الشرخ في المجتمع الإسرائيلي يصل إلى مقابر الجنود

اتساع ظاهرة مهاجمة رئيسة محكمة العدل العليا بتهمة «تدبير انقلاب على الحكم»

TT

الشرخ في المجتمع الإسرائيلي يصل إلى مقابر الجنود

في الوقت الذي تواصل فيه الحكومة الإسرائيلية الإعداد لفرض قوانين الانقلاب على منظومة الحكم وإضعاف الجهاز القضائي، والتصدي لها بمظاهرات ضخمة، وصل شرخ هذه الخطة في المجتمع الإسرائيلي إلى المقابر التي دفن فيها الجنود والضباط، إذ انقسمت العائلات إلى قسمين، أحدهما يطالب بإبقاء المقابر خارج الخلافات السياسية، والثاني يطالب بإلغاء تقليد إلقاء ممثلين عن الحكومة والائتلاف كلمات تأبين.
على هذا الأساس، قررت حركة الكيبوتسات (التجمعات السكنية القائمة على مبدأ التعاونيات)، إلغاء مشاركة وزير الدفاع، يوآف غالانت، في حفل تأبين أعضائها، وبعثت إليه برسالة تشكره فيها على تلبيته الدعوة لكنها مضطرة لإلغائها، لأن حضور ممثل عن حكومة بنيامين نتنياهو في ظروف تسعى فيها إلى تنفيذ انقلاب على الحكم بما يجعل إسرائيل ديكتاتورية، يمس بمشاعر العائلات «التي تعتز بأبنائها الذين ضحوا بأرواحهم في سبيل دولة ديمقراطية تخدم شعبها ولا تخدم فرداً أو عائلة».
وكانت مئات العائلات في مدينة بئر السبع، ممن فقدت أبناءها في الحروب قد توجهت إلى رئيس البلدية تطالبه بإلغاء مشاركة وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير. وتوجه آخرون برسالة مماثلة إلى رئيس الحكومة والوزراء ونواب الائتلاف الحاكم والمعارضة يرجونهم عدم الحضور قائلين: «نرجوكم أن تبقوا المقابر وذكرى الأبناء خارج الصراع الذي فرضته الحكومة». مهددين: «لقد تلقينا طعنة في الظهر من عشرات المسؤولين في الحكومة الذين أطلقوا تصريحات جارحة وجلبوا لنا خطة انقلاب خطيرة، وعندما خرجنا إلى الاحتجاج السلمي وصفونا بالفوضويين واتهمونا بالخيانة ونعتونا بالإرهابيين، وفي أحسن الأحوال اعتبرونا مشاغبين ضد القانون».
وزادت هذه القضية التهاباً مع نشر تفاصيل القانون الذي تعده الحكومة بالتعاون مع قيادة الجيش الإسرائيلي، لمنح إعفاء تام لليهود المتدينين من الخدمة العسكرية، والذي يلقى معارضة شديدة في الجيش النظامي وفي جيش الاحتياط، ويتسبب في زيادة المعارضة للحكومة. وسارع حزب الليكود الحاكم إلى الإعلان بأن «القانون ما زال في طور الإعداد البدائي ولا يقترب حتى من التبلور كمشروع قانوني». أما الأحزاب الدينية فردت مهددة بالامتناع عن التصويت على الموازنة العامة للدولة، التي يفترض أن يتم إقرارها نهاية الشهر القادم. علماً بأنه إذا فشل إقرار الميزانية، تسقط الحكومة بموجب القانون، وتصبح ملزمة بإجراء انتخابات جديدة.
المعروف أن أحزاب الائتلاف ترتعب من فكرة تبكير موعد الانتخابات، لأن جميع استطلاعات الرأي تشير إلى أنها ستخسر الحكم. وتوقع قيادي في حزب الليكود أن يلحق تعديل هذا القانون ضرراً سياسياً بالحكومة، وقال: «سنشهد مظاهرات حاشدة. فمن يصوت لنتنياهو؟ الحريديون أم الذين يخدمون في الجيش؟ نتنياهو لا يريد اختبار الحريديين. وسموتريتش لن يسقط الحكومة. وبن غفير ضعيف حالياً. وحدهم (الحريديون) الذين سيجرأون على القيام بذلك».
وحاول الليكود، في بيان رسمي الاستناد إلى مشروع قانون سابق طرحه رئيس حزب «المعسكر الرسمي»، بيني غانتس. لكن هذا الأخير، سارع إلى مهاجمة مشروع القانون الحكومي وظهر في مؤتمر صحافي مشترك مع عضو الكنيست من حزبه، غادي آيزنكوت، الذي خلفه في منصب رئيس الأركان قبل ثماني سنوات، وقال: «أسمع الأصوات التي تدعو إلى زيادة المساواة بواسطة التعويض المالي للجنود في السنة الثالثة. وأنا لا أعتقد أنه بمقدور دولة إسرائيل التنازل عن مبدأ الخدمة العسكرية وجيش الشعب».
آيزنكوت من جهته، قال: «هناك تخوف حقيقي على نموذج (جيش الشعب)، وهذا خطر على الخدمة الإلزامية في الجيش الإسرائيلي، وانتقال إلى جيش محترف لن يتمكن من الصمود في المهمات العسكرية». وتساءل: «لماذا يستمر جمهور كامل في الخدمة في الجيش بينما جمهور آخر يحصل على تسريح منه بسهولة؟». ووعد بأن تتأجج الاحتجاجات، وحذر الحكومة من أنها «بهذا القانون تعمق الشرخ في المجتمع بدلاً من جسر الهوة بين فئات الشعب».
من جهة ثانية، تتسع ظاهرة مهاجمة رئيسة محكمة العدل العليا، والمطالبة بمحاكمتها بتهمة «تدبير انقلاب على الحكم». وانضمت عضو الكنيست طالي غوتليف، من الليكود، إلى هذا المطلب، وقالت خلال مقابلة لموقع «واينت» الإلكتروني (الاثنين)، إنها توجهت إلى وزير القضاء (ياريف) ليفين وطلبت منه محاكمتها بموجب صلاحياته. وأضافت: «لقد خرقت قاعدة آداب القضاة الأكثر أهمية عندما عبرت عن رأيها حول قضية عامة مختلف حولها». لكن رئيس المعارضة، يائير لبيد، وصف هذا المطلب بأنه «خطير ومقلق».


