فيديوهات مزيفة أسهل صنعاً وأقلّ تكلفةً

توظف نظم ذكاء صناعي جديدة

فيديوهات مزيفة أسهل صنعاً وأقلّ تكلفةً
TT

فيديوهات مزيفة أسهل صنعاً وأقلّ تكلفةً

فيديوهات مزيفة أسهل صنعاً وأقلّ تكلفةً

قد لا يبدو غريباً على شخصية جو روغن، الكوميدي الذي تحوّل إلى مدوّن صوتي، الترويج لقهوة منشّطة للرغبة الجنسية لدى الرجال.
ولكن عندما انتشر مقطع فيديو على «تيك توك» أخيراً يظهر روغن وضيفه أندرو هوبرمان يشربان من هذه القهوة، دُهش بعض المشاهدين من أصحاب العينين الثاقبتين... ومنهم هوبرمان.
بعد مشاهدة الإعلان الذي ظهر فيه وهو يمدح القهوة المنشّطة للتستوستيرون مع أنّه لم يفعل ذلك، كتب هوبرمان على تويتر: «نعم، إنّه مزيّف».
فيديوهات مزيفة
كان هذا الإعلان واحداً من عددٍ كبير من الفيديوهات المزيّفة المنتشرة على التواصل الاجتماعي والمصنوعة بتقنية مدعومة بالذكاء الصناعي. يقول الخبراء إنّ صوت روغن بدا مفبركاً باستخدام أداة ذكاء صناعي مصممة لتقليد أصوات المشاهير، بينما تبيّن أنّ التعليقات التي صدرت عن هوبرمان كانت مسحوبة من مقابلة منفصلة.
تُعرف صناعة الفيديوهات المزيّفة ذات الطابع الواقعي غالباً باسم «ديب فيك deepfake» وكانت في الماضي القريب تتطلّب برنامجاً متطوّراً لوضع وجه أحدهم مكان وجه شخص آخر. أمّا اليوم، فتوجد أدوات كثيرة مشابهة لأغراض لاستهلاك اليومي، حتّى إنّها باتت متوفرة على شكل تطبيقات هاتفية مجّانية أو قليلة التكلفة.
تنتشر الفيديوهات المعدَّلة الجديدة – التي يصنعها غالباً معدّو النكات والمسوّقون التجاريون – على مواقع التواصل الاجتماعي كـ«تيك توك» و«تويتر». يطلق الباحثون على هذا النوع من المحتوى اسم «تشيب فيك» (المزيّف الرخيص) لأنّه يتألّف من أصوات المشاهير المستنسخة، وحركات الشفتين المعدّلة لتطابق الصوت، والحوار المكتوب بأسلوبٍ مقنع.
حثّت هذه الفيديوهات والتقنيات المنتشرة باحثي الذكاء الصناعي على التحذير من مخاطرها، وأثارت مخاوف حول جهوزية شركات التواصل الاجتماعي للتعامل مع التزييف الرقمي المتنامي.
بدورها، تحضّر الجهات الرقابية المختصة بالتضليل الإعلامي نفسها لموجة من المواد الرقمية المزيفة التي قد تخدع المشاهدين، أو تصعّب عليهم التمييز بين الحقيقي والمزيّف على شبكة الإنترنت.
وقد اعتبر بريت باريس، أستاذ مساعد في علوم المعلومات في جامعة روتجرز أسهم في ابتكار مصطلح «تشيب فيك»، أنّ «المختلف في الأمر اليوم أنّ الجميع بات قادراً على صناعتها. الأمر لم يعد محصوراً بالأشخاص الذين يملكون تقنيات ومهارات إلكترونية معقّدة. لقد باتت متوفرة في تطبيقات مجّانية».
تلاعب وتضليل
تنتشر كميات هائلة من المحتوى المتلاعب به منذ سنوات على منصات كـ«تيك توك»، صُنعت باستخدام حيلٍ بسيطة كالتوليف الدقيق أو استبدال مقاطع بأخرى. ففي أحد الفيديوهات على «تيك توك»، ظهرت نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس وهي تقول إنّ جميع الأشخاص الذين أُدخلوا إلى المستشفى بعدوى «كوفيد-19» كانوا من متلقّي اللقاح، بينما الحقيقة هي أنّها قالت إنّهم لم يتلقّوا اللقاح.
رصدت شركة «غرافيكا» المتخصصة في دراسة المعلومات المضلّلة، مقاطع «ديب فيك» تظهر مذيعي أخبار وهميين وزّعتها حسابات موالية للحكومة الصينية تديرها روبوتات في أواخر العام الفائت، لتسجّل أوّل نموذج على استخدام التقنية في حملات مؤثرة داعمة للحكومات.
ولكنّ أدوات عدّة جديدة باتت توفّر تقنيات مشابهة لمستخدمي الإنترنت العاديين، وتمنح الكوميديين والمنتسبين الحزبيين فرصة صناعة مقاطعهم المزيفة المقنعة الخاصة.
