أميركا تستهدف قيادياً كبيراً في «داعش» بغارة شمال سوريا

الهجوم الأميركي أدى إلى مقتل اثنين من المسلحين (أرشيفية-رويترز)
الهجوم الأميركي أدى إلى مقتل اثنين من المسلحين (أرشيفية-رويترز)
TT

أميركا تستهدف قيادياً كبيراً في «داعش» بغارة شمال سوريا

الهجوم الأميركي أدى إلى مقتل اثنين من المسلحين (أرشيفية-رويترز)
الهجوم الأميركي أدى إلى مقتل اثنين من المسلحين (أرشيفية-رويترز)

أعلنت القيادة الوسطى للجيش الأميركي (سنتكوم)، اليوم (الاثنين)، عن استهدافها قيادياً بارزاً في تنظيم «داعش» بغارة شنّتها في شمال سوريا، قالت إنه كان مسؤولاً عن التخطيط لهجمات للتنظيم في الشرق الأوسط وأوروبا، ورجحت «أن يكون قُتل».
وقال قائد القيادة الوسطى مايكل كوريلا في بيان، إن القوات الأميركية: «شنّت غارة بمروحية في شمال سوريا فجر اليوم (...) استهدفت قيادياً بارزاً» في التنظيم.
وأوضح أن القيادي المستهدف كان «مسؤولاً عن التخطيط لهجمات إرهابية لتنظيم (داعش) في الشرق الأوسط وأوروبا». ورجح أن «تكون الغارة أدت إلى مقتل الشخص المستهدف»، في حين «قُتل مسلحان آخران» من دون أن تكشف القيادة عن هوية أي واحد منهما. ولم تسفر الغارة عن مقتل أو إصابة أي جندي أميركي أو مدنيين.
وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، إن قوات «التحالف الدولي» نفذت عملية إنزال جوي في ريف جرابلس الواقع ضمن نفوذ الفصائل السورية الموالية لأنقرة، «مستهدفة قيادياً بارزاً» في التنظيم.
ودارت اشتباكات عنيفة بعد عملية الإنزال وفق المرصد، تخللها قصف بصاروخين استهدفا المبنى الذي يسكنه القيادي.
وأضاف «المرصد» أن الشخص المستهدف جاء إلى قرية السويدة في ريف جرابلس عقب إطلاق سراحه من سجن منبج في شمال سوريا قبل نحو ستة أشهر. والتجأ إلى أحد الفصائل الموالية لأنقرة هناك.
وأكد «المرصد» لوكالة «الصحافة الفرنسية»، أن «العديد من مقاتلي التنظيم سابقاً، التحقوا بصفوف عشرات الفصائل الموالية لأنقرة».
وأشار «المرصد» إلى أن العملية انتهت «بمقتل عنصرين من فصيل (صقور الشمال) كانا بالقرب من موقع الإنزال الجوي، وشخص ثالث مرافق للقيادي المستهدف».
وقال سكان محليون لمراسل الوكالة، إن «قيادياً في التنظيم قُتل خلال محاولته الفرار، وسُلّمت جثته إلى أحد أشقائه».
وأعلن فصيل «صقور الشام» الموالي لأنقرة مقتل اثنين من عناصره «أثناء خروجهما من منازلهما لتفقد ما يحصل» عقب عملية الإنزال.
وفي الرابع من أبريل (نيسان)، أعلنت القيادة الوسطى في الجيش الأميركي مقتل قيادي بارز آخر في التنظيم في ضربة شنتها القوات الأميركية في شمال غربي سوريا.
وشنّ التنظيم خلال سيطرته على مساحات واسعة في سوريا والعراق، هجمات دامية في مدن أوروبية عدة أبرزها في باريس وبروكسل.
وقُتل 43 شخصاً في سوريا، أول من أمس، إثر ثلاثة هجومات منفصلة شنّ اثنين منها (الأحد) مسلحون يُعتقد أنهم من تنظيم «داعش».
وتنتشر القوات الأميركية التي تقود التحالف الدولي ضد التنظيم المتطرف في مناطق سيطرة المقاتلين الأكراد في شمال سوريا وشمال شرقيها، وتوجد في قواعد في محافظة دير الزور (شرق) والرقة (شمال).
ونجحت القوات الأميركية في تصفية أو اعتقال قادة في عمليات عدة، قُتل في أبرزها زعيما تنظيم «داعش» أبو بكر البغدادي في أكتوبر (تشرين الأول) 2019، ثم أبو إبراهيم القرشي في فبراير (شباط) الماضي في محافظة إدلب التي تسيطر «هيئة تحرير الشام» (النصرة سابقاً) مع فصائل أخرى أقل نفوذاً، على نحو نصف مساحتها.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم