الحرب السودانية ساحة جديدة للمواجهة بين روسيا والغرب

موسكو تستعد لتوسيع تدخلها المباشر

لقاء لافروف وحميدتي في موسكو مارس 2022 (غيتي)
لقاء لافروف وحميدتي في موسكو مارس 2022 (غيتي)
TT

الحرب السودانية ساحة جديدة للمواجهة بين روسيا والغرب

لقاء لافروف وحميدتي في موسكو مارس 2022 (غيتي)
لقاء لافروف وحميدتي في موسكو مارس 2022 (غيتي)

حمل تصريح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، حول إمكانية تدخل مجموعات «فاغنر» في الحرب السودانية، إشارة جديدة إلى الأدوار الخفية للاعبين الخارجيين في تأجيج الوضع الداخلي في السودان، ومؤشراً إلى احتمال انزلاق الوضع في هذا البلد إلى صراع مفتوح تتداخل فيه أجندات أجنبية.
وقال لافروف، في مؤتمر صحافي في المقر الرئيسي للأمم المتحدة في نيويورك، إنه «يحق للسودان الاستفادة من الخدمات الأمنية لمجموعة (فاغنر)»، في أول تعليق رسمي واضح على الاتهامات الغربية المتواصلة لهذه المجموعة بلعب أدوار واسعة في عمليات تهريب الذهب وتقديم الدعم العسكري لأطراف داخلية، في مقابل الحصول على تسهيلات تخدم المصالح الروسية.
وعندما سئل الوزير الروسي عما إذا كانت «فاغنر» تعمل في السودان، أجاب بأن «ما يحصل في السودان مأساة»، مضيفاً أن «لهذا البلد الحق في الاستفادة من خدمات (فاغنر)».
وكانت موسكو تمهلت طويلاً في إعلان موقف واضح حيال التطورات الساخنة على الأرض السودانية، وباستثناء بيان مقتضب أصدرته الخارجية الروسية في أعقاب اندلاع المواجهات، حثت فيه الأطراف على العودة إلى الاتفاقيات السابقة ووقف الصراع، لم تعلق موسكو على تطور الوضع خلال الأسبوعين الماضيين إلا بإشارات طفيفة إلى وضع الرعايا الروس وعدم تعرضهم لأذى.
لكن اللافت في حديث لافروف أنه جاء في وقت عزز فيه فكرة الاستعداد لتدخل مباشر من خلال المجموعة العسكرية الروسية الخاصة «فاغنر» التي تحظى بدعم واسع من جانب الكرملين، حيث إنه انهال بالانتقادات على واشنطن واتهمها بالتسبب في أزمات السودان، بسبب سياسات «الهندسة الجيوسياسية» التي أسفرت عن تقسيم هذا البلد ثم خضوعه لعقوبات صارمة طويلة الأمد.
- مصالح واسعة للكرملين
انطلقت موسكو في وقت مبكر، وقبل إطاحة حكومة الرئيس عمر البشير، من ضرورة المحافظة على وجود عسكري وأمني في السودان، فضلاً عن منح الأولوية لتحسين شروط عمل الشركات الروسية على صعيد الطاقة، والشركات الخاصة التي نشطت في مجال التنقيب عن الذهب وبعض الثروات الأخرى.
وخلال سنوات حكم البشير، شهدت العلاقات العسكرية بين موسكو والخرطوم تطوراً كبيراً، حتى أصبحت روسيا مصدر السلاح الرئيسي للجيش السوداني، وتحولت الخرطوم إلى ثاني شريك عسكري لروسيا في القارة الأفريقية بعد الجزائر.
وفي عام 2017، وقّع البشير اتفاقاً مع روسيا على إنشاء قاعدة على البحر الأحمر، تستضيف سفناً روسية، بما في ذلك سفن تعمل بالوقود النووي، على أن يتمركز فيها 300 جندي.
لكن القيادة العسكرية الجديدة أعلنت، بعد سيطرتها على الوضع في البلاد، أن السودان بصدد مراجعة الاتفاق مع موسكو. في توجه عكس حرصها على مواصلة مسار رفع العقوبات الغربية، بعد قرار الولايات المتحدة آنذاك رفع السودان من لائحة الدول الراعية للإرهاب. ورغم ذلك، أصرت موسكو على مواصلة النقاش مع القيادة السودانية لتنفيذ تلك الاتفاقية، التي تحتاج إلى تصديق البرلمان السوداني عليها لتغدو نافذة.