انتشر الشهر الفائت مقطع فيديو يظهر الرئيس جو بايدن وهو يعلن مسودة قانون متعلّقة بالحرب بين روسيا وأوكرانيا. صمم هذا الفيديو الفريق المنتج لمدوّنة «هيومن إيفنتس ديلي» الصوتية التي يديرها جاك بوسوبييك، المؤثر اليميني المعروف بنشره لنظريات المؤامرة.
في مقطع مصوّر لشرح الفيديو، قال بوسوبييك إنّ فريقه صمم المحتوى باستخدام تقنية ذكاء صناعي. وكانت حساب «باتريوت أواسيس» المحافظ على «تويتر» قد أعاد نشر الفيديو المزيّف في تغريدة، مستخدماً عبارة «خبر عاجل» دون التنويه بأنّ المقطع مزيّف، وحصدت هذه التغريدة أكثر من 8 ملايين مشاهدة.
يستخدم كثير من هذه المقاطع المصوّرة التي تتضمّن أصواتاً مفبركة تقنية من تطوير شركة «إيلفن لابز» الأميركية الناشئة التي شارك في تأسيسها مهندسٌ سابق من «غوغل». وكانت الشركة قد أطلقت في نوفمبر (تشرين الثاني) أداة لاستنساخ الصوت يمكن تدريبها لتقليد الأصوات في غضون ثوانٍ.
جذبت «إيلفن لابز» الانتباه الشهر الفائت بعدما استخدم «فورتشان» (4chan) -موقع لنشر الرسائل والصور يشتهر بمحتواه العنصري والمؤامرتي- الأداة لمشاركة رسائل كراهية. فقد عمد أحد مستخدمي الموقع إلى ابتكار تسجيل صوتي لنصٍّ معادٍ للسامية استعمل فيه صوتاً آلياً يقلّد صوت الممثّلة إيما واتسون.
في هذا السياق، قالت الشركة على حسابها على «تويتر» إنّها تعتزم تقديم ضمانات جديدة، كحصر أداة استنساخ الصوت بالحسابات المدفوعة، بالإضافة إلى تأمين أداة رصد جديدة للذكاء الصناعي. ولكنّ مستخدمي «فورتشان» ادعوا أنّهم يستطيعون ابتكار أداتهم الخاصة للاستنساخ الصوتي باستخدام رمزٍ مفتوح المصدر، ونشر عروضٍ شبيهة بالمواد الصوتية التي تنتجها «إيلفن لابز».
استنساخ الأصوات
رجّح خبراء يدرسون تقنية «ديب فيك» أنّ الإعلان المزيّف الذي يظهر فيه روغن وهوبرمان صُنع باستخدام برنامج لاستنساخ الأصوات، ولكنّهم لم يتمكّنوا من تحديده. وتجدر الإشارة إلى أنّ التسجيل الصوتي العائد لروغن دُمج مع مقابلة حقيقية أجراها هوبرمان لمناقشة موضوع التستوستيرون.
ولكنّ النتائج في هذا المقطع لم تكن مثالية، حيث إن مقطع روغن كان مأخوذاً من مقابلة أجراها مع لاعب بلياردو محترف في ديسمبر (كانون الأول) ولا تمتّ إلى محتوى الفيديو المزيف بصلة. إضافة إلى ذلك، يُلحظ غياب التطابق بين حركات فم روغن والمقطع الصوتي، فضلاً عن أنّ الأصوات الصادرة عنه بدت غير طبيعية في بعض الأحيان. لم يتّضح ما إذا كان هذا الفيديو قد أقنع مستخدمي «تيك توك» أم لا، ولكنّه بالتأكيد جذب اهتماماً أكبر بكثير بعد وسمه بالتزييف.
تحظر سياسة منصّة «تيك توك» المواد الرقمية المزيفة التي «تضلّل المستخدمين بتشويه حقيقة الأحداث وتسبب ضرراً بارزاً لموضوع الفيديو، وأشخاص آخرين، والمجتمع». تخلّصت المنصّة من كثير من الفيديوهات التي بلّغت عنها صحيفة «نيويورك تايمز»، وعمد «تويتر» بدوره إلى إزالة بعض المقاطع.
في هذا السياق، تبدي الجهات الفيدرالية المشرفة على تنظيم القاعدة القانونية بطئاً في الاستجابة. فقد طلب قانونٌ فيدرالي واحدٌ في عام 2019 تقريراً عن استخدام تقنيات «ديب فيك» كأسلحة من قبل الأجانب، وطلب من الوكالات الحكومية إشعار الكونغرس إذا ما كانت هذه التقنيات قد استهدفت الانتخابات في الولايات المتحدة، وأطلق جائزة لتشجيع البحوث حول أدوات لرصد مواد «ديب فيك».
وقال رافيت دوتان، وهو باحث في مرحلة ما بعد الدكتوراه يدير مختبر «كولابوريتف آي.إي. ريسبونسبليتي لاب» في جامعة بيتسبرغ: «لا يمكننا انتظار سنتين لتمرير القوانين؛ لأنّ الضرر قد يصبح كبيراً جداً حتّى ذلك الوقت. لدينا انتخابات قادمة هنا في الولايات المتحدة، وهذا الأمر سيسبب مشكلة».
* خدمة «نيويورك تايمز»