مقالات ذات صلة

هدوء في غزة بعد ليلة من القصف المتبادل بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية

المشرق العربي هدوء في غزة بعد ليلة من القصف المتبادل بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية

هدوء في غزة بعد ليلة من القصف المتبادل بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية

سادَ هدوء حذِر قطاع غزة، صباح اليوم الأربعاء، بعد ليلة من القصف المتبادل بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، على أثر وفاة المعتقل خضر عدنان، أمس، مُضرباً عن الطعام في السجون الإسرائيلية، وفقاً لوكالة «الأنباء الألمانية». وكانت وسائل إعلام فلسطينية قد أفادت، فجر اليوم، بأنه جرى التوصل لاتفاق على وقف إطلاق النار بين فصائل فلسطينية والجانب الإسرائيلي، وأنه دخل حيز التنفيذ. وقالت وكالة «معاً» للأنباء إن وقف إطلاق النار في قطاع غزة «مشروط بالتزام الاحتلال الإسرائيلي بعدم قصف أي مواقع أو أهداف في القطاع».

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي إسرائيل: «حزب الله» وراء انفجار قنبلة شمال البلاد الشهر الماضي

إسرائيل: «حزب الله» وراء انفجار قنبلة شمال البلاد الشهر الماضي

قال مستشار الأمن الوطني الإسرائيلي تساحي هنجبي أمس (الجمعة) إن «حزب الله» اللبناني كان وراء هجوم نادر بقنبلة مزروعة على جانب طريق الشهر الماضي، مما أدى إلى إصابة قائد سيارة في شمال إسرائيل، وفقاً لوكالة «رويترز». وقال الجيش الإسرائيلي إن قوات الأمن قتلت رجلا كان يحمل حزاما ناسفا بعد أن عبر على ما يبدو من لبنان إلى إسرائيل وفجر قنبلة في 13 مارس (آذار) بالقرب من مفترق مجيدو في شمال إسرائيل. وأوضح مسؤولون في ذلك الوقت أنه يجري التحقيق في احتمال تورط «حزب الله» المدعوم من إيران في الانفجار.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي مقتل فلسطيني برصاص جنود إسرائيليين في الضفة الغربية

