تركيا تجدد عزمها إقامة «مناطق آمنة» في الشمال السوري

واصلت تصعيدها ضد «قسد» بعد إصابة 4 من جنودها في حلب

TT

تركيا تجدد عزمها إقامة «مناطق آمنة» في الشمال السوري

جددت تركيا عزمها على إقامة مناطق آمنة لاستيعاب اللاجئين السوريين لديها، في الوقت الذي واصلت فيه تصعيدها ضد مواقع قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في شمال وشمال شرقي سوريا بعد إصابة 4 من جنودها في استهداف لقاعدتين عسكريتين تابعتين لها في حلب، نَسَبته إلى وحدات حماية الشعب الكردية التي تعدّ أكبر مكونات «قسد».
وقال نائب رئيس حزب «العدالة والتنمية» الحاكم في تركيا، نعمان كورتولموش، إن بلاده ستعمل خلال الفترة المقبلة على إقامة مناطق آمنة في شمال سوريا تضمن عودة سريعة للاجئين السوريين إلى بلادهم.
وأشار المسؤول التركي، خلال تجمع لأنصار حزب «العدالة والتنمية» في إسطنبول ليل الاثنين - الثلاثاء، إلى محادثات تطبيع العلاقات مع نظام الرئيس بشار الأسد، قائلاً: «نحن نعلم أن سبب وصول السوريين لم يكن البحث عن مستوى معيشة أفضل، بل إن سبب مجيئهم إلى هنا كانت الحرب الدائرة في بلادهم والخوف على أرواحهم. نحن ندرك ذلك ونُجري مفاوضات دبلوماسية لضمان بيئة سلام في سوريا، حتى يتمكنوا من العودة، ونحاول إنشاء مناطق آمنة».
وأكد كورتولموش أن السبب الرئيسي لعمليات تركيا العسكرية عبر الحدود في سوريا هو إنشاء مناطق آمنة هناك، مضيفاً: «لقد عاد ما يقرب من 700 إلى 800 ألف سوري إلى بلادهم، وبمجرد ضمان سلامة الأرواح سيعود السوريون. في الفترة المقبلة سننشئ مناطق آمنة في سوريا ونضمن بقاء إخواننا وأخواتنا السوريين هناك، لكنّ هذا لا يمكن أن يتم بالقوة، لا يمكنك إجبار الناس على الموت».
وتطالب دمشق بسحب قواتها من شمال سوريا كشرط لتطبيع العلاقات، بينما تقول أنقرة إن وجودها العسكري يهدف إلى ضمان أمن حدودها ضد هجمات المسلحين الأكراد والعمل على تأمين عودة اللاجئين التي تمثل أحد أهداف تركيا من تطبيع العلاقات مع دمشق.
من ناحية أخرى، واصلت القوات التركية تصعيد هجماتها على مواقع «قسد» في أعقاب إصابة 4 من جنودها في هجوم وقع، ليل السبت – الأحد، على قاعدة البحوث العلمية والقاعدة العسكرية التركية، بالقرب من المستشفى الوطني في مدينة أعزاز بريف حلب الشمالي.
وقصفت القوات التركية وفصائل «الجيش الوطني السوري» الموالي لأنقرة، بالمدفعية الثقيلة ليل الاثنين - الثلاثاء، مواقع عسكرية لـ«قسد» في محيط قرية صيدا وطريق حلب – اللاذقية (إم 4) بريف عين عيسى شمالي الرقة.
وأعلن وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، أنه تم القضاء على 12 «إرهابياً» من عناصر الوحدات الكردية، في إطار الرد بالمثل على إصابة الجنود الأربعة. وشدد أكار، في كلمة خلال مأدبة إفطار في مدينة قيصري بوسط تركيا ليل الاثنين – الثلاثاء، على أن تركيا ستواصل بحزم محاربة الإرهاب من استراتيجية «تدمير الإرهاب في مصدره».
وأضاف: «هدفنا الوحيد هو الإرهابيون، لكن هناك من يقف وراءهم ويدعمهم (في إشارة ضمنية إلى الولايات المتحدة التي تعدّ «قسد» حليفاً في الحرب على «داعش» وتزوّدها بالأسلحة)، وأياً كان من يدعمهم فلن يتمكنوا من إيقافنا».
في السياق، أصدر المركز الإعلامي لـ«قسد» بياناً نفى فيه مقتل أي من عناصره على يد القوات التركية حسبما أعلن أكار، كما نفى ما أعلنته وزارة الدفاع التركية، ليل الأحد، عن استهداف «قسد» مواقع الجيش التركي في حلب، لافتاً إلى أن القوات التركية قصفت على مدى 3 أيام مناطق مدنية في حلب، ما أدى لأضرار مادية في ممتلكات المدنيين.
بالتوازي، سيّرت القوات الروسية والتركية (الثلاثاء)، دورية عسكرية مشتركة جديدة في ريف عين العرب (كوباني) الشرقي بريف حلب الشرقي. تألفت من 8 عربات عسكرية روسية وتركية، رفقة طائرتين مروحيتين روسيتين، حيث انطلقت الدورية من قرية غريب شرق عين العرب وجابت الكثير من القرى قبل العودة إلى نقطة انطلاقها.
ويتم تسيير الدوريات بموجب تفاهم تركي - روسي، تم على أساسه وقف عملية «نبع السلام» العسكرية التركية ضد مواقع «قسد» في شمال شرقي سوريا في أكتوبر (تشرين الأول) 2019.


