مصر: هل تساهم الصادرات الزراعية في الحد من تبعات الأزمة الاقتصادية؟

بعد ارتفاعها بنسبة 10 %

مسؤولون مصريون يتفقدون مشروعات زراعية (الصفحة الرسمية لوزارة الزراعة المصرية)
مسؤولون مصريون يتفقدون مشروعات زراعية (الصفحة الرسمية لوزارة الزراعة المصرية)
TT

مصر: هل تساهم الصادرات الزراعية في الحد من تبعات الأزمة الاقتصادية؟

مسؤولون مصريون يتفقدون مشروعات زراعية (الصفحة الرسمية لوزارة الزراعة المصرية)
مسؤولون مصريون يتفقدون مشروعات زراعية (الصفحة الرسمية لوزارة الزراعة المصرية)

في الوقت الذي يزداد فيه رهان الحكومة المصرية على زيادة الصادرات بشكل عام، لتوفير الدولار «العملة الصعبة»، ضمن إجراءات أخرى تستهدف الحد من تبعات الأزمة الاقتصادية، ذكر تقرير رسمي الأربعاء أن «صادرات مصر من المحاصيل الزراعية زادت بنحو 10 في المائة عن الفترة نفسها من العام السابق».

ووفقا لوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي المصرية: «بلغت صادرات مصر من المنتجات الزراعية نحو مليونين و506 آلاف طن خلال الفترة من أول يناير (كانون الثاني) حتى أبريل (نيسان) 2023، بزيادة قدرها 230 ألف طن، أي نحو 10 في المائة عن الفترة نفسها من العام الماضي».


مسؤولون مصريون يتفقدون مشروعات زراعية (الصفحة الرسمية لوزارة الزراعة المصرية)

ومن أبرز المحاصيل الزراعية التي حققت «رواجا» في التصدير، بحسب التقرير، الذي أعلنه وزير الزراعة واستصلاح الأراضي المصري السيد القصير، الموالح، والبطاطس، والبصل الطازج، والبطاطا، والرمان، والثوم، والفراولة، والفاصولياء، والجوافة.

وتصدرت الموالح قائمة الصادرات المصرية، حيث بلغ إجمالي ما تم تصديره منها خلال الفترة التي رصدها التقرير مليونا و302 ألف طن. وجاءت البطاطس الطازجة في المركز الثاني ﺑ456 ألف طن، بينما تم تصدير ما يقرب من 189 ألف طن بصل. واحتلت الفاصولياء والبطاطا المركز الرابع في الصادرات الزراعية بإجمالي 48 ألف طن، لكل منهما، تلتهما الفراولة بإجمالي كمية بلغت 23 ألف طن، ثم الثوم بـ12 ألف طن، والجوافة 7 آلاف طن، والرمان 4 آلاف طن.


مسؤول مصري يتفقد مشروعات زراعية (الصفحة الرسمية لوزارة الزراعة المصرية)

وتباينت آراء الخبراء حول ما إذا كانت زيادة الصادرات الزراعية يمكنها أن تحد من تأثيرات الأزمة الاقتصادية، لكنهم اتفقوا أنه «من الناحية النظرية تساهم زيادة الصادرات في التقليل من حدة الأزمة الاقتصادية عبر توفير العملة الصعبة (الدولار)». وقال الخبير الاقتصادي الدكتور رشاد عبده لـ«الشرق الأوسط»، إن «زيادة الصادرات الزراعية بنسبة 10 في المائة كما ذكر التقرير تبدو متواضعة، فالمحك قيمتها بالدولار، بمعنى كم دولارا أدخلته لمصر، كما أنه لا يمكن تناولها بالتحليل بمعزل عما تدفعه مصر من دولارات لاستيراد سلع غذائية أخرى».


