تخوفات من تداعيات الصراع في السودان على جنوب ليبيا

سياسيون يتوقعون أن يؤدي إلى تأجيل خروج «المرتزقة»

تصاعد الدخان خلف مبانٍ في الخرطوم اليوم (أ.ف.ب)
تصاعد الدخان خلف مبانٍ في الخرطوم اليوم (أ.ف.ب)
TT

تخوفات من تداعيات الصراع في السودان على جنوب ليبيا

تصاعد الدخان خلف مبانٍ في الخرطوم اليوم (أ.ف.ب)
تصاعد الدخان خلف مبانٍ في الخرطوم اليوم (أ.ف.ب)

تصاعدت مخاوف الليبيين من تداعيات الصراع المسلح في السودان، على جنوب بلادهم. فبينما حذر بعض السياسيين والخبراء الأمنيين من اختراق الحدود الجنوبية، نبّه آخرون إلى ضرورة التخلص من ظاهرة الميليشيات وتوحيد المؤسسة العسكرية، بالإضافة إلى انعكاس ما يجري في الخرطوم على ملف ترحيل «المرتزقة» إلى دولهم.
وحذر وزير الدفاع الليبي السابق محمد محمود البرغثي، «من أن ما يحدث بالسودان - بغض النظر عن نتائجه النهائية - سينعكس على الأوضاع في ليبيا، نظراً لوجود حدود مشتركة هشة أمنياً»، وتابع: «وهو ما يعني أن عناصر الفريق الخاسر بهذا الصراع قد يجدون بها ملاذاً آمناً وينطلقون منها نحو الأراضي الليبية».
وأضاف البرغثي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «قوات الجنجويد التابعين (لحميدتي) لديهم معرفة جيدة بالساحة الليبية، وبالتالي إذا ما لحقت بهم الهزيمة وطاردهم الجيش السوداني فقد نجدهم على حدودنا».
وقال: «جزء كبير من المرتزقة السودانيين الذين كنا نحاول إعادتهم في إطار مفاوضات اللجنة العسكرية المشتركة (5+ 5) والبعثة الأممية، من المنتمين لهذه القوات».
ويرى الوزير السابق أن القيادة العامة لـ«الجيش الوطني» بقيادة المشير خليفة حفتر، «قد تكون في تحدٍ بالغ إذا ما تحقق هذا السيناريو»، موضحاً: «الجميع يعرفون أن (الجيش الوطني) هو المسيطر بشرق ليبيا وجنوبها، وأن حكومة (الوحدة الوطنية) بطرابلس ليست لها سيطرة على الوضع بتلك المناطق؛ فضلاً عما يتردد عن وجود علاقات بين الجيش والجنجويد».
وانتهي الوزير إلى أن ما يحدث بالسودان قد يكون درساً «يجب على الليبيين الاستفادة منه بالمسارعة للتخلص من ظاهرة الميلشيات، وأنه لا ثقة بالأخيرة، والمسارعة بتوحيد المؤسسة العسكرية على أن تتولى رئاستها شخصية واحدة».
وركز عضو مجلس النواب الليبي، سعيد أمغيب، على قضية تأمين الحدود المشتركة مع السودان، وقال إنه «دولة جارة تربطنا مع حدود مشتركة وبكل تأكيد ما يحدث هناك سوف يلقي بظلاله على أمن حدودنا الجنوبية».
وذهب أمغيب في إدراج له على «فيسبوك» إلى أن «ما يحدث الآن من فوضي في السودان سوف يستفيد منه من يسعى للإضرار بالجنوب الشرقي لبلادنا ونحن في غمرة ساهون».
