قوات الدبيبة تتعهد بحماية الزاوية من «أعداء دولة القانون»

انسحبت إلى ثكناتها بعد إطلاق نار عليها بالمدينة

جانب من تراجع قوات «اللواء 52 مشاة» التابعة للمنطقة العسكرية بالساحل الغربي فور وصولها للزاوية (المنطقة العسكرية)
جانب من تراجع قوات «اللواء 52 مشاة» التابعة للمنطقة العسكرية بالساحل الغربي فور وصولها للزاوية (المنطقة العسكرية)
TT

قوات الدبيبة تتعهد بحماية الزاوية من «أعداء دولة القانون»

جانب من تراجع قوات «اللواء 52 مشاة» التابعة للمنطقة العسكرية بالساحل الغربي فور وصولها للزاوية (المنطقة العسكرية)
جانب من تراجع قوات «اللواء 52 مشاة» التابعة للمنطقة العسكرية بالساحل الغربي فور وصولها للزاوية (المنطقة العسكرية)

في ظل حالة من الاحتقان والغضب تعيشها مدينة الزاوية (غرب ليبيا)، فضّلت قوات «اللواء 52 مشاة» التابعة للمنطقة العسكرية بالساحل الغربي، الانسحاب من المدينة والعودة إلى ثكناتها عقب إطلاق النار عليها بعد دقائق من وصولها إلى هناك، متعهدة بحماية المواطنين مما أسمتهم «أعداء دولة القانون».
ولليوم الثاني على التوالي تموج شوارع الزاوية بالشباب الثائر ضد تغوّل الميليشيات المسلحة في مدينتهم، مطالبين بـ«تطهيرها من جميع المتورطين في الجرائم طوال السنوات الماضية».
وكان اللواء صلاح الدين النمروش، آمر المنطقة العسكرية بالساحل الغربي، وعد عدداً من شباب الزاوية الغاضبين من انتشار الفوضى في مدينتهم، عقب لقائهم مساء (الخميس)، بأن «الأوامر ستصدر فوراً للبدء في خطة التأمين الشامل لمدينتهم، وأن المنطقة العسكرية وكافة منتسبيها تحت أمر أهالي الزاوية»، وفور وصولها إلى هناك تم اعتراضها بالرصاص من قبل «مجهولين».
وأرجع بعض شباب الزاوية، الذين تجمهروا في شوارعها حتى الساعات الأولى من فجر اليوم (الجمعة)، سبب مغادرة رتل اللواء العسكري، إلى أنهم رفضوا دخوله لأنه «يضم بين قواته عناصر من المرتزقة السوريين»، غير أن بيان المنطقة العسكرية بالساحل الغربي، أفاد بأنه «بعد دقائق من تمركز قوات الجيش الليبي من منتسبي المنطقة العسكرية بمدينة الزاوية، وتحديداً في الإشارة الضوئية (الضمان)، أقدم عدد من الخارجين عن القانون والمأجورين بإطلاق النار على تمركزاته، كما تعرضت تمركزات أخرى إلى القذف بالحجارة من مجهولين».
ووصف البيان هذه التعديات على عناصره بأنها «محاولة يائسة لاستفزاز أبناء المؤسسة العسكرية، وخلق فتنة داخل المدينة، يسعى إليها بعض المندسين وأعداء قيام دولة القانون والمؤسسات».
وقالت المنطقة العسكرية بالساحل الغربي، إنه «حفاظاً على أرواح المواطنين، ولقطع الطريق أمام المغرضين وأصحاب الفتنة والأجندات الخاصة، صدرت الأوامر من رئيس الأركان العامة للجيش (الفريق محمد الحداد)، وآمر المنطقة العسكرية بالساحل الغربي (اللواء صلاح الدين النمروش) إلى الوحدات العسكرية كافة، بالانسحاب والعودة إلى ثكناتها»، نافياً ما تردد عن إطلاق قوات اللواء النار على المواطنين.
وأكدت المنطقة العسكرية بالساحل الغربي، أن «كافة الخيارات مفتوحة للقضاء على أوكار الجريمة في المدينة، وأنها على تواصل دائم ومستمر مع كافة مشايخ وشباب وأهالي الزاوية، وأنها لن تتركهم رهينة لدى حفنة من المجرمين والخارجين عن القانون».
ووسط اتهامات لحكومة «الوحدة الوطنية» برئاسة عبد الحميد الدبيبة، بتخليها عن المدينة، تشهد الزاوية، منذ يوم (الأربعاء) الماضي، مظاهرات سلمية حاشدة، رفضاً لكافة أشكال الإجرام والتعذيب والتنكيل الذي طال أبناء المدينة على يد عناصر من المرتزقة الأفارقة الذين يعملون مع ميليشيات مسلحة بالمدينة، وعلى أثر ذلك أقدم الشباب الغاضبون على إغلاق مديرية الأمن، والمجلس البلدي، ومصفاة الزاوية، والدعوة إلى عصيان مدني شامل إلى حين تأمين المدينة ومواطنيها ومؤسساتها.