مسؤول مصري يتفقد مشروعات زراعية (الصفحة الرسمية لوزارة الزراعة المصرية)

وتسعى مصر إلى زيادة صادراتها من المنتجات الزراعية عبر النهوض بالقطاع الزراعي وتطويره، وفتح أسواق جديدة للمنتج المصري. وقال وزير الزراعة المصري السيد القصير إنه «يمكن للدولة المصرية زيادة الصادرات الزراعية لتوفير العملة الصعبة، مع الاهتمام في الوقت ذاته بعمليات التصنيع الزراعية»، موضحا، في إفادة رسمية سابقة، أنه «تم فتح أسواق جديدة للمنتجات الزراعية المصرية لم تكن إتاحتها سهلة في السابق، منها تصدير منتجات مصر من الموالح لأول مرة للسوق اليابانية، وكذلك فتح السوق الصينية للعنب المصري».

ومن جانبه، قال أستاذ الاقتصاد الزراعي الدكتور شريف سمير فياض لـ«الشرق الأوسط»، إنه «من الناحية النظرية، فإن زيادة الصادرات الزراعية تسهم في الحد من تبعات الأزمة الاقتصادية عبر توفير دخل من الدولار، وإذا استمرت الزيادة التي تحققت من الصادرات خلال الشهور الأولى من العام الحالي، بالمعدل نفسه، فيمكنها أن تحقق رقما كبيرا يتجاوز 10 ملايين طن، وهو معدل جيد». ووفق فياض فإن «المشكلة أن الصادرات المصرية قد تكون زادت بهذا المعدل نتيجة انخفاض قيمة الجنيه (الدولار يعادل نحو 30.85 جنيه في المتوسط) وليس نتيجة زيادة الإنتاج، لذلك يجب الاهتمام بزيادة الإنتاج».

 


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


اتهامات بـ«انتهاكات جسيمة» ضد مهاجرين تلاحق ميليشيا ليبية

مهاجرون غير نظاميين من غانا قبيل ترحيلهم من طرابلس (وزارة الداخلية بغرب ليبيا)
مهاجرون غير نظاميين من غانا قبيل ترحيلهم من طرابلس (وزارة الداخلية بغرب ليبيا)
TT

اتهامات بـ«انتهاكات جسيمة» ضد مهاجرين تلاحق ميليشيا ليبية

مهاجرون غير نظاميين من غانا قبيل ترحيلهم من طرابلس (وزارة الداخلية بغرب ليبيا)
مهاجرون غير نظاميين من غانا قبيل ترحيلهم من طرابلس (وزارة الداخلية بغرب ليبيا)

تلاحق ميليشيا مسلحة في غرب ليبيا اتهامات حقوقية متزايدة بارتكاب «انتهاكات جسيمة» ضد مهاجرين غير شرعيين من جنسيات متعددة، تشمل المصرية والسورية والعراقية، بالإضافة إلى ابتزاز أسرهم مالياً.

وتأتي هذه الاتهامات بالتزامن مع ترحيب بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بالجهود المبذولة لمعالجة أوضاع حقوق الإنسان للمحتجزين، لا سيما ما يتعلق بالتصدي للاحتجاز التعسفي على أيدي السلطات في شرق البلاد وغربها.

ويقبع المهاجرون المحتجزون في مركز تابع لميليشيا تُعرف باسم «كتيبة الإسناد الأولى»، تحت قيادة محمد الأمين العربي كشلاف، المُلقّب بـ«القصب»، والمعروف أيضاً بقيادته ميليشيا «شهداء النصر»، التي أُدرجت على قائمة عقوبات مجلس الأمن الدولي عام 2018، لدورها في تهريب المهاجرين والاتجار بالبشر، حسب حقوقيين، من بينهم المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا.

مهاجرون جرى التمكن من إنقاذهم بعد غرق قاربهم الذي انطلق من سواحل ليبيا باتجاه أوروبا (أرشيفية - أ.ب)

وتقول مؤسسة حقوق الإنسان في ليبيا إن المحتجزين «يُعاملون في ظروف اعتقال سيئة للغاية، تتجاوز كل الأطر القانونية، وهم من جنسيات متنوعة تشمل المصريين، والأكراد السوريين والعراقيين، والبنغلاديشيين».

وحسب بيان المنظمة الحقوقية، تتراوح الانتهاكات بين الاحتجاز التعسفي والابتزاز المالي لأسر المحتجزين، بهدف إجبارها على دفع مبالغ باهظة لإطلاق سراح أبنائها، وسط أنباء عن حالات وفاة بين مهاجرين من بنغلاديش «نتيجة التعذيب الجسدي».

