السوريون في تركيا: بأي حال عدت يا عيد؟

بين مخاوف التطبيع مع دمشق... وضغوط «الترحيل»

سوريون يزورون قبور أحبائهم في أول أيام عيد الفطر بمدينة إدلب شمال غربي سوريا أمس (د.ب.أ)
سوريون يزورون قبور أحبائهم في أول أيام عيد الفطر بمدينة إدلب شمال غربي سوريا أمس (د.ب.أ)
TT

السوريون في تركيا: بأي حال عدت يا عيد؟

سوريون يزورون قبور أحبائهم في أول أيام عيد الفطر بمدينة إدلب شمال غربي سوريا أمس (د.ب.أ)
سوريون يزورون قبور أحبائهم في أول أيام عيد الفطر بمدينة إدلب شمال غربي سوريا أمس (د.ب.أ)

مر على ملايين السوريين في تركيا الكثير من الأعياد منذ نزوحهم عقب اندلاع الحرب الأهلية في عام 2011، لكن العيد هذا العام يبدو مختلفاً... ولسان حالهم يقول: «بأي حال جئت يا عيد».
وفي الواقع، يأتي العيد على السوريين في تركيا في ظل أزمة اقتصادية شديدة أرغمت غالبيتهم على العمل بأقل من الحد الأدنى للأجور، وسط ارتفاع أسعار الغذاء والدواء وإيجارات السكن، ومناخ سياسي يبدو أنه على عكس ما يرغبون، إذ إن الحكومة والمعارضة تسعيان إلى التخلص من أعبائهم وإعادتهم إلى بلادهم، حتى وإن كان تحت شعار «العودة الطوعية الآمنة».
وأكثر ما يقلق السوريين في تركيا الآن هو مسار التطبيع الذي أطلقته حكومة «العدالة والتنمية» برئاسة الرئيس رجب طيب إردوغان مع نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وتوظيف قضيتهم في الحملات الانتخابية سواء من جانب «العدالة والتنمية» الحاكم أو أحزاب المعارضة التي وعدت بإعادتهم إلى بلادهم عبر التفاوض مع دمشق أيضاً.
يقول محمد عبد الجبار، أحد أصحاب محال البقالة الصغيرة بحي الفاتح في إسطنبول: «أصبحت أحوالنا سيئة. بالكاد نستطيع دفع إيجار المحل، فضلاً عن الزيادة في إيجارات المساكن والزيادات المتتالية في فواتير استهلاك الماء والغاز والكهرباء. كما نشعر بالقلق لأن الجميع الآن، بمَن فيهم الحكومة، يتعهدون بإعادتنا. لو كنا نضمن أننا سنستطيع العيش بأمان وفي وضع مناسب (في سوريا) لكنا اتخذنا الخطوة بأنفسنا».
وعبّرت «مروة»، وهي سورية نزحت مع بعض أفراد عائلتها إلى تركيا، عن قلقها الشديد بسبب التعهدات المتتالية بإعادة السوريين إلى بلادهم، قائلة: «نعم نرغب في العودة، لكننا فقدنا كل شيء هناك... والحياة أصبحت صعبة بالنسبة لنا هنا، لم نشعر بفرحة العيد لأننا لا نملك ما نستطيع أن نشتري به قوت يومنا بسبب الزيادات المتتالية في الأسعار».
وبينما تؤكد الحكومة التركية أن العودة الآمنة والطوعية للاجئين السوريين هي أحد المبادئ الرئيسية التي تقوم عليها محادثات تطبيع العلاقات مع سوريا، تتوالى التصريحات من جانب المعارضة عن إعادتهم إلى بلادهم في خلال عامين عبر المفاوضات مع حكومة الأسد والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة.
وكرر كمال كليتشدار أوغلو مرشح المعارضة التركية لانتخابات الرئاسة، التي ستُجرى في 14 مايو (أيار) المقبل، تعهداته بتأمين عودة السوريين خلال عامين، قائلاً: «إلى أي مدى سنتحمل هذا العبء الثقيل؟ نريد السلام في سوريا، نريد إخواننا السوريين الذين لجأوا إلى بلدنا أن يعيشوا بسلام في وطنهم».
وأضاف كليتشدار أوغلو، خلال إفطار للسفراء وممثلي البعثات الأجنبية في تركيا أقامه حزب «المستقبل» برئاسة أحمد داود أوغلو في أنقرة آخر أيام رمضان، أن هدفهم هو أن تصبح تركيا عضواً في الاتحاد الأوروبي، و«يجب أن ترى الدول الأوروبية هذا العبء الذي يشكله اللاجئون على تركيا... جغرافية تركيا هي في الواقع جغرافية صعبة وشاقة لكننا نريد السلام مع جميع جيراننا».
كما قالت رئيسة حزب «الجيد» ميرال أكشينار، خلال تجمع لأنصار حزبها في أنطاليا في جنوب تركيا: «السوريون سيذهبون، سيذهبون، سيذهبون، سيكون من واجبي إخراجهم من هنا».
وكانت الحكومة التركية قررت، العام الماضي، إلغاء إجازات الأعياد وزيارات اللاجئين لذويهم في سوريا، ومن ثم العودة مرة أخرى، وأعلنت أن من سيذهب لن تقبل عودته مرة أخرى، وهو ما أثّر كثيراً في معنويات السوريين في تركيا الذين كان بإمكانهم من قبل رؤية ذويهم مرة أو مرتين في العام.
من جانب آخر، يواجه آلاف السوريين الذين فتحت أمامهم البوابات الحدودية للعودة إلى ديارهم في إجازة لمدة شهر عقب وقوع كارثة زلزالي 6 فبراير (شباط) الماضي، صعوبات في العودة لتركيا، بسبب ما قال سوريون من أقارب بعضهم، إنه تعنّت من جانب عناصر فصائل «الجيش الوطني السوري» الموالي لتركيا، وفرضهم إتاوات على الراغبين في العودة تصل إلى 25 أو 30 دولاراً.
وأعلنت السلطات التركية فتح معبري باب الهوى وتل أبيض الحدوديين للسوريين المقيمين في 11 ولاية ضربها زلزالا 6 فبراير لتمضية إجازة لمدة شهر مع ذويهم. وأكدت أن ما يربو على 70 ألفاً منهم اختاروا عدم العودة إلى تركيا.