وبررت المنطقة العسكرية بالساحل الغربي، سبب تحرك قواتها باتجاه الزاوية، بأنه جاء بناء على طلب من أهلها «بضرورة تدخل قوات الجيش الليبي من منتسبي المنطقة، وفرض القانون بالقوة، ومداهمة أوكار الفساد والإجرام والتعذيب، وكذلك القضاء على كافة أوكار بيع وتجارة المخدرات، وتهريب الوقود، والقبض على شبكات تهريب البشر في المدينة».
وقالت إنه بعد هذا اللقاء، أصدر آمر المنطقة العسكرية أوامره لـ«اللواء 52 مشاة» بالتحرك الفوري لتمركز عدد من الوحدات العسكرية في مدينة الزاوية كمرحلة أولى، والعمل على تنفيذ المراحل التالية بالتنسيق مع أهالي المدينة، وبعض الأجهزة الأمنية والرسمية في الدولة، لبسط الأمن والاستقرار هناك، وإنهاء كافة أشكال المظاهر المسلحة، لكنها سرعان ما انسحبت قوات اللواء إلى ثكناتها، وبقيت المدينة على حالها من الغضب والاحتقان.
ودخل خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة، على خط الأزمة، وقال إنه «في ظل انهيار كامل للأمن القومي واستباحة الأراضي الليبية من قبل الهجرة غير المشروعة التي وصلت إلى حد تشكيل العصابات الإجرامية، نجد الحكومة التي انشغلت بتوظيف أموال الدولة ومؤسساتها التنفيذية لهدف البقاء والاستمرار، قد راق لها كونها حكومة لمدينة واحدة»، في إشارة إلى حكومة الدبيبة.
ورأى المشري عبر حسابه الشخصي على «فيسبوك»، أن «خزائن بنك ليبيا المركزي مفتوحة للحكومة بلا ضوابط»، وذهب إلى أن «انشغالها بإقامة الحفلات وتنظيم الملتقيات الوهمية جعلها تتغافل وتتجاهل ما يحصل برابع أكبر مدينة ليبية لا تبعد عن مكتب رئيسها سوى 40 كيلومتراً»، في إشارة إلى الزاوية.
في شأن مختلف، أكد رئيس مجلس النواب المستشار عقيلة صالح، دعمه لرئيس حكومة «الاستقرار» فتحي باشاغا، و«ثقته في قدرتها على تحقيق تطلعات الليبيين في إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية نزيهة وشفافة في أقرب الآجال».
والتقى صالح مع باشاغا مساء (الخميس) بمكتب الأول في مدينة القبة، بحضور وزير الدولة لشؤون السلطة التشريعية الدكتور محمد أبو زقية، وبحث معه عدداً من الملفات الخدمية التي تهم المواطنين، بالإضافة إلى قانون الميزانية العامة للدولة لعام 2022 الصادر عن مجلس النواب، والتشديد على ضرورة توفير احتياجات المواطن المتمثلة في الغذاء والدواء والكهرباء.
وناقش اللقاء الوضع السياسي الراهن ودور الحكومة في دعم مسار لجنة «6+6» لإقرار قانون الانتخابات، وآخر مستجدات عمل الحكومة من خلال الوزارات والجهات التابعة، وفي نهاية اللقاء سلم باشاغا لرئيس مجلس النواب مشروع مقترح قانون أعدته الحكومة بخصوص إدارة الحكم المحلي وإنشاء المحافظات، وذلك في خطة ينظر لها على أنها تعيد الصراع مع حكومة غريمه الدبيبة، حول السلطة.
يأتي هذا في وقت أعلنت فيه اللجنة المركزية لانتخابات المجالس البلدية، عن تمديد فترة التقدم بطلبات الترشح لانتخابات المجالس البلدية في بلديات (زوارة ودرج وبرقن والجليدة) حتى (الأحد) المقبل.
وقالت اللجنة المركزية، إن هذا الإجراء يستهدف «إتاحة الفرصة أمام الراغبين في الترشح وتشجيعهم على المشاركة، ولاستكمال كافة الإجراءات المطلوبة أمام اللجان الفرعية لتنفيذ الاستحقاق الانتخابي بهذه البلديات على أكمل وجه»، معبرة عن أملها من جميع الراغبين والمهتمين بالعمل البلدي والترشح في انتخابات المجالس البلدية بالتقدم بطلباتهم خلال هذه الفترة المعلنة، «وأن يستغلوا هذه الفرصة للمساهمة في عملية بناء وتطوير بلدياتهم إلى الأفضل».