وأظهرت تسجيلات مصوّرة بثتها المنظمة الحقوقية تكدس المحتجزين على الأرض داخل إحدى غرف الاحتجاز، على نحو يعكس حجم معاناتهم اليومية.

وتُعدّ مدينة الزاوية بغرب ليبيا، حيث يقع مركز الاحتجاز، ساحة مركزية للميليشيات المرتبطة بتهريب المهاجرين. وللمدينة أهمية استراتيجية لوجود أكبر مصفاة نفط في الغرب الليبي بها، ولأنها تربط بين حقول النفط والطرق الساحلية، فضلاً عن استخدامها ميناء لتصدير النفط.

ويقول رئيس «مركز بنغازي لدراسات الهجرة واللجوء» طارق لملوم، إن الانتهاكات في الزاوية «ليست تجاوزات فردية، بل نمط ممنهج من تهريب المهاجرين والاتجار بهم، تطور عبر السنوات إلى اقتصاد جريمة متكامل يشمل ثلاث مراحل: تهريب المهاجرين عبر البحر، اعتراضهم وإعادتهم، وأخيراً تحوُّل هذه الإعادات إلى شبكات احتجاز قسري وطلب فدية واستغلال».

ويضيف لملوم لـ«الشرق الأوسط» أن هذه الشبكات، رغم إدراج قادتها على قوائم العقوبات الدولية، تواصل نشاطها في أغلب المدن الساحلية الليبية، من زوارة مروراً بالمنطقة الوسطى إلى أمساعد على الحدود المصرية، «مستفيدة من حماية اجتماعية وقبلية، وغطاء سياسي من مسؤولين وبرلمانيين، بالإضافة إلى تعاون جهات رسمية داخل الدولة».

ولا تتوافر في ليبيا إحصاءات رسمية دقيقة لعدد السكان والمهاجرين غير النظاميين، حيث يدخل آلاف منهم عبر الصحراء أو منافذ غير خاضعة للرقابة، في حين أعادت سلطات العاصمة في مطلع الشهر الحالي الحديث عن أن ليبيا «تعاني من وجود 3 ملايين مهاجر على أرضها، دخلوا خلال السنوات الأخيرة بطرق غير مشروعة».

وسبق أن قدّرت منظمات أوروبية عدد المهاجرين في ليبيا بنحو مليون و500 ألف مهاجر، من بينهم آلاف داخل مراكز الإيواء في غرب البلاد، وشرقها.

مهاجرون غير نظاميين قبل ترحيلهم من ليبيا إلى مصر (جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية في ليبيا)

جاء ذلك بالتزامن مع ترحيب بعثة الأمم المتحدة بالجهود كافّة لمعالجة أوضاع حقوق الإنسان للمحتجزين، لا سيما التصدي للاحتجاز التعسفي وضمان إشراف مدني كامل على مراكز الاحتجاز.

ووصفت البعثة تشكيل اللجنة الوطنية المؤقتة لمتابعة أوضاع السجناء في بنغازي، وخطوة إنشاء اللجنة الحقوقية في طرابلس؛ بأنه «إيجابي»، مع الإشارة إلى الجهود المستمرة للنائب العام لتحسين أوضاع الاحتجاز وتعزيز حقوق الإنسان وسيادة القانون.

غير أن طارق لملوم عدَّ هذه الإجراءات «شكلية وغير كافية»، مؤكداً أن اللجان غالباً ما تنتهي دون محاسبة أو تفكيك الشبكات المتورطة.

وحسب رؤية الحقوقي الليبي فإن «المشكلة بنيوية؛ إذ تتداخل الجريمة المنظمة مع الأجهزة الأمنية والمجموعات المسلحة، وتتمتع بغطاء سياسي وقبلي»، وهو يرى أن وضع حد للانتهاكات «يتطلّب فصل الاحتجاز عن الجهات المتهمة بالاتجار، وفتح تحقيقات قضائية حقيقية تؤدي إلى إحالات للنيابة، وتجميد أي صفة رسمية للمتورطين، مع نشر نتائج التحقيقات».

