السوريون يواجهون الموت في السودان حتى قرار الإجلاء

يتمركزون في حيّين وسط الخرطوم

TT

السوريون يواجهون الموت في السودان حتى قرار الإجلاء

بعد نحو أسبوع من اضطراب الأوضاع في السودان وأنباء عن مقتل نحو أحد عشر سورياً هناك، أصدرت وزارة الخارجية في دمشق بياناً قالت فيه، إنها «تتابع باهتمام كبير أوضاع الجالية السورية والبعثة الدبلوماسية في السودان الشقيق، على خلفية الأحداث الجارية هناك».
ونقلت وكالة الأنباء الرسمية «سانا» عن مصدر مسؤول في وزارة الخارجية قوله، إن وزارة الخارجية والمغتربين وجهت السفارة السورية في الخرطوم إلى تسجيل أسماء الجالية السورية الراغبين بالإجلاء، «وفق الإمكانات المتاحة، وفي إطار الحفاظ على حياة السوريين بعيداً عن الأخطار المحتملة».
وكان لاجئون سوريون عالقون في السودان قد وجهوا عبر وسائل التواصل الاجتماعي نداءات استغاثة للنظر في أوضاعهم. وحسب مصادر متقاطعة، يعاني السوريون هناك منذ اندلاع التوتر قبل أسبوع بسبب تمركز غالبيتهم في مناطق الاشتباكات.
وقالت سيدة سورية لـ«الشرق الأوسط»، إنها فقدت الاتصال مع شقيقها منذ أربعة أيام، وكان قبلها قد أبلغها عبر مكالمة هاتفية أن وضعه مع عائلته صعب جداً، فهم محتجزون في البيت وليس بإمكانهم الخروج إلى الشارع، ولا كهرباء ولا ماء، كما لم يعد لديهم ما يكفي من الطعام. وتحاول السيدة إيجاد طريقة لمساعدة شقيقها وإخراجه إلى أي دولة أخرى، إلا أن ذلك يبدو صعباً جداً، ففضلاً عن الوضع الأمني الخطر وصعوبة التحرك في الشوارع، فإن شقيقها لا يمكنه العودة إلى سوريا؛ لأنه مطلوب أمنياً، كما أن جواز سفره السوري منتهي الصلاحية ولا يمكنه الدخول إلى دولة أخرى، وجاء فقدان الاتصال معه ليزيد الأمر تعقيداً.
وأفادت مصادر سورية في السودان بتعرض عدد من العمال السوريين، لطعنات بالسكاكين لدى خروجهم وعائلاتهم يوم الجمعة من مبنى السفارة السورية في الخرطوم. كما أكدت ارتفاع عدد الضحايا إلى أحد عشر قتيلاً سورياً منذ اندلاع الأحداث قبل أسبوع. منهم أربعة قتلى سقطوا في هجوم على السفارة السورية في الخرطوم قبل خمسة أيام.
وجاء رد فعل الخارجية السورية متأخراً، وصرح القائم بأعمال السفارة السورية في السودان بأنهم خارج السفارة ومن الصعب الوصول إليها حالياً، بسبب «صعوبة وخطورة كبيرة في الأوضاع المعيشية والأمنية في كل المناطق التي يقطن فيها السوريون والسودانيون في الخرطوم».
ونقل موقع «أثر برس» السوري المحلي، عن الشعار، تأكيده صعوبة إجلاء جميع السوريين حالياً «بسبب إغلاق المطار الرئيسي في الخرطوم، والخيارات الأخرى بعيدة جداً كمطار (بورتسودان) الذي يحتاج 15 ساعة للوصول إليه عبر السيارات، إضافة إلى العدد الكبير للجالية والذي يصل إلى 30 ألف سوري، وأنّ هذا الأمر يحتاج إلى تحضيرات وترتيبات وإمكانات مادية ولوجستية كبيرة من مختلف النواحي»، وأن السفارة ستعمل على التحضير للإجلاء في «حال فتحت المطارات أو تم تأمين الطرقات البرية»، لافتاً إلى أن «إجلاء 10 آلاف شخص على سبيل المثال، يحتاج إلى 50 طائرة جواً، أو إلى 200 باص للنقل براً إلى المناطق الآمنة».
ويتركز العدد الأكبر من السوريين في العاصمة الخرطوم في ضاحية بحري كافوري شمال العاصمة، وفي منطقة الرياض وسط العاصمة. والمنطقتان تعتبران مناطق اشتباك وتتعرضان لقصف جوي.
ونقلت وسائل الإعلام المحلية عن مصادر دبلوماسية، تأكيدها أن إجلاء السوريين من السودان «يحتاج إلى قرار رسمي عالي المستوى». وبينما قدرت السفارة السورية عدد أبناء الجالية في السودان، بنحو 30 ألف سوري، رجحت مصادر غير رسمية أن عددهم أكثر من 90 ألف لاجئ، معظمهم من الشباب الفارين من الخدمة العسكرية الإلزامية، ومئات العائلات من المعارضين للنظام والذين يواجهون صعوبات بالغة في العودة إلى سوريا.
يشار إلى أن السودان منذ اندلاع الحرب في سوريا عام 2011، كان في مقدمة الدول التي استقبلت اللاجئين السوريين «من دون شروط»، بل منح لهم تسهيلات ممتازة وعاملهم معاملة المواطن السوداني. كما تم منح عدد منهم جوازات سفر لتسهيل حركتهم وأعمالهم. وقدر عدد اللاجئين السوريين في السودان عام 2019 بأكثر من 250 ألف لاجئ، إلا أن الأوضاع انقلبت بعد سقوط نظام عمر البشير، عندما فرضت الحكومة الانتقالية قيوداً على السوريين في السودان، واشترطت الحصول على سمة لدخول أراضيها، وذلك منذ ديسمبر (كانون الأول) عام 2020، كما أسقطت الجوازات السودانية عن عشرة آلاف سوري حصلوا عليها أثناء حكم البشير.