مقالات ذات صلة

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

شمال افريقيا المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

بحثت نجلاء المنقوش مع نظيرها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها أمس إلى الجزائر، فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الأشخاص، بعد سنين طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا. وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان أن الوزيرين بحثا قضايا جارية في الساحتين المغاربية والعربية، منها تطورات ملف الصحراء، والمساعي العربية والدولية لوقف الاقتتال وحقن الدماء في السودان. وأكد البيان أن عطاف تلقى من المنقوش «عرضا حول آخر مستجدات العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، لإنهاء الأزمة في ليبيا».

شمال افريقيا وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

بحث وفدان عسكريان، أميركي وفرنسي، في ليبيا سبل إعادة بناء وتطوير المؤسسة العسكرية المُنقسمة، بين شرق البلاد وغربها، منذ إسقاط النظام السابق، في وقت زار فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» روما، والتقى برئيسة الوزراء بالحكومة الإيطالية جورجا ميلوني، وعدد من وزراء حكومتها. وفي لقاءين منفصلين في طرابلس (غرباً) وبنغازي (شرقاً)، التقى الوفدان الأميركي والفرنسي قيادات عسكرية للتأكيد على ضرورة توحيد الجيش الليبي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا «حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

«حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

لم يكن من قبيل الصدفة أن تقذف أمواج البحر المتوسط كميات متنوعة من المخدرات إلى السواحل الليبية، أو أن تتلقف شِباك الصيادين قرب الشاطئ «حزماً» من «الحشيش والكوكايين وحبوب الهلوسة»، فالبلاد تحوّلت -وفق تقرير أممي- إلى «معبر مهم» لهذه التجارة المجرّمة. وتعلن السلطات الأمنية في عموم ليبيا من وقت لآخر عن ضبط «كميات كبيرة» من المخدرات قبل دخولها البلاد عبر الموانئ البحري والبرية، أو القبض على مواطنين ووافدين وهو يروّجون هذه الأصناف التي يُنظر إليها على أنها تستهدف «عقول الشباب الليبي». غير أنه بات لافتاً من واقع عمليات الضبط التي تعلن عنها السلطات المحلية تزايُد تهريب المخدرات وتعاطيها، خصوصاً «حبوب

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا «النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

«النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

استهلّت اللجنة المُشتركة لممثلي مجلسي «النواب» و«الدولة» (6+6) المكلفة بإعداد قوانين الانتخابات الليبية، اجتماعاتها في العاصمة طرابلس بـ«الاتفاق على آلية عملها». وطبقاً لما أعلنه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، فقد شهد الاجتماع ما وصفه بتقارب في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة حول القوانين الانتخابية، مشيراً، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إلى أنه «تم أيضاً الاتفاق على التواصل مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية».

