معصوم لـ {الشرق الأوسط}: «داعش» لا يزال خطرًا.. ولا مخاوف من تقسيم العراق

الرئيس العراقي قال إنه يدعم إصلاحات العبادي رغم أنه لم يسمع بها إلا من وسائل الإعلام

الرئيس العراقي فؤاد معصوم ({الشرق الأوسط})
الرئيس العراقي فؤاد معصوم ({الشرق الأوسط})
TT

معصوم لـ {الشرق الأوسط}: «داعش» لا يزال خطرًا.. ولا مخاوف من تقسيم العراق

الرئيس العراقي فؤاد معصوم ({الشرق الأوسط})
الرئيس العراقي فؤاد معصوم ({الشرق الأوسط})

قال الرئيس العراقي الدكتور فؤاد معصوم إن «مسألة تقسيم العراق غير ممكنة»، مشيرا في تصريحات أدلى بها إلى «الشرق الأوسط»، إلى أن التقسيم إلى دول أو دويلات أو ولايات قضية لا يزال فيها خلط كبير، وبالتالي فإن الرؤية الأميركية مثلما هي معلنة طبقا لنظرية نائب الرئيس الأميركي جو بايدن أو غيره من المسؤولين، لا تصل إلى تقسيمه إلى دول مستقلة شيعية وكردية وسنية، لأن هذا أمر صعب من الناحية العملية.
وأضاف: «لكن أكثر الآراء تذهب إلى التقسيم إلى ولايات ضمن دولة فيدرالية، مثل كردستان».
وأشار معصوم إلى أن «المسؤولين الأميركيين الذين نلتقيهم دائما يعلنون حرصهم على وحدة الأراضي العراقية»، مؤكدا أن «العراق لا يزال بلدا غير فيدرالي من الناحية العملية رغم إقرار ذلك بالدستور». وردا على سؤال بشأن تصريحات الجنرال أوديرنو رئيس الأركان الأميركي المنتهية ولايته بشأن عدم قدرة العراق وحده على مقاومة «داعش» وأن الحل بات يكمن في تقسيم العراق، قال معصوم إن «تنظيم داعش لا يزال يمثل خطرا كبيرا على العراق وعلى المنطقة، ورغم أن الضربات الجوية ممتازة لجهة التأثير في هذا العدو فإننا ما زلنا نفتقر إلى القوة البرية الكافية القادرة على دحره بالكامل، وهو ما يستدعي من جميع دول المنطقة الوقوف إلى جانب العراق لأن هذا الخطر يهددها جميعا».
وكان قائد أركان الجيش الأميركي المنتهية ولايته الجنرال ريموند أوديرنو قال إن تحقيق المصالحة وتسوية الخلافات بين السنة والشيعة في العراق تزداد صعوبة، وقال إن تقسيم العراق قد يكون الحل الوحيد لتسوية النزاع الطائفي الذي يمزق العراق. وقال الجنرال أوديرنو في آخر مؤتمر صحافي له بالبنتاغون مساء الأربعاء إن فرص المصالحة بين الشيعة والسنة في العراق تزداد صعوبة يوما بعد يوم، متوقعا أن العراق في المستقبل لن يكون كما كان في السابق. وتحدث الجنرال أوديرنو - الذي يترك منصبه الأسبوع الحالي بعد 39 عاما من الخدمة في الجيش الأميركي ويحل محله الجنرال مارك ميللي، مطولا حول إحباطه بسبب الأوضاع المتردية في العراق بعد أن أمضى فترة طويلة من خدمته العسكرية في العراق شملت قيادته لفرقة المشاة 4 أثناء الغزو الأميركي عام 2003 وتوليه منصب القائد العسكري الأعلى في العراق من 2008 إلى 2010. وأبدى أوديرنو قلقه من أن يغرق العراق مرة أخرى في حالة من الفوضى.
وقال أوديرنو: «إنه أمر محبط أن ننظر إلى ما يحدث داخل العراق بعد انسحاب القوات الأميركية في 2011»، مشيرا إلى أنه خلال عامي 2010 و2011 كانت هناك رؤية أن العراق يسير حقا في الاتجاه الصحيح وكان الاقتصاد العراقي ينمو والوضع السياسي مستقرا.
