أسباب تزايد عمليات ترويج العقاقير المخدرة في ليبيا

تجارة رائجة بالبلاد... والشرطة تضبط كميات كبيرة

ضبطية سابقة لمخدر يُعرف بـ«XTC» عثرت عليها قوات وزارة الداخلية بغرب ليبيا (وزارة الداخلية)
ضبطية سابقة لمخدر يُعرف بـ«XTC» عثرت عليها قوات وزارة الداخلية بغرب ليبيا (وزارة الداخلية)
TT

أسباب تزايد عمليات ترويج العقاقير المخدرة في ليبيا

ضبطية سابقة لمخدر يُعرف بـ«XTC» عثرت عليها قوات وزارة الداخلية بغرب ليبيا (وزارة الداخلية)
ضبطية سابقة لمخدر يُعرف بـ«XTC» عثرت عليها قوات وزارة الداخلية بغرب ليبيا (وزارة الداخلية)

فرضت تجارة العقاقير المخدرة بكل أنواعها في ليبيا معاناة إضافية، في البلد الذي يضج بالفوضى والانقسام السياسي، وسط تساؤلات عن الأسباب التي ساهمت في تزايد هذه الظاهرة بشكل كبير خلال السنوات الماضية للدرجة التي جعلت منها تجارة رائجة بالبلاد.
وعادة ما تعلن السلطات الأمنية في عموم ليبيا عن توقيف مواطنين أو وافدين يروّجون لأصناف عديدة من الحبوب المخدرة، بالإضافة إلى الإعلان عن كميات كبيرة يتم ضبطها من وقت إلى آخر قبل دخولها البلاد عبر الموانئ، أو الشاحنات العابرة من منافذ البلاد البرية.
وأمام تصاعد خطورة الظاهرة تُحضّر ليبيا لعقد المؤتمر الدولي الثاني حول المخدرات والمؤثرات العقلية بطرابلس، في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، وذلك بعدة اجتماعات تحضيرية تشارك فيها وزارات وهيئات مختلفة من بينها وزارة الشباب بالعاصمة، حيث يستعرض المجتمعون الاقتراحات المطروحة بقصد إيجاد آلية لتنفيذها وسبل القضاء على الظاهرة.
ومن المتوقع أن يشارك اختصاصيون عديدون من دول مختلفة في المؤتمر المزمع انعقاده في أكتوبر المقبل، والذي دعا له «جهاز مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية»، بالتعاون مع أجهزة عديدة بوزارة الداخلية التابعة لحكومة عبد الحميد الدبيبة.
وبموازاة جهود البحث عن تداعيات الظاهرة وتأثيرها على الحالة النفسية والعقلية للمواطنين، يرجع مراقبون ليبيون أسباب تزايدها لأسباب من بينها «غياب البعد الأمني في بعض المناطق»، لدرجة أنها تحولت إلى تجارة رائجة في مناطق عديدة بالبلاد، لكن مصدراً أمنياً تحدث إلى «الشرق الأوسط»، يدفع بعكس ذلك، معتقداً أن «هذه حرب تشن على شباب ليبيا، بغية تدميره»، ويرى أن «العائد الذي يحققه المتاجرون في هذه العقاقير كبير جداً، بجانب سهولة ترويج هذه المواد في أوساط المتعاطين، مما يدفعهم لمزيد من الحِيل لإدخال هذه العقاقير إلى البلاد».
ودلل المصدر الأمني على جهود الأجهزة المعنية بضبطها شاحنة غرب العاصمة طرابلس، في نهاية مارس (آذار) الماضي، عُثر بداخلها على أكثر من مليوني قرص مخدر، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية حيال المتورطين في هذه الواقعة.
وفي التاسع من مارس الماضي، أشرف النائب العام الليبي، الصديق الصور، بنفسه، على عملية تفتيش بعض الأماكن المعروفة ببيع المخدرات في مصراتة (غرب البلاد)، حيث باشر على رأس فريق من القيادات الأمنية إجراءات تفتيش الوحدات السكنية، والمحال التجارية، التي استعملها الحائزون لغرض إدارة نشاط ترويج المخدرات والمؤثرات العقلية في المدينة، ومناطق مجاورة.