خالد محمود (القاهرة)

هل وصلت العلاقات الجزائرية - الفرنسية لنقطة «اللاعودة»؟

الرئيس الجزائري في لقاء سابق مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)
الرئيس الجزائري في لقاء سابق مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)
TT

هل وصلت العلاقات الجزائرية - الفرنسية لنقطة «اللاعودة»؟

الرئيس الجزائري في لقاء سابق مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)
الرئيس الجزائري في لقاء سابق مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)

تشهد العلاقات المضطربة على مرّ التاريخ بين فرنسا والجزائر خضّات جديدة، إثر توقيف مؤثرين جزائريين على ذمة التحقيق في فرنسا، بسبب رسائل كراهية نشروها، ومواجهة دبلوماسية جديدة حول توقيف كاتب جزائري - فرنسي في العاصمة الجزائرية، وهو ما يجعل البعض يرى أن العلاقة بين البلدين وصلت فعلاً إلى «نقطة اللاعودة».

سلطات فرنسا شنت حملة توقيف مؤثرين جزائريين على ذمة التحقيق بسبب رسائل كراهية نشروها (أ.ب)

وأوقفت السلطات في باريس مؤخراً ثلاثة مؤثرين جزائريين للاشتباه في تحريضهم على الإرهاب، ووضع منشورات تحث على ارتكاب أعمال عنف في فرنسا ضد معارضين للنظام الجزائري. أحدهم أوقف الجمعة في ضواحي غرونوبل، بعد نشره مقطع فيديو، تم حذفه في وقت لاحق، يحث المتابعين على «الحرق والقتل والاغتصاب على الأراضي الفرنسية»، بحسب لقطة مصورة من شاشة لوزير الداخلية برونو ريتايو.

وزير الداخلية الفرنسية برونو ريتايو (أ.ب)

ونشر هذا الرجل: «أنا معك يا زازو»، مخاطباً مؤثراً جزائرياً آخر، يدعى يوسف أ، المعروف باسم «زازو يوسف»، كان قد أوقف قبل ساعات قليلة بشبهة الدعوة إلى شن هجمات في فرنسا ضد «معارضي النظام الحالي في الجزائر»، بحسب القضاء الفرنسي. ونشر الشخص الثالث، الذي تم اعتقاله على تطبيق «تيك توك»: «اقتلوه، دعوه يتعذب»، في إشارة إلى متظاهر جزائري معارض للنظام. وفتح القضاء أيضاً تحقيقات ضد اثنين آخرين من المؤثرين الفرنسيين الجزائريين، بسبب فيديوهات تنشر الكراهية. وقال المعارض الجزائري، شوقي بن زهرة لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن «العشرات» من مستخدمي وسائط التواصل الجزائريين، أو مزدوجي الجنسية «نشروا محتوى معادياً على الإنترنت».

محمد تاجديت ضحية تحريض بالقتل من مؤثر جزائري مقيم بفرنسا (حسابه الشخصي بالإعلام الاجتماعي)

كان لدى يوسف أ. أكثر من 400 ألف متابع على تطبيق «تيك توك»، وقد حذفت المنصة حسابه منذ ذلك الحين.

* اتهام الجزائر بالتحريض

اتهم بن زهرة، وهو نفسه لاجئ سياسي في فرنسا، السلطات الجزائرية بالوقوف وراء هذه «الظاهرة»، والدليل بحسبه أن المسجد الكبير في باريس، الذي تموله الجزائر، «يستقبل أيضاً مؤثرين» جزائريين. وردت مؤسسة مسجد باريس على هذه التصريحات «التشهيرية»، التي أدلى بها «مدون مغمور»، واعتبرتها جزءاً من «حملة افتراء غير محتملة»، لكنها أكدت على «دورها البناء في العلاقات بين البلدين». وحسب العديد من المعارضين الجزائريين المقيمين في فرنسا، الذين التقتهم «وكالة الصحافة الفرنسية»، فإن هذه الرسائل العنيفة بشكل خاص ازدادت حدة بعد أن غيرت فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة، موقفها من قضية الصحراء، التي كانت مسرحاً لنصف قرن من الصراع بين المغرب وجبهة «البوليساريو»، المدعومة من الجزائر. ففي نهاية يوليو (تموز) الماضي انحاز الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى جانب إسبانيا والولايات المتحدة الأميركية، معتبراً أن مستقبل الصحراء يكمن «في إطار السيادة المغربية»، وساعد ذلك في التقارب مع الرباط، واندلاع أزمة جديدة مع الجزائر، التي لم تعد تقيم علاقات دبلوماسية مع جارتها منذ أغسطس (آب) 2021.

