الإمساك لدى الأطفال

ينجم عن أسباب غذائية وسلوكية

الإمساك لدى الأطفال
TT
20

الإمساك لدى الأطفال

الإمساك لدى الأطفال

الإمساك من الأعراض المزعجة للأطفال وذويهم، إلا إن معظم الحالات يكون بسيطاً، ولا يحتاج أكثر من العلاج المنزلي. ولكن في بعض الأحيان النادرة يمكن على المدى الطويل أن يتسبب «الإمساك (Constipation)» في مضاعفات كثيرة؛ خصوصاً إذا كان من النوع المزمن، أي إذا استمر الإمساك أسبوعين أو أكثر مع الذهاب إلى الحمام بشكل متقطع مع كميات صغيرة جداً من البراز.
وعلى وجه التقريب، يعاني من الإمساك نحو 20 في المائة من الأطفال في المرحلة العمرية «ما قبل الدراسة (toddler)».

- أسباب الإمساك
تبعاً لـ«مستشفى كليفلاند (Cleveland Clinic)»؛ يعرَّف الإمساك لدى الأطفال بأنه إذا كان أقل من مرتين في الأسبوع مع مرور براز صلب ومؤلم من المستقيم نهاية بفتحة الشرج. وعلى وجه التقريب يستخدم التعريف نفسه تبعاً لـ«الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال (AAP)» التي تقول إن الطفل فيه يعاني من مرور براز كبير الحجم وصلب وجاف وترافقه حركات أمعاء مؤلمة (في الأغلب يشعر الطفل بمغص في البطن جراء الإمساك) ويمكن وجود تلوث على ملابس الطفل الداخلية بين المرات التي يدخل فيها الحمام وأيضاً يمكن وجود دم على الجزء الخارجي من البراز.
السبب الرئيسي لحدوث الإمساك يعتمد بشكل أساسي على النظام الغذائي. وكلما كان طعام الطفل غنياً جداً بالأغذية المصنعة ومنتجات الألبان والحلويات، زادت احتمالات حدوث الإمساك، وكذلك تناول الأغذية التي لا تحتوي كميات كبيرة من الألياف مثل الحبوب الكاملة والفواكه والخضراوات.
وأي تغيير في النظام الغذائي يسبب أيضاً تغيراً في حركة الأمعاء. ولدى الأطفال الأصغر عمراً؛ فإن مجرد تغيير نوعية الألبان يمكن أن يكون السبب؛ سواء أكان من لبن الأم إلى اللبن الصناعي، أم بداية تناول الألبان الطبيعية مثل لبن البقر الذي يمكن أن يسبب حساسية أيضاً لدى الطفل.
في أوقات كثيرة، يكون السبب في حدوث الإمساك هو رفض الأطفال الذهاب إلى الحمام بعد التدريبات التي تلجأ إليها الأم لحث الطفل على التحكم (toilet training)، خصوصاً إذا كان عمر الطفل صغيراً. وفي بعض الأحيان يكون رفض الذهاب إلى الحمام نتيجة لانشغال الطفل بلعبة معينة أو عدم الرغبة في الذهاب إلى الحمامات العامة كما يحدث بشكل كبير في المدارس؛ إذ يوجد ما يسمى «الإمساك نتيجة التعود (habitual constipation)»؛ لأن الطفل يعاني الخجل أو الخوف، وبالتالي لا يستطيع الاستئذان في أثناء الحصص الدراسية، مما يجعله يتحكم في نفسه، ومع مرور الوقت تتغير طبيعة حركة الأمعاء. يضاف إلى ذلك عدم حصول الطفل على كميات كافية من السوائل، خصوصاً الماء، مع قضاء أوقات طويلة خارج المنزل.
وهناك بعض الأسباب لا تتعلق بشكل مباشر بالجهاز الهضمي، مثل قلة النشاط البدني والحياة الخاملة التي يمكن أن تلعب دوراً في حدوث الإمساك؛ لأن الرياضة وممارسة التمرينات تساعد على حركة الطعام وتسهل عملية الهضم، وأيضاً بعض الأدوية أو المكملات الغذائية تؤدي إلى الإمساك، مثل المكملات التي تحتوي الحديد، خصوصاً الجرعات العالية منها، وأيضاً مسكنات الألم المخدرة (narcotics)، وفي حالات نادرة يمكن أن يسبب عيب خلقي في تكوين الأمعاء أو الشرج أو المستقيم نوعاً من الإمساك المزمن، وكذلك الشلل الدماغي (Cerebral palsy) وبعض اضطرابات الجهاز العصبي الأخرى.
- إجراءات علاجية
هناك بعض الأعراض التي يمكن أن تصاحب الإمساك، مثل ألم المعدة؛ لأن الطفل يعاني من الانتفاخ، ويمكن أيضاً حدوث غثيان وفقدان الشهية، ويعاني الطفل من اعتلال المزاج. وأثناء الوجود في الحمام يحدث بكاء وصراخ وتعرق واحمرار الوجه، ومع الوقت يتجنب الطفل استخدام الحمام حتى لا يعاني الألم، مما يؤدي إلى تفاقم الإمساك، حيث يبدأ البراز في التراكم في الجزء الأسفل من الأمعاء ويصبح أكبر حجماً ويصبح المرور في المستقيم أكثر صعوبة وألماً.
يؤكد الأطباء على ضرورة زيادة كمية السوائل في غذاء الطفل، خصوصاً الماء (على أن يكون غير مشتق من منتجات الألبان مثل الكميات الكبيرة من اللبن الطبيعي التي تزيد على كوبين من اللبن يومياً). وأيضاً ضرورة وجود الألياف في الغذاء كل يوم، وتشمل الأطعمة الغنية بالألياف الفواكه وعصائر الفاكهة التي تحتوي «السوربيتول (sorbitol)» (البرقوق والمانجو والكمثرى) والخضراوات (البروكلي والبازلاء) وكذلك البقوليات مثل الفول، والخبز الذي يحتوي الحبوب الكاملة، ويفضل تجنب الأطعمة التي تحتوي مواد دهنية مكثفة قليلة الألياف.
هناك بعض الإجراءات تساعد في علاج الإمساك، مثل تشجيع الطفل على النشاط البدني لفترة تتراوح بين 30 و60 دقيقة يومياً أياً كان نوع هذا النشاط؛ سواء أكان لعبة نظامية أم مجرد الحركة العشوائية. وأيضاً يفضل تشجيع الطفل على استخدام الحمام في أوقات منتظمة محددة خلال اليوم، خصوصاً بعد الوجبات، ونصحه بضرورة الذهاب إلى الحمام عندما يشعر بالحاجة لذلك في أي مكان. وبالنسبة إلى الأطفال الأصغر عمراً، يفضل أن يجلس الطفل لمدة 10 دقائق على الأقل في كل مرة، ويمكن وضع كرسي صغير تحت قدميه. وتساعد هذه الطريقة على تحريك الأمعاء ودفع البراز إلى أسفل، وبذلك يتخلص الطفل من الألم.
في النهاية، إذا لم تفلح هذه النصائح في علاج الطفل، فيمكن اللجوء إلى الأدوية التي تساعد في حركة الأمعاء، ولكن بعد استشارة الطبيب؛ لأن هذه الأدوية يجب استخدامها بحرص مع الأطفال، ويفضل استخدام الأقماع الموضعية التي تحتوي الغلسرين.
* استشاري طب الأطفال


