زراعة القرنية... النجاحات والمضاعفات

عمليات جراحية لاستعادة الرؤية الواضحة

د. هرنان ألفونسو مارتيني أوسوريو    -     عين بشرية متبرَّع بها
د. هرنان ألفونسو مارتيني أوسوريو - عين بشرية متبرَّع بها
TT

زراعة القرنية... النجاحات والمضاعفات

د. هرنان ألفونسو مارتيني أوسوريو    -     عين بشرية متبرَّع بها
د. هرنان ألفونسو مارتيني أوسوريو - عين بشرية متبرَّع بها

القرنية هي السطح الشفاف على شكل قبة في مقدمة العين، وهي التي تلعب دوراً مهماً في تركيز الضوء على شبكية العين. وتتكون من طبقات من الخلايا، تعمل هذه الطبقات معاً لحماية العين، وتوفير رؤية واضحة. للحصول على رؤية جيدة، يجب أن تظل القرنية واضحة وناعمة وصحية، أما إذا كانت متندبة أو منتفخة أو تالفة، فإن الضوء لن يتركز بشكل صحيح في العين. نتيجة لذلك، تكون الرؤية ضبابية أو يرى الإنسان وهجاً.

- جراحة ناجحة
إذا أصيبت القرنية وتعذَّر التئامها أو إصلاحها، فقد يوصي طبيب العيون بزرع قرنية، وهذا يعني استبدال القرنية المريضة بقرنية واضحة وصحية من متبرع بشري، وفقاً لـ«الأكاديمية الأميركية للعيون American Academy of Ophthalmology (AAO)». والمتبرع البشري هو الشخص الذي يوصي بالتبرع (إعطاء) بقرنيته بعد وفاته، للأشخاص الذين يحتاجون إليها. يجري اختبار جميع القرنيات المتبرع بها بعناية، للتأكد من أنها صحية وآمنة للاستخدام.
يُجرى حوالي 185 ألف عملية زراعة القرنية، كل عام، في جميع أنحاء العالم. وفي الولايات المتحدة، يُجري أطباء العيون أكثر من 47 ألف عملية زرع قرنية سنوياً. أما البلدان الثلاثة الأولى لهذه العملية فهي: الولايات المتحدة، ولبنان، وكندا. ولا يتمكن الأشخاص، الذين يعيشون في أكثر من نصف دول العالم، من الحصول على هذه الجراحة، وأحد أسباب ذلك هو عدم وجود القرنيات المتبرع بها؛ إذ تتوفر قرنية واحدة فقط لكل 70 فرداً محتاجاً، وفقاً لـ«مؤسسة كليفلاند» الأميركية.
كانت معدلات نجاح العملية عند 1 و2 و5 سنوات، لجميع عمليات زرع القرنية التي أُجريت، لأول مرة، لـ1389 حالة: 79.6 في المائة، و68.7 في المائة، و46.5 في المائة. وكان معدل النجاح، بعد 5 سنوات، هو الأعلى، إذا أُجريت عملية زرع القرنية للقرنية المخروطية 95.1 في المائة، والأدنى إذا تم إجراؤها لفشل الزراعة السابق 21.2 في المائة، وفقاً لـ«المجلة البريطانية لطب العيون Br J Ophthalmol».

