تأجيل زيارة الرئيس الجزائري إلى باريس لـ«نقص في تحضير الملفات»

مراقبون يرجعون السبب إلى الاحتجاجات التي تعيشها فرنسا

الرئيسان الجزائري والفرنسي في الجزئر أغسطس الماضي (الرئاسة الجزائرية)
الرئيسان الجزائري والفرنسي في الجزئر أغسطس الماضي (الرئاسة الجزائرية)
TT

تأجيل زيارة الرئيس الجزائري إلى باريس لـ«نقص في تحضير الملفات»

الرئيسان الجزائري والفرنسي في الجزئر أغسطس الماضي (الرئاسة الجزائرية)
الرئيسان الجزائري والفرنسي في الجزئر أغسطس الماضي (الرئاسة الجزائرية)

بعد أن كان كبار الموظفين بالجهازين الدبلوماسيين الجزائري والفرنسي، قد وضعوا في اليومين الماضيين لمسات أخيرة على الملفات التي سيبحثها الرئيس عبد المجيد تبون مع نظيره إيمانويل ماكرون، خلال زيارته التي كانت منتظرة مطلع مايو (أيار) المقبل، قالت صحيفة «لوفيغارو» أمس، إن الزيارة مؤجلة لأسباب تتعلق بـ«نقص في تحضير الملفات»، علماً بأن كثيراً من المراقبين كانوا قد توقعوا إرجاءها بسبب الاحتجاجات الصاخبة التي تعيشها فرنسا على خلفية إصلاح نظام التقاعد.
والتقى بالجزائر الأحد الماضي، الأمين العام للخارجية الجزائرية عمار بلاني، ونظيرته الفرنسية آن ماري ديكوت، لاستكمال عمل بدأ في سبتمبر (أيلول) 2022 في باريس، وتواصل بالعاصمة الجزائرية نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي، ويتعلق بأول زيارة للرئيس تبون إلى فرنسا، منذ وصوله إلى الحكم بنهاية 2019.
وقالت صحيفة «لوبينيون» الفرنسية، السبت الماضي، أن الزيارة (كانت) منتظرة بين الثاني والخامس من الشهر المقبل، وأهم ما في أجندتها، خطاب سيلقيه تبون بـ«الجمعية الوطنية» (البرلمان)، يتناول البعد الاقتصادي في العلاقات الثنائية، من خلال «مشروع الشراكة المتجددة» الذي اتفق عليه الرئيسان خلال زيارة ماكرون إلى الجزائر، نهاية أغسطس (آب) الماضي.
كما يتناول البعد الإنساني للعلاقات بين البلدين الذي يتمثل بملايين الجزائريين المقيمين بفرنسا، والفرنسيين من أصول جزائرية، وأجيال من أبناء المهاجرين. وتطالب الجزائر بليونة أكبر في نظام التأشيرات الفرنسية، وبتفعيل اتفاق تنقل الأشخاص بين البلدين الذي يعود إلى 1968، والذي يمنح تفضيلاً للجزائريين الراغبين في متابعة الدراسة بالجامعات الفرنسية.
ويقول مراقبون إنه إذا كانت الجزائر تضع «الذاكرة»، و«اعتذار فرنسا عن جرائم الاستعمار»، وزيادة حصتها من التأشيرة الفرنسية، على رأس أولويات زيارة تبون المنتظرة، فإن اهتمامات باريس منصبة أكثر على المنافسة التي تواجهها المؤسسات الاقتصادية الفرنسية، من طرف عملاء تجاريين أقوياء وخصوصاً تركيا والصين؛ حيث بات مركزها بوصفها أول مستثمر أجنبي في الجزائر، مهدداً من طرف قوى اقتصادية صاعدة. وهذا الواقع الجديد أصبح ورقة توظفها الجزائر للحصول على تنازلات في موضوع «جراح الذاكرة».
وتتضمن أجندة الزيارة المتفق عليها مبدئياً، تنقل تبون وماكرون إلى مكان مثقل بالتاريخ، يتمثل في «قصر أمبواز»، بوسط البلاد؛ حيث توجد لوحة فنية عليها صورة الأمير عبد القادر الجزائري الذي سُجن في المكان نفسه في القرن التاسع عشر، بعد ثورات شعبية خاضها ضد الغزو الفرنسي للجزائر.
ويعد الأمير عبد القادر مؤسس الدولة الجزائرية الحديثة، وهو رمز للتسامح بين الديانات، وعرف بالدفاع عن مسيحيّ سوريا عام 1860 ضد الاضطهاد الذي تعرضوا له، وقد عاش بينهم خلال منفاه السوري بعد انتهاء سجنه بفرنسا.
ومرت العلاقات الثنائية في السنتين الأخيرتين بتوترات حادة، تسببت في فرملة مساعٍ سابقة لتلطيف الأجواء. ففي أكتوبر (تشرين الأول) 2021، عبَّرت الجزائر عن استياء بالغ من تصريحات للرئيس ماكرون، جاء فيها أنه «يتساءل إن كان هناك شيء اسمه أمة جزائرية قبل استعمارها من طرف فرنسا». كما قال إن الرئيس تبون «رهينة لدى القادة العسكريين».
ودفع هذا الموقف بالجزائر إلى وقف تعاونها مع باريس، بخصوص إصدار تصاريح قنصلية تسمح بترحيل مئات المهاجرين الجزائريين غير النظاميين بفرنسا. وهذا الموضوع وحده شكَّل أزمة، حينما أعلن وزير الداخلية الفرنسي جيرارد دارمانان (جده لأمه جزائري) عن تقليص حصة الجزائر من التأشيرات إلى النصف. وتم تجاوز تصريحات ماكرون، نسبياً، خلال زيارته الجزائر الصيف الماضي.
أما حالة التوتر الثانية، وهي الأخطر، فكانت في فبراير (شباط) الماضي، وعُرفت بـ«قضية تهريب المعارضة الجزائرية أميرة بوراوي». فقد اتهمت الجزائر المخابرات الفرنسية بـ«إجلاء سرِّي» للمعارضة التي كانت ممنوعة من السفر، من الجزائر إلى تونس، ومنها إلى فرنسا التي لم ترد سلطاتها على التهمة. وبعد أسابيع من تشنج الأعصاب، طوى الرئيسان الأزمة خلال اتصال هاتفي، بعد وضعها في خانة «سوء فهم».