وأضاف أنه من الضروري كذلك «وقف أي تعاون دولي مع الجهات المتورطة، وتحويل الملف من إطار أمني ضيق إلى إطار حقوقي وقضائي لمساءلة الفاعلين وقطع الغطاء السياسي عنهم».

وتكشف أحدث أرقام أعلنتها «المنظمة الدولية للهجرة» هذا الشهر عن إعادة 307 مهاجرين من البحر إلى ليبيا خلال أسبوع واحد، ليصل عدد المعادين منذ بداية العام إلى 26635، بينهم 2336 امرأة و965 طفلاً.


مصر توسع تعاونها مع جيبوتي وسط تصاعد توترات «القرن الأفريقي»

الرئيس الجيبوتي خلال لقاء نائب رئيس الوزراء المصري للتنمية الصناعية الاثنين (وزارة النقل المصرية)
الرئيس الجيبوتي خلال لقاء نائب رئيس الوزراء المصري للتنمية الصناعية الاثنين (وزارة النقل المصرية)
TT

مصر توسع تعاونها مع جيبوتي وسط تصاعد توترات «القرن الأفريقي»

الرئيس الجيبوتي خلال لقاء نائب رئيس الوزراء المصري للتنمية الصناعية الاثنين (وزارة النقل المصرية)
الرئيس الجيبوتي خلال لقاء نائب رئيس الوزراء المصري للتنمية الصناعية الاثنين (وزارة النقل المصرية)

في ظل تصاعد التوترات بمنطقة القرن الأفريقي، تُوسع مصر تعاونها مع جيبوتي عبر تعزيز مشروعات البنية التحتية والنقل. وأجرى الرئيس الجيبوتي إسماعيل عمر غيله، الاثنين، محادثات مع نائب رئيس الوزراء المصري للتنمية الصناعية، وزير الصناعة والنقل، كامل الوزير، خلال زيارته التي قام بها إلى جيبوتي.

وأكد غيله أن «الزيارة تُجسد العلاقة القوية والتاريخية بين جيبوتي ومصر، والتي تمثل حجر الأساس في خدمة الشعبين، وتعكس حرص قيادة البلدين على التعاون الجاد في مختلف المجالات»، مشيراً إلى «أهمية الزيارة التاريخية التي قام بها الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى جيبوتي في أبريل (نيسان) الماضي، والتي تم التأكيد خلالها على أهمية تعميق التعاون الثنائي بين البلدين في مجالات عدة، والارتقاء بحجم التبادل التجاري بين البلدين ليتناسب مع عمق العلاقات الثنائية المتميزة، خاصة مع الدور المحوري لكل من مصر وجيبوتي في محيطهما الإقليمي والدولي، ومع ما تشهده مصر من تطور كبير في كافة المجالات».

في حين أكد الوزير على التباحث المثمر مع عدد من وزراء الحكومة الجيبوتية لزيادة حجم التبادل التجاري والتعاون المشترك في قطاعات النقل والصناعة والزراعة والسياحة، والعمل على وضع خطة شاملة لإقامة مشروعات تكاملية وتجارية وزراعية بين مصر وجيبوتي.

وبلغ حجم التبادل التجاري بين مصر وجيبوتي نحو 122.4 مليون دولار خلال عام 2024 مقابل 161.9 مليون دولار في 2023، وفق «الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء» بمصر في أبريل الماضي.

أستاذة العلوم السياسية، الخبيرة في الشؤون الأفريقية، نجلاء مرعي، ترى أن «الزيارة المصرية لجيبوتي نقطة انطلاق جديدة للتعاون بين البلدين، خصوصاً في بعض القطاعات المهمة، وعلى رأسها البنية التحتية والطاقة، والاقتصاد الأخضر»، مضيفة لـ«الشرق الأوسط» أن «الجانب المصري يحرص دائماً على متابعة تنفيذ مخرجات زيارة الرئيس السيسي لجيبوتي في أبريل الماضي».

كما شارك كامل الوزير، الاثنين، في الاجتماع الموسع مع أعضاء «مجلس الأعمال المصري - الجيبوتي»، وأشار إلى أن «الزيارة التي قام بها الرئيس السيسي لجيبوتي شكّلت محطة فارقة في مسار العلاقات الثنائية بين البلدين، وجاءت تتويجاً للتوجه المصري نحو تعزيز التعاون مع جيبوتي على مدار السنوات الماضية، والبناء على الزيارتين الرئاسيتين المتبادلتين، وهما زيارة الرئيس السيسي إلى جيبوتي عام 2021، والتي كانت الأولى من نوعها في تاريخ العلاقات بين البلدين، وزيارة الرئيس غيله إلى مصر في 2022».

كامل الوزير أثناء عدد من اللقاءات في جيبوتي الاثنين (وزارة النقل المصرية)

وأوضح الوزير أنه «تم التأكيد خلال اجتماع (مجلس الأعمال) على تعزيز العلاقات بين البلدين وتعميق أواصر التعاون الاقتصادي والاستثماري، بما يحقق المصالح المشتركة ويُسهم في دعم مسارات التنمية المستدامة في البلدين، وتحويلها إلى مشروعات وفرص حقيقية على أرض الواقع، وذلك في إطار حرص الدولة المصرية على تعظيم دورها المحوري في منطقة القرن الأفريقي، والتي تمثل جيبوتي إحدى أهم ركائزها الأساسية، بالنظر إلى موقعها الجغرافي الفريد ودورها المحوري في أمن البحر الأحمر وسلامة الملاحة الدولية».

وتشهد منطقة القرن الأفريقي توترات متصاعدة بسبب «أمن البحر الأحمر»، وأخيراً الموقف الموحد تجاه إدانة إعلان إسرائيل الاعتراف بإقليم «أرض الصومال» دولة مستقلة.

وتعليقاً على الزيارة، قالت مرعي إن «الزيارة جاءت من منطلق تعزيز دور مصر الاقتصادي في دول الساحل الغربي للبحر الأحمر، وهو ضرورة استراتيجية بسبب المساعي الإثيوبية من أجل النفوذ والتوسع»، الأمر الذي يتطلب من مصر «توسيع المشروعات اللوجيستية وتطوير المواني المشتركة مع السودان وجيبوتي وإريتريا، خاصة أن مصر أنشأت (الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية) لتعزيز ارتباط دول الإقليم بالمصالح المصرية».

وتابعت: «شهدنا زيارات مكوكية متبادلة من قبل مصر وبعض دول القرن الأفريقي، في ظل التوترات المتصاعدة بين أديس أبابا وأسمرة بسبب المنفذ البحري». وأشارت إلى لقاء الرئيس السيسي ونظيره الإريتري أسياس أفورقي، في القاهرة نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وما حملته هذه الزيارة من «رسائل سياسية تجاوزت الطابع الثنائي للعلاقات بين البلدين»، موضحة أن مصر «تؤكد دائماً على تعزيز التعاون لضمان أمن البحر الأحمر، وعدم التأثير على الملاحة البحرية، كما تؤكد على تكثيف التنسيق مع الدول العربية والأفريقية المتشاطئة من أجل استقرار البحر الأحمر».

كامل الوزير خلال لقاء عدد من الوزراء من جيبوتي الاثنين (وزارة النقل المصرية)

وخلال زيارة الوزير المصري لجيبوتي عقد الاثنين سلسلة لقاءات مع عدد من وزراء الحكومة الجيبوتية، مؤكداً أن «مصر تنظر إلى جيبوتي باعتبارها شريكاً استراتيجياً في مجالات النقل البحري والمواني والخدمات اللوجيستية». كما شهد هو ووزير البنية التحتية والتجهيزات في جيبوتي، حسن حمد إبراهيم، توقيع عدد من الاتفاقيات المهمة للتعاون بين البلدين في مجالات النقل البحري والمناطق اللوجيستية والطاقة الخضراء.

واعتبرت أستاذة العلوم السياسية أن «هذه الاتفاقيات مهمة؛ لأنها تمت في إطار الاتفاقيات المحورية لدعم التبادل التجاري، والنفاذ للأسواق الإقليمية المجاورة»، لافتة إلى أن «مصر حريصة على ما يتعلق بتطوير المواني البحرية، وأن يكون هناك تنسيق فيما يتعلق بإدارة المواني». وقالت إن «الاتفاقيات التي وُقّعت بين البلدين تأتي في سياق السياسة الاقتصادية المصرية واحتياجات الجنوب، وهنا أتحدث عن القرن الأفريقي والبحر الأحمر».