في هذا الإطار، استفادت موسكو من مواقف نائب رئيس مجلس السيادة، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، الذي دافع في أكثر من مناسبة عن المشروع، وكرر خلال زيارة لافتة للأنظار قام بها إلى روسيا، عشية اندلاع الحرب الأوكرانية، رؤيته حول أن «كل الدول فيها قواعد أجنبية مثل النيجر، وجيبوتي»، وأكد استعداد الحكومة السودانية للتعاون مع أي دولة تريد بناء قاعدة على الساحل الذي يبلغ 730 كلم، طالما أنها «تحقّق مصالحنا ولا تهدد أمننا القومي، سواء كانت روسيا أو غيرها».
ولا شك في الأهمية الخاصة التي توليها موسكو لإقامة القاعدة العسكرية في بورتسودان على الرغم من المعارضة الغربية، وهذا التوجه يصب في تعزيز الاستراتيجية الروسية في القارة الأفريقية. ووفقاً لخبراء، فإن الحضور العسكري الأمني الروسي في جمهورية أفريقيا الوسطى سوف يتم تعزيزه بشكل كبير في حال نجحت موسكو في تكريس وجود دائم في السودان، ما يعني أن موسكو ترى في ظروف المنافسة في هذا البلد فرصة لإقامة مركز لوجيستي لتحركاتها في القارة الأفريقية كلها وعلى سواحل البحر الأحمر.
وكانت آخر مرة جرت فيها المفاوضات بشأن إنشاء مركز لوجيستي للبحرية الروسية، في أثناء زيارة وزير الخارجية الروسي للخرطوم في ربيع العام الحالي. وأكد السودان في ختامها اهتمامه بمواصلة بحث المشروع، وفي المقابل، سيحصل السودان على أسلحة ومعدات عسكرية من روسيا.
وقد قدمت موسكو إغراءات للقيادة السودانية مفادها أن إقامة القاعدة يجب أن يساعد في تنمية المنطقة المحيطة في بورتسودان في شرق البلاد. وعلى سبيل المثال، خططت شركة سكك الحديد الروسية لبناء خط سكة حديد في المنطقة. وبالتالي، يمكن استخدام القاعدة كأساس لنقطة إعادة شحن البضائع.
العنصر الثاني المهم هو مصالح الشركات النفطية الروسية. ففي عام 2014، وقّع وزير المعادن السوداني آنذاك أحمد الكاروري اتفاقاً مع وزير البيئة والموارد الطبيعية الروسي حول التنقيب عن المعادن والنفط. وقاد الاتفاق إلى توسيع حضور شركات مثل «روسنفط» و«غازبروم نفط» اللتين حاولتا الفوز بامتيازات للتنقيب واستخراج النفط.
ودخل سوق التنقيب السوداني عدد من الشركات الروسية بموجب هذا الاتفاق. وكان على رأس هذه الشركات شركة «سيبرين» التي وقعت اتفاقاً عام 2015 بحضور البشير لإنتاج 46 طناً من الذهب خلال 6 أشهر، لكنها فشلت في ذلك، ما دفع الحكومة إلى إنهاء امتيازها عام 2018.
لكن هذا النشاط تم استئنافه لاحقاً. وتعمل شركة تعدين الذهب الروسية حالياً في معالجة رواسب كبيرة تبلغ قيمتها نحو 300 مليار دولار في مقاطعتين سودانيتين. وفي الوقت الحالي، تقوم الشركة الروسية القابضة «روس جيولوجيا» بالتنقيب عن الذهب في السودان، وقد وقعت معها الخرطوم عقوداً حتى عام 2027.
وفي عام 2017، دخلت شركات للعمل في ولايات نهر النيل والبحر الأحمر والشمالية، مثل شركة «غولد ميرور» المرتبطة برجل الأعمال الروسي يفغيني بريغوجين، حليف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس مجموعة «فاغنر».
وتؤكد أوساط محللين أن حجم ومجالات الاستثمارات الروسية في السودان، خصوصاً في مجال تعدين الذهب، يحيط به الكثير من الغموض. وأفاد تقرير للمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية نهاية العام الماضي، بأنه تم توزيع أفراد تابعين لمجموعة «فاغنر» في مواقع التنقيب عن التعدين، في وقت مبكر، وحتى قبل الشروع بتقديم المساعدة السياسية والعسكرية لنظام البشير في 2017.
- دور «فاغنر»