مقالات ذات صلة

فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

شؤون إقليمية فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

ندّدت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع عَلَم بنما، في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس، التابع لـ«البحرية» الأميركية، وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم «الخارجية» الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجَزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)
العالم باريس «تأمل» بتحديد موعد قريب لزيارة وزير الخارجية الإيطالي

باريس «تأمل» بتحديد موعد قريب لزيارة وزير الخارجية الإيطالي

قالت وزارة الخارجية الفرنسية إنها تأمل في أن يُحدَّد موعد جديد لزيارة وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني بعدما ألغيت بسبب تصريحات لوزير الداخلية الفرنسي حول سياسية الهجرة الإيطالية اعتُبرت «غير مقبولة». وكان من المقرر أن يعقد تاياني اجتماعا مع وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا مساء اليوم الخميس. وكان وزير الداخلية الفرنسي جيرار دارمانان قد اعتبر أن رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني «عاجزة عن حل مشاكل الهجرة» في بلادها. وكتب تاياني على «تويتر»: «لن أذهب إلى باريس للمشاركة في الاجتماع الذي كان مقررا مع الوزيرة كولونا»، مشيرا إلى أن «إهانات وزير الداخلية جيرالد دارمانان بحق الحكومة وإي

«الشرق الأوسط» (باريس)
طرد الطيور في مطار «أورلي الفرنسي»  بالألعاب النارية

طرد الطيور في مطار «أورلي الفرنسي» بالألعاب النارية

يستخدم فريق أساليب جديدة بينها الألعاب النارية ومجموعة أصوات لطرد الطيور من مطار أورلي الفرنسي لمنعها من التسبب بمشاكل وأعطال في الطائرات، حسب وكالة الصحافة الفرنسية. وتطلق كولين بليسي وهي تضع خوذة مانعة للضجيج ونظارات واقية وتحمل مسدساً، النار في الهواء، فيصدر صوت صفير ثم فرقعة، مما يؤدي إلى فرار الطيور الجارحة بعيداً عن المدرج. وتوضح "إنها ألعاب نارية. لم تُصنّع بهدف قتل الطيور بل لإحداث ضجيج" وإخافتها. وتعمل بليسي كطاردة للطيور، وهي مهنة غير معروفة كثيراً لكنّها ضرورية في المطارات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم فرنسا: المجلس الدستوري يصدر عصراً قراره بشأن قبول إجراء استفتاء على قانون العمل الجديد

فرنسا: المجلس الدستوري يصدر عصراً قراره بشأن قبول إجراء استفتاء على قانون العمل الجديد

تتجه الأنظار اليوم إلى فرنسا لمعرفة مصير طلب الموافقة على «الاستفتاء بمبادرة مشتركة» الذي تقدمت به مجموعة من نواب اليسار والخضر إلى المجلس الدستوري الذي سيصدر فتواه عصر اليوم. وثمة مخاوف من أن رفضه سيفضي إلى تجمعات ومظاهرات كما حصل لدى رفض طلب مماثل أواسط الشهر الماضي. وتداعت النقابات للتجمع أمام مقر المجلس الواقع وسط العاصمة وقريباً من مبنى الأوبرا نحو الخامسة بعد الظهر «مسلحين» بقرع الطناجر لإسماع رفضهم السير بقانون تعديل نظام التقاعد الجديد. ويتيح تعديل دستوري أُقرّ في العام 2008، في عهد الرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي، طلب إجراء استفتاء صادر عن خمسة أعضاء مجلس النواب والشيوخ.

ميشال أبونجم (باريس)
«يوم العمال» يعيد الزخم لاحتجاجات فرنسا

«يوم العمال» يعيد الزخم لاحتجاجات فرنسا

عناصر أمن أمام محطة للدراجات في باريس اشتعلت فيها النيران خلال تجدد المظاهرات أمس. وأعادت مناسبة «يوم العمال» الزخم للاحتجاجات الرافضة إصلاح نظام التقاعد الذي أقرّه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)


تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.