مقالات ذات صلة

لبنان يستأنف تسجيل السوريين الراغبين بالعودة الطوعية

المشرق العربي لبنان يستأنف تسجيل السوريين الراغبين بالعودة الطوعية

لبنان يستأنف تسجيل السوريين الراغبين بالعودة الطوعية

قالت مصادر أمنية في منطقة البقاع اللبناني، أمس لـ«الشرق الأوسط»، إن مكاتب الأمن العام استعادت نشاطها لتسجيل أسماء الراغبين بالعودة، بناء على توجيهات مدير عام الأمن العام بالإنابة العميد إلياس البيسري.

المشرق العربي لبنان يطلق حملة «مسح وطنية» لتعداد النازحين السوريين

لبنان يطلق حملة «مسح وطنية» لتعداد النازحين السوريين

أطلقت وزارة الداخلية اللبنانية حملة مسح وطنية لتعداد وتسجيل النازحين السوريين وتسجيلهم، ضمن إجراءات جديدة لضبط عملهم وتحديد من يوجد في لبنان بصورة قانونية، وذلك في ظل نقاشات سياسية، وضغط أحزاب لبنانية لإعادة النازحين إلى بلادهم. ووجّه وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي، كتاباً إلى المحافظين ومن خلالهم إلى القائمقامين والبلديات والمخاتير في القرى التي لا توجد فيها بلديات ويوجد فيها نازحون سوريون، لإطلاق حملة مسح وطنية لتعداد وتسجيل النازحين السوريين، والقيام بتسجيل كل المقيمين، والطلب إلى المخاتير عدم تنظيم أي معاملة أو إفادة لأي نازح سوري قبل ضم ما يُثبت تسجيله، والتشدد في عدم تأجير أي عقار لأ

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بيروت: لا تسرع في ترحيل السجناء السوريين