مقتل فلسطيني برصاص جنود إسرائيليين في الضفة الغربية

قتل فلسطيني اليوم (الخميس)، بإطلاق نار من جنود إسرائيليين في الضفة الغربية المحتلة، وفق وزارة الصحة الفلسطينية، بينما قالت القوات الإسرائيلية إنه كان يعتزم تنفيذ هجوم. وحسب وكالة الصحافة الفرنسية، قالت الوزارة إن «أحمد يعقوب طه، 39 عاما، استشهد برصاص الاحتلال قرب سلفيت» في شمال الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1967. من جهته، تحدث الجيش الإسرائيلي في بيان عن «محاولة دهس بسيارة قرب مفترق غيتاي أفيسار» في قطاع سلفيت.

«الشرق الأوسط» (رام الله)
شؤون إقليمية هل تزود واشنطن إسرائيل بأسلحة في أي حرب مستقبلية؟

هل تزود واشنطن إسرائيل بأسلحة في أي حرب مستقبلية؟

حذر الرئيس الأسبق لشعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي «أمان»، الجنرال أهرون زئيفي فركش، من سياسة حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية المتطرفة التي تسيء للعلاقات بواشنطن، وقال إن الاستمرار في هذه السياسة قد يقود إلى وضع تُقطع فيه الأسلحة. وقال فركش إن «العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة هي أهم عنصر بين عناصر الأمن القومي الإسرائيلي. واستمرار الأزمة الحالية بين حكومة نتنياهو وإدارة الرئيس جو بايدن، على خلفية خطة إضعاف جهاز القضاء الانقلابية وتعبير الأخيرة عن معارضتها الشديدة للخطة، من شأنه أن يؤدي إلى امتناع الولايات المتحدة عن تزويد إسرائيل بأسلحة وذخيرة خلال حرب ونفاد الذخائر في إسر

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية تقدر وقوع حرب «لا يريدها أحد خلال سنة»

الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية تقدر وقوع حرب «لا يريدها أحد خلال سنة»

أصدرت شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي (أمان)، تقديرات تفيد بأن احتمالات الانجرار إلى حرب خلال السنة القريبة، قد ازدادت في الأشهر الأخيرة، وتأتي التوقعات على الرغم من التقديرات بأن إسرائيل، وأياً من أندادها في المنطقة (إيران و«حزب الله» و«حماس»)، غير معنيين بتصعيد حربي. وقال تقرير «أمان»، إن القادة في إيران و«حزب الله» و«حماس»، ليسوا معنيين بالضرورة بمواجهة مباشرة وشاملة مع إسرائيل، وهم يعبّرون عن هذا الموقف بشتى الطرق والرسائل، ولكن يلاحظ بوضوح أنهم يقدمون على خطوات وعمليات عسكرية لم يقدموا عليها من قبل، «يمكنها أن تشعل المنطقة»، فهم يشعرون بأن المظاهرات الأسبوعية بمشاركة مئات ال

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

تركيا تعلن «تطهير» مناطق عراقية من «العمال الكردستاني»

مروحيتان حربيتان تركيتان تشاركان في قصف مواقع لـ«العمال الكردستاني» شمال العراق (أرشيفية - وزارة الدفاع التركية)
مروحيتان حربيتان تركيتان تشاركان في قصف مواقع لـ«العمال الكردستاني» شمال العراق (أرشيفية - وزارة الدفاع التركية)
TT

تركيا تعلن «تطهير» مناطق عراقية من «العمال الكردستاني»

مروحيتان حربيتان تركيتان تشاركان في قصف مواقع لـ«العمال الكردستاني» شمال العراق (أرشيفية - وزارة الدفاع التركية)
مروحيتان حربيتان تركيتان تشاركان في قصف مواقع لـ«العمال الكردستاني» شمال العراق (أرشيفية - وزارة الدفاع التركية)

أعلنت تركيا تطهير مناطق في شمال العراق من مسلحي «حزب العمال الكردستاني» المحظور، وأكدت أنقرة أن علاقاتها بالعراق تحسنت في الآونة الأخيرة.

