فضيحة «الألواح المعدنية»... هل تُوقف «التسامح» الأوغندي مع الفاسدين؟

ضبط وزيرين والتحقيق مع 10 آخرين متهمين بـ«سرقة مخصصات إغاثية»

الوزيرة الأوغندية غوريتي كيتوتو في أثناء محاكمتها بتهمة الفساد (رويترز)
الوزيرة الأوغندية غوريتي كيتوتو في أثناء محاكمتها بتهمة الفساد (رويترز)
TT

فضيحة «الألواح المعدنية»... هل تُوقف «التسامح» الأوغندي مع الفاسدين؟

الوزيرة الأوغندية غوريتي كيتوتو في أثناء محاكمتها بتهمة الفساد (رويترز)
الوزيرة الأوغندية غوريتي كيتوتو في أثناء محاكمتها بتهمة الفساد (رويترز)

يبدو أن فضيحة «الألواح المعدنية» التي ضربت مسؤولين كباراً بالحكومة الأوغندية، قد تدفع البلاد لكسر حالة «التسامح» مع محاسبة الفاسدين، بعد توقيف وزيرين، والتحقيق مع نحو 10 آخرين في الحكومة، و31 نائباً، و13 مسؤولاً حكومياً، بتهمة سرقة 14 ألفاً و500 من ألواح الأسقف المعدنية المخصصة لإغاثة إحدى المناطق الفقيرة، في البلد الواقع في وسط أفريقيا؛ حيث يتفشى الفساد.
وأُوقف وزير الدولة الأوغندي للشؤون المالية أموس لوغولوبي، السبت، في إطار التحقيق في القضية، بعد أيام من توجيه اتهامات لماري غوريتي كيتوتو، الوزيرة المسؤولة عن تطوير منطقة كاراموجا، شمال غربي أوغندا، بالإضافة إلى شقيقتها.
وكانت ألواح الأسقف الحديدية المموجة مخصصة لمساكن منخفضة الكلفة في كاراموجا، وهي منطقة نائية وغير متطورة شمال غربي البلاد على الحدود مع كينيا وجنوب السودان. ووفق الناطق باسم الشرطة الأوغندية، فريد إنانغا، فإن مكتب مدير النيابة العامة وجَّه اتهامات جنائية لوزير المالية لوغولوبي، بـ«الاستيلاء على 600 من الألواح»، وفي انتظار المثول أمام المحكمة.
وبينما لم تحدد الشرطة موعد مثول لوغولوبي أمام المحكمة. ذكرت وسائل إعلام محلية أنه «استخدم بعض الألواح في حظيرة حيوانات بمزرعته». وحسب الشرطة؛ فإنه يجري التحقيق مع أكثر من 10 وزراء في الحكومة و31 نائباً و13 مسؤولاً حكومياً في هذه القضية. ورفضت الوزيرة كيتوتو اتهامها بتحويل 14500 لوح حديد «لمصلحتها الخاصة ولصالح أطراف ثالثة»، ودفعت بأنها «غير مذنبة»، وقد أُطلق سراحها بكفالة.
وتعد منطقة كاراموجا موطن الرعاة الرحل المعرضين للجفاف المتكرر والغارات المميتة على الماشية من قبل المحاربين الذين يستخدمون الأسلحة التي تم الحصول عليها بشكل غير قانوني، والمتاجرة بها عبر الأراضي الحدودية التي يسهل اختراقها.
ويقوم أفراد الأمن بتنفيذ برنامج نزع السلاح في المنطقة، وكان من المقرر توزيع مواد التسقيف على الشباب، لحملهم على التخلي عن الغارات غير القانونية على الماشية والأنشطة الإجرامية الأخرى.
ونادراً ما يتم ضبط أو محاكمة مسؤولين كبار بتهمة الفساد في أوغندا التي تشتهر بـ«التغاضي عن إصدار أحكام رادعة في قضايا فساد»، حسب خبراء معنيين.
يقول محمد تورشين، الخبير السوداني في الشؤون الأفريقية، إن «أوغندا من أكثر الدول فساداً في أفريقيا، بسبب سيطرة الرئيس يوويري موسيفيني لفترة طويلة على السلطة؛ حيث أصبح يسيِّر البلاد بشكل غير منهجي وغير واقعي، وبات الفساد ينخر في كل مؤسسات الدولة وقطاعاتها».
وأوضح تورشين لـ«الشرق الأوسط»، أن «فضيحة الألواح المعدنية جزء من فساد مستشرٍ، ولا يمكن النظر إلى التحقيق فيها باعتبار أنها عملية ممنهجة لمحاربة الفساد؛ لأنه لا توجد خطة واضحة أو استراتيجية أعلنتها السلطات الأوغندية لمحاربة الفساد هناك»، معتقداً أن الأمر قد يكون «مجرد تصفية حسابات داخل المنظومة السياسية الحاكمة، لمن لديهم توجه أو مصالح مع قطاعات أخرى».
لكن الخبير الأفريقي يأمل أن تشكل هذه الواقعة «انتفاضة أوغندية ضد الفساد، يبنى عليها مستقبلاً».
وتتعرض الحكومة الأوغندية لضغوط لاعتقال واتهام مزيد من المسؤولين المتورطين في الفضيحة. وأمر الرئيس يوويري موسيفيني -تحت ضغط من الجمهور لاتخاذ إجراء- الوزراء في وقت سابق من هذا الأسبوع بإعادة ألواح الأسقف أو سداد ما يعادلها نقداً للحكومة.
ووفق تقرير لمنظمة الشفافية الدولية، نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي، فإن أوغندا جاءت في أسفل جدول مؤشر «مدركات الفساد» لعام 2022، واحتلت المرتبة 142 من بين 180 دولة.
وتشير التقارير الصادرة عن المفتش العام للحكومة في أوغندا، إلى أن استغلال المنصب يمثل الشكل الرئيسي للفساد، بنحو 15 في المائة من جميع الشكاوى الواردة، تليه الرشوة بنسبة 7.1 في المائة، واختلاس الأموال العامة بنسبة 5.2 في المائة.
ويرى تيموثي كاليجيرا، المحلل السياسي الأوغندي، أن أزمة الفساد في أوغندا، ترجع إلى أنه يتم التعامل معه على أنه «مشكلة أخلاقية من قبل وسائل الإعلام والكنيسة ومجموعات المجتمع المدني والطبقة السياسية». وأضاف: «الرئيس موسيفيني يتكلم عن محاربة الفساد؛ لكن في معظم الأحيان يغض الطرف عنه».
ويشير كاليجيرا في مقال له بـ«مونيتور» إلى أن «الأوغنديين يتسامحون تماماً مثل الرئيس موسيفيني مع الفساد، على الرغم من أنه يظهر أنهم يكرهونه ويدينونه»، ضارباً المثال بأنه «عندما يتم القبض على مسؤول عام بارز، يقوم وفد من السياسيين البارزين والزعماء الدينيين والشيوخ بزيارة موسيفيني في مقر الولاية، ويطالبون بالعفو عن ابنهم».
ويضيف: «ليس الأمر أن المجتمع قد تحول فجأة إلى غير أخلاقي وغير أمين، بقدر ما يعاني الأوغنديون تكلفة معيشية عالية بشكل لا يصدق... أدى ارتفاع تكلفة المعيشة في الإيجار والرسوم المدرسية والفواتير الطبية إلى تآكل الدخل المتاح للأوغنديين». وتابع: «من دون التهرب الضريبي، وبعبارة أخرى: من دون فساد، فإن ما لا يقل عن 95 في المائة من الشركات الأوغندية الحالية سوف تنهار».
موسيفيني، من جانبه وفقاً للخبير الأوغندي: «يدرك هذا، ونظام المحسوبية الخاص به، وغض الطرف عن التهرب الضريبي والرشوة هو طريقته لمنع المجتمع من الوصول إلى حافة أزمة شاملة، إذا أصبح صارماً مع الفساد».