ولم يبتعد المرشح الرئاسي ورئيس حزب «التجديد» الليبي، سليمان البيوضي، عن الطرح السابق، متسائلاً عن مدى استعداد ليبيا لما يقع بالسودان من تطورات، وهو ما يستدعي - وفق قوله - «يقظة على كامل التراب الوطني، مع أولوية قصوى على الحدود في الجنوب الشرقي».
فيما تساءل رئيس حزب «التغيير» الليبي، جمعة القماطي، عن عدم صدور أي تصريحات من أي مسؤول ليبي «حول كيفية التعامل مع هذا التطور الخطير في السودان وآثاره المتوقعة على ليبيا».
وتوقع الباحث بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، أحمد عليبة، أن يتم تأجيل أي قضايا مشتركة بين الجانبين الليبي والسوداني، وفي مقدمتها ضبط الحدود وإخراج المرتزقة إلى أجل غير معلوم في ظل تفجر الصراع وعدم ظهور ملامح لاحتمالية التوصل لاتفاق تسوية لا هدنة.
وأوضح عليبة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن الإجراءات التي تمت بقضايا إخراج المرتزقة السودانيين وضبط الحدود خلال الفترة الماضية «ليست كبيرة أو كافية»، فالجانبان كانا في مرحلة حصر عناصر المرتزقة ونقاشات ضبط الحدود، وبالطبع «صار كل هذا في مهب الريح».
وقلل الباحث المصري، مما يطرح من سيناريوهات حول احتمالية لجوء الطرف المنهزم للحدود الليبية، موضحاً: «هناك سيناريوهات عديدة توضع باللحظة الراهنة، وهي قابلة للتغيير مع كل تطور، ولكن على سبيل المثال قد يكون خيار (حميدتي) إذا هزمت قواته العودة لخطوط الخلفية في دارفور وأعتقد أنه اهتم بوضع الخطط لذلك».
ورأى أن القيادة العامة لـ«الجيش الوطني» منهمكة بمشاريع داخلية، كالتركيز على الذهاب للانتخابات وبحث ترتيبات توحيد المؤسسة العسكرية، «وبالتالي لن تتحمل كما يعتقد البعض أعباء مشاريع خارجية، القضية أبعد من نطاق المجاملات وتتعداه لدائرة مصالح جوهرية للأطراف لا يمكن المغامرة بها».
أما فيما يتعلق بالحدود، فيرى عليبة، أن «مسارعة تشاد بإغلاق حدودها مع السودان ينبغي النظر له في إطار توتر العلاقة بين الجانبين ووجود امتداد لمجموعات إثنية»، متابعاً: «قد يتم اتخاذ القرار ذاته من قبل المسؤولين الليبيين إذا تطورت الأوضاع».
ولفت إلى أن «ما يحدث بالسودان قد يشكل أول اختبار وتحدٍ حقيقي للقوة المشتركة المناط تشكيلها للاضطلاع بحماية الجنوب الليبية».
ونوه عليبة بمحاولات أغلب دول المنطقة التوسط لدى الأطراف السودانية، لإيقاف القتال، وذلك في إطار «حرص الجميع على تجنيب بلادهم تداعيات انتشار الفوضى المسلحة بأي نقطة جوار».
وانتهى عليبة إلى أن «الجميع يتوقع استغلال التنظيمات الإرهابية وعصابات الجريمة المنظمة للصراع الراهن بالسودان إذا طال أمده».