على هذه الخلفية من حجم المصالح الواسعة لموسكو، تعمدت روسيا الإبقاء على علاقات وثيقة مع اللاعبين الأساسيين في السودان خلال السنوات الماضية، لكن علاقاتها مع حميدتي تميزت باتساع أكبر، خصوصاً على خلفية تزايد التقارير حول إمداد قواته بالسلاح والمساعدة العسكرية الروسية.
ولا شك في أن الاتهامات الغربية للشركات الروسية الخاصة، والتي قادت إلى فرض الولايات المتحدة عقوبات على مؤسس «فاغنر» في عام 2020 متهمة إياه باستغلال موارد السودان الطبيعية، عكست جانباً من تصاعد التنافس في وقت مبكر على الثروات السودانية والموقع الاستراتيجي لهذا البلد.
وعلى الرغم من نفي موسكو صحة تقارير غربية أشارت إلى تعزيز التدخل الروسي في الحرب الجارية حالياً بين الأطراف السودانية، فإن الملاحظ أن موسكو أبقت الأبواب مفتوحة أمام احتمالات توسيع هذا التدخل ومنحه طابعاً رسمياً وقانونياً.
وكانت تقارير غربية تحدثت أخيراً عن نقل مجموعة «فاغنر» أنظمة صاروخية أرض - جو لقوات «الدعم السريع»، بشكل قد يسفر عن تعزيز قدراتها بشكل ملحوظ.
وحملت التقارير الغربية في هذا الشأن معطيات محددة، مثل نشر تحليل لصور الأقمار الصناعية التي أظهرت كيف قامت طائرة نقل روسية من طراز «إيليوشين 76» بعدة رحلات بين قاعدتين جويتين ليبيتين يسيطر عليهما الجنرال حفتر وتستخدمهما شركة «فاغنر» العسكرية الخاصة.
وفقاً للمعطيات، فقد نقلت موسكو شحنات من الأسلحة والصواريخ من اللاذقية في سوريا إلى ليبيا عشية اندلاع الحرب الجديدة في السودان.
على المستوى الرسمي، حافظت موسكو على تكتم واضح حيال الموضوع، لكن الملاحظ أن التصريحات التي صدرت على المستوى الرسمي، وعلى مستوى مجموعة «فاغنر» نفسها، فتحت على احتمالات توسيع التدخل الروسي في الحرب الجارية. وفضلاً عن تصريحات لافروف الأخيرة، فقد كان رئيس «فاغنر» يفغيني بريغوجين، أكد استعداد مجموعته للتدخل في حال «طلب الشعب السوداني ذلك»، وقال إنه على استعداد لإرسال وحدات لحفظ السلام إلى السودان، كما أشار إلى استعداد مجموعته للتوسط بين الطرفين المتصارعين، تمهيداً لتوسيع التدخل.
على هذه الخلفية، لم يعد مستبعداً أن تلجأ موسكو إلى توسيع حجم تدخلها في الظروف الراهنة، انطلاقاً من الحاجة الروسية لضمان عدد من المكتسبات، على رأسها المحافظة على تحالف المجلس العسكري القائم حالياً، وإيجاد آليات للتوافق بين البرهان وحميدتي؛ لأن انهيار المجلس السيادي أو السماح بانتصار واضح لطرف على آخر، يؤسس - كما يقول خبراء روس - لتدخل أوسع من جانب الولايات المتحدة والغرب عموماً في السودان، كما أنه يهدد المصالح المباشرة للشركات الروسية، ويوجه نكسة قوية لجهود موسكو على صعيد تنشيط سياساتها في القارة الأفريقية. وتبدو فرص هذا التدخل واسعة لجهة توسيع حجم الدعم العسكري لقوات حميدتي لمنع انهيارها، وفي الوقت ذاته، محاولة القيام بجهود للوساطة لوقف الاقتتال والعودة إلى طاولة مفاوضات لإيجاد حلول وسط للنقاط المختلف عليها.
وحمل توقيت وقوع المواجهات في السودان عنصراً سلبياً بالنسبة إلى موسكو، التي تعمل على إنجاح تحضيراتها لعقد القمة الروسية الأفريقية الثانية، المقررة صيف هذا العام. ويشكل السودان أحد الأعمدة التي تستند إليها روسيا في سياستها الأفريقية، وهو أمر ظهر خلال زيارة الوزير لافروف في مارس (آذار) 2023 إلى الخرطوم، عندما تحدث عن انخراط البلدان الأفريقية بشكل ملموس في تشكيل عالم متعدد الأقطاب ونظام دولي أكثر عدلاً.