وترى أن «الاتفاقيات التي تمت بين مصر وجيبوتي لها أهميتها خلال الوقت الحالي؛ لأن جيبوتي إحدى الدول المشاطئة للبحر الأحمر، ومن دول القرن الأفريقي المهمة»، لافتة إلى أن «مصر حريصة على تعزيز دورها الاقتصادي في الساحل الغربي للبحر الأحمر؛ لأنه ضرورة استراتيجية». كما أوضحت أيضاً أن «مصر حريصة على استقرار المنطقة، وهي ليست ضد تنمية الشعوب الأفريقية، لكنها ترفض التهديد عبر المياه، والوصول للبحر الأحمر على حساب السيادة الوطنية للدول».


مصر تُصعّد أفريقياً في مواجهة الاعتراف الإسرائيلي بـ«أرض الصومال»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يستقبل الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود في مدينة العلمين (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يستقبل الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود في مدينة العلمين (الرئاسة المصرية)
TT

مصر تُصعّد أفريقياً في مواجهة الاعتراف الإسرائيلي بـ«أرض الصومال»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يستقبل الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود في مدينة العلمين (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يستقبل الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود في مدينة العلمين (الرئاسة المصرية)

مواقف مصرية متتالية لليوم الثالث، تشتبك فيها مع الاعتراف الإسرائيلي بإقليم «أرض الصومال» الانفصالي بمقديشو، الذي تجمعه بالقاهرة اتفاق دفاع مشترك.

تلك المواقف المصرية يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تصعيداً أفريقياً محسوباً في مواجهة ذلك الاعتراف الإسرائيلي دون أن يصل لصدام، مشيرين إلى أن مصر ستتحرك عبر المؤسسات الدولية والأفريقية والدول المشاطئة للبحر الأحمر، لتوحيد المواقف وتعظيم الضغوط الرافضة، مع عدم استبعاد قيام القاهرة بوساطة لحوار صومالي - صومالي.

وطالبت مصر، الاثنين، بعقد جلسة طارئة لمجلس السلم والأمن الأفريقي، لرفض الاعتراف الإسرائيل بالإقليم الانفصالي أرض الصومال، وذلك في كلمة لوزير الخارجية بدر عبد العاطي، في الجلسة الوزارية لمجلس السلم والأمن الأفريقي، التي عُقدت افتراضياً، وفق بيان لـ«الخارجية المصرية».

وأعاد عبد العاطي في كلمته «تأكيد رفض مصر التام للاعتراف الإسرائيلي بما يسمى أرض الصومال بوصفه انتهاكاً صارخاً لمبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة والقانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي، ويقوّض أسس السلم والأمن الإقليمي والدولي، وبصفة خاصة في منطقة القرن الأفريقي».

وطالب عبد العاطي بـ«عقد جلسة طارئة لمجلس السلم والأمن الأفريقي لتناول هذا التطور الخطير، ولتأكيد وحدة وسلامة الأراضي الصومالية ورفض الإجراءات الأحادية الإسرائيلية التي تهدد السلم والأمن الإقليميين والدوليين».

والجمعة، أفاد رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، في بيان لمكتبه، بأنه «أعلن الاعتراف الرسمي بجمهورية أرض الصومال دولة مستقلة ذات سيادة»، بينما لا يتمتع ذلك الإقليم باعتراف رسمي منذ إعلانه الانفصال عن الصومال عام 1991، وتوالت المواقف العربية والمصرية المنفردة والمشتركة.

وعبرت مصر في بيانين مشتركين مع دول منها السعودية والأردن وتركيا، عن رفض ذلك الاعتراف الإسرائيلي، بخلاف بيان مصري منفصل، يؤكد الأمر نفسه، وذلك أيام الجمعة والسبت، والأحد، وفق رصد «الشرق الأوسط».