- زراعة القرنية
> كيف تحدث عملية زراعة القرنية؟ ومتى يُنصح بها؟ وما مضاعفاتها؟
التقت «صحتك» الدكتور هرنان ألفونسو مارتيني أوسوريو (Hernán Alfonso Martínez Osorio)، استشاري طب وجراحة العيون بمستشفى باراكير للعيون في دبي، الإمارات العربية المتحدة، ومنسق أول عيادة في الشرق الأوسط لزراعة القرنية بـ«مستشفى الملك خالد التخصصي للعيون» بالمملكة العربية السعودية، في عام 2015 حتى عام 2021؛ للإجابة عن تلك الأسئلة وسواها، والذي أفاد بأنه عندما تصبح القرنية عاتمة أو غائمة أو مشوَّهة بسبب الإصابة أو المرض أو الظروف الوراثية، يمكن أن تصبح الرؤية ضبابية، أو حتى تُفقَد تماماً، وحينها قد تكون عملية زرع القرنية ضرورية، ويمكن إجراء زراعة القرنية لتحسين البصر وتخفيف الألم وعلاج العدوى أو التلف الشديد.
وعن عملية زرع القرنية «Corneal Transplant»، أوضح أنها تُعرَف أيضاً باسم رأب القرنية «Keratoplasty or Corneal Graft»، وهي إجراء جراحي لاستبدال أنسجة صحية لقرنية من متبرِّع بها، بأنسجة القرنية المتضررة، المعتِمة أو المريضة. وعادةً وبشكل عام، يجري الحصول على أنسجة القرنية الصحية المراد زراعتها من بنوك القرنية حول العالم. يمكن لهذا الإجراء، الذي يتضمن استبدال قرنية صحية من متبرِّع، بالقرنية المعتمة أو المريضة، استعادة الرؤية وتخفيف الألم وتحسين نوعية حياة المريض بشكل كبير. وزراعة القرنية من العمليات المعقدة التي تتطلب في معظمها فريقاً طبياً عالي التخصص، يضم جراحي عيون الأطفال، وطبيب تخدير الأطفال، واختصاصي زراعة القرنية.
في حالات زراعة القرنية لعيون الأطفال، تختلف رعاية ما قبل الجراحة، وما بعدها، مقارنة بالبالغين، ومن ثم يتخذ الفريق الطبي، عادةً، عناية واحتياطات إضافية. وتجري متابعة القرنية المزروعة من خلال عدد من الزيارات في العيادة الخارجية، الخاصة بزراعة القرنية؛ للاطمئنان على وضع القرنية وتحسن الرؤية.
> مشكلات القرنية. أمراض العيون وإصاباتها يمكن أن تُلحق الضرر بالقرنية. فيما يلي بعض مشكلات العين الشائعة التي يمكن أن تؤدي إلى تلف القرنية:
- القرنية المخروطية «Keratoconus»، حيث تكون القرنية مخروطية الشكل، وليست على شكل قبة.
- ضمور فوكس «Fuchs’ dystrophy»، حيث لا تعمل الخلايا في الطبقة الداخلية للقرنية بشكل فعال.
- التهابات أو إصابات العين التي تندب القرنية «corneal scar».
- جراحة القرنية السابقة أو جراحة أخرى للعين تتسبب في تلف القرنية.
> مواصفات المرشح للزراعة. يقول الدكتور هرنان أوسوريو إنه من المهم ملاحظة أنه ليس كل شخص مرشحاً جيداً لزراعة القرنية، فقد تحتاج بعض أمراض العيون الأساسية إلى العلاج، قبل إجراء عملية الزرع. في هذه الحالات، من الضروري إجراء فحص شامل للعين، وتقييم من قِبل اختصاصي القرنية؛ لتحديد ما إذا كان زرع القرنية مناسباً.
وهناك اعتبار آخر مهم هو ما مدى توفر القرنيات المتبرع بها، فمع أن الطلب على عمليات زرع القرنية مستمر في النمو، لكن المعروض من القرنيات المتبرَّع بها محدود. ومع ذلك، بفضل العمل الدؤوب لبنوك العيون ومنظمات شراء الأنسجة، ازداد توافر القرنيات، في السنوات الأخيرة.