مقالات ذات صلة

العقل والجسم يتكاملان في معركة الاضطرابات النفسية... دراسة حديثة تكشف

صحتك تبيّن الدراسة أن الالتهابات في الدماغ والجسم قد تزيد من خطر الإصابة بالاضطرابات النفسية (أ.ب)

العقل والجسم يتكاملان في معركة الاضطرابات النفسية... دراسة حديثة تكشف

أظهرت دراسة حديثة من جامعة بريستول البريطانية أن اضطرابات الصحة النفسية لا تنبع فقط من الدماغ، بل تتأثر أيضاً بالجسم كله عبر الجهاز المناعي.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
صحتك امرأة تشتري الطماطم من إحدى الأسواق في هانوي (إ.ب.أ)

بينها الفلفل الحلو... 5 أطعمة حمراء اللّون تعزز قدرات دماغك

للحفاظ على قوة ذاكرتك وتركيز ذهنك وقدرته على مواجهة التحديات بسهولة، من الضروري تغذية الدماغ بالمأكولات المناسبة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك الأطباء يؤكدون أن للتعافي الجسدي الكامل يجب أن يكون الشخص بحالة نفسية سليمة (أ.ب)

قبل الخضوع لجراحة... 8 طرق تجهزك نفسياً

يُسبب أي نوع من العمليات الجراحية، سواءً كانت كبرى أم صغرى، قلقًا بالغًا لدى المرضى. 

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك رغم أن فكرة شرب الفطر قد لا تبدو جذابة، فإن هذه القهوة باتت تحظى بشعبية متزايدة، خصوصاً بين من يسعون لتعزيز طاقتهم البدنية وتحسين تركيزهم دون الاعتماد الكامل على الكافيين (رويترز)

فوائد مذهلة في كل رشفة... تعرّف إلى «قهوة الفطر» وأسرارها

تكتسب «قهوة الفطر» شهرةً متزايدةً كبديل صحي للقهوة التقليدية، مع فوائد صحية غير متوقعة تجذب المهتمين بأساليب الحياة الصحية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
صحتك البدء بتناول السعرات بعد أكثر من ساعتين من الاستيقاظ قد يكون ذا فائدة في ظروف محددة لكن إذا كنت تشرب القهوة أو الشاي مع الدهون أو تتناول المكملات فإن الضغط المبكر على الجهاز الهضمي وفسيولوجيا الجسم يظهر بسرعة على شكل إجهاد واضطراب (رويترز)