مقالات ذات صلة

اعتقال نائب وزير الدفاع الروسي السابق بتهمة الاحتيال

أوروبا صورة التقطتها وزارة الدفاع الروسية يناير 2015 تُظهر نائب وزير الدفاع السابق بافيل بوبوف في الصورة الرسمية بموسكو (أ.ب)

اعتقال نائب وزير الدفاع الروسي السابق بتهمة الاحتيال

أمرت السلطات الروسية باحتجاز مسؤول عسكري روسي سابق بتهمة الاحتيال، اليوم (الخميس)، في أحدث اعتقال رفيع المستوى لمسؤول عسكري كبير بالبلاد.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
المشرق العربي صورة متداولة لـ«نور زهير» المتهم الرئيسي لما تُعرف بـ«سرقة القرن» (فيسبوك)

​المتهم بـ«سرقة القرن» مطارداً بمذكرة قبض عراقية

بات المتهم بـ«سرقة القرن» نور زهير مطارداً بمذكرة قبض أصدرتها محكمة الفساد العراقية بعدما ألغت الكفالة المشروطة التي منحت له لاسترداد صكوك الأمانات الضريبية.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي نور زهير المتهم الرئيسي بـ«سرقة القرن» خلال حوار تلفزيوني (قناة الشرقية)

غموض يلفُّ إصابة المتهم بـ«سرقة القرن» العراقية في بيروت

تحوّل خبر حادث مروري مزعوم في بيروت إلى سجال عراقي حول قضية المتهم الرئيسي بـ«سرقة القرن» في العراق.

