علم مصر يحتضن جثمان نور الشريف.. ورفيق مشواره عادل إمام يتقدم جنازته

بحضور موفد عن الرئيس وحشد من زملائه وتلاميذه ومحبيه

علم مصر يحتضن جثمان نور الشريف.. ورفيق مشواره عادل إمام يتقدم جنازته
TT

علم مصر يحتضن جثمان نور الشريف.. ورفيق مشواره عادل إمام يتقدم جنازته

علم مصر يحتضن جثمان نور الشريف.. ورفيق مشواره عادل إمام يتقدم جنازته

أوفد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مندوبا عنه ليقدم العزاء لأسرة الفنان الراحل نور الشريف، بينما تقدم الممثل المصري الكبير عادل إمام الملقب بـ«الزعيم»، جنازة رفيق مشواره الفني الراحل نور الشريف الذي وارى جثمانه الثرى ملفوفا بعلم مصر، بمقابر أسرته في مدينة السادس من أكتوبر على طريق الواحات بمحافظة الجيزة. وكانت جنازة الفنان الراحل قد شيعت عقب أداء صلاة الجنازة على الفقيد في مسجد الشرطة بالسادس من أكتوبر، ورحل نور الشريف أول من أمس عن (69 عاما) بعد صراع مع المرض، وبعد رحلة عطاء فني امتدت لنحو 50 عاما.
وشيع كبار نجوم الفن في مصر زميلهم الراحل إلى مثواه الأخير، يتقدمهم الكبار عادل إمام ومحمود ياسين ومحمود عبد العزيز ويحيى الفخراني وفاروق الفيشاوي وعزت العلايلي وسمير صبري والمخرج جلال الشرقاوي، بالإضافة إلى الفنانة بوسي التي رافقت الجثمان.
وشارك في الجنازة مجموعة كبيرة من شباب الممثلين الذين مد الشريف يده لهم وقدمهم لأول مرة في أعمال من بطولته من بينهم أحمد صفوت وعمرو يوسف وحسن الرداد الذي أجهش بالبكاء أثناء حمله لجثمان أستاذه الراحل.
وأعلن الفنان عادل إمام في تصريحات للصحافيين أنه قرر تأجيل حفل زفاف نجله محمد حدادا على روح نور الشريف الذي رحل فجأة، بينما قالت الفنانة وفاء عامر، إن «الوطن العربي فقد فنانا كبيرا بوفاة نور الشريف الذي طالما أثرى العالم العربي بأعماله الفنية القيمة».. متمنية من الله أن يكون مرض نور الشريف شفيعا له.
وقال الإعلامي محمود سعد، إن «الفنان نور الشريف عزيز على الوطن العربي كله، وهو من أعزاء مصر».
وأوفد الرئيس السيسي، اللواء إبراهيم أبو الليل لتشييع جنازة الراحل نور الشريف، وإبلاغ أسرته خالص العزاء، كما أناب الدكتور عبد الواحد النبوي وزير الثقافة وفدا من قيادات الوزارة لتشييع جثمان الفنان الراحل، لتعذر حضور لوزير بسبب اجتماع عاجل لمجلس الوزراء.
شارك في تشييع الجنازة محمد أبو سعدة رئيس صندوق التنمية الثقافية، والدكتور سيد خاطر رئيس قطاع الإنتاج الثقافي، والدكتور حمدي أبو المعاطي رئيس قطاع الفنون التشكيلية، كما كان على رأس المشيعين الدكتور خالد عبد الجليل مستشار وزير الثقافة لشؤون السينما، والفنان فتوح أحمد رئيس البيت الفني للمسرح، وأساتذة وطلاب أكاديمية الفنون.
وقدم نور الشريف أكثر من 170 فيلما سينمائيا ونحو 20 مسلسلا تلفزيونيا وقرابة العشر مسرحيات يشار إلى كثير منها باعتبارها علامات في تاريخ الفن المصري.
وبخلاف اهتمامه بالقضايا الاجتماعية والإنسانية في أعماله مثل فيلم «آخر الرجال المحترمين» الذي تناول خطف الأطفال، وفيلم «الصرخة» الذي تناول قضية الصم والبكم، وفيلم «الحقونا» الذي تناول سرقة الأعضاء البشرية، كما حرص على التصدي لبعض الأحداث السياسية والقضايا الفكرية مثلما في فيلميه «ناجي العلي» و«المصير».
وقدم الفنان الراحل الكثير من أعمال كبار الكتاب مثل فيلم «قصر الشوق» لنجيب محفوظ، وفيلم «عصفور الشرق» لتوفيق الحكيم، وجسد شخصية المخرج الراحل يوسف شاهين في فيلم «حدوتة مصرية» ضمن الثلاثية السينمائية التي تناولت سيرته الذاتية.
وقال عنه المخرج الكبير محمد فاضل، إن «نور الشريف ابني الفني البكري.. قدم معي مسلسل (القاهرة والناس) الذي كان أول عمل لي عقب التخرج في معهد الفنون المسرحية»، وأضاف فاضل أن «نور فنان مصري مثقف له رؤية حاول تقديمها من خلال أعماله ولم يكن مجرد مؤد يقدم ما يعرض عليه من أعمال».
كان نور الشريف قد وافته المنية (الثلاثاء) الماضي، إثر تدهور حالته الصحية في مستشفى الصفا بضاحية المهندسين بمحافظة الجيزة، ومن المقرر إقامة العزاء غدا (الجمعة) بمسجد عمر مكرم بميدان التحرير بوسط العاصمة القاهرة.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».