مقالات ذات صلة

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

شمال افريقيا المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

بحثت نجلاء المنقوش مع نظيرها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها أمس إلى الجزائر، فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الأشخاص، بعد سنين طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا. وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان أن الوزيرين بحثا قضايا جارية في الساحتين المغاربية والعربية، منها تطورات ملف الصحراء، والمساعي العربية والدولية لوقف الاقتتال وحقن الدماء في السودان. وأكد البيان أن عطاف تلقى من المنقوش «عرضا حول آخر مستجدات العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، لإنهاء الأزمة في ليبيا».

شمال افريقيا وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

بحث وفدان عسكريان، أميركي وفرنسي، في ليبيا سبل إعادة بناء وتطوير المؤسسة العسكرية المُنقسمة، بين شرق البلاد وغربها، منذ إسقاط النظام السابق، في وقت زار فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» روما، والتقى برئيسة الوزراء بالحكومة الإيطالية جورجا ميلوني، وعدد من وزراء حكومتها. وفي لقاءين منفصلين في طرابلس (غرباً) وبنغازي (شرقاً)، التقى الوفدان الأميركي والفرنسي قيادات عسكرية للتأكيد على ضرورة توحيد الجيش الليبي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا «حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

«حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

لم يكن من قبيل الصدفة أن تقذف أمواج البحر المتوسط كميات متنوعة من المخدرات إلى السواحل الليبية، أو أن تتلقف شِباك الصيادين قرب الشاطئ «حزماً» من «الحشيش والكوكايين وحبوب الهلوسة»، فالبلاد تحوّلت -وفق تقرير أممي- إلى «معبر مهم» لهذه التجارة المجرّمة. وتعلن السلطات الأمنية في عموم ليبيا من وقت لآخر عن ضبط «كميات كبيرة» من المخدرات قبل دخولها البلاد عبر الموانئ البحري والبرية، أو القبض على مواطنين ووافدين وهو يروّجون هذه الأصناف التي يُنظر إليها على أنها تستهدف «عقول الشباب الليبي». غير أنه بات لافتاً من واقع عمليات الضبط التي تعلن عنها السلطات المحلية تزايُد تهريب المخدرات وتعاطيها، خصوصاً «حبوب

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا «النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

«النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

استهلّت اللجنة المُشتركة لممثلي مجلسي «النواب» و«الدولة» (6+6) المكلفة بإعداد قوانين الانتخابات الليبية، اجتماعاتها في العاصمة طرابلس بـ«الاتفاق على آلية عملها». وطبقاً لما أعلنه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، فقد شهد الاجتماع ما وصفه بتقارب في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة حول القوانين الانتخابية، مشيراً، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إلى أنه «تم أيضاً الاتفاق على التواصل مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية».

خالد محمود (القاهرة)

استبعاد المئات من «قوائم الإرهاب» بمصر يجدد الجدل بشأن «مصالحة الإخوان»

أثار قرار تحديث قوائم الإرهاب جدلاً واسعاً (أ.ف.ب)
أثار قرار تحديث قوائم الإرهاب جدلاً واسعاً (أ.ف.ب)
TT

استبعاد المئات من «قوائم الإرهاب» بمصر يجدد الجدل بشأن «مصالحة الإخوان»

أثار قرار تحديث قوائم الإرهاب جدلاً واسعاً (أ.ف.ب)
أثار قرار تحديث قوائم الإرهاب جدلاً واسعاً (أ.ف.ب)

أدى قرار استبعاد المئات من الإدراج على «قوائم الإرهاب» في مصر، بقرار من محكمة الجنايات، إلى إعادة الجدل بشأن إمكانية «المصالحة» مع جماعة «الإخوان»، في ظل تضمين القرار أسماء عدد من قيادات الجماعة «المحظورة» رسمياً، أو محسوبين عليها، وعلى رأسهم يوسف ندا، ووجدي غنيم، وأمير بسام، ويحيى حامد، والأخير شغل منصباً وزارياً خلال حكم الجماعة بين عامي 2012 و2013.

وقررت محكمة الجنايات رفع أسماء 716 شخصاً من قوائم الإرهابيين استجابة لطلب النائب العام في قضية «تمويل جماعة الإخوان»، التي بدأ تحريكها عام 2014، بينما تضمنت حيثيات القرار إجراء «الأمن الوطني» تحريات تكميلية بشأن 808 أشخاص سبق إدراجهم في القضية البالغ عدد المتهمين فيها أكثر من 1500 شخص.

وشهدت منصات التواصل الاجتماعي في مصر جدلاً بشأن تداعيات القرار، فبينما فسره البعض بوصفه «يمهد لإمكانية التصالح مع الإخوان»، نفى آخرون ذلك وبينهم برلمانيون مصريون، مشددين على أن «الإجراء طبيعي وقانوني ولا يمثل بداية لأي مصالحة مع الإخوان»، التي صنفت «إرهابية» بأحكام قضائية.

وذكر عدد من المدونين تأكيدات على استمرار إدراج بعض الأسماء على القوائم، لكن في قضايا أخرى بخلاف القضية التي جرى رفع اسمهم فيها.

ودشن عدد من المتابعين وسم «لا تصالح مع الإخوان» للتعبير عن رفضهم القرار، مستذكرين الضباط والجنود الذين سقطوا ضحايا للعمليات الإرهابية.