والتقى النائب العام، مديري نيابات مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية في نطاق دوائر محاكم استئناف طرابلس، والزاوية، ومصراتة، وغريان، واستعرض معهم تنامي ظاهرة الاتجار بالمخدرات والمؤثرات العقلية، وتعاظم آثارها السلبية في شتى مجالات الحياة.
وطالب النائب العام، بـ«ردع العصابات المتورطة في الاتجار بالمواد المخدرة والمؤثرات العقلية، وذلك من خلال إجراء تحقيقات موسعة تتناسب مع تعقيدات هذه الأنشطة غير المشروعة».
وتتنوع الأصناف التي يجلبها المهربون من الحبوب المخدرة من بينها الترامادول إلى الكوكايين والخمور، بجانب جلب بذور نبات القنَّب الهندي، المعروف بـ«كانابيسنو ساتيفا»، وأقراص تُعرف بـ«XTC».
وأعلن «جهاز مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية» في ليبيا نهاية الأسبوع الماضي، أنه ضبط خلال الأيام الماضية عمليات تهريب عديدة للعقاقير المخدرة، في طرابلس وأجدابيا وبنغازي، ولفت إلى أن من بين هذه العمليات توقيف ليبي في كمين أمني متلبساً بكمية من مخدر شعبي يُعرف باسم «قورزة».
وتشتكي بعض الدول بينها الجزائر من أن جانباً من المؤثرات العقلية التي لديها يتم جلبه من ليبيا، لكن السلطات الأمنية في ليبيا تقول إنها تسعى لمواجهة هذه الظاهرة وتعقّب المتورطين فيها.
وسبق لوزارة الداخلية بحكومة الدبيبة، الإعلان عن ضبط شاحنة يقودها شخص ليبي الجنسية وعثرت بداخلها على أكثر من مليوني قرص مخدر من النوع المعروف شعبياً بـ«ليريكا».
ورأى القائمون على التجهيز للمؤتمر الدولي الثاني حول المخدرات، أنه «يجب علينا الاعتراف بأن ظاهرة التعاطي والإدمان أحد أهم إفرازات الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية وتقاطعاتها».
وأشاروا إلى أن «انتقال أعداد كبيرة من النشء والشباب لتعاطي المخدرات والمؤثرات العقلية في ليبيا، والوطن العربي، يجعل قضية انهيار المجتمعات وشيكة، والاعتراف بمدى خطورتها أمر حتمي».
وتابعت إدارة المؤتمر: «ينبغي علينا جميعاً مواجهة هذه الظاهرة، والسعي بجهد كبير إلى تحليلها وتقييمها وتوظيف الدراسات والبحوث والتشريعات، وبذل جهود أكبر لإنفاذ القانون ومواءمة التشريعات لتستجيب بفاعلية للحد من آثارها، ومعالجتها عبر سياسات وقائية فاعلة وعملية لخفض الطلب». ويعد هذا المؤتمر امتداداً للمؤتمر الدولي الأول الذي عُقد بطرابلس في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2021.


مقالات ذات صلة

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

شمال افريقيا المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

بحثت نجلاء المنقوش مع نظيرها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها أمس إلى الجزائر، فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الأشخاص، بعد سنين طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا. وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان أن الوزيرين بحثا قضايا جارية في الساحتين المغاربية والعربية، منها تطورات ملف الصحراء، والمساعي العربية والدولية لوقف الاقتتال وحقن الدماء في السودان. وأكد البيان أن عطاف تلقى من المنقوش «عرضا حول آخر مستجدات العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، لإنهاء الأزمة في ليبيا».