أحدث نزعات الذكاء الاصطناعي المقبلة من مؤتمر «مايكروسوفت إغنايت 2024»

يستعرض مؤتمر «مايكروسوفت إغنايت 2024» أبرز تقنيات الذكاء الاصطناعي المقبلة
يستعرض مؤتمر «مايكروسوفت إغنايت 2024» أبرز تقنيات الذكاء الاصطناعي المقبلة
TT

أحدث نزعات الذكاء الاصطناعي المقبلة من مؤتمر «مايكروسوفت إغنايت 2024»

يستعرض مؤتمر «مايكروسوفت إغنايت 2024» أبرز تقنيات الذكاء الاصطناعي المقبلة
يستعرض مؤتمر «مايكروسوفت إغنايت 2024» أبرز تقنيات الذكاء الاصطناعي المقبلة

انطلقت قبل قليل فعاليات مؤتمر «مايكروسوفت إغنايت 2024» Microsoft Ignite 2024 من مدينة شيكاغو الأميركية، الذي يستمر إلى نهاية الخميس 21 نوفمبر (تشرين الثاني). وحصلت «الشرق الأوسط» على نظرة استباقية حول «عملاء الذكاء الاصطناعي» AI Agents، ونذكرها في هذا الموضوع.

بداية، تتوجه «مايكروسوفت» نحو تبني الذكاء الاصطناعي على صعيد أوسع في جميع خدماتها، وذلك من خلال ما يعرف بـ«عملاء الذكاء الاصطناعي» و«كوبايلوت» Copilot لتسريع عمليات الشركات والموظفين وتطوير البرامج والتحول إلى الذكاء الاصطناعي على جميع الصعد.

يمكن إيجاد «عميل ذكي» بكل سهولة باستخدام اللغة البشرية

مَن هم «عملاء الذكاء الاصطناعي»؟

«عملاء الذكاء الاصطناعي» هي أدوات لأتمتة الأعمال اليومية بذكاء باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، يمكن تطويرها بسهولة كبيرة وباستخدام النصوص البشرية وليس البرمجية. ويمكن لـ«العملاء» الرد على استفسارات الزبائن عبر الإنترنت بشكل آلي طوال الوقت وتنظيم الجداول المالية والبحث في آلاف الوثائق عن إجابة محددة للزبون، ومن ثم اتخاذ الإجراءات التالية آلياً أو رفعها إلى المستخدم ليعالج الحالات الخاصة يدويا. ويمكن تلخيص تعريف هذه الأدوات على أنها تطبيقات المستقبل المعتمدة على الذكاء الاصطناعي.