ودخل عضو مجلس النواب (البرلمان) النائب محمود بدر على خط السجال مستبعداً في تدوينة عبر حسابه على «إكس»، أن يكون القرار مقدمة للمصالحة مع «الإخوان»، مؤكداً أن الإدراج على القوائم «إجراء احترازي» لم تعد هناك حاجة لتطبيقه على الأسماء التي صدر قرار برفعها.

وأضاف أن بعض الشخصيات رحلت عن الحياة على غرار القرضاوي ونجل الرئيس الأسبق محمد مرسي، والبعض الآخر صدرت بحقه أحكام قضائية نهائية، والبعض صدر بحقه قرار بالعفو الرئاسي ويمارس حياته بشكل اعتيادي، ولم تعد هناك ضرورة لتطبيق هذا الإجراء الاحترازي بحقه.

وهنا يشير الصحافي المتخصص بالملف القضائي محمد بصل لـ«الشرق الأوسط»، إلى صعوبة تحديد أعداد المدرجين على قوائم «الإرهاب» بسبب وجود كثير من القضايا وتكرار أسماء بعض الشخصيات في أكثر من قائمة، الأمر الذي يؤدي أيضاً لصعوبة تحديد الأعداد الفعلية التي استفادت من قرار المحكمة الأخير، مشيراً إلى أن الأعداد الفعلية للمدرجين تقدر بـ«الآلاف».

وأضاف أن النيابة العامة والجهات القضائية وحدهما القادرتان على حصر الأسماء غير المتكرر إدراجها في قوائم أخرى لتحديد استفادتها من قرار المحكمة، مشيراً إلى أن القضية التي فتح التحقيق فيها قبل سنوات، لم يصدر أي قرار بحبس أي متهم فيها حتى الآن، ولم تتم إحالة المتهمين فيها للمحاكمة، وكان الإدراج على قوائم الإرهاب الإجراء القانوني الوحيد المتخذ بحق المتهمين.

لكن النائب محمود بدر كشف في تدوينته، عن وجود 4408 أشخاص وكيانات مدرجة على القوائم، بحسب آخر تحديث في 12 أغسطس (آب) الماضي.

ويفرّق مستشار «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور عمرو الشوبكي، بين «الإجراء القضائي الذي يهدف إلى رفع الصفة عن أشخاص طبقت عليهم إجراءات استثنائية في ظروف محددة كانت الدولة تواجه فيها مخاطر وجودية، ومتورطين في جرائم عنف وتحريض من الجماعة، لا يوجد مجال للتصالح معهم».

ويؤكد مستشار مركز الأهرام لـ«الشرق الأوسط»، أن «خطوة رفع الأسماء من القوائم مهمة، خصوصاً مع وجود كثيرين يستحقون حذف أسمائهم من هذه القوائم».

ووفق بيان النيابة العامة، الأحد، فإن الـ716 الذين شملهم القرار، «ثبت توقفهم عن أنشطتهم غير المشروعة، ضد الدولة ومؤسساتها».

ويقول محامي عدد من المتهمين في القضية محمد عثمان لـ«الشرق الأوسط»، إن القانون لا يحدد مدة معينة لانتهاء الجهات المعنية من التحريات حول المتهمين، ومن ثم لا يمكن توقع أي توقيتات بشأن الفصل في مصير باقي الأسماء المدرجة على «قوائم الإرهاب» في القضية.

وعادة ما تتجاهل السلطات المصرية أي حديث عن مبادرة للتصالح مع «الإخوان»، التي كان آخرها ما طرحته الجماعة، في رسالة منسوبة لنائب القائم بأعمال «المرشد العام»، حلمي الجزار (مقيم في لندن)، في أغسطس الماضي، عن مبادرة تشمل إطلاق سراح سجناء الجماعة، مقابل اعتزال «الإخوان» العمل السياسي.

لكن الجزار عاد بعد شهر من طرح المبادرة، مؤكداً أن حديثه عبارة عن بحث لتسوية سياسية للوضع، لا يقتصر فقط على «الإخوان»؛ لكن يشمل كل الأطراف في الداخل والخارج.