«حضرة العمدة»... صراع بين الحداثة و«المجتمع الذكوري»

المسلسل المصري من بطولة روبي وأحمد رزق ومحمود عبد المغني

أحمد رزق في لقطة من العمل (الشركة المنتجة)
أحمد رزق في لقطة من العمل (الشركة المنتجة)
TT

«حضرة العمدة»... صراع بين الحداثة و«المجتمع الذكوري»

أحمد رزق في لقطة من العمل (الشركة المنتجة)
أحمد رزق في لقطة من العمل (الشركة المنتجة)

تشير تترات مسلسل «حضرة العمدة»، الذي يُعرض راهناً ضمن الموسم الرمضاني بمصر، إلى أن قرية «تل شبورة»، التي تدور على أرضها أحداث العمل هي «من إبداع خيال الكاتب وأي تشابه بينها وبين شخصياتها مع الواقع هو مصادفة»، لكن هذا لا يمنع أن للقرية حضوراً رمزياً يتجاوز هويتها الريفية المباشرة لتصبح معادلاً موضوعياً يجسد معظم ما يحيط بالمجتمع المصري من أخطار ومشكلات وأزمات مختلفة.
ويعد التناول المباشر ذو النبرة الخطابية العالية لتلك المشكلات هو بحسب نقاد، الفخ الذي وقع فيه صناع المسلسل، حيث تراجع الموقف الدرامي بما فيه من رسائل غير مباشرة لصالح خطاب الإصلاح الاجتماعي بنبرته الزاعقة.
وأكد الناقد الفني محمد عبد الخالق أن «لغة الخطابة والطرح المباشر لفكرته، طغى على الفنيات الدرامية، وأداء الفنانين». وأضاف قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «حتى الفنانة روبي التي قدمت أعمالاً درامية أثبتت فيها أنها ممثلة موهوبة مثل (بدون ذكر أسماء) مع المخرج تامر محسن، و(سجن النسا) مع المخرجة كاملة أبو ذكري، ظهرت في المسلسل بشكل أقرب ما يكون إلى تقديم إعلانات تنظيم الأسرة ومكافحة الختان». 

وتعاني القرية المصرية في هذا العمل من هيمنة الكثير من النماذج السيئة التي تهدد مستقبلها، فهناك (المستشار جلال)، وهو محامٍ مفوه، معسول الكلام صاحب منطق وحجة وقدرة مدهشة على استغلال ثغرات القانون لتمرير جرائم كبرى بنعومة وبغطاء قانوني خادع، وهو الدور الذي جسده بتمكن وأداء لافت يمزج السخرية بالدهاء الفنان أحمد رزق، مستعيناً بالملابس الفاخرة والسيجار.
وهناك نموذج (الست شلباية) التي تقدم نفسها باعتبارها كياناً موازياً للبنوك، فهي تقوم بأنشطة مريبة تحت غطاء توظيف الأموال ويتهافت البسطاء عليها لإيداع أموالهم لديها ثم استردادها بفوائد تفوق البنوك بأضعاف مضاعفة دون أن يخطر ببالهم أن خطراً محدقاً يلوح في المستقبل، جسدتها الفنانة وفاء عامر بأداء شديد الإقناع وقدرة على امتلاك مفاتيح الشخصية باعتبارها تجسيداً للثراء الريفي الفاحش في نسخته الجديدة، فضلاً عن لغة الجسد التي تنم عن الشراهة للمال والثقة في النفس معاً، لا سيما حين يتضح أن نشاطها الحقيقي السري هو تجارة السلاح.
ويأتي نموذج التطرف الديني مهيمناً على فضاء العمل ومؤثراً في مجرى الأحداث، عبر حالتين الأولى هي (نجيدة)، الذي يجسده الفنان إيهاب فهمي لطبيب صيدلي ينتمي إلى تنظيم «الإخوان»، ويصدر للجميع ابتسامة زائفة ومنطقاً مراوغاً وأكاذيب لا تنتهي وفق مفهوم (التقيَّة) وإظهار ما لا يبطن، أما الحالة الثانية المتفرعة من هذا النموذج فهي شخصيات سلفية بجلباب أبيض، ولحى كثة وشره للطعام والمال معاً بحيث توظف نصوص الدين لخدمة هذا الشره.

