سيناريوهات الحرب الخامسة... ماذا تخبئ وراءها؟

سيناريوهات الحرب الخامسة... ماذا تخبئ وراءها؟
TT

سيناريوهات الحرب الخامسة... ماذا تخبئ وراءها؟

سيناريوهات الحرب الخامسة... ماذا تخبئ وراءها؟

هي ليست الحرب الأولى التي يخوضها الجيش السوداني، داخل حدود بلاده، سبقتها 4 حروب، استهلكت 57 عاماً من عمر السودانيين، أكبرها وأكثرها تأثيراً هي حرب الجنوب السابق (استقل في ختامها عام 2010)، وامتدت على مرحلتين من 1955 إلى 1972، ومن 1983 إلى 2005 (39 عاماً).
الحرب الأولى انتهت بتوقيع اتفاقية أديس أبابا، بين حكومة الرئيس الأسبق جعفر نميري والحركات المتمردة الجنوبية (أنانيا 2)، وأدت إلى قتل وتشريد مئات الآلاف من السكان الأبرياء. والثانية كانت بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة جون قرنق وانتهت باتفاقية سلام عام 2005، قادت فيما بعد إلى خروج الجنوب من خريطة السودان ليصبح دولة مستقلة.
ثالثة الحروب دارت رحاها في دارفور، من 2003 إلى 2010 بين الجيش الحكومي وحركات مسلحة في الإقليم، وتسببت في مقتل وتشريد الملايين من السكان، وانتهت باتفاقية الدوحة عام 2010.
بعد انفصال الجنوب 2010، خاضت الحركة الشعبية لتحرير السودان - قطاع الشمال، (أو ما يسمى بالجنوب الجديد)، بقيادة عبد العزيز الحلو ومالك عقار، حرباً ضد الحكومة المركزية، دامت 9 سنوات من عام 2011، انتهت بتوقيع اتفاقية جزئية مع عقار عام 2020، فيما بقي الحلو، متمترساً في مناطقه «المحررة» جنوب النيل الأزرق حتى الآن.
حربا الجنوب انتهت بتقسيم السودان، وحرب دارفور أنهكت الدولة وظهرت الميليشيات المسلحة، وصار هناك أكثر من 8 جيوش في الدولة الواحدة، وشهدت هذه الفترة ميلاد قوات حرس الحدود، المعروفة شعبياً باسم قوات «الجنجويد» الشهيرة، نواة قوات الدعم السريع بقيادة الفريق محمد حمدان دقلو، الشهير بـ«حميدتي»، الذي يشغل أيضاً منصب نائب رئيس مجلس السيادة السوداني.
بين هذه الحروب الأربع الرئيسية، قامت حروب صغيرة دامت أياماً، مثل تمرد هاشم العطا 1972، عملية المرتزقة عام 1976، حرب الذراع الطويلة، التي قادتها حركة العدل والمساواة، بقيادة إبراهيم خليل 2008، التي دخلت حتى حدود أم درمان.
حروب دامت في مجملها 57 عاماً، قضت على الأخضر واليابس، وحوّلت السودان الذي كان يعد «سلة لغذاء العرب»، إلى بلد يقتات قوته من الإعانات والمساعدات الدولية كأحد أفقر بلدان العالم.
لكن حروب الجيش هذه لم تنتهِ... فحربه الجديدة مع قوات الدعم السريع، رغم أنها ما زالت وليدة، فهي الأخطر على السودان، وعلى سلامة أراضيه، ومجتمعه، حسب الخبراء والاستراتيجيين. فهي أول حرب تنطلق من مركز القوة في العاصمة الخرطوم، ومدن شمالية أخرى كانت بعيدة عن نيران الحرب، بينما كانت الحروب الأخرى تنطلق من الأطراف.
فهي حرب مدن وشوارع، وبالتالي فإن خسائرها بين المدنيين والممتلكات ستكون باهظة. ولا غرو أن حصاد اليوم الأول لها كان 59 قتيلاً من المدنيين، وتدمير ممتلكات وبنايات.
خطورتها أنها انطلقت في ساعة صفر واحدة في عدة مدن؛ الخرطوم، ومروي (شمال)، الفاشر ونيالا (غرب)، الأُبيِّض (وسط)، والقضارف وكسلا وبورتسودان (شرق)، وما زالت كرتها تتدحرج شرقاً وغرباً ويميناً وشمالاً.
وأحلى سيناريوهاتها مر. إنها حرب لا منتصر فيها، فالكل خاسر كما يؤكد اللواء المتقاعد كمال إسماعيل قائلاً «سواء كانت اليد الطولى فيها للجيش أو للدعم السريع، أو استمرت دون حسم... فالكل مهزوم فيها... لن تنتهي بانتصار... وستستمر طويلاً، وستكون لها تداعيات جسيمة... على المدنيين والبنية التحتية... إضافة إلى تداعيات أخرى على حياة الأطفال النفسية والصحية وعلى مستقبلهم».
يشير إسماعيل إلى وجود أنواع كثيرة من الحروب... لكن أسوأها وأقساها تدميراً تلك التي تجري في المدن، والمناطق المبنية... غير تلك التي تجرى في أماكن مفتوحة حيث يتأثر فيها الجنود فقط.
الجميل الفاضل، المحلل السياسي السوداني البارز، يؤكد هذا الاتجاه أيضاً، فهو يرى أنها تفتح المجال لخروج مناطق، وربما إقليم، من سيطرة الوطن في حالة توسعها. ويعدها قدراً مقدوراً، ربما يكون فيها خير إذا طال مداها وزمنها، فهي «إنهاك للطرفين، وهزيمة في خاتمة المطاف للسلاح في مجال السياسة».
ويرى الفاضل أن التكوين الإثني والقبلي داخل القوى المتحاربة يجعل احتمالات توسعها إقليمياً أكبر، وأن هزيمة أحد الطرفين تجعل الإقليم الذي ينتمي إليه الطرف المهزوم منعزلاً... ومرشحاً للانفصال على أرض الواقع، دون الحاجة إلى استفتاءات لتقرير المصير.
سيناريوهات أخرى أسوأ تتمثل في وجود عدد من جيوش المجموعات المسلحة، التي كانت تقاتل نظام البشير السابق، ويزيد عددها عن 8 جيوش موجودة حالياً داخل الخرطوم، تنتظر ترجح كفة على أخرى للاصطفاف.
وهناك جيوش جهوية أخرى تشكلت أخيراً، مثل درع الشمال وأبو عاقلة كيكل، والصوارمة خالد سعد، وهذه قد تدخل أيضاً دائرة الصراع، فتصير الخرطوم مثل بيروت زمن الحرب الأهلية، كل جيش يتمركز داخل حي أو منطقة، يتحكم في مصيرها ويمنع دخول الآخرين لها.
ويتخوف إسماعيل من تحول الحرب إلى حرب عنصرية وقبلية تصعب السيطرة عليها، في ظل أن السودان قبل إطلاق الرصاص، هو بيئة خصبة للعنصرية ولإشكاليات مجتمعية... «هذه الحرب ستزيد هذه الوتيرة... وسينفرط العقد الاجتماعي».
وتشير التقارير إلى وجود ميداني كبير لكتائب الظل الإسلاموية والأمن الشعبي والدفاع الشعبي وهيئة عمليات جهاز الأمن التي تتبع الحركة الإسلامية (عناصر النظام السابق)، حيث تعمل على الأرض بشكل واضح، حسب الفاضل: «كذراع مساندة للجيش، وهي معاونة لن تكون مجانية في حال كانت اليد الطولى للجيش في الحرب الدائرة الآن. ما يعني أيضاً عودة النظام المؤدلج، للسلطة بثبات تام».
وحسب المحلل السياسي، فإن «جنرالات الجيش ربما شعروا بأنهم في حاجة إلى تدعيم صفوفهم بقوى احتياطية جاهزة... وهي قوى (الإخوان). وترمي هذه القوى بثقلها على هذه المعركة، لأن عودة العملية السياسية تعني النهاية الحتمية لها، لذلك فهي تخوض معركة وجودية ومعركة حياة أو موت».
وتملك الحركة الإسلامية اليد الطولى داخل الجيش السوداني، فهو الجيش الذي بناه الرئيس المخلوع عمر البشير طوال 30 عاماً من حكمه. وبفضل هذا التكوين الداخلي للجيش، والضغوط عليه من كبار الضباط المواليين للحركة، لا يستطيع البرهان المضي كثيراً في اتجاه القوى الديمقراطية المدنية.
يقول الفاضل: «إن الجيش بات غرفة تحكم للحركة الإسلامية، تدير من خلاله أجندتها السياسية... هذه هي العقبة الأساسية التي يبدو لا فكاك منها».
على الجانب الآخر، فإن سيطرة «الدعم السريع» على مقاليد الحرب، سيكون له أيضاً تأثيره السلبي البالغ على اللحمة الوطنية، وستظهر تناقضات إثنية بين مجموعات ما يسمى بـ«أولاد البحر» و«أولاد الغرب»، أي أبناء الشمال والغرب. وهذه النزعة ستخلف أوضاعاً غير مستقرة. ورغم ذلك، يرى الفاضل أن هذا السيناريو ربما يكون الأفضل للسودانيين، لأن الأول سيعيد إنتاج النظام الإسلاموي السابق، أما الثاني، وهو الذي يقوده قائد «الدعم السريع»، فليس أمامه سوى الارتماء في حضن القوى السياسية الديمقراطية، التي يرفع راياتها الآن.
«الدعم السريع» نشأ أصلاً في كنف الحركة الإسلامية، وبفقدانه دعمهم لم يعد أمامه سوى القوى الديمقراطية. يقول «حميدتي» إن «شباب (الدعم) يموتون الآن من أجل الديمقراطية»، وإنه لم يدخل هذه الحرب «إلا بعد أن كان هناك معسكر ديمقراطي، وآخر انقلابي».
يقول الجميل إنه بغضّ النظر عن جدية قائد «الدعم السريع» أو عدم جديته... فإن تعهداته يصعب عليه التراجع عنها لاحقاً.