مقالات ذات صلة

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

شمال افريقيا الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

كثَّفت المملكة العربية السعودية، جهودَها الدبلوماسية لوقف التصعيد في السودان، إلى جانب مساعداتها لإجلاء آلاف الرعايا من أكثر من مائة دولة عبر ميناء بورتسودان. وأجرى وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، أمس، اتصالات هاتفية، مع الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ووزير الخارجية الجيبوتي محمود علي يوسف، بحث خلالها الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف السودانية، وإنهاء العنف، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين، بما يضمن أمنَ واستقرار ورفاه السودان وشعبه.

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

بعد 3 أيام عصيبة قضتها المسنة السودانية زينب عمر، بمعبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان، وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على غر

شمال افريقيا الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص توقعت أن يفروا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين هذا النداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مضيفة أن مصر وجنوب السودان سيسجّلان أكبر عدد من الوافدين. وستتطلب الاستجابة للأزمة السودانية 445 مليون دولار حتى أكتوبر؛ لمواجهة ارتفاع عدد الفارين من السودان، بحسب المفوضية. وحتى قبل هذه الأزمة، كانت معظم العمليات الإنسانية في البلدان المجاورة للسودان، التي تستضيف حالياً الأشخاص الفارين من البلاد، تعاني نقصاً في التمو

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

وجّه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة للمركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم. كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة. وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى ومصارف ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية. حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)

مصر لمكافحة «الهجرة غير المشروعة» عبر جولات في المحافظات

مشاركون في ندوة جامعة أسيوط عن «الهجرة غير المشروعة» تحدثوا عن «البدائل الآمنة» (المحافظة)
مشاركون في ندوة جامعة أسيوط عن «الهجرة غير المشروعة» تحدثوا عن «البدائل الآمنة» (المحافظة)
TT

مصر لمكافحة «الهجرة غير المشروعة» عبر جولات في المحافظات

مشاركون في ندوة جامعة أسيوط عن «الهجرة غير المشروعة» تحدثوا عن «البدائل الآمنة» (المحافظة)
مشاركون في ندوة جامعة أسيوط عن «الهجرة غير المشروعة» تحدثوا عن «البدائل الآمنة» (المحافظة)

في إطار الجهود المصرية لمكافحة «الهجرة غير المشروعة»، تنظم وزارة الخارجية والهجرة جولات ميدانية في المحافظات بهدف «تجفيف منابع الظاهرة».

وأجرى نائب وزير الخارجية والهجرة المصري، السفير نبيل حبشي، ورئيسة «اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة الهجرة غير المشروعة والاتجار في البشر»، السفيرة نائلة جبر، زيارة إلى محافظة أسيوط (صعيد مصر)، الخميس والجمعة، بغرض «التوعية بمخاطر الظاهرة والتعريف بالبدائل الإيجابية الآمنة».

وتشير الحكومة المصرية، بشكل متكرر، إلى «استمرار جهود مواجهة الهجرة غير المشروعة، وذلك بهدف توفير حياة آمنة للمواطنين». وأكدت مصر في يونيو (حزيران) الماضي، «نجاحها في مواجهة الظاهرة؛ إذ لم يبحر أي مركب غير شرعي من سواحلها منذ 8 سنوات».

ووجّه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في نهاية 2019 بإطلاق مبادرة «مراكب النجاة» للتوعية بمخاطر «الهجرة غير المشروعة» على الشواطئ المصدرة للهجرة. واستهدفت المبادرة حينها «تحقيق حياة كريمة للمواطن المصري والحفاظ على حياته».

ووفق إفادة لـ«الخارجية والهجرة المصرية»، فإن زيارة محافظة أسيوط تأتي ضمن الزيارات الميدانية التي تستهدف الوزارة خلالها المحافظات الأكثر تصديراً لـ«الهجرة غير المشروعة» في ربوع البلاد.