قدرات فائقة

ويستطيع «العملاء الأذكياء» مراجعة سجل منتجات الشركة وتحليلها وتلخيصها للمهتمين الذين يرسلون رسائل البريد الإلكتروني إلى الشركة للاستفسار عن منتج أو خدمة محددة، أو الذين يسألون عن ذلك عبر نظام الدردشة في موقع الشركة. ويمكنها كذلك إكمال سلسلة العمل لدى طلب منتج ما وإصدار وإرسال فاتورة الشراء إلى الزبون وطلب استلام المنتج من شركة التوصيل ومتابعة حالة الطلب، دون أي تدخل من المستخدم.

كما يمكنهم البحث في ملفات الشركة الموجودة في SharePoint أو في مجلدات خاصة فيها، والإجابة عن أسئلة الموظفين أنفسهم، مثل سؤال موظف: «ما عدد المنتجات التي تم تسليمها في آخر أسبوعين؟» أو «ما هو إجراء طلب نقل موظف إلى فرع آخر؟»، ليجيب «العميل الذكي» وكأن المتحدث يدردش مع خدمة ذكاء اصطناعي تقليدية، وبالأسلوب نفسه.

تحويل النصوص لغاتٍ مختلفة

ويستطيع بعض «العملاء» تحويل النصوص بين اللغات المختلفة في اجتماعات برنامج «تيمز» ومحاكاة صوت المستخدم ونبرته وتحويلها لغة أخرى بشكل مباشر دون أن يشعر أي شخص بذلك، ليستطيع المشاركون التحدث بلغات العالم وكسر حواجز اللغة بينهم خلال الاجتماعات والتركيز على المسائل المهمة في كل اجتماع. ويستطيع البعض الآخر حل المشاكل التقنية في كومبيوترات المستخدمين. ويستطيع البعض الآخر مساعدة المستخدم في ترتيب جدول أعماله، حيث يمكنه ملاحظة أن اجتماعاً ما قد تجاوز مدته المطلوبة، ليقوم بإعادة جدولة الاجتماع التالي آلياً، أو تلخيص رسائل البريد الإلكتروني غير المقروءة التي وصلت المستخدم خلال اجتماعه وذكر نقاط العمل التالية لكل رسالة.

هذا، وتمت إضافة «العملاء الأذكياء» إلى شبكة «لينكدإن» LinkedIn لمساعدة مديري التوظيف في العثور على الموظفين ذوي المهارات المناسبة وبكل سهولة.

كيفية إعداد «عميل ذكي»

ويمكن إعداد «عميل ذكي» جديد بشكل سهل وباستخدام اللغة البشرية، مع وضع تسلسل العمليات المطلوبة («مثل البحث عن المعلومة، ومن ثم الإجابة عن السؤال، ومن ثم إرسال بريد إلكتروني في حال طلب المستخدم ذلك، أو تحويل الطلب إلى شخص محدد في حال عدم العثور على المعلومة»، وغيرها) وتفعيل «العميل الذكي» فوراً.

ولا يحتاج المستخدم إلى أي خبرة برمجية لإعداد «عميل ذكي» جديد، وكأنه وثيقة نصية جديدة في برنامج «وورد» أو جدول حسابات في «إكسل». يكفي إعداد آلية العمل وكتابة ما الذي ينبغي القيام به في «مايكروسوفت 360 كوبايلوت» لبدء العمل.

برامج «تفهم» المستقبل الذكي

ويمكن للمطورين استخدام خدمة «أزور إيه آي إغنايت» Azure AI Agent Service لدمج «العملاء الأذكياء» مع نصوصهم البرمجية للحصول على برامج متقدمة مدعمة بالذكاء الاصطناعي دون الحاجة إلى كتابة نصوص برمجية معقدة مرتبطة بلغات الذكاء الاصطناعي، حيث يستطيع «العملاء الأذكياء» فهم وإدراك السياق الذي تعمل فيه وتقوم بتقسيم العمل أجزاء وخطوات عدّة والعمل على كل منها وإكمالها بشكل سريع وأكثر كفاءة مما سابق.

كما سيستطيع «العملاء الأذكياء» تقييم المخاطر وخفضها أو تجاوزها وتقديم تقارير الأداء ومتابعة تنفيذ التوصيات، مع وجود الإشراف البشري على الخطوات الأخيرة للتأكد من دقتها وصحتها وضمان عدم حدوث أي خطأ قد يتسبب بضرر على سير العمل.