وقال وزير الدفاع التركي، يشار غولر، الثلاثاء، إن «العلاقة بالجار العراق تحسنت بشكل كبير في المدة الأخيرة؛ مما جعل مهمة مكافحة الإرهاب أكثر فاعلية».

وأضاف غولر، في كلمة خلال مناقشة موازنة وزارة الدفاع لعام 2025 بلجنة الخطة والموازنة في البرلمان التركي، إن تركيا بدأت اتخاذ خطوات ملموسة مع العراق في إطار مذكرة التفاهم الخاصة بالتعاون الأمني والعسكري ومكافحة الإرهاب، الموقعة بين البلدين في أغسطس (آب) الماضي.

وتابع: «وبالمثل نتعاون، بشكل وثيق، مع حكومة إقليم كردستان في شمال العراق لضمان السلام في المنطقة، ولإنهاء وجود التنظيم الإرهابي (حزب العمال الكردستاني)».

وذكر غولر أن القوات التركية أغلقت جبهة زاب في شمال العراق بعد تطهيرها من مسلحي «العمال الكردستاني» ضمن عملية «المخلب - القفل»، المستمرة منذ أبريل (نيسان) 2022، وأضاف الوزير التركي: «أنشطتنا في المنطقة مستمرة بالوتيرة والتصميم نفسيهما (...) حرب تركيا ضد الإرهاب ستستمر دون هوادة حتى يختفي الإرهابيون الدمويون من هذه الجغرافيا».

وتسبب الصراع المسلح بين «حزب العمال الكردستاني» (التركي) والجيش التركي، طيلة العقود الأربعة الماضية، في تهجير سكان 800 قرية، وسقوط مئات الضحايا من المدنيين بإقليم كردستان العراق شمال البلاد.

غولر خلال اجتماع لجنة الخطة والموازنة بالبرلمان التركي (وزارة الدفاع التركية)

كذلك، تسببت العمليات العسكرية التركية في خلافات بين بغداد وأنقرة على مدى سنوات، حيث عدّها العراق «انتهاكاً لسيادته»، بينما تمسكت تركيا بأنها ضرورية لحماية أمنها وشعبها، وبأنها تنفذها في إطار القانون الدولي وحق الدفاع المشروع عن النفس.

وشهدت العلاقات بين البلدين الجارين تحسناً منذ العام الماضي، وأجريا جولات من المحادثات رفيعة المستوى بشأن القضايا الأمنية والتنموية وقضايا المياه والطاقة والتعاون في مشروع «طريق التنمية».

وأعلن الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، خلال زيارته بغداد في أبريل الماضي، أن العلاقات بين البلدين دخلت مرحلة جديدة.

وصنف العراق، قبيل زيارة إردوغان، «حزب العمال الكردستاني» تنظيماً محظوراً، لكن تركيا ترغب في إعلانه «منظمة إرهابية» من جانب بغداد.

ولفت غولر إلى أن «البيئة الأمنية في المنطقة باتت أكثر تعقيداً من أي وقت مضى، والعالم يمر بفترة حساسة يهتز فيها ميزان القوى الدولي، وتزداد الصراعات على النفوذ، وتتصاعد فيها التوترات الجيوسياسية».

وأكد الحاجة الماسة إلى «هيكل دفاعي قوي من أجل التعامل بفاعلية مع جميع التهديدات التي تحيط بتركيا»، مشدداً على أن القوات التركية «ستواصل مكافحة التنظيمات الإرهابية داخل وخارج البلاد».

في السياق ذاته، أعلنت وزارة الدفاع التركية مقتل 10 من مسلحي «حزب العمال الكردستاني» في مناطق بشمال العراق.

وقالت الوزارة، في بيان، إنه قُضي على هذه العناصر في عمليات للقوات التركية بمناطق كارة وهاكورك ومتينا في شمال العراق.

وشددت على أن «مكافحة التنظيمات الإرهابية ستستمر أينما وُجدت، حتى القضاء على آخر إرهابي».