- مستجدات جراحة القرنية
> الجراحة الحديثة. أفاد الدكتور هرنان أوسوريو بأن عملية زراعة القرنية تطورت كثيراً عما كانت عليه من قبل، ويجري تنفيذها من قِبل استشاري مدرَّب ومعتمَد، على وجه التحديد في جراحة القرنية. هناك أنواع مختلفة من عمليات زرع القرنية. في بعض الحالات يجري فقط استبدال الطبقات الأمامية والمتوسطة من القرنية، وفي حالات أخرى تجري إزالة الطبقة الداخلية فقط، وفي بعض الأحيان تحتاج القرنية بأكملها إلى الاستبدال.
في جراحة القرنية الحديثة، يقوم جرّاح القرنية باستبدال الطبقة المصابة، وفي أغلب الأحيان لا يكون من الضروري استبدال القرنية بأكملها. أولاً، تتم إزالة الطبقات التالفة أو القرنية بعناية، وخياطة القرنية الجديدة، أو تثبيتها في مكانها. تستغرق العملية عادةً من ساعة إلى ساعتين، ويمكن إجراؤها تحت التخدير الموضعي، أو التخدير العام، وفق احتياجات المريض وتفضيلاته.
في الأيام التي تلي عملية الزراعة، سيحتاج المريض إلى الراحة والحد من نشاطه البدني حتى شفاء العين. وتوصف المضادات الحيوية والمزلقات وقطرات العين المضادة للالتهابات، للمساعدة في منع العدوى وتقليل التورم. يشعر معظم الناس ببعض الانزعاج، ولكن يمكن التحكم في ذلك عادةً باستخدام مسكنات الألم.
بعد فترة الشفاء الأولية، يشعر معظم الناس بتحسن في رؤيتهم. ومع ذلك، قد يستغرق الأمر عدة أشهر، أو حتى عاماً، حتى تستقر القرنية الجديدة تماماً، وتستقر الرؤية بعد إزالة الغرز. ستكون مواعيد المتابعة المنتظمة مع جرّاح زراعة القرنية ضرورية؛ لمراقبة التقدم وضمان أفضل نتيجة ممكنة.

> خيارات جراحة زراعة القرنية. وفقاً لـ«الأكاديمية الأميركية للعيون (AAO)»، هناك 3 خيارات لزراعة القرنية، وهي:
1. زراعة القرنية بسُمك كامل. استبدال القرنية بأكملها، يجري في حال تلف طبقات القرنية الأمامية والداخلية. وهذا ما يسمى رأب القرنية المخترق «PK»، أو زرع القرنية بكامل سمكها، حيث تجري إزالة القرنية المريضة أو التالفة، ثم خياطة القرنية المتبرَّع بها في مكانها.
في هذا الخيار «PK» تكون فترة النقاهة أطول من الأنواع الأخرى من عمليات زرع القرنية. قد تستغرق استعادة الرؤية الكاملة ما يصل إلى عام واحد أو أكثر. هناك خطر لرفض القرنية أعلى قليلاً من أنواع الزراعة الأخرى، ويحدث عندما يهاجم الجهاز المناعي للجسم أنسجة القرنية الجديدة.
2. زراعة القرنية بسُمك جزئي. في بعض الأحيان تتلف الطبقات الأمامية والمتوسطة من القرنية. في هذه الحالة تتم إزالة تلك الطبقات فقط. يجري الاحتفاظ بالطبقة البطانية، أو الطبقة الخلفية الرقيقة، في مكانها. يسمى هذا الزرع رأب القرنية الصفيحي الأمامي العميق «DALK» أو زرع القرنية الجزئي السماكة. يستخدم «DALK» بشكل شائع لعلاج القرنية المخروطية أو انتفاخ القرنية.
في هذا الخيار يكون وقت الشفاء أقصر من وقت الشفاء بعد زراعة القرنية الكاملة. هناك أيضاً خطر أقل في رفض القرنية الجديدة.
3. رأب القرنية البطاني. في بعض حالات العين، تتضرر فقط الطبقة الأعمق من القرنية، والتي تسمى «البطانة». يؤدي هذا إلى تضخم القرنية، مما يؤثر على الرؤية. ورأب القرنية البطاني هو عملية جراحية لاستبدال نسيج متبرع سليم بهذه الطبقة من القرنية. تُعرَف باسم الزراعة الجزئية، حيث تُستبدل هذه الطبقة الداخلية فقط من الأنسجة. هنا تجري إزالة الخلايا التالفة من الطبقة الداخلية للقرنية تسمى غشاء ديسيميت «Descemet». تجري إزالة طبقة القرنية التالفة، من خلال شق صغير، ثم يوضَع النسيج الجديد في مكانه. لا يلزم سوى بضع غرز - إن وُجدت - لإغلاق الشق. يُترك الكثير من القرنية دون مساس، هذا يقلل من خطر رفض خلايا القرنية الجديدة بعد الجراحة.