مقالات ذات صلة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إنَّه «لا يعلم ما إذا كانت سوريا ستعود إلى الجامعة العربية أم لا»، وإنَّه «لم يتسلَّم بصفته أميناً عاماً للجامعة أي خطابات تفيد بعقد اجتماع استثنائي لمناقشة الأمر».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

استهلَّ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس، زيارة لدمشق تدوم يومين بالإشادة بما وصفه «الانتصارات الكبيرة» التي حقَّقها حكم الرئيس بشار الأسد ضد معارضيه. وفي خطوة تكرّس التحالف التقليدي بين البلدين، وقّع رئيسي والأسد اتفاقاً «استراتيجياً» طويل الأمد. وزيارة رئيسي للعاصمة السورية هي الأولى لرئيس إيراني منذ عام 2010، عندما زارها الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، قبل شهور من بدء احتجاجات شعبية ضد النظام. وقال رئيسي، خلال محادثات موسَّعة مع الأسد، إنَّه يبارك «الانتصارات الكبيرة التي حققتموها (سوريا) حكومة وشعباً»، مضيفاً: «حقَّقتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

مصر موقنة بـ«حتمية» عودة الملاحة لطبيعتها في قناة السويس

سفينة تحمل حاويات تمر عبر قناة السويس المصرية (هيئة قناة السويس)
سفينة تحمل حاويات تمر عبر قناة السويس المصرية (هيئة قناة السويس)
TT

مصر موقنة بـ«حتمية» عودة الملاحة لطبيعتها في قناة السويس

سفينة تحمل حاويات تمر عبر قناة السويس المصرية (هيئة قناة السويس)
سفينة تحمل حاويات تمر عبر قناة السويس المصرية (هيئة قناة السويس)

توقن مصر بـ«حتمية» عودة حركة الملاحة في قناة السويس إلى طبيعتها، بصفتها «الخيار الأول» لشركات الشحن العالمية، في حال استقرار الأوضاع في المنطقة.

وأقر رئيس هيئة قناة السويس، الفريق أسامة ربيع، في كلمته خلال الاحتفال بذكرى «اليوم البحري العالمي»، مساء السبت، تحت شعار «الملاحة في بحار المستقبل: السلامة أولاً»، بأن «الأوضاع الراهنة والتحديات غير المسبوقة التي تشهدها منطقة البحر الأحمر تُلقي بظلالها على معدلات الملاحة بقناة السويس».

وأشار إلى «انخفاض أعداد السفن المارة بالقناة من 25887 سفينة خلال العام المالي 2022 - 2023 إلى 20148 سفينة خلال العام المالي 2023 - 2024».

ولفت ربيع إلى «تراجع إيرادات القناة من 9.4 مليار دولار خلال العام المالي 2022 - 2023 إلى 7.2 مليار دولار خلال 2023 - 2024». مضيفاً أن «إحصائيات الملاحة بالقناة منذ بداية العام الحالي حتى الآن سجلت انخفاضاً في أعداد السفن المارة بالقناة بنسبة 49 في المائة، وانخفاض الإيرادات المحققة بنسبة قدرها 60 في المائة، مقارنةً بالمعدلات المحققة خلال ذات الفترة من العام الماضي»، مرجعاً السبب إلى «اتخاذ عديد من السفن طرقاً بديلة في ظل التحديات الأمنية في المنطقة».

وأشار رئيس هيئة قناة السويس إلى «تأثير التداعيات السلبية للأوضاع الراهنة في المنطقة على استدامة واستقرار سلاسل الإمداد العالمية، وما ترتب عليها من تحديات ملاحية واقتصادية تمثلت في تجنب الإبحار في المنطقة، واتخاذ طرق ملاحية بديلة بعيداً عن قناة السويس».