بيروت: لا تسرع في ترحيل السجناء السوريين

قال وزير العدل اللبناني هنري الخوري لـ«الشرق الأوسط» إن إعادة السجناء السوريين في لبنان إلى بلدهم «قضية حساسة ولا تعالج بقرار متسرع». ويمكث في السجون اللبنانية 1800 سوري ممن ارتكبوا جرائم جنائية، 82 في المائة منهم لم تستكمل محاكماتهم، فيما وضعت حكومة الرئيس نجيب ميقاتي خطّة لترحيلهم وكلف الخوري البحث في «إمكانية تسليم الموقوفين والمحكومين للدولة السورية بشكل فوري، مع مراعاة القوانين والاتفاقيات ذات الصلة، والتنسيق بهذا الخصوص مع الدولة السورية». وأكد الخوري أن «كل ملف من ملفات السجناء السوريين يحتاج إلى دراسة قانونية دقيقة (...) إذا ثبت أن ثمة سجناء لديهم ملفات قضائية في سوريا فقد تكون الإجراء

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي «اجتماع عمّان» يبحث عودة اللاجئين السوريين من دول الجوار

«اجتماع عمّان» يبحث عودة اللاجئين السوريين من دول الجوار

بحث اجتماع تشاوري جديد حول سوريا عقد الاثنين في عمّان، بمشاركة وزراء الخارجية السعودي فيصل بن فرحان والعراقي فـؤاد محمد حسين والمصري سامح شكري والأردني أيمن الصفدي والسوري فيصل المقداد، سُبل عودة اللاجئين السوريين من دول الجوار وبسط الدولة السورية سيطرتها على أراضيها. وأكد نائب رئيس الوزراء الأردني وزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي، أن الاجتماع هو بداية للقاءات ستتابع إجراء محادثات تستهدف الوصول إلى حل الأزمة السورية ينسجم مع قرار مجلس الأمن 2254، ويعالج جميع تبعات الأزمة الإنسانية والسياسية والأمنية. وشدد الوزير الأردني، على أن أولوية إنهاء الأزمة لا تكون إلا عبر حل سياسي يحفظ وحدة سو

المشرق العربي «اجتماع عمّان» التشاوري: العودة الطوعية والآمنة للاجئين السوريين أولوية قصوى

«اجتماع عمّان» التشاوري: العودة الطوعية والآمنة للاجئين السوريين أولوية قصوى

بحث اجتماع تشاوري جديد حول سوريا عقد اليوم (الاثنين)، في عمّان، بمشاركة وزراء خارجية كلّ من السعودية ومصر والأردن والعراق وسوريا، في سُبل عودة اللاجئين السوريين من دول الجوار، وبسط الدولة السورية سيطرتها على أراضيها. ووفقاً لبيان ختامي وزع عقب الاجتماع ونقلته وكالة الصحافة الفرنسية، اتفق المجتمعون على أن «العودة الطوعية والآمنة للاجئين (السوريين) إلى بلدهم أولوية قصوى، ويجب اتخاذ الخطوات اللازمة للبدء في تنفيذها فوراً». وحضّوا على تعزيز التعاون بين سوريا والدول المضيفة للاجئين بالتنسيق مع الأمم المتحدة لـ«تنظيم عمليات عودة طوعية وآمنة للاجئين وإنهاء معاناتهم، وفق إجراءات محددة وإطار زمني واضح»

«الشرق الأوسط» (عمّان)

قائد «قسد»: اتفقنا مع السلطة الجديدة على رفض «مشاريع الانقسام»

عناصر من «قسد» في منطقة دير الزور السورية (أرشيفية - رويترز)
عناصر من «قسد» في منطقة دير الزور السورية (أرشيفية - رويترز)
TT

قائد «قسد»: اتفقنا مع السلطة الجديدة على رفض «مشاريع الانقسام»

عناصر من «قسد» في منطقة دير الزور السورية (أرشيفية - رويترز)
عناصر من «قسد» في منطقة دير الزور السورية (أرشيفية - رويترز)

قال مظلوم عبدي، قائد «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، التي تسيطر على مناطق الإدارة الذاتية الكردية في شمال شرقي سوريا، إنه تم الاتفاق مع السلطة الجديدة في دمشق على رفض «أي مشاريع انقسام» تهدد وحدة البلاد.