شمال افريقيا وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

بحث وفدان عسكريان، أميركي وفرنسي، في ليبيا سبل إعادة بناء وتطوير المؤسسة العسكرية المُنقسمة، بين شرق البلاد وغربها، منذ إسقاط النظام السابق، في وقت زار فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» روما، والتقى برئيسة الوزراء بالحكومة الإيطالية جورجا ميلوني، وعدد من وزراء حكومتها. وفي لقاءين منفصلين في طرابلس (غرباً) وبنغازي (شرقاً)، التقى الوفدان الأميركي والفرنسي قيادات عسكرية للتأكيد على ضرورة توحيد الجيش الليبي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا «حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

«حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

لم يكن من قبيل الصدفة أن تقذف أمواج البحر المتوسط كميات متنوعة من المخدرات إلى السواحل الليبية، أو أن تتلقف شِباك الصيادين قرب الشاطئ «حزماً» من «الحشيش والكوكايين وحبوب الهلوسة»، فالبلاد تحوّلت -وفق تقرير أممي- إلى «معبر مهم» لهذه التجارة المجرّمة. وتعلن السلطات الأمنية في عموم ليبيا من وقت لآخر عن ضبط «كميات كبيرة» من المخدرات قبل دخولها البلاد عبر الموانئ البحري والبرية، أو القبض على مواطنين ووافدين وهو يروّجون هذه الأصناف التي يُنظر إليها على أنها تستهدف «عقول الشباب الليبي». غير أنه بات لافتاً من واقع عمليات الضبط التي تعلن عنها السلطات المحلية تزايُد تهريب المخدرات وتعاطيها، خصوصاً «حبوب

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا «النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

«النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

استهلّت اللجنة المُشتركة لممثلي مجلسي «النواب» و«الدولة» (6+6) المكلفة بإعداد قوانين الانتخابات الليبية، اجتماعاتها في العاصمة طرابلس بـ«الاتفاق على آلية عملها». وطبقاً لما أعلنه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، فقد شهد الاجتماع ما وصفه بتقارب في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة حول القوانين الانتخابية، مشيراً، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إلى أنه «تم أيضاً الاتفاق على التواصل مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية».

خالد محمود (القاهرة)

الدبيبة متحدياً من «يريدون السلطة» في ليبيا: لن تحكمونا

الدبيبة خلال فعالية شبابية في مصراتة الليبية (من مقطع فيديو بثته منصة «حكومتنا»)
الدبيبة خلال فعالية شبابية في مصراتة الليبية (من مقطع فيديو بثته منصة «حكومتنا»)
TT

الدبيبة متحدياً من «يريدون السلطة» في ليبيا: لن تحكمونا

الدبيبة خلال فعالية شبابية في مصراتة الليبية (من مقطع فيديو بثته منصة «حكومتنا»)
الدبيبة خلال فعالية شبابية في مصراتة الليبية (من مقطع فيديو بثته منصة «حكومتنا»)

أثار عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية المؤقتة، حفيظة وغضب أنصار نظام الرئيس الراحل معمر القذافي، وعدد من أطياف المجتمع الراغبين في السلطة، بعدما تعهّد «بعدم إعادتهم إلى حكم البلاد مرة ثانية».

الدبيبة خلال فعالية شبابية في مصراتة الليبية (من مقطع فيديو بثته منصة «حكومتنا»)

وكان الدبيبة يلقي كلمة أمام فعاليات ختام «ملتقى شباب ليبيا الجامع» في مصراتة، مساء السبت، وتطرَّق فيها إلى «الذين يريدون العودة إلى السلطة»، مثل النظام السابق ومؤيدي «الملكية الدستورية»، بالإضافة إلى من يريد «العسكر»، وقال متحدياً: «لن يحكمونا».

ووجّه حديثه لليبيين، وقال: «هناك 4 مكونات هي أسباب المشكلة في ليبيا».

وتُعدّ هذه المرة الأولى التي يوجه فيها الدبيبة انتقادات لاذعة لكل هذه الأطراف مجتمعة، من منطلق أن «الحكم في ليبيا يحدَّد بالدستور وليس بخشم البندقية».