مقالات ذات صلة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إنَّه «لا يعلم ما إذا كانت سوريا ستعود إلى الجامعة العربية أم لا»، وإنَّه «لم يتسلَّم بصفته أميناً عاماً للجامعة أي خطابات تفيد بعقد اجتماع استثنائي لمناقشة الأمر».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

استهلَّ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس، زيارة لدمشق تدوم يومين بالإشادة بما وصفه «الانتصارات الكبيرة» التي حقَّقها حكم الرئيس بشار الأسد ضد معارضيه. وفي خطوة تكرّس التحالف التقليدي بين البلدين، وقّع رئيسي والأسد اتفاقاً «استراتيجياً» طويل الأمد. وزيارة رئيسي للعاصمة السورية هي الأولى لرئيس إيراني منذ عام 2010، عندما زارها الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، قبل شهور من بدء احتجاجات شعبية ضد النظام. وقال رئيسي، خلال محادثات موسَّعة مع الأسد، إنَّه يبارك «الانتصارات الكبيرة التي حققتموها (سوريا) حكومة وشعباً»، مضيفاً: «حقَّقتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر
TT

محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر

خلافاً للكثير من القادة الذين عاشوا في الظل طويلا، ولم يفرج عن أسمائهم إلا بعد مقتلهم، يعتبر محمد حيدر، الذي يعتقد أنه المستهدف بالغارة على بيروت فجر السبت، واحداً من قلائل القادة في «حزب الله» الذين خرجوا من العلن إلى الظل.

النائب السابق، والإعلامي السابق، اختفى فجأة عن مسرح العمل السياسي والإعلامي، بعد اغتيال القيادي البارز عماد مغنية عام 2008، فتخلى عن المقعد النيابي واختفت آثاره ليبدأ اسمه يتردد في دوائر الاستخبارات العالمية كواحد من القادة العسكريين الميدانيين، ثم «قائداً جهادياً»، أي عضواً في المجلس الجهادي الذي يقود العمل العسكري للحزب.

ويعتبر حيدر قائداً بارزاً في مجلس الجهاد في الحزب. وتقول تقارير غربية إنه كان يرأس «الوحدة 113»، وكان يدير شبكات «حزب الله» العاملة خارج لبنان وعين قادة من مختلف الوحدات. كان قريباً جداً من مسؤول «حزب الله» العسكري السابق عماد مغنية. كما أنه إحدى الشخصيات الثلاث المعروفة في مجلس الجهاد الخاص بالحزب، مع طلال حمية، وخضر يوسف نادر.

ويعتقد أن حيدر كان المستهدف في عملية تفجير نفذت في ضاحية بيروت الجنوبية عام 2019، عبر مسيرتين مفخختين انفجرت إحداهما في محلة معوض بضاحية بيروت الجنوبية.

عمال الإنقاذ يبحثون عن ضحايا في موقع غارة جوية إسرائيلية ضربت منطقة البسطة في قلب بيروت (أ.ب)

ولد حيدر في بلدة قبريخا في جنوب لبنان عام 1959، وهو حاصل على شهادة في التعليم المهني، كما درس سنوات عدة في الحوزة العلمية بين لبنان وإيران، وخضع لدورات تدريبية بينها دورة في «رسم وتدوين الاستراتيجيات العليا والإدارة الإشرافية على الأفراد والمؤسسات والتخطيط الاستراتيجي، وتقنيات ومصطلحات العمل السياسي».

بدأ حيدر عمله إدارياً في شركة «طيران الشرق الأوسط»، الناقل الوطني اللبناني، ومن ثم غادرها للتفرغ للعمل الحزبي حيث تولى مسؤوليات عدة في العمل العسكري أولاً، ليتولى بعدها موقع نائب رئيس المجلس التنفيذي وفي الوقت نفسه عضواً في مجلس التخطيط العام. وبعدها بنحو ثماني سنوات عيّن رئيساً لمجلس إدارة تلفزيون «المنار».

انتخب في العام 2005، نائباً في البرلمان اللبناني عن إحدى دوائر الجنوب.