وفي تصريح مكتوب لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، قال عبدي إن لقاء «إيجابياً» جمع قيادتي الطرفين نهاية الشهر الماضي في دمشق، مضيفاً: «نتفق أننا مع وحدة وسلامة الأراضي السورية، وعلى رفض أي مشاريع انقسام تهدد وحدة البلاد».

وتخضع مناطق واسعة في شمال وشرق سوريا لسيطرة الإدارة الذاتية التي أنشأها الأكراد بعد اندلاع النزاع في سوريا عام 2011، وانسحاب القوات الحكومية منها من دون مواجهات.

وبنى الأكراد الذين تصدّوا لتنظيم «داعش»، مؤسسات تربوية واجتماعية وعسكرية. وحاولوا طيلة سنوات النزاع الحفاظ على مكتسباتهم، في وقت حملت عليهم السلطة السابقة نزعتهم «الانفصالية».

وكان وفد من قوات سوريا الديموقراطية التي يشكل المقاتلون الأكراد عمودها الفقري وتدعمها واشنطن، التقى قائد الادارة الجديدة في دمشق أحمد الشرع في 30 ديسمبر (كانون الأول)، في أول محادثات بين الطرفين منذ إطاحة بشار الأسد في وقت سابق من الشهر ذاته.

وقال عبدي «ناقشنا معا المرحلة المستقبلية بعد سقوط نظام الأسد وكيفية النهوض مجددا بسوريا مبنية على ركائز متينة».

وأكد «دعم مساعي الادارة الجديدة لأن يكون هناك استقرار في سوريا من أجل تهيئة الأجواء لحوار بناء بين السوريين»، معتبراً أنه «يقع على عاتق الإدارة الجديدة التدخل من أجل وقف إطلاق النار في عموم سوريا».

ورفع الأكراد السوريون، بعد هزيمة الأسد، علم الاستقلال الذي تعتمده فصائل المعارضة، على مؤسساتهم، في بادرة حسن نية تجاه السلطة الجديدة، في خطوة رحّبت بها واشنطن.

وعلى وقع الهجوم المباغت الذي شنّته «هيئة تحرير الشام» بقيادة الشرع، وتمكنت بموجبه من الوصول الى دمشق خلال 11 يوما، تعرض المقاتلون الأكراد لهجمات شنتها فصائل سورية موالية لأنقرة في شمال سوريا وأدت الى انسحابهم من مناطق عدة.

وتعتبر أنقرة الوحدات الكردية امتدادا لـ«حزب العمال الكردستاني» الذي تصنفه منظمة «إرهابية» ويخوض تمرداً ضدها منذ عقود. وتسعى تركيا، وفق محللين، لجعل الأكراد في موقع ضعيف في سوريا على ضوء الأحداث الأخيرة.
وقتل خمسة مدنيين وأصيب 15 آخرون الأربعاء جراء قصف تركي استهدف قوافل مدنية كانت في طريقها الى سد تشرين في ريف حلب الشرقي، بحسب الإدارة الذاتية، وذلك استجابة لدعوة وجهتها تنديدا بالقصف المستمر على المرفق الحيوي.

وأسفرت اشتباكات متواصلة بين قوات سوريا الديمقراطية وفصائل سورية موالية لأنقرة في ريف منبج (شمال) رغم اعلان هدنة بوساطة اميركية، عن مقتل أكثر من مئة شخص خلال يومين حتى فجر الأحد، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان.

منذ عام 2016، نفذت تركيا عدة عمليات عسكرية ضد المقاتلين الأكراد في شمال شرق سوريا وتمكنت من السيطرة على شريط حدودي واسع.
ولوّح وزير الخارجية التركي هاكان فيدان الثلاثاء بشنّ عملية جديدة ما لم توافق القوات الكردية على شروط أنقرة لمرحلة انتقالية «غير دموية» بعد الأسد.