الجزائر اعتبرت موقف الرئيس ماكرون من الصحراء المغربية «خيانة» لها (أ.ف.ب)

في صيف 2022، بدأ الرئيس الفرنسي خطوة «للتقارب» مع الجزائر بشأن «قضايا الذاكرة»، ومسألة «الماضي الاستعماري»، المرتبطة بحرب الاستقلال التي خلفت مئات الآلاف من القتلى والجرحى، لكن موقفه من الصحراء اعتبرته الجزائر «خيانة»، كما لاحظ ريكاردو فابياني، المحلل في مجموعة الأزمات الدولية. سبب آخر من أسباب التوتر هو مصير الكاتب الفرنسي - الجزائري، بوعلام صنصال (75 عاماً)، الذي يقبع في السجن في الجزائر منذ منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بتهمة المساس بأمن الدولة، وهو في وحدة العناية الصحية منذ منتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

* امتعاض جزائري

بحسب صحيفة «لوموند» الفرنسية، فإن السلطات الجزائرية انزعجت من تصريحات أدلى بها الكاتب صنصال لموقع «فرونتيير» الإعلامي الفرنسي، المعروف بمواقفه اليمينية المتطرفة، تبنى فيها موقفاً مغربياً يقول إن أراضي مغربية انتُزعت من المملكة، في ظل الاستعمار الفرنسي لصالح الجزائر. وكان الرئيس الفرنسي اعتبر الاثنين أن «الجزائر التي نحبها كثيراً، والتي نتشارك معها الكثير من الأبناء والكثير من القصص، تسيء إلى سمعتها، من خلال منع رجل مريض بشدة من الحصول على العلاج»، مطالباً بالإفراج عن الكاتب المحتجز «بطريقة تعسفية تماماً».

الروائي المسجون في الجزائر بوعلام صنصال (متداولة)

ومباشرة بعد ذلك، عبرت وزارة الخارجية الجزائرية عن استغرابها من «التصريحات التي أدلى بها الرئيس الفرنسي بشأن الجزائر، والتي تهين، في المقام الأول، من اعتقد أنه من المناسب الإدلاء بها بهذه الطريقة المتهاونة والمستهترة». ووصفتها بـ«التدخل السافر وغير المقبول في شأن جزائري داخلي». في هذا السياق، أشار مدير «مركز الدراسات العربية والمتوسطية» في جنيف، حسني عبيدي، في تصريح لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إلى أن العلاقة بين البلدين وصلت إلى «نقطة اللاعودة». وأعرب عن أسفه لأن «تصريحات ماكرون القاسية وغير المألوفة» من شأنها «تعزيز دعاة القطيعة التامة بين البلدين، وتكشف عن فشل الرئيس (الفرنسي) في سياسته حيال الجزائر». أما كريمة ديراش، الباحثة في «المركز الوطني الفرنسي» للبحث العلمي في باريس، فقد اعتبرت أننا «أمام رئيس دولة فرنسي لا يعرف كيف يتصرف»، و«يترك انفعالاته تتغلب عليه ولا يحترم القواعد»، وأمام سلطة جزائرية «حساسة جداً تجاه كل ما يصدر عن الدولة الفرنسية». وشدّدت على أنه رغم هذه «المناوشات» المتكررة بانتظام، تظل العلاقة الفرنسية - الجزائرية «متينة» من الناحيتين الاقتصادية والأمنية، مضيفة بسخرية أن فرنسا والجزائر «ثنائي يتنازع بانتظام».