يجمع كل هذه النماذج تحالف مصالح ودعم متبادل في زواج بين المال والسلطة بغطاء ديني زائف. هذا التحالف هو ما يتصدى بقوة لمحاولات الاستنارة والحداثة التي يمثلها مجيء سيدة لتتولى منصب العمدة في بيئة ذكورية لتقود ثورة اجتماعية على التقاليد البالية يؤازرها قطاع واسع من الأهالي.
تسعى العمدة (صفية)، التي تجسدها الفنانة روبي لشن حرب واسعة على أمراض القرية المستفحلة مثل حرمان البنات من ميراثهن وختان الإناث والتنمر ضد الأقباط وإجبار الفتيات على ارتداء الحجاب وهن لا زلن في المرحلة الابتدائية، فضلاً عن تردي الخدمات التعليمية والصحية وكذلك الهجرة غير النظامية إلى أوروبا.
ولا تستند «حضرة العمدة»، في حربها إلى مجرد هويتها الأنثوية والرغبة في كبح جماح المظالم الذكورية فقط، فهي أستاذة علم نفس بالجامعة الأميركية بالقاهرة كما أنها ابنة للقرية قبل أن تهجرها مؤقتاً وتستقر في العاصمة.
ولا تبدو القرية في المسلسل أسيرة الصورة النمطية للقرية المصرية في الدراما، فنحن هنا بإزاء محلات بيتزا، وكافيهات تحمل أسماء المدن الإيطالية رغم تهالك الطرق وعشوائية البناء. وكان لافتاً تجسيد علاقة الجيل الجديد من أبناء القرية بعالم مواقع التواصل وكيف يتم توظيفها لأهداف غير بريئة في رفع شأن أحدهم أو الهجوم على بعضهم.
وهنا يبرز دور الفنان حسام داغر، وهو يجسد شخصية (صلاح) باعتباره «عبقري الإنترنت والسوشيال ميديا في القرية»، الذي أكد أن «شخصيته في هذا المسلسل تختلف عن تجارب سابقة له، حيث يجسد شخصية شاب يوظف قدراته التكنولوجية في أغراض سيئة ويتحالف مع الأشرار، لكن بتطور الأحداث تتغلب بذرة الخير، التي بداخله على المغريات المحيطة». وأضاف في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «قرية تل شبورة ترمز إلى مصر، والعمل يهدف إلى التصدي للعديد من المشكلات البارزة على الساحة، لا سيما أنه يضم نخبة من الممثلين من مختلف الأجيال».



سلوفينية تبلغ 12 عاماً تُنقذ مشروعاً لإعادة «الزيز» إلى بريطانيا

أحدثت الفارق وغيَّرت النتيجة (صندوق استعادة الأنواع)
أحدثت الفارق وغيَّرت النتيجة (صندوق استعادة الأنواع)
TT

سلوفينية تبلغ 12 عاماً تُنقذ مشروعاً لإعادة «الزيز» إلى بريطانيا

أحدثت الفارق وغيَّرت النتيجة (صندوق استعادة الأنواع)
أحدثت الفارق وغيَّرت النتيجة (صندوق استعادة الأنواع)

عندما سافر علماء بيئة بريطانيون إلى سلوفينيا هذا الصيف على أمل التقاط ما يكفي من صراصير «الزيز» المغرِّدة لإعادة إدخال هذا النوع إلى غابة «نيو فورست» في بريطانيا، كانت تلك الحشرات صعبة المنال تطير بسرعة كبيرة على ارتفاع بين الأشجار. لكنَّ فتاة تبلغ 12 عاماً قدَّمت عرضاً لا يُفوَّت.