مقالات ذات صلة

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

شمال افريقيا الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

كثَّفت المملكة العربية السعودية، جهودَها الدبلوماسية لوقف التصعيد في السودان، إلى جانب مساعداتها لإجلاء آلاف الرعايا من أكثر من مائة دولة عبر ميناء بورتسودان. وأجرى وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، أمس، اتصالات هاتفية، مع الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ووزير الخارجية الجيبوتي محمود علي يوسف، بحث خلالها الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف السودانية، وإنهاء العنف، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين، بما يضمن أمنَ واستقرار ورفاه السودان وشعبه.

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

بعد 3 أيام عصيبة قضتها المسنة السودانية زينب عمر، بمعبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان، وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على غر

شمال افريقيا الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص توقعت أن يفروا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين هذا النداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مضيفة أن مصر وجنوب السودان سيسجّلان أكبر عدد من الوافدين. وستتطلب الاستجابة للأزمة السودانية 445 مليون دولار حتى أكتوبر؛ لمواجهة ارتفاع عدد الفارين من السودان، بحسب المفوضية. وحتى قبل هذه الأزمة، كانت معظم العمليات الإنسانية في البلدان المجاورة للسودان، التي تستضيف حالياً الأشخاص الفارين من البلاد، تعاني نقصاً في التمو

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

وجّه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة للمركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم. كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة. وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى ومصارف ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية. حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)

مسؤولون مصريون يواجهون «الغلاء» بجولات مفاجئة على الأسواق

وزير التموين خلال جولته في الإسكندرية (وزارة التموين)
وزير التموين خلال جولته في الإسكندرية (وزارة التموين)
TT

مسؤولون مصريون يواجهون «الغلاء» بجولات مفاجئة على الأسواق

وزير التموين خلال جولته في الإسكندرية (وزارة التموين)
وزير التموين خلال جولته في الإسكندرية (وزارة التموين)

يواصل مسؤولون مصريون جولاتهم المفاجئة داخل الأسواق للتأكد من توافر السلع بـ«أسعار مناسبة»، عقب زيادة أسعار الوقود بنسب تراوحت ما بين 10 و15 في المائة، وسط مخاوف متصاعدة بين المواطنين من «موجة غلاء» جديدة.

وبينما جدد وزير التموين والتجارة الداخلية المصري، شريف فاروق، خلال جولة له في الإسكندرية، اليوم (السبت)، «تأكيده التزام الدولة بثبات سعر الخبز المدعم من دون تغيير مع تحمل الدولة فارق الزيادة»، باشر عدد من المحافظين جولاتهم الميدانية للتأكد من «تطبيق التعريفات الجديدة في المواصلات، وتوافر السلع وأسعارها بالمجمعات الاستهلاكية، مع التأكيد على بيع الخبز المدعم للمواطنين بـ20 قرشاً».

ومطلع يونيو (حزيران) الماضي، رفعت الحكومة المصرية للمرة الأولى منذ 36 عاماً، سعر رغيف الخبز المدعم إلى 20 قرشاً للرغيف، بدلاً من 5 قروش (الجنيه يساوي 100 قرش، بينما يعادل الجنيه 0.021 دولار أميركي).