هل وجبة الفطور فعلاً مفتاح لحرق السعرات؟

يُطلق على وجبة الفطور غالباً «الوجبة الأهم في اليوم»، إذ تساعد على تنشيط الأيض بعد صيام الليل. لكنَّ التخلي المتكرر عن الإفطار قد يخلُّ بإيقاع الجسم الطبيعي.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

العقل والجسم يتكاملان في معركة الاضطرابات النفسية... دراسة حديثة تكشف

تبيّن الدراسة أن الالتهابات في الدماغ والجسم قد تزيد من خطر الإصابة بالاضطرابات النفسية (أ.ب)
تبيّن الدراسة أن الالتهابات في الدماغ والجسم قد تزيد من خطر الإصابة بالاضطرابات النفسية (أ.ب)
TT
20

العقل والجسم يتكاملان في معركة الاضطرابات النفسية... دراسة حديثة تكشف

تبيّن الدراسة أن الالتهابات في الدماغ والجسم قد تزيد من خطر الإصابة بالاضطرابات النفسية (أ.ب)
تبيّن الدراسة أن الالتهابات في الدماغ والجسم قد تزيد من خطر الإصابة بالاضطرابات النفسية (أ.ب)

أظهرت دراسة حديثة من جامعة بريستول البريطانية أن اضطرابات الصحة النفسية لا تنبع فقط من الدماغ، بل تتأثر أيضاً بالجسم كله عبر الجهاز المناعي.

فعلى الرغم من أن واحداً من كل أربعة أشخاص يعانون من مرض نفسي في مرحلة ما من حياتهم، يظل العلاج التقليدي يقوم على استهداف ناقلات عصبية مثل السرتونين والدوبامين دون النظر إلى دور الاستجابة المناعية، الأمر الذي يفسر فشل الأدوية لدى نحو ثلث مرضى اضطرابات الصحة النفسية.

قاد البحث كلٌّ من الدكتورة كريستينا درداني والبروفسور غولام خوانداكر، حيث استخدما تحليل «التوزيع العشوائي المندلي» - وهي أداة قيمة لاستكشاف العوامل التي تؤثر على جينات البشر - لاستكشاف العلاقة السببية بين 736 بروتيناً مناعياً موجوداً في الدماغ والدم وسبع حالات نفسية عصبية تشمل الاكتئاب، والفصام، والاضطراب ثنائي القطب، وألزهايمر، وفرط النشاط واضطراب الانتباه، والتوحّد، والقلق. وطبقاً لمنهجية البحث، تمكّن الفريق من ربط 29 بروتيناً بصرامة إحصائية وبيولوجية بهذه الاضطرابات.

من بين هذه البروتينات، وُجد أن 20 منها موجهة بالفعل بأدوية معتمدة أو تحت التجارب لأمراض أخرى، مما يفتح آفاقاً لإعادة استخدام هذه الأدوية لعلاج الأمراض النفسية.

مخاطر الالتهابات

وقال البروفسور غولام خوانداكر: «تبيّن دراستنا أن الالتهابات في الدماغ والجسم قد تزيد من خطر الإصابة بالاضطرابات النفسية، ما يدحض الفكرة القديمة التي تفصل بين العقل والجسم». ودعا الباحثين إلى تصميم علاجات تراعي الإشارات المناعية في كلٍّ من الدماغ والجسم معاً.

رغم أن تطوير أدوية الأمراض النفسية تقدم ببطء في السنوات الماضية، فإن هذه الدراسة تفتح أبواباً جديدة لاكتشاف علاجات أفضل. فقد وجد الباحثون بروتينات مثل ACE وCD40 تؤثر على أكثر من اضطراب نفسي، ما يعني إمكانية ابتكار أدوية تعالج عدة حالات في آنٍ واحد. ولكن قبل ذلك، يجب التأكد من أن هذه الأدوية تعمل في المكان الصحيح من الجسم لتجنب أي أضرار جانبية. كما يؤكد الفريق على أهمية إجراء تجارب تشمل أناساً من خلفيات عرقية متنوعة، لأن دراستهم الحالية استندت في الغالب إلى بيانات من أشخاص ذوي أصول أوروبية.

نُشرت هذه الدراسة في دورية «موليكولار سايكاياتري» «Molecular Psychiatry»، ويمضي فريق البحث قدماً في اختبار نتائجهم من خلال مراجعة السجلات الطبية، وتجارب حيوانية، وتجارب إكلينيكية، معبرين عن أملهم في أن تفتح هذه الرؤى آفاقاً لعلاجات أكثر فعالية لملايين المرضى النفسيين.