قوات «الدعم السريع»، وتتهم المعارضين بالخيانة، وتدعو لرصد كل من لا يقف مع الجيش باعتباره خائناً وعميلاً، بل بعضهم اعتبر حتى موافقة قيادة الجيش على هدنة مؤقتة، أو قبول مبدأ التفاوض، «رخاوة وتراجعاً مُهيناً».
ويشير كل التحليلات والوقائع إلى أن جماعة «الإخوان المسلمين» وأنصار البشير يعتبرون الحرب الدائرة هي معركتهم الأخيرة، والتي يُلقون فيها بكل أسلحتهم، ما يجعل سيناريو الحرب هو الوحيد الذي يرونه متاحاً أمام بقائهم، إذ لا خيار آخر يملكونه في مواجهة الرفض الشعبي الواسع لعودتهم إلى الحكم مرة أخرى.


مقالات ذات صلة

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

شمال افريقيا الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

كثَّفت المملكة العربية السعودية، جهودَها الدبلوماسية لوقف التصعيد في السودان، إلى جانب مساعداتها لإجلاء آلاف الرعايا من أكثر من مائة دولة عبر ميناء بورتسودان. وأجرى وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، أمس، اتصالات هاتفية، مع الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ووزير الخارجية الجيبوتي محمود علي يوسف، بحث خلالها الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف السودانية، وإنهاء العنف، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين، بما يضمن أمنَ واستقرار ورفاه السودان وشعبه.

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

بعد 3 أيام عصيبة قضتها المسنة السودانية زينب عمر، بمعبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان، وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على غر

شمال افريقيا الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص توقعت أن يفروا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين هذا النداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مضيفة أن مصر وجنوب السودان سيسجّلان أكبر عدد من الوافدين. وستتطلب الاستجابة للأزمة السودانية 445 مليون دولار حتى أكتوبر؛ لمواجهة ارتفاع عدد الفارين من السودان، بحسب المفوضية. وحتى قبل هذه الأزمة، كانت معظم العمليات الإنسانية في البلدان المجاورة للسودان، التي تستضيف حالياً الأشخاص الفارين من البلاد، تعاني نقصاً في التمو

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

وجّه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة للمركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم. كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة. وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى ومصارف ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية. حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)

مدعي «الجنائية الدولية»: غالبية الأدلة تثبت التهم ضد «كوشيب»

علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم دارفور (موقع الجنائية الدولية)
علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم دارفور (موقع الجنائية الدولية)
TT

مدعي «الجنائية الدولية»: غالبية الأدلة تثبت التهم ضد «كوشيب»

علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم دارفور (موقع الجنائية الدولية)
علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم دارفور (موقع الجنائية الدولية)

مع بدء المرافعات الختامية ضد المتهم بارتكاب جرائم حرب وضد الإنسانية في إقليم دارفور(غرب السودان)، علي عبد الرحمن، الشهير باسم «علي كوشيب»، أبلغ مدعي المحكمة الجنائية الدولية قضاة أن «غالبية الأدلة تظهر أن سلوك المتهم وأفعاله تثبت ارتكابه الجرائم المنصوص عليها».

وقال إن علي عبد الرحمن، المشتبه به في أول محاكمة تنظر جرائم الحرب في إقليم دارفور بالسودان قبل عقدين، كان زعيم ميليشيا مرهوب الجانب وأمر بارتكاب فظائع منها القتل والاغتصاب والنهب.

ودفع عبد الرحمن ببراءته من تهمة الإشراف على آلاف من مقاتلي «الجنجويد» الموالين للحكومة خلال ذروة القتال في عامي 2003 و2004. وقال دفاعه إنه ليس زعيم الميليشيا، المعروف أيضاً باسمه الحركي «علي كوشيب». ووصف الدفاع المتهم «كوشيب» في وقت سابق بأنه «كبش فداء» قدّمته الحكومة السودانية للتغطية على المتهمين الرئيسيين، منهم الرئيس المخلوع عمر البشير، ووزيرا الدفاع وقتها عبد الرحيم محمد حسين، والداخلية أحمد هارون.

الادعاء أثبت قضيته

وقال المدعي العام للمحكمة كريم خان، في بيانه الختامي، الأربعاء، إنه خلال المحاكمة التي استمرت عامين، قدّم شهود الادعاء «روايات مفصلة عن القتل الجماعي والتعذيب والاغتصاب واستهداف المدنيين وحرق ونهب قرى بأكملها»، وإن الادعاء أثبت قضيته بما لا يدع مجالاً للشك.

المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان (رويترز)

وتمثل المرافعات الختامية نهاية المحاكمة الأولى والوحيدة التي تجريها المحكمة الجنائية الدولية بشأن الجرائم المرتكبة في السودان منذ إحالة مجلس الأمن الدولي القضية إلى المحكمة في 2005، ولا تزال هناك أوامر اعتقال معلقة بحق مسؤولين سودانيين كبار في عهد الرئيس السابق عمر البشير.

واندلع الصراع في دارفور لأول مرة عندما حمل متمردون غير عرب السلاح في وجه حكومة السودان، متهمين إياها بتهميش المنطقة النائية الواقعة في غرب البلاد. وحشدت حكومة السودان آنذاك ميليشيات عربية في الأغلب تعرف باسم «الجنجويد» لقمع التمرد، ما أثار موجة من العنف وصفتها الولايات المتحدة وجماعات حقوق الإنسان بأنها تصل إلى حد الإبادة الجماعية.

ومنذ بدء المحاكمة التي تجريها المحكمة الجنائية الدولية، اندلع الصراع مرة أخرى في دارفور، وتحول الصراع الحالي المستمر منذ 20 شهراً بين الجيش و«قوات الدعم السريع» شبه العسكرية إلى صراع يزداد دموية مع تعثر جهود وقف إطلاق النار. وأعلن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية في يونيو (حزيران) من هذا العام أنه يجري أيضاً تحقيقات عاجلة في مزاعم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية حالياً في دارفور.

ومن المقرر أن تستمر المرافعات الختامية إلى 13 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، بمقر المحكمة في مدينة لاهاي الهولندية.

حكومة السودان سلّحت «الجنجويد»

وذكر خان أن حكومة السودان وآخرين كانوا يقومون بتسليح ميليشيا «الجنجويد» من أجل مقاومة «التمرد»، إلا أن الضحايا في هذه القضية «لم يكونوا ثواراً، بل هم مدنيون. وقال في مرافعته إن المحكمة استمعت، في وقت سابق، إلى روايات 81 شاهداً «تحدثوا عن القتل الجماعي والاغتصاب والحرق والتدمير لقرى كاملة وتهجير أهاليها من شعب الفور الذين حتى لا يستطيعون العودة إلى مناطقهم حتى اليوم».

وأضاف أن مئات الرجال من قبيلة الفور تعرضوا للاعتقال والتعذيب في مكجر ودليج بوسط دارفور، وتم هذا على يد المتهم في هذه القضية «علي كوشيب». وتابع: «قدمنا للمحكمة أدلة على جرائم الاغتصاب التي ارتكبها (الجنجويد)، والتي كانت جزءاً من سياسة استراتيجية لـ(الجنجويد) وحكومة السودان ضد شعب الفور».

صورة من الدمار الذي خلّفه القتال في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (أرشيفية - أ.ف.ب)

وقال المدعي العام إن كل التهم المسؤول عنها جنائياً المتهم علي كوشيب «تم إثباتها أمام المحكمة، ونأمل أن تأخذ المحكمة بالأدلة الموثوقة من خلال محاكمة نزيهة». وأكد أن المتهم «مسؤول عن جرائم ارتكبت في مناطق كتم وبندسي ومكجر ودريج في أثناء الصراع بإقليم دارفور».

ووصف خان هذه المحاكمة بأنها تمثل بارقة أمل للذين فقدوا أقاربهم وممتلكاتهم، والذين ينتظرون العدالة لمدة 20 عاماً. ويواجه علي كوشيب 31 تهمة تتعلق بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية يُزعم أنها ارتُكبت في إقليم دارفور بالسودان، خلال الفترة بين أغسطس (آب) 2003 وأبريل (نيسان) 2004 بمناطق مكجر وبندسي ودليج وكدوم بوسط دارفور.

وبدأت محاكمة كوشيب أمام الدائرة الابتدائية الأولى، في 5 أبريل 2022، على أثر تسليم نفسه للمحكمة في يونيو 2020، واستجوبت المحكمة، خلال التقاضي، 56 شاهداً، وأغلقت قضية الادعاء في 5 يونيو 2023.