وأضاف الجنرال أوديرنو: «تبين أن الفصائل السياسية المختلفة في العراق لم تكن مستعدة للتعامل والعمل معا، وبناء على ذلك أصبحت الناس تشعر بالإحباط، وعندما يشعر الناس بالإحباط فإنهم يميلون إلى اللجوء للعنف».
وأشار الجنرال المتقاعد إلى أن هذا الإحباط والعنف يسمحان لمسلحي تنظيم داعش والتنظيمات الإرهابية المتشددة الأخرى باستغلال الصدوع وإيجاد مناطق مفتوحة لتبدأ في النمو وتزداد قوتها وتنمو قدراتها. وردا على سؤال حول إمكانية تقسيم العراق قال الجنرال أوديرنو: «أعتقد أن الأمر يعود إلى الشخصيات السياسية والدبلوماسيين وكيف يرون هذا الأمر، لكن هذا الأمر يمكن أن يحدث، وقد يكون هو الحل الوحيد، لكني لست مستعدا بعد لتأكيده».
وأكد أوديرنو أن تركيز الولايات المتحدة حاليا يجب أن ينصب على هزيمة تنظيم داعش، وقال: «علينا التعامل مع تنظيم داعش ثم نقرر بعد ذلك ما سيكون عليه الحال»، مشيرا إلى أن الضربات الجوية للتحالف قد أدت إلى إضعاف تنظيم داعش إضافة إلى دور الأكراد في قتال داعش والقوات العراقية بدرجة أقل في مكافحة داعش، مؤكدا على أهمية الاستمرار في بناء الجيش العراقي.
وأكد الرئيس العراقي أن «المظاهرات التي قام بها الشباب العراقي أملتها ضرورات ملحة بعد سلسلة النكسات الأمنية والسياسية والانهيار العسكري في الموصل وانعدام الخدمات في بعض مفاصلها الأساسية وغياب البنى التحتية». وأدلى معصوم بحديث لـ«الشرق الأوسط»، على هامش اجتماع مع عدد من وسائل الإعلام في العراق من بينها «الشرق الأوسط»، وقال خلال ذلك الاجتماع إن «حزمة الإصلاحات التي قامت بها الحكومة والتي صادق عليها البرلمان إنما جاءت استجابة طبيعية وضرورية لهذه المظاهرات التي أعلنا تأييدنا لها منذ البداية حتى قبل أن نعرف توجهاتها وطبيعة مطالبها». وبشأن ما إذا كان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي قد تشاور معه قبل إطلاق حزمة إصلاحاته قال معصوم إنه «لم يتشاور معي، وقد سمعت بها من وسائل الإعلام، ولكنني دعمتها فورا، لأننا بحاجة إلى المزيد من هذه الإصلاحات مع مساءلة كل المسؤولين عن فشل السنوات الماضية قبل انخفاض أسعار النفط، حيث كان العراق بلدا غنيا قادرا على تحقيق كل ما يتمناه المواطنون». وأوضح معصوم أن «دعم المرجعية الدينية في النجف للإصلاحات أكسبها زخما ضروريا مما يستدعي تحديد سقوف زمنية لتحقيقها». وبشأن موقفه من القانون الذي يحكم نواب رئيس الجمهورية وما إذا كان ما حصل تجاوز للدستور، قال معصوم إن «حزمة الإصلاحات التي قدمها العبادي والتي صادق عليها البرلمان اكتسبت الشرعية بما في ذلك مسألة نواب الرئيس»، نافيا أن يكون طلب «الإبقاء على نائب واحد له وأنه في حال اعترض أي من نواب الرئيس على الطريقة التي تم بها إلغاء مناصبهم فبإمكانهم الذهاب إلى المحكمة الاتحادية للطعن». وبشأن دعوة العبادي إلى تفويض له من قبل الشعب لتعديل الدستور قال معصوم إن «علينا التفريق بين تغيير الدستور بإرادة شعبية مثلما صوت عليه، وبين تعديله لأن تعديله محكوم بآليات يجب احترامها»، موضحا: «إننا جميعا لدينا ملاحظات على الدستور، لكنه هو الآن الضامن الوحيد الذي يجمعنا، وأي شيء بخلاف ذلك فلنقرأ على العراق السلام».



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.