رئيس الصومال حسن شيخ محمود خلال حفل أقيم بمناسبة الذكرى الثمانين لتأسيس قوة الشرطة (أ ف ب)

ويرى عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، مساعد وزير الخارجية الأسبق، السفير محمد حجازي، أن الدعوة المصرية الأخيرة مرتبطة بتصعيد الموقف الأفريقي تجاه الاعتراف الإسرائيلي عبر مجلس السلم والأمن الأفريقي بوصفه الجهاز المعني بمهددات الأمن على الساحة الأفريقية، إذ إن اعتراف إسرائيل يهدد أحد أهم مبادئ الاتحاد الأفريقي وهو مبدأ «قدسية الحدود»، مشيراً إلى أن دعوة مصر تأتي للتعبير عن المخاطر التي يحملها قرار الاعتراف على القارة السمراء بوصفه تهديداً صريحاً للأمن الأفريقي، لا سيما أنه يحرض على تنشيط «حركة الشباب» الإرهابية بهذه المنطقة.

ويشير الخبير في الشؤون الأفريقية، مدير «مركز دراسات شرق أفريقيا» في نيروبي، الدكتور عبد الله أحمد إبراهيم، «لوجود علاقات استراتيجية بين مصر والصومال، وهناك اتفاق دفاع مشترك، ومصر تتحرك من منطلق موقف وطني عربي بالمقام الأول، خصوصاً أن أي دور لإثيوبيا أو إسرائيل في باب المندب عبر الإقليم الانفصالي عن الصومال، تهديد لأمن مصر ودول البحر الأحمر»، مؤكداً أن هذا التصعيد الذي تدفع نحوه مصر مهم لتأمين الجبهة الأفريقية تزامناً مع خطوات دولية قد تتخذها مصر بمجلس الأمن.

ذلك الموقف المصري، يتناسب مع مشاركة القاهرة في اجتماع طارئ في الجامعة العربية على المندوبين، الأحد، والذي قرر تقديم طلب لمجلس الأمن لاتخاذ موقف حازم إزاء الاعتراف الإسرائيلي بإقليم الشمال الغربي للصومال ما يسمى إقليم أرض الصومال، مشدداً على حق مقديشو في الدفاع الشرعي عن أراضيها.

ويبحث مجلس الأمن لاحقاً التداعيات السياسية والقانونية لاعتراف إسرائيل بـ«أرض الصومال» دولةً مستقلة، بناءً على طلب عاجل تقدمت به الحكومة الفيدرالية في الصومال، التي عدت الخطوة الإسرائيلية «هجوماً متعمداً» على سيادتها ووحدة أراضيها.

وسبق أن رفضت مصر بقوة أي وجود إثيوبي في أرض الصومال عقب توقيع الجانبين اتفاقية في مطلع 2024، تسمح لأديس أبابا بالوجود عبر البحر الأحمر، وأبرمت في أغسطس (آب) من العام نفسه، اتفاقاً عسكرياً مع الصومال وأمدتها بمعدات وأسلحة في الشهر الذي يليه.

يلوح السكان بأعلام أرض الصومال وهم يتجمعون للاحتفال بإعلان إسرائيل الاعتراف بدولة أرض الصومال وسط مدينة هرجيسا (أ.ف.ب)

ويستبعد حجازي أن تصل الأزمة لصدام، وتوقع «تحركاً مصرياً متوالياً عبر المؤسسات الدولية والأفريقية وعبر مجلس الدول المشاطئة للبحر الأحمر، لتوحيد المواقف وتعظيم الضغوط الرافضة، مع تحرك مصري محتمل للقيام بوساطة وحوار صومالي - صومالي قبل الانتقال لأي مرحلة جديدة».

ورغم هذا التصعيد المصري، فإن إبراهيم، لا يعتقد أنها ستصل إلى مرحلة الصدام؛ إذ إن مصر وإسرائيل دولتان جارتان ولديهما علاقات دبلوماسية والقضية خارج حدودهما، لافتاً إلى أن الضغوط المصرية ستحاول إيجاد مخرج للقضية يحفظ الأمن القومي للبلاد وأمن دول البحر الأحمر على أساس أن استقرار الصومال هو استقرار للأمن القومي العربي، وفي المقابل هناك ترقب إسرائيلي للمواقف العربية لا سيما المصرية للبناء عليها بالتجميد أو التصعيد.