- مشكلات محتملة
> رفض القرنية الجديدة. قد يحدث رفض القرنية المزروعة عندما يرى الجهاز المناعي في الجسم الأنسجة المزروعة على أنها شيء ينبغي ألا يكون موجوداً ويحاول التخلص منها. يُعدّ الرفض مشكلة لما يصل إلى 3 من كل 10 أشخاص ممن يخضعون لعملية زرع سُمك كامل «PK». يكون الخطر أقل مع جراحات السماكة الجزئية.
ومن العلامات التحذيرية لمحاولة الجسم رفض القرنية المزروعة، وفقاً لـ«الأكاديمية الأميركية للعيون (AAO)»، ما يلي: ألم في العين - احمرار العين - زيادة الحساسية للضوء - رؤية غائمة أو ضبابية. وعند وجود أحد هذه العلامات يجب استشارة الطبيب على الفور؛ للعمل على إيقاف الرفض بالأدوية.
ويمكن أن يتسبب زرع القرنية أحياناً في حدوث مشكلات أخرى بالعين، مثل:
عدوى - نزيف - انفصال الشبكية (حيث ينسحب النسيج المبطّن للجزء الخلفي من العين بعيداً عن العين) - غلوكوما (من خلال زيادة الضغط داخل العين)
حتى عندما تعمل عمليات زرع القرنية كما ينبغي، فإن مشكلات العين الأخرى قد تحد من جودة الرؤية، مثل:
- قد لا تكون القرنية الجديدة منحنية بانتظام (تسمى اللابؤرية)، أو يمكن أن يكون هناك مرض في العين، مثل التنكس البقعي، أو الجلوكوما، أو اعتلال الشبكية السكري.
- قد يحتاج بعض الأشخاص إلى أكثر من عملية زرع قرنية واحدة. قد يتم رفض عملية الزرع الأولى، أو قد تحدث مشكلات أخرى. ومع ذلك فإن تكرار الزرع له معدل رفض أعلى من الأول.
> وقاية القرنية. إن مفتاح تجنب زرع القرنية هو منع تلفها أو إصابتها، ويحدث ذلك كالتالي:
- ارتداء أدوات لحماية العين عند العمل في بيئات خطرة أو أثناء ممارسة الرياضة.
- تجنب العدوى عن طريق غسل اليدين قبل لمس العينين، واتباع التعليمات الطبية عند ارتداء العدسات اللاصقة.
- اتباع الإرشادات الصحية العامة، مثل تناول الأطعمة الصحية، والحفاظ على الوزن الصحي.
- إجراء فحوصات منتظمة للعين.
- عدم التدخين، والإقلاع عنه لمن كان مدخناً.
أخيراً، يؤكد الدكتور هرنان أوسوريو أن زراعة القرنية إجراءٌ آمنٌ وفعالٌ يغير حياة كثير من الأشخاص، ويمكِّن من استعادة الرؤية وتخفيف الألم للأشخاص المصابين بالقرنية التالفة أو المريضة، وأن إجراء هذه العملية بالتقنيات الحديثة يمكن أن يكون له تأثير عميق على نوعية حياة الشخص. من خلال الرعاية والمتابعة المناسبتين، حيث يستطيع المرضى التمتع برؤية أفضل، يمكن أن تكون عملية زرع القرنية هدية حقيقية للبصر.