جانب من لقاءات وزارة الخارجية والهجرة المصرية مع قيادات محافظة أسيوط (الخارجية والهجرة المصرية)

والتقى حبشي وجبر، الخميس، محافظ أسيوط، هشام أبو النصر، وأعضاء مجلسي النواب والشيوخ، والقيادات المؤثرة بالمحافظة، والأجهزة التنفيذية، فضلاً عن لقاء 1500 شخص من الشباب والأسر، حيث تم مناقشة أبعاد الظاهرة كافة.

وقال حبشي خلال ندوة بجامعة أسيوط، الجمعة، إن زيارة أسيوط تعد «أول زيارة ميدانية بعد ضم وزارتي الخارجية والهجرة، وتأتي لنشر التوعية بخطورة الظاهرة وعواقبها المأساوية على الأسر المصرية»، واستعرض أهم الأسباب التي تدعو الشباب إلى «الهجرة غير المشروعة»، التي من بينها «قلة فرص العمل وانخفاض الأجور، وسيطرة العصابات المنظمة لـ(الهجرة) على عقول الشباب».

فيما أشارت جبر إلى ضرورة تحقيق التنمية الشاملة باعتبارها حجر الأساس في التصدي للظاهرة، والتوسع في إنشاء المدارس الفنية والتكنولوجية نظراً لأهميتها في تخريج عمالة مُدربة ومؤهلة تدعم سوق العمل، والارتقاء بالمرأة وتمكينها اجتماعياً واقتصادياً وتعزيز دورها التوجيهي.

وأكدت أن «مصر كانت من أوائل الدول التي جرّمت الظاهرة بوضع الأطر القانونية لمكافحتها؛ حفاظاً على أرواح الشباب»، مضيفة أن المساعي المصرية أسهمت في خفض معدلات «الهجرة غير النظامية»، ودفعت الشباب إلى البحث عن «بدائل آمنة» لتحسين مستوى المعيشة داخل وطنهم.

وتطبّق مصر منذ عام 2016 قانوناً للحد من «الهجرة غير المشروعة»؛ إذ يُعاقب بـ«السجن المُشدد وبغرامة لا تقل عن 200 ألف جنيه ولا تزيد على 500 ألف جنيه، كل مَن ارتكب جريمة تهريب المهاجرين أو الشروع فيها أو توسط في ذلك» (الدولار الأميركي يساوي 49.60 جنيه في البنوك المصرية).

حضور ندوة جامعة أسيوط عن «مخاطر الهجرة غير المشروعة» (المحافظة)

وحسب محافظ أسيوط، الجمعة، فإن المحافظة تسعى نحو تعزيز أطر التعاون مع الكثير من المؤسسات الصناعية لعقد ورش العمل والدورات التدريبية للشباب والفتيات للتدريب على المهن الحرفية والصناعات اليدوية لتكون مصدراً للدخل بما يسهم في تحسين مستوى المعيشة، ويقضي على أفكار «الهجرة غير المشروعة» لديهم.

ولفت إلى أن مكافحة الظاهرة هي أهم مستهدفات المبادرة الرئاسية «مراكب النجاة» والهادفة إلى توعية وتدريب الفئات الأكثر احتياجاً للتعريف بمخاطر الظاهرة وبدائلها الآمنة، وذلك وفق خطة موضوعة تشمل عدداً من المحافظات بجانب توفير برامج التدريب والتأهيل لسوق العمل.

رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، أكد في تصريحات الشهر الماضي، أن «الهجرة غير المشروعة» تُعد قضية مشتركة، ولا يمكن لأي دولة أن تتصدى لها بمفردها، داعياً المجتمع الدولي إلى «تكثيف التعاون والعمل المشترك لدعم جهود الدول في مكافحة ومنع الظاهرة».

وتنسق مصر والاتحاد الأوروبي لمجابهة «الهجرة غير المشروعة». وفي أكتوبر (تشرين الأول) عام 2018، وقّعت مصر اتفاقية مع الاتحاد الأوروبي لمكافحة «الهجرة غير المشروعة» وتهريب الأشخاص والاتجار بالبشر، تضمنت 7 مشروعات في 15 محافظة مصرية لمعالجة الأسباب الرئيسية المسببة للظاهرة.