الملف السوري محور مشاورات نشطة في الخارجية الروسية

موسكو لدفع التطبيع السوري ـ التركي... ودمشق تخفف لهجتها حيال أنقرة

عاصفة رعدية فوق الجامع الأموي في دمشق الثلاثاء (أ.ب)
عاصفة رعدية فوق الجامع الأموي في دمشق الثلاثاء (أ.ب)
TT

الملف السوري محور مشاورات نشطة في الخارجية الروسية

عاصفة رعدية فوق الجامع الأموي في دمشق الثلاثاء (أ.ب)
عاصفة رعدية فوق الجامع الأموي في دمشق الثلاثاء (أ.ب)

نشّطت موسكو اتصالاتها لدفع ملف التطبيع بين دمشق وأنقرة، وسط توقعات بتحديد موعد نهائي قريباً لاجتماع وزراء خارجية روسيا وسوريا وتركيا وإيران، المنتظر أن ينعقد في العاصمة الروسية؛ تمهيداً لترتيب قمة تجمع رؤساء البلدان الأربعة وتضع مسار التطبيع على سكة التنفيذ.
وشهدت الخارجية الروسية نشاطاً دبلوماسياً ملحوظاً في اليومين الأخيرين، وكان الملف السوري حاضراً في سلسلة لقاءات منفردة أجراها نائب وزير الخارجية ومبعوث الرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ميخائيل بوغدانوف، مع سفراء إيران، وإسرائيل، وتركيا، ومصر والجزائر.
ووفقاً لبيان أصدرته الخارجية، فقد بحث بوغدانوف مع سفير تركيا لدى موسكو محمد سمسار «وجهات النظر حول قضايا الساعة في جدول أعمال الشرق الأوسط مع التركيز على الوضع في سوريا وما حولها. وأولى الطرفان أهمية خاصة لملف تعزيز عملية تطبيع العلاقات التركية - السورية بما يتوافق مع المبادئ المتفق عليها في صيغة أستانا».
وحمل بيان الوزارة حول اللقاء مع السفير الإيراني كاظم جلالي، مضموناً مماثلاً تقريباً؛ إذ أكد أن الطرفين بحثا بشكل معمق مسائل التخطيط لعقد اجتماع رباعي لوزراء الخارجية بشأن الملف السوري. وأکد الجانبان على أهمية هذه المبادرة في تعزيز الاستقرار والأمن الإقليمي ومواصلة الجهود لتقريب مواقف الأطراف المختلفة.
وتم التأكيد وفقاً للبيان، على «أهمية استمرار الجهود المشتركة والمنسقة لتحقيق الاستقرار في الوضع في سوريا وحولها مع التركيز على المنطلقات المشتركة لصيغة أستانا. وفي هذا السياق، تم التأكيد على نية تقديم المزيد من المساعدة في تطبيع العلاقات السورية - التركية، تماشياً مع الاتفاقات التي تم التوصل إليها عقب اجتماع رؤساء روسيا وإيران وتركيا في طهران في يوليو (تموز) 2022». وقبل ذلك، كان بوغدانوف قد التقى سفير مصر لدى روسيا نزيه النجاري، وجرى خلال المباحثات «تبادل معمق لوجهات النظر حول قضايا تعزيز تنسيق السياسة الخارجية بين موسكو والقاهرة من أجل تعزيز تسوية الأزمات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وأولى اهتماماً خاصاً للوضع في السودان فيما يتعلق بالاشتباكات المسلحة المستمرة في ذلك البلد، وكذلك الوضع في سوريا وما حولها، في ظل تكثيف الاتصالات السياسية بين دمشق وعواصم عدد من الدول العربية». وفي اليوم السابق، كان الوضع حول سوريا أحد محاور البحث، في محادثات منفصلة أجراها بوغدانوف مع كل من سفير الجزائر إسماعيل بن عمارة، والسفير الإسرائيلي ألكسندر بن تسفي.
اللافت، أن الجهد الروسي جاء متزامناً مع بروز تراجع واضح في مواقف دمشق حيال ملف التطبيع مع أنقرة؛ إذ عكست تصريحات أطلقها سفير سوريا لدى روسيا بشار الجعفري أمام وسائل إعلام روسية، تخفيفاً للهجة دمشق التي كانت صعّدت من تشددها ووضعت شروطاً لتسريع عملية التطبيع.
وقال الجعفري خلال مؤتمر صحافي أخير، أقيم في العاصمة الروسية بمناسبة يوم القدس العالمي الذي نظمته السفارة الإيرانية، إن سوريا «تود إقامة علاقات جيدة مع تركيا». وزاد الدبلوماسي «تركيا هي جارتنا، نريد علاقات جيدة معها (...) هناك مصالح متبادلة بين شعبينا ولا نريد أن تتفاقم علاقاتنا».
ومن دون أن يوضح الأطراف المقصودة، أضاف الجعفري، أن «هناك قوى معينة لا تريد تطبيع العلاقات بين تركيا وسوريا. وللقيام بذلك، يستخدمون كل الطرق الممكنة».
وبدا أن تصريحات الجعفري «الهادئة» شكّلت تراجعاً عن اللهجة التي تحدثت بها دمشق في أوقات سابقة، وبدا واضحاً وفقاً لمصادر في موسكو، أن السفير السوري تحدث بلغة من يدرك ماذا تريد روسيا، خصوصاً أنه كان يخاطب وسائل إعلام روسية، خلافاً للتصريحات التي كانت توجه إلى وكالات الإعلام الحكومية السورية بهدف الاستهلاك المحلي للحكومة السورية، كما فعل معاون وزير داخلية النظام السوري أيمن سوسان، عندما أدلى بتصريحات بسقف مرتفع ضد تركيا خلال اجتماع موسكو الرباعي على مستوى نواب الوزراء في 5 أبريل (نيسان) الماضي.
وكان سوسان قد قال حينها، إن «بلادي تعرّضت لحرب إرهابية غير مسبوقة بتخطيط ودعم كامل وغير محدود من بعض الدول الغربية والإقليمية والعربية، والإرهابيون الأجانب قدِموا إليها من أكثر من مائة دولة، حسب تقارير الأمم المتحدة، وللأسف كان ذلك عبر دول الجوار»، في اتهام صريح لتركيا. وكرر شروط دمشق لدفع مسار التطبيع وهي تشمل الانسحاب التركي من سوريا، ووقف دعم «الجماعات الإرهابية» في إشارة إلى فصائل المعارضة السورية في إدلب.
وعكس تراجع لهجة دمشق من خلال تصريحات الجعفري القناعة الحكومية السورية، بأن مسار التطبيع مع أنقرة الذي رعته وأطلقته موسكو «لا يمكن التراجع عنه». وكان الاجتماع التمهيدي قد خلص إلى اتفاق على مواصلة المشاورات وبدء التحضير للقاء على مستوى وزراء الخارجية، وهذا يعني أن «مسار التقارب التركي مع دمشق «بات على سكة التنفيذ».
وكان وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، قد أكد قبل يومين أن أنقرة لن تقبل أي شروط مسبقة لإجراء مفاوضات مباشرة مع النظام السوري، بما في ذلك انسحاب القوات التركية من الأراضي السورية، مؤكداً أن هذا الانسحاب يعني «عودة التهديدات ضد تركيا». وأضاف «وفقاً للاتفاقيات التي تم التوصل إليها في وقت سابق، كان من المفترض أن تقضي دمشق على جميع التهديدات الحدودية ضد تركيا، لكن ما زلنا نراها».
بدوره، كان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، قد أعلن، أن الاستعدادات لعقد اجتماع وزراء خارجية روسيا وسوريا وإيران وتركيا تجري بنشاط.
وأضاف الوزير الذي كان يتحدث قبل أيام، أنه «يتم حالياً الاتفاق على موعد ومكان ومحددات الاجتماع الرباعي للوزراء، في حين تم التأكيد على أنه لا ينبغي أن تكون هناك شروط أولية لاجتماع الوزراء».
وكانت موسكو قد أبلغت أنقرة باحتمال عقد اجتماع وزراء خارجية روسيا وسوريا وإيران وتركيا مطلع مايو (أيار)، وأن عملية تحديد الموعد النهائي للاجتماع جارية.


مقالات ذات صلة

«قصف إسرائيلي» يُخرج مطار حلب من الخدمة

المشرق العربي «قصف إسرائيلي» يُخرج مطار حلب من الخدمة

«قصف إسرائيلي» يُخرج مطار حلب من الخدمة

أعلنت سوريا، أمس، سقوط قتلى وجرحى عسكريين ومدنيين ليلة الاثنين، في ضربات جوية إسرائيلية استهدفت مواقع في محيط مدينة حلب بشمال سوريا. ولم تعلن إسرائيل، كعادتها، مسؤوليتها عن الهجوم الجديد الذي تسبب في إخراج مطار حلب الدولي من الخدمة.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي لا تأكيد أميركياً لقتل تركيا زعيم «داعش» في سوريا

لا تأكيد أميركياً لقتل تركيا زعيم «داعش» في سوريا

في حين أعلنت الولايات المتحدة أنها لا تستطيع تأكيد ما أعلنته تركيا عن مقتل زعيم تنظيم «داعش» الإرهابي أبو الحسين الحسيني القرشي في عملية نفذتها مخابراتها في شمال سوريا، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إن قوات بلاده حيدت (قتلت) 17 ألف إرهابي في السنوات الست الأخيرة خلال العمليات التي نفذتها، انطلاقاً من مبدأ «الدفاع عن النفس».

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي إردوغان يعلن مقتل «الزعيم المفترض» لتنظيم «داعش» في سوريا

إردوغان يعلن مقتل «الزعيم المفترض» لتنظيم «داعش» في سوريا

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، يوم أمس (الأحد)، مقتل «الزعيم المفترض» لتنظيم «داعش» في سوريا خلال عملية نفذتها الاستخبارات التركية. وقال إردوغان خلال مقابلة متلفزة: «تم تحييد الزعيم المفترض لداعش، واسمه الحركي أبو الحسين القرشي، خلال عملية نفذها أمس (السبت) جهاز الاستخبارات الوطني في سوريا». وكان تنظيم «داعش» قد أعلن في 30 نوفمبر (تشرين الأول) مقتل زعيمه السابق أبو حسن الهاشمي القرشي، وتعيين أبي الحسين القرشي خليفة له. وبحسب وكالة الصحافة الفرنيسة (إ.ف.ب)، أغلقت عناصر من الاستخبارات التركية والشرطة العسكرية المحلية المدعومة من تركيا، السبت، منطقة في جينديرس في منطقة عفرين شمال غرب سوريا.

«الشرق الأوسط» (إسطنبول)
المشرق العربي الرئيس التونسي يعيّن سفيراً جديداً لدى سوريا

الرئيس التونسي يعيّن سفيراً جديداً لدى سوريا

قالت الرئاسة التونسية في بيان إن الرئيس قيس سعيد عيّن، اليوم الخميس، السفير محمد المهذبي سفيراً فوق العادة ومفوضاً للجمهورية التونسية لدى سوريا، في أحدث تحرك عربي لإنهاء العزلة الإقليمية لسوريا. وكانت تونس قد قطعت العلاقات الدبلوماسية مع سوريا قبل نحو عشر سنوات، احتجاجاً على حملة الأسد القمعية على التظاهرات المؤيدة للديمقراطية عام 2011، والتي تطورت إلى حرب أهلية لاقى فيها مئات آلاف المدنيين حتفهم ونزح الملايين.

«الشرق الأوسط» (تونس)
المشرق العربي شرط «الانسحاب» يُربك «مسار التطبيع» السوري ـ التركي

شرط «الانسحاب» يُربك «مسار التطبيع» السوري ـ التركي

أثار تمسك سوريا بانسحاب تركيا من أراضيها ارتباكاً حول نتائج اجتماعٍ رباعي استضافته العاصمة الروسية، أمس، وناقش مسار التطبيع بين دمشق وأنقرة.


موجة نزوح جديدة في غزة... وإصابة مدير مستشفى «كمال عدوان» بقصف إسرائيلي

الدخان يتصاعد بعد غارة جوية إسرائيلية على مخيم النصيرات بوسط قطاع غزة (د.ب.أ)
الدخان يتصاعد بعد غارة جوية إسرائيلية على مخيم النصيرات بوسط قطاع غزة (د.ب.أ)
TT

موجة نزوح جديدة في غزة... وإصابة مدير مستشفى «كمال عدوان» بقصف إسرائيلي

الدخان يتصاعد بعد غارة جوية إسرائيلية على مخيم النصيرات بوسط قطاع غزة (د.ب.أ)
الدخان يتصاعد بعد غارة جوية إسرائيلية على مخيم النصيرات بوسط قطاع غزة (د.ب.أ)

أفادت وزارة الصحة في غزة، الأحد، بارتفاع عدد قتلى الحرب الإسرائيلية على القطاع إلى 44 ألفاً و211 وإصابة 104 آلاف و567 منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأوضحت الوزارة في بيان أن 35 شخصاً قُتلوا، وأصيب 94 خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية. وأكدت الوزارة أن هناك عدداً من الضحايا تحت الركام وفي الطرقات لا تستطيع طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم.