«الشرق الأوسط» (بيروت - بغداد)
الخليج هيئة الرقابة أكدت مضيها في تطبيق ما يقتضيه النظام بحق المتجاوزين دون تهاون (الشرق الأوسط)

السعودية: إيقاف ضابط متقاعد و3 مقيمين تورطوا بقضية فساد

أعلنت «هيئة الرقابة» السعودية إيقاف ضابط متقاعد وثلاثة مقيمين تورطوا بقضية فساد منظورة لديها، مؤكدة أن العمل جارٍ لاتخاذ الإجراءات النظامية بحقهم.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج قصر العدل في الكويت (الشرق الأوسط)

الكويت: التحفظ على أرصدة وعقارات 11 شخصاً في قضية «صندوق الجيش 2»

أعلن في الكويت التحفظ على الأموال النقدية والمنقولة والعقارات الخاصة بـ11 شخصاً منهم رئيس وزراء سابق ووزير دفاع وداخلية أسبق في قضية صندوق الجيش.

«الشرق الأوسط» (الكويت)

روما تعتزم استضافة اجتماع لوزراء دفاع مجموعة السبع لأول مرة

تظهر الصورة أعلام دول مجموعة السبع إلى جانب علم الاتحاد الأوروبي خلال جلسة العمل الأولى لوزراء خارجية مجموعة السبع في مونستر بألمانيا 3 نوفمبر 2022 (رويترز)
تظهر الصورة أعلام دول مجموعة السبع إلى جانب علم الاتحاد الأوروبي خلال جلسة العمل الأولى لوزراء خارجية مجموعة السبع في مونستر بألمانيا 3 نوفمبر 2022 (رويترز)
TT

روما تعتزم استضافة اجتماع لوزراء دفاع مجموعة السبع لأول مرة

تظهر الصورة أعلام دول مجموعة السبع إلى جانب علم الاتحاد الأوروبي خلال جلسة العمل الأولى لوزراء خارجية مجموعة السبع في مونستر بألمانيا 3 نوفمبر 2022 (رويترز)
تظهر الصورة أعلام دول مجموعة السبع إلى جانب علم الاتحاد الأوروبي خلال جلسة العمل الأولى لوزراء خارجية مجموعة السبع في مونستر بألمانيا 3 نوفمبر 2022 (رويترز)

أعلن وزير الدفاع الإيطالي غويدو كروسيتو، اليوم (السبت)، أنّ روما ستنظّم للمرة الأولى اجتماعاً لوزراء دفاع مجموعة السبع، من دون تحديد موعد لذلك، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وبحسب بيان صادر عن وزارته، قال كروسيتو في براغ خلال مشاركته في منتدى غلوبسيك الذي يناقش خصوصاً الدفاع والسياسة الخارجية الأوروبية «لم يكن هناك اجتماع لمجموعة السبع مخصّص للدفاع، سيكون هناك واحد للمرة الأولى هذه السنة في إيطاليا لأنني أردت بشدّة أن تتعامل مجموعة السبع مع (موضوع) الدفاع».

وأضاف «أرى من السخيف أن تهتم مجموعة السبع بالسياحة... ولا تهتم أبداً بالدفاع».

وتترأس إيطاليا مجموعة السبع هذه السنة. وإضافة إلى إيطاليا، تضم هذه المجموعة كندا وفرنسا وألمانيا واليابان والمملكة المتحدة والولايات المتحدة.

كذلك، أعرب كروسيتو عن دعمه لقرار رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين الذي أعلنته الجمعة في براغ، والذي ينص على إحداث منصب مفوّض للشؤون الدفاعية.

وقال «هذا خيار عادل للغاية، لم تهتم أوروبا أبداً بالدفاع، حتّى أنّه ليس هناك مفوضية للدفاع في الاتحاد الأوروبي».

وأضاف «يشير خيار أورسولا فون دير لايين إلى مسار جديد بالنسبة لأوروبا بدأ غداة الغزو الروسي لأوكرانيا».

وتابع الوزير الإيطالي «اعتقدنا أنّه يكفي أن نكون أصدقاء مع الولايات المتحدة وأن ذلك سيضمن مستقبلنا وأنّنا يمكن أن نكون مسالمين ونعيش في أمان من دون أي كلفة».

وختم «اكتشفنا أنّ الأمر لم يكن كذلك وأننا يجب أن نستثمر في الأمن وأن قواتنا المسلّحة، في جميع الدول الأوروبية، لم تكن مستعدة لتلقي صدمة حرب لأنها كانت مُعدّة أصلاً للمشاركة قدر الإمكان في بعض البعثات الدولية».