وذكرت «الغارديان» أنّ كريستينا كيندا، ابنة الموظّف في شركة «إير بي إن بي»؛ الموقع الذي يتيح للأشخاص تأجير واستئجار أماكن السكن، والذي وفَّر الإقامة لمدير مشروع «صندوق استعادة الأنواع» دوم برايس، ومسؤول الحفاظ على البيئة هولي ستانوورث، هذا الصيف؛ اقترحت أن تضع شِباكاً لالتقاط ما يكفي من صراصير «الزيز» لإعادتها إلى بريطانيا.

قالت: «سعيدة للمساعدة في هذا المشروع. أحبّ الطبيعة والحيوانات البرّية. الصراصير جزء من الصيف في سلوفينيا، وسيكون جيّداً أن أساعد في جَعْلها جزءاً من الصيف في إنجلترا أيضاً».

كان صرصار «نيو فورست» الأسود والبرتقالي هو النوع الوحيد من الصراصير الذي وُجِد في بريطانيا. في الصيف، يصدح الذكور بأغنية عالية النغمات لجذب الإناث التي تضع بيضها في الأشجار. وعندما يفقس الصغار، تسقط إلى أرض الغابة وتحفر في التربة، حيث تنمو ببطء تحت الأرض لمدّة 6 إلى 8 سنوات قبل ظهورها على شكل كائنات بالغة.

صرصار «نيو فورست» الأسود والبرتقالي (صندوق استعادة الأنواع)

اختفى هذا النوع من الحشرات من غابة «نيو فورست»، فبدأ «صندوق استعادة الأنواع» مشروعاً بقيمة 28 ألف جنيه إسترليني لإعادته.

نصَّت الخطة على جمع 5 ذكور و5 إناث من متنزه «إيدريا جيوبارك» في سلوفينيا بتصريح رسمي، وإدخالها في حضانة صراصير «الزيز» التي تضمّ نباتات محاطة في أوعية أنشأها موظّفو حديقة الحيوانات في متنزه «بولتون بارك» القريب من الغابة.

ورغم عدم تمكُّن برايس وستانوورث من التقاط صراصير «الزيز» البالغة، فقد عثرا على مئات أكوام الطين الصغيرة التي صنعها صغار «الزيز» وهي تخرج من الأرض بالقرب من مكان إقامتهما، وتوصّلا إلى أنه إذا كانا يستطيعان نصب خيمة شبكية على المنطقة قبل ظهور صراصير «الزيز» في العام المقبل، فيمكنهما إذن التقاط ما يكفي منها لإعادتها إلى بريطانيا. لكنهما أخفقا في ترك الشِّباك طوال فصل الشتاء؛ إذ كانت عرضة للتلف، كما أنهما لم يتمكنا من تحمُّل تكلفة رحلة إضافية إلى سلوفينيا.

لذلك، عرضت كريستينا، ابنة مضيفيهما كاتارينا وميتشا، تولّي مهمّة نصب الشِّباك في الربيع والتأكد من تأمينها. كما وافقت على مراقبة المنطقة خلال الشتاء لرصد أي علامات على النشاط.

قال برايس: «ممتنون لها ولعائلتها. قد يكون المشروع مستحيلاً لولا دعمهم الكبير. إذا نجحت هذه الطريقة، فيمكننا إعادة أحد الأنواع الخاصة في بريطانيا، وهو الصرصار الوحيد لدينا وأيقونة غابة (نيو فورست) التي يمكن للسكان والزوار الاستمتاع بها إلى الأبد».

يأمل الفريق جمع شحنته الثمينة من الصراصير الحية. الخطة هي أن تضع تلك البالغة بيضها على النباتات في الأوعية، بحيث يحفر الصغار في تربتها، ثم تُزرع النباتات والتربة في مواقع سرّية في غابة «نيو فورست»، وتُراقب، على أمل أن يظهر عدد كافٍ من النسل لإعادة إحياء هذا النوع من الحشرات.

سيستغرق الأمر 6 سنوات لمعرفة ما إذا كانت الصغار تعيش تحت الأرض لتصبح أول جيل جديد من صراصير «نيو فورست» في بريطانيا.