وأصدر الجيش الإسرائيلي أوامر إخلاء جديدة للسكان في مناطق بأحد الأحياء الواقعة في شرق مدينة غزة؛ ما أدى إلى موجة نزوح جديدة، الأحد، في الوقت الذي أعلن فيه مسعفون فلسطينيون إصابة مدير مستشفى في غزة خلال هجوم بطائرة مسيَّرة إسرائيلية.

وفي منشور على منصة «إكس»، أعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أوامر إخلاء جديدة في حي الشجاعية، وعزا ذلك إلى القذائف الصاروخية التي يطلقها مسلحون فلسطينيون من تلك المنطقة الواقعة في شمال قطاع غزة. وأضاف المتحدث: «من أجل أمنكم، عليكم إخلاؤها فوراً جنوباً».

وأعلنت «كتائب القسام»، الجناح العسكري لحركة «حماس»، مسؤوليتها عن إطلاق الصواريخ، السبت، وقالت إن الهجوم استهدف قاعدة للجيش الإسرائيلي على الحدود، وفق ما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

أحدث موجة نزوح

أظهرت لقطات مصورة منشورة على وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل إعلام فلسطينية سكاناً يغادرون حي الشجاعية على عربات تجرها حمير وعربات أخرى صغيرة، بينما كان آخرون يسيرون على الأقدام من بينهم أطفال.

وقال سكان ووسائل إعلام فلسطينية إن العائلات التي تعيش في المناطق المستهدفة بدأت في الفرار من منازلها منذ حلول الظلام، السبت، وحتى الساعات الأولى من صباح الأحد، وهي أحدث موجة نزوح منذ بدء الحرب قبل 13 شهراً.

وفي وسط قطاع غزة، قال مسؤولون في قطاع الصحة إن 10 فلسطينيين على الأقل قُتلوا في غارات جوية إسرائيلية على مخيمي المغازي والبريج منذ الليلة الماضية.

وأفادت وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية بمقتل وإصابة عدد من الفلسطينيين، ظهر الأحد، في قصف إسرائيلي لمخيمي جباليا والنصيرات، في شمال ووسط قطاع غزة.

إصابة مدير مستشفى

في شمال غزة، حيث تعمل القوات الإسرائيلية منذ أوائل الشهر الماضي ضد مسلحي «حماس» الذين يحاولون إعادة تنظيم صفوفهم، قال مسؤولون بوزارة الصحة إن طائرة مسيرة إسرائيلية أسقطت قنابل على «مستشفى كمال عدوان»؛ ما أدى إلى إصابة مدير المستشفى حسام أبو صفية.

وقال أبو صفية في بيان مصور وزعته وزارة الصحة، الأحد: «لكن والله هذا شيء لن يوقفنا عن إكمال مسيرتنا الإنسانية، وسنبقى نقدم هذه الخدمة مهما كلفنا».

وأضاف من سريره في المستشفى: «(بيستهدفوا) الكل لكن والله هذا شيء لن يوقفنا... أنا أصبت وأنا في مكان عملي نحن نُضرب يومياً استهدفونا قبل هيك استهدفوا مكتبي وأمس 12 إصابة لأطبائنا العاملين وقبل قليل استهدفوني، ولكن هذا لن يثنينا سنبقى نقدم الخدمة».

وتقول القوات الإسرائيلية إن المسلحين يستخدمون المباني المدنية ومنها المباني السكنية والمستشفيات والمدارس غطاءً لعملياتهم. وتنفي «حماس» ذلك، وتتهم القوات الإسرائيلية باستهداف المناطق المأهولة بالسكان بشكل عشوائي.

نسف مئات المنازل

و«كمال عدوان» هو أحد المستشفيات الثلاثة في شمال غزة التي لا تزال بالكاد تعمل؛ إذ قالت وزارة الصحة إن القوات الإسرائيلية احتجزت وطردت الطاقم الطبي، ومنعت الإمدادات الطبية الطارئة والغذاء والوقود من الوصول إليهم.

وقالت إسرائيل في الأسابيع القليلة الماضية إنها سهلت توصيل الإمدادات الطبية والوقود ونقل المرضى من مستشفيات شمال غزة بالتعاون مع وكالات دولية مثل منظمة الصحة العالمية.

وقال سكان في 3 بلدات محاصرة في شمال غزة، جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون، إن القوات الإسرائيلية نسفت مئات المنازل منذ تجدد العمليات في منطقة قالت إسرائيل قبل أشهر إنها جرى تطهيرها من المسلحين.

ويقول الفلسطينيون إن إسرائيل تبدو عازمة على إخلاء المنطقة بشكل دائم لإنشاء منطقة عازلة على طول الحدود الشمالية لغزة، وهو اتهام تنفيه إسرائيل.