- استشاري طب المجتمع


مقالات ذات صلة

طريقة كلامك قد تتنبأ باحتمالية إصابتك بألزهايمر

صحتك امرأة تعاني مرض ألزهايمر (رويترز)

طريقة كلامك قد تتنبأ باحتمالية إصابتك بألزهايمر

أكدت دراسة جديدة أن طريقة الكلام قد تتنبأ باحتمالية الإصابة بمرض ألزهايمر.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك التحفيز العميق لمناطق معينة من الدماغ باستخدام الأقطاب الكهربائية قد يساعد مرضى الشلل على المشي (رويترز)

أقطاب كهربائية بالدماغ تمكّن مصابين بالشلل من المشي مسافات قصيرة

خلصت دراسة وشهادة، نُشرتا أمس (الاثنين)، إلى أن التحفيز العميق لمناطق معينة من الدماغ باستخدام الأقطاب الكهربائية يمكن أن يساعد بعض المصابين بالشلل على المشي.

«الشرق الأوسط» (برن)
صحتك يرصد البحث أن ارتفاع مستويات الدهون الحشوية يرتبط بانكماش مركز الذاكرة في الدماغ (رويترز)

دهون البطن مرتبطة بألزهايمر قبل 20 عاماً من ظهور أعراضه

أفاد بحث جديد بأن نمو حجم البطن يؤدي إلى انكماش مركز الذاكرة في الدماغ.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الخضراوات الورقية تعدّ من الأطعمة الغنية بالمغنيسيوم (رويترز)

مفتاح النوم ومحارب القلق... إليكم أفضل 10 أطعمة لتعزيز مستويات المغنيسيوم

إنه مفتاح النوم الأفضل والعظام الأكثر صحة والتغلب على القلق، ولكن انخفاض مستويات المغنيسيوم أمر شائع. إليك كيفية تعزيز تناولك للمغنيسيوم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الولايات المتحدة​ استدعت شركة «صن فيد بروديوس» الخيار المعبأ في حاويات من الورق المقوى بكميات كبيرة (إدارة الغذاء والدواء الأميركية)

سحب شحنات من الخيار بعد تفشي السالمونيلا في ولايات أميركية

تحقق السلطات الأميركية في تفشي عدوى السالمونيلا التيفيموريوم المرتبطة بتناول الخيار في ولايات عدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

ما الذي يحدث لجسمك عند شرب الكحول؟

الكحول من المواد الضارة التي تؤثر سلباً على صحة الإنسان (جامعة ولاية أوهايو)
الكحول من المواد الضارة التي تؤثر سلباً على صحة الإنسان (جامعة ولاية أوهايو)
TT

ما الذي يحدث لجسمك عند شرب الكحول؟

الكحول من المواد الضارة التي تؤثر سلباً على صحة الإنسان (جامعة ولاية أوهايو)
الكحول من المواد الضارة التي تؤثر سلباً على صحة الإنسان (جامعة ولاية أوهايو)

سلطت الأبحاث الضوء على التأثيرات السلبية لشرب الكحول على جسم الإنسان، بما يشمل الصحة الجسدية والنفسية. وكشفت دراسة أميركية حديثة عن تأثيرات إضافية لشرب الكحول؛ إذ أظهرت أنه يعزز السلوك العدواني، ويؤثر على إدراك الألم، إلى جانب تأثيراته السلبية الأخرى.

وأوضح الباحثون من جامعة ولاية أوهايو، أن هذه النتائج تقدم رؤى جديدة حول العلاقة بين الكحول والعدوانية، ما قد يسهم في تطوير استراتيجيات للحد من العنف المرتبط بالكحول، ونُشرت النتائج، الاثنين، في دورية «Journal of Studies on Alcohol and Drugs».