وقال ربيع: «أدى ذلك إلى ارتفاع تكاليف الشحن وزيادة رسوم التأمين البحري، إضافةً إلى تحديات أمنية وبيئية ومخاوف من حدوث تسرب للنفط وللمواد الكيميائية وتهديد الحياة البحرية».

ومنذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، غيَّرت شركات شحن عالمية مسارها، متجنبةً المرور في البحر الأحمر، إثر استهداف جماعة «الحوثي» اليمنية، السفن المارة بالممر الملاحي، «رداً على استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة».

وسبق أن أشارت مصر مراراً إلى تأثر حركة الملاحة بقناة السويس بالتوترات الإقليمية. وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الأحد الماضي، إن «بلاده فقدت ما بين 50 في المائة إلى 60 في المائة، من دخل قناة السويس، بما قيمته أكثر من 6 مليارات دولار خلال الأشهر الثمانية الماضية».

ولمواجهة التحديات أوضح ربيع، في كلمته، أن «قناة السويس عكفت على فتح خطوط اتصال مباشرة مع الأطراف المعنية كافة، عبر عقد لقاءات موسعة مع كل المؤسسات البحرية الدولية والخطوط الملاحية، والتشاور مع العملاء حول تداعيات الأزمة الراهنة»، مشيراً إلى أن تلك اللقاءات «شهدت طرح الرؤى المحتملة لمواجهة التحديات المختلفة المرتبطة بالأزمة في محاولة لتقليل تأثيرها على حركة التجارة العالمية».

وقال ربيع: «خلصت نتائج المباحثات المشتركة مع العملاء إلى عدم وجود بديل مستدام للقناة على المدى المتوسط أو البعيد»، لافتاً في هذا الصدد إلى ما أكده أكبر الخطوط الملاحية بأن «قناة السويس ستظل الخيار الأول، وأن عودتهم حتمية للعبور عبر القناة فور استقرار الأوضاع في المنطقة».

وشهدت الفترة الماضية اتصالات مصرية مكثفة مع شركات الشحن أو قادة المجتمع الدولي لوضع حد لتوترات البحر الأحمر، كما أعلنت هيئة قناة السويس حوافز تسويقية وتخفيضات لتنشيط حركة الملاحة وتجاوز تداعيات تراجع الإيرادات.

وقال ربيع إن «قناة السويس بذلت جهوداً نحو تنويع مصادر الدخل، وتلبية متطلبات المرحلة الراهنة عبر تقديم حزمة متنوعة من الخدمات الملاحية الجديدة التي لم تكن متاحة من قبل؛ مثل خدمات التزود بالوقود في مدخلي القناة الشمالي والجنوبي، وخدمات مكافحة التلوث وإزالة المخلفات الصلبة والسائلة من السفن، فضلاً عن خدمات الإنقاذ البحري وصيانة وإصلاح السفن في الترسانات التابعة للهيئة وغيرها».

وتعد قناة السويس أحد المصادر الرئيسية للعملة الصعبة في مصر، وسبق وتوقع «البنك الدولي»، في أبريل (نيسان) الماضي، أن «يتسبب استمرار الأزمة في خسائر بنحو 3.5 مليار دولار في العائدات الدولارية لمصر، أي ما يعادل 10 في المائة من صافي الاحتياطيات الدولية في البلاد».

ورغم اتفاقه على «حتمية» عودة الملاحة في قناة السويس لطبيعتها فور استقرار الأوضاع، أشار الخبير الاقتصادي الدكتور مصطفى بدرة، إلى أن «الأمر لن يكون بهذه السهولة». وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه «لو توقفت الحرب اليوم، فإن عودة الملاحة لطبيعتها في السويس قد تستغرق فترة تصل إلى عامين».

وأوضح بدرة أن «الأمر مرتبط بتقييم شركات الشحن الكبرى للمخاطر وهو أمر لا يحدث بين يوم وليلة»، مشيراً إلى أن «تداعيات حرب غزة الاقتصادية على قناة السويس كانت متوقَّعة حتى قبل بدء هجمات (الحوثي)، لا سيما مع عدم الاستقرار السياسي في المنطقة».

وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن أي جهود تُبذل لمواجهة التداعيات سواء من قبيل تخفيضات الرسوم أو تقديم خدمات جديدة في قناة السويس «لن تستطيع الحد من الخسائر»، وذلك لأن «النشاط الرئيسي للقناة هو عبور سفن الشحن، أما باقي الأنشطة فيدخل في نطاق ما يستجد من أعمال»، محذراً من «استمرار نزيف الخسائر لا سيما مع اتساع نطاق الحرب في المنطقة، وعدم وجود أفق واضح لحل الصراع حتى الآن».