وسط انقسام بين شرق ليبيا وغربها، حول موعد عيد الفطر، بسبب تعارض بين الهيئة العامة للأوقاف، ودار الإفتاء حول رؤية هلال شهر شوال، هنأ عبد الله باتيلي، المبعوث الأممي، الليبيين جميعاً بمناسبة العيد، ودعا «الفاعلين السياسيين والقادة العسكريين والأمنيين، والأعيان وممثلي المجتمع، والمؤسسات والسلطات، جميعهم، إلى الاجتماع على كلمة سواء، والتحلي بروح التوافق من أجل إرساء مسار واضح وموحّد نحو السلام الدائم، والاستقرار والازدهار في البلاد».
وحدثت في ليبيا بلبلة ولغط، بشأن تحديد موقف البلاد من موعد عيد الفطر. فبينما أخذت مدن شرق ليبيا برأي الهيئة العامة للأوقاف، بأن اليوم (الجمعة) هو أول أيام العيد، تمسكت مناطق بغربها برأي دار الإفتاء التي أصرت على أن الجمعة هو المتمم لشهر رمضان، غير أن هذا التعارض لم يمنع مساجد في العزيزية، والهضبة وعين زارة بطرابلس من إقامة صلاة العيد.
وفور إعلان دار الإفتاء، موقفها من رؤية الهلال، سارع عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة الوطنية»، بالقول إنه «بعد تعذر رؤية هلال العيد فإن الجمعة هو المتمم لرمضان، لنستقبل بعده عيد الفطر، ونودع الشهر الفضيل وكلنا رجاء بأن نكون من المرحومين المقبولين».
وقالت بلدية زليتن، إنها ستحتفل غداً (السبت) بأول أيام عيد الفطر، امتثالاً لموقف «ولي الأمر المتمثل في رئيس حكومة (الوحدة الوطنية)، وسيكون الجمعة متمماً لصيام شهر رمضان».
وأضاف المكتب الإعلامي للبلدية، أنه «نظراً لعدم وجود أي إيضاح من أي جهة قضائية أو غيرها، وباعتبار أن البلدية تتبع حكومة الوحدة الوطنية فإنها ستحتفل بالعيد غداً (السبت)».
في مقابل ذلك، انحاز فتحي باشاغا، رئيس حكومة «الاستقرار» إلى رأي هيئة الأوقاف، مهنئاً الليبيين بعيد الفطر، مغرداً عبر حسابه على «تويتر» بضرورة «استغلال الأيام المباركة لتناسي الخلافات، وإعلاء مبادئ العفو والصفح والتسامح، والالتفاف لبناء وطننا والوصول به للانتخابات الرئاسية والبرلمانية».
ودخل النائب الثاني لرئيس مجلس النواب الليبي، عبد الهادي الصغير، على خط أزمة رؤية الهلال، من عدمها، وقال إنه «نظراً لما صاحب إعلان عيد الفطر من لغط، وبناء على تواصلنا مع رئيس المجلس الأعلى للقضاء، والتأكيد على ثبوت رؤية هلال شوال في عدد من المحاكم بعدد من المدن، نؤكد للجميع أبناء الشعب الليبي أن اليوم (الجمعة) هو أول أيام عيد الفطر».
وتساءل عارف النايض، رئيس تكتل «إحياء ليبيا»: «لماذا هنّأنا الشعب الليبي بعيد الفطر المبارك اليوم الجمعة؟»، مجيباً: «لأن البرلمان ولي الأمر، والقضاء ملزم، والإفتاء غير ملزم، وقانون حلّ (دار الإفتاء) نافذ منذ 2014».
وأدى الليبيون بمدن شرق البلاد صلاة العيد، في الساحات الرئيسية والميادين. وشهدت ساحة «الكيش» ببنغازي تجمعاً كبيراً من المصلين، بحضور وكيل وزارة الداخلية فرج إقعيم، بالإضافة إلى قيادات أمنية وعسكرية، من بينهم آمر اللواء «106 مجحفل» العميد خالد، نجل المشير خليفة حفتر القائد العام لـ«الجيش الوطني».
واستغل المبعوث الأممي مناسبة التهنئة بالعيد، ليحث القيادات بالبلاد كافة على الاصطفاف خلف مساعي الأمم المتحدة لإجراء الانتخابات قبل نهاية العام الجاري.
ودعا باتيلي، في بيان للبعثة، «الفاعلين السياسيين والقادة العسكريين والأمنيين، والأعيان وممثلي المجتمع، والمؤسسات والسلطات، جميعهم، إلى الاجتماع على كلمة سواء، والتحلي بروح التوافق من أجل إرساء مسار واضح وموحد نحو السلام الدائم والاستقرار والازدهار في ليبيا».
وقال إن الشعب الليبي «حريص على طي صفحة المعاناة والانقسام، ويتطلع إلى تدشين فصل جديد من السلام والاستقرار والازدهار في وطنه العزيز. دعونا لا نخذله»، داعياً النساء والشباب إلى «اغتنام هذه المناسبة لتجديد التزامهم بالمشاركة الكاملة في العملية الانتخابية للمساهمة بشكل فعال في إعادة بناء السلام والأمن، وإرساء دعائم الاستقرار والرخاء في وطنهم».
وانتهى المبعوث الأممي، مجدداً دعوته إلى الإفراج عن المعتقلين كافة خارج نطاق القانون في جميع أنحاء ليبيا، «باعتبار ذلك عاملاً حاسماً في بناء الثقة، وإقامة مصالحة وطنية شاملة قائمة على الحقوق».
وعشية الانقسام حول موعد العيد، أشرفت حليمة عبد الرحمن، وزيرة العدل بحكومة «الوحدة» على الإفراج عن 1057 سجيناً من مؤسسة الإصلاح والتأهيل الجديدة من مختلف المناطق.
وقالت وزارة العدل، في بيان مساء (الخميس)، إنه بمناسبة «حلول عيد الفطر، وبتوجيهات من رئيس حكومة الوحدة، أشرفت وزيرة العدل، رغبةً منها، على العفو والإفراج عن هؤلاء النزلاء»، مؤكدة أن الوزارة «لا تدخر جهداً في العمل على رعاية مصالح النزلاء وحفظ حقوقهم وتقديم الخدمات المطلوبة كافة وفقاً للمعايير المعمول بها محلياً ودولياً». ورأت الوزيرة أن هذه المبادرة «تعزز وتسهم في توطيد جسور المصارحة والمصالحة، ودعم التوافق الاجتماعي والوطني».
في شأن مختلف، أعلن الممثل الأعلى الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية جوزيب بوريل، تسمية الدبلوماسي الإيطالي نيكولا أورلاندو، رئيساً لبعثة الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا.
وجاء ذلك في سلسلة من التعيينات المعلنة لسفراء الاتحاد الأوروبي، الذين سيتسلمون مهامهم بعد موافقة البلدان المستضيفة المعنية، وفقاً لوكالة «آكي» الإيطالية. وأورلاندو، الذي يخلف الإسباني خوسيه ساباديل، يشغل حالياً منصب المبعوث الإيطالي الخاص لليبيا، وعمل سابقاً سفيراً لبلاده لدى كوسوفو.
ليبيون يؤدون صلاة العيد بساحة «الكيش» ببنغازي (مديرية أمن بنغازي)