حفتر في لقاء سابق مع عدد من قادة قواته ببنغازي (الجيش الوطني)

ودون أن يذكر أسماء أشخاص، قال: «هناك من يريد الحكم بالسلاح، وآخرون يتخذون من الدين شعاراً ويريدون السلطة، بجانب من يدعون للعودة إليها مرة ثانية؛ سواء الملكية أم نظام القذافي»؛ في إشارة إلى سيف الإسلام القذافي، وأنصار «الملكية الدستورية» الذين يستهدفون تنصيب الأمير محمد السنوسي ملكاً على البلاد.

واستطرد الدبيبة: «النظام العسكري لن يحكمنا مرة أخرى، ولا تفكروا فيمن تجاوز الثمانين أو التسعين عاماً وما زال يحلم بحكم ليبيا»؛ في إشارة إلى المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني.

وخرجت صفحات، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، موالية للنظام السابق، تنتقد الدبيبة، وتتهم حكمه بـ«الفساد»، رافضة تلميحاته بشأن المشانق التي كانت تُعلَّق بالمدن الرياضية إبان عهد القذافي. وذلك في معرض تعليقه على هتاف مجموعة من الشباب للقذافي، بعد خسارة منتخبهم أمام بنين في تصفيات «أمم أفريقيا».

سيف الإسلام نجل الرئيس الراحل معمر القذافي (أ.ف.ب)

وبجانب انتقاده النظم السابقة، التي قال إنها «تريد العودة لحكم ليبيا»، تطرّق الدبيبة أيضاً إلى من «يستخدمون الشعارات الدينية»، ومن «ينادون بحكم القبيلة».

وتحدّث الدبيبة أمام جموع الشباب في أمور مختلفة؛ من بينها المجموعات المسلَّحة، التي كرر رغبته في «دمجها في مؤسسات الدولة، ومنح عناصرها رواتب»، مذكّراً بأن عماد الطرابلسي «كان زعيم ميليشيا، والآن لديه مسؤوليات لحفظ الأمن والاستقرار بصفته وزيراً للداخلية في حكومتي الشرعية».

وللعلم، أتى الدبيبة إلى السلطة التنفيذية في ليبيا، وفق مخرجات «حوار جنيف» في 5 فبراير (شباط) 2021 بولاية مؤقتة مدتها عام واحد فقط، للإشراف على الانتخابات العامة، لكنه يؤكد عدم تخليه عن السلطة إلا بإجراء انتخابات عامة في البلاد.

محمد السنوسي يتوسط شخصيات ليبية من المنطقة الغربية (حساب محمد السنوسي على «إكس»)

وكثّف الأمير محمد الحسن الرضا السنوسي لقاءاته بشخصيات ليبية في إسطنبول مؤخراً، ما طرح عدداً من الأسئلة حينها حول هدف الرجل المقيم في بريطانيا من مشاوراته الكثيرة مع أطياف سياسية واجتماعية مختلفة.

ومحمد الحسن هو نجل الرضا السنوسي، الذي عيَّنه الملك إدريس السنوسي ولياً للعهد في 25 نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1956، وتُوفي في 28 من أبريل (نيسان) 1992.

ولوحظ أن السنوسي، الذي لم يزرْ ليبيا منذ كان صبياً، يكثّف لقاءاته في الخارج بشخصيات ليبية مختلفة، بعضها ينتمي لقبائل من المنطقة الغربية، بالإضافة إلى الأمازيغ والطوارق؛ وذلك بهدف «إنجاح المساعي نحو حوار وطني شامل، تحت مظلة الشرعية الملكية الدستورية».

ولا تزال شروط الترشح لمنصب الرئيس في ليبيا عائقاً أمام التوافق بشأن القوانين اللازمة للاستحقاق المؤجل، في ظل وجود معارضة بشكل كامل لترشح مزدوجي الجنسية والعسكريين، والذين عليهم أحكام جنائية لهذا المنصب.