محافظ القاهرة خلال متابعة تطبيق التعريفة الجديدة للمواصلات (محافظة القاهرة)

وقدمت عضوة مجلس النواب المصري (البرلمان)، النائبة راوية مختار، سؤالاً برلمانياً إلى رئيس مجلس الوزراء ووزير البترول حول تأثير قرار رفع أسعار الوقود على السلع خلال الفترة المقبلة، مؤكدة أن القرار سيؤدي حتماً إلى «زيادة الأسعار» في الأيام المقبلة، بما يشكل عبئاً على المواطن، ويخالف تعهدات الحكومة بالتخفيف عن المواطن.

وأعلنت الحكومة المصرية، الخميس الماضي، زيادة أسعار أنواع الوقود. ووفقاً لما نقلته الجريدة الرسمية عن وزارة البترول، فقد جرت زيادة أسعار بنزين 80 بسعر 12.25 جنيه (0.25 دولار)، وبنزين 92 بسعر 13.75 جنيه، وبنزين 95 بسعر 15 جنيهاً. أما السولار، وهو أحد أكثر أنواع الوقود استخداماً، فشهد زيادة أكبر؛ إذ تقرر رفع سعره إلى 11.50 جنيه (0.24 دولار) من 10 جنيهات.

وبحسب الخبير الاقتصادي المصري، الدكتور كريم العمدة، فإن «رفع الحكومة لسعر السولار الأكثر استخداماً في سيارات النقل ومركبات الأجرة سيؤدي حتماً إلى زيادة الأسعار بنسب متفاوتة»، وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن «التحركات الحكومية من أجل ضبط الأسواق يجب أن تكون أكثر صرامة لضمان عدم استغلال نسب زيادة الوقود في رفع الأسعار بصورة مبالغ فيها»، مضيفاً أن «ارتفاع تكلفة النقل سيؤدي بالتبعية إلى زيادة أسعار السلع بنسب ثابتة، بافتراض ثبات باقي العوامل الأخرى المؤثرة في عملية التسعير».

محافظ الجيزة في جولة تفقدية بأحد الأسواق (محافظة الجيزة)

لكن عضو مجلس النواب المصري (البرلمان)، النائب محمود أبو الخير، يرى أن نسب الزيادة ستكون ذات تأثير محدود على المواطنين «حال نجاح الأجهزة الرقابية في متابعة دورها، ليس فقط على أسعار السلع؛ لكن أيضاً على وسائل النقل وغيرها من الأمور»، لافتاً إلى أن «تحركات المحافظين والوزراء والمسؤولين على الأرض تعكس بوضوح وجود جدية حكومية في هذا الأمر».

وقال أبو الخير لـ«الشرق الأوسط»، إن «جولات المسؤولين المصريين قد تحد من استغلال بعض التجار، الذين يسعون لتحقيق مكاسب إضافية، فور الإعلان عن أي زيادات سعرية»، مشيداً بـ«سرعة التحرك الحكومي لضبط الأسواق وتجنب حدوث مشكلات في توافر بعض السلع».

مسؤولون مصريون يتابعون العمل داخل إحدى محطات الوقود عقب زيادة أسعار البنزين والسولار (الشرق الأوسط)

ومنذ بدء برنامج «الإصلاح الاقتصادي» بمصر مع صندوق النقد الدولي في نوفمبر (تشرين الثاني) 2016، اتبعت الحكومة المصرية «إجراءات تقشفية»، على رأسها «تقليل دعم الوقود والكهرباء والمياه بشكل تدريجي»، بحسب مراقبين.

وأكد رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، الأربعاء الماضي، «رفع أسعار عدة خدمات حتى نهاية العام المقبل بشكل تدريجي». لكن مدبولي تعهد العمل على «ضبط الأسعار» من خلال «ضخ كميات إضافية من السلع، مما يحقق وفرة في العرض، وبالتالي تحقيق انخفاض في السعر».

وعودة إلى النائب أبو الخير، فقد أكد «أهمية الاستمرار في المتابعة الميدانية لضمان توافر السلع، مع وجود احتياطي استراتيجي منها يكفي لفترات أطول»، لافتاً إلى «ضرورة تفعيل أدوات الرقابة والمحاسبة للمخالفين، الذين يقومون بتخزين السلع لمحاولة احتكارها من أجل زيادة سعرها».