وأُجريت الدراسة الجديدة على مرحلتين: شملت المرحلة الأولى 543 مشاركاً، والثانية 327 مشاركاً، جميعهم يستهلكون 3- 4 مشروبات كحولية على الأقل مرة شهرياً. وتم تقديم مشروبات كحولية وأخرى وهمية تحتوي على عصير برتقال مع كمية ضئيلة للغاية من الكحول لتقليد طعم المشروب، لضمان عدم معرفة المشاركين بنوع المشروب.

وبعد شرب المشروب، خضع المشاركون لاختبار يقيس عتبة الألم باستخدام صدمات كهربائية قصيرة على أصابعهم. ثم شاركوا في اختبار تنافسي عبر الإنترنت؛ حيث كان بإمكان «الفائز» توجيه صدمة كهربائية إلى «الخاسر».

في الواقع، لم يكن هناك خِصم حقيقي، وتم اختيار «الفائز» عشوائياً لمعرفة مدى استعداد المشاركين لإلحاق الألم بالآخرين.

وأظهرت النتائج أن الأشخاص الذين شربوا الكحول أظهروا قدرة أكبر على تحمل الألم؛ حيث كانت مستويات الصدمات التي وصفوها بأنها «مؤلمة» أعلى، مقارنة بمن تناولوا المشروبات الوهمية.

كما وجد الباحثون أن المشاركين الذين تناولوا الكحول كانوا أكثر ميلاً لإلحاق الألم بالآخرين. وكلما زادت قدرتهم على تحمل الألم، زادت شدة وطول الصدمات التي اختاروا توجيهها للآخرين، ما يفسر جانباً من السلوك العدواني المرتبط بتناول المشروبات الكحولية.

في المقابل، كان المشاركون الذين شربوا المشروبات الوهمية أقل عدوانية؛ حيث كانوا أكثر شعوراً بألمهم الخاص، ولم يرغبوا في إلحاق الألم بالآخرين.

الوصول إلى الدم

ووفق وزارة الصحة الأسترالية، فإن الكحول يصل إلى الدم عبر جدران المعدة والأمعاء الدقيقة، وينتقل عبر الدورة الدموية ليصل إلى جميع أجزاء الجسم، بما في ذلك الدماغ؛ حيث يبطئ نشاط الدماغ، مما يؤثر على التفكير، والمشاعر، والسلوك. بينما يتولى الكبد مهمة تكسير معظم الكحول وتحويله إلى مواد أقل سمية.

وتوضح الوزارة عبر موقعها الإلكتروني أن الشرب المفرط للكحول يؤدي إلى تداعيات طويلة الأجل، تشمل الاضطرابات النفسية مثل الاكتئاب والقلق، بالإضافة إلى الإدمان، وزيادة خطر الإصابة بالسكري والسمنة، وضعف الخصوبة، والضعف الجنسي، وأمراض الكبد، مثل التليف والفشل الكبدي، وأمراض القلب والجهاز الدوري، مثل ارتفاع ضغط الدم، واعتلال عضلة القلب، والسكتات الدماغية. كما يتسبب الكحول في سلوكيات غير لائقة تؤثر على العلاقات الأسرية والاجتماعية، وقد يؤدي إلى أعباء مالية كبيرة؛ خصوصاً في حالات الإدمان.

ويشير «المعهد الوطني لإساءة استخدام الكحوليات وإدمانها» في الولايات المتحدة، إلى أن الكحول يعطل مسارات التواصل في الدماغ، مما يضعف التفكير والمزاج. كما يتسبب في مشاكل القلب، مثل اضطراب النبض والسكتة الدماغية، بالإضافة إلى التهاب البنكرياس المزمن، ما يؤثر على الهضم، كما أنه يضعف المناعة، ما يزيد خطر الإصابة بالعدوى، مثل الالتهاب الرئوي. ووفق المعهد، فإن الكحول مرتبط بزيادة خطر الإصابة بسرطانات، مثل الثدي، والقولون، والكبد.