قوى سياسية ومدنية محلية تندد باندلاع القتال

المبعوث الأممي في الخرطوم يطالب بتجنيب البلاد مزيداً من العنف

فولكر بيرتس رئيس بعثة الأمم المتحدة في السودان (رويترز)
فولكر بيرتس رئيس بعثة الأمم المتحدة في السودان (رويترز)
TT

قوى سياسية ومدنية محلية تندد باندلاع القتال

فولكر بيرتس رئيس بعثة الأمم المتحدة في السودان (رويترز)
فولكر بيرتس رئيس بعثة الأمم المتحدة في السودان (رويترز)

نددت قوى سياسية ومدنية سودانية باندلاع القتال بين الجيش والدعم السريع في العاصمة الخرطوم، وعدد من مدن البلاد الأخرى، وطالبت الأطراف بالوقف الفوري للأعمال القتالية، وعودة القوات لمواقعها قبل تأزم الموقف، وحثت المواطنين على الوقوف ضد الحرب والتزام منازلهم، وذلك بعد ساعات عدة من اندلاع القتال في السودان. وفي الأثناء، عطلت القوات العسكرية بث التلفزيون والإذاعة القوميين وأخرجت العاملين فيهما، وسط تبادل بين الجيش والدعم السريع السيطرة عليهما.
وأدان الممثل الخاص للأمين العام للسودان رئيس بعثة «يونتامس» فولكر بيرتس، بشدة، اندلاع القتال في السودان، وقال إنه تواصل مع الطرفين وطلب منهما وقف القتال فوراً من أجل سلامة الشعب السوداني وتجنيب البلاد مزيداً من العنف. وانتقدت الحركة الشعبية لتحرير السودان - تيار الثورة - الحرب، ودعت الطرفين لتحكيم صوت العقل والمصلحة الوطنية وإيقاف الأعمال العسكرية، وعودة القوات إلى مواقعها، وناشدت قيادة القوات المسلحة والدعم السريع العودة لطاولة المفاوضات والوصول إلى حل سلمي، يجنب البلاد الانزلاق إلى حرب أهلية شاملة لا منتصر فيها، بينما الخاسر منها هو الشعب السوداني.
ودعت قوى الثورة المدنية للتوحد لاحتواء النزاع وحقن الدماء وحماية تراب البلاد وأمنها، والمحافظة على مكتسبات وأهداف «ثورة ديسمبر (كانون الأول)»، مؤكدة قدرة الشعب السوداني على مواجهة الظروف الصعبة والخروج من المحنة أكثر صلابة.
ورأى تحالف «قوى التغيير الجذري»، الذي يقوده الحزب الشيوعي، أن الخيار المتاح الذي أفرزته العمليات الحربية الدائرة في البلاد، يتمثل في إسقاط ما سماه «العصابات»، قبل أن يبلغ صراعهم نقطة الانفجار، «بما يجعلنا من دون وطن نتمسك به أو شعب ندافع عن أمنه، أو عدالة نرتجيها لشهدائنا الأبرار».
ودعا التحالف «الجذري» لجعل الصراع ضد جميع من سماهم «المتلاعبين بأرواح الشعب وسرقة موارده وتدميرها، ومحاكمة كل المجرمين وتفكيك بنية الميليشيات والاتجار بالأرواح، وإعادة تركيب جيش وطني، وحل كل القوى المسلحة خارجه وتسريح مقاتليهم، وإعادة دمجهم في المجتمع المدني وفق الآليات المعروفة والمجربة».
من جانبه، أهاب تجمع المهنيين السودانيين - التيار النقابي الذي قاد «ثورة ديسمبر» - بالكوادر الطبية والصحية في مدن العاصمة، للتوجه إلى المستشفيات والمراكز الصحية، لتقديم المساعدات والخدمات الطبية للمحتاجين لها من المدنيين والعسكريين، مجدداً الدعوة لقادة قوات الجيش والدعم السريع والمخابرات، لتغليب صوت العقل وإدارة علاقتهم بما يوقف التجييش وعسكرة الفضاء العام.
كما وجه حزب الأمة القومي، أكبر أحزاب البلاد، نداء عاجلاً إلى قيادتي الجيش السوداني والدعم السريع، طالب فيه بالوقف الفوري لإطلاق النار في كل مواقع الاشتباك، وعودة القوات إلى مواقعها قبل الاشتباكات، وتكوين لجنة مشتركة من القوات المسلحة وقوات الدعم السريع وشخصيات قومية للاتفاق على التهدئة، وحث الدول الشقيقة والصديقة على منع أي شكل من أشكال التدخل الأجنبي في البلاد، قائلاً إنه شكل «غرفة عمليات طارئة للتعامل مع الأوضاع الراهنة».
ودعت أجسام نقابية، اجتمعت قبيل اندلاع القتال في دار نقابة الصحافيين، للمطالبة بوقف التصعيد والحرب، إلى وقف إطلاق النار وإعمال صوت العقل بمواجهة ما سمته «مشروع الثورة المجيدة وطموحها المتمثل في تحول مدني ديمقراطي لبلد تحفه الحرية والسلام والعدالة». ورأت أن الأزمة التي تعيشها البلاد تعبيراً عن مصالح أطراف مشبوهة داخل السودان، لا علاقة لها بمصالح البلاد أو الموطنين، ودعت إلى ما سمته «استشعار المسؤولية الوطنية والأخلاقية، والتصدي لمحاولات خلق الفتنة وزعزعة استقرار البلاد، والوقوف ضد الحرب والانفلات الأمني، وظاهرة الإفلات من العقاب، آملين في أن نخطو خطوات جادة يسود من خلالها صوت العقل والحكمة، وينزع بها فتيل الفتن والأزمات المستفحلة».
في غضون ذلك، انقطع التيار الكهربائي عن معظم مناطق العاصمة الخرطوم، فيما تسيطر قوات الدعم السريع على التلفزيون القومي والإذاعة. ووفقاً لمصادر، فإن قوات الجيش طلبت من العاملين في الجهازين المهمين مغادرة مواقعهم قبل أن تسيطر عليهما «قوات الدعم السريع»، وطالبت بقية العاملين بالمغادرة، ولم يفلح الجهازان في نقل صورة حقيقية للمواطنين، واكتفيا ببث برامج «مسجلة».
ومن جانب آخر، يعاني عدد من الأسر من انقطاع التواصل مع بعض أفرادها الذين تقطعت بهم السبل جراء الاقتتال، سواء كان بسبب إغلاق الجسور أو تحسباً للتعرض لإصابات بالرصاص العشوائي المسيطر على الشوارع.
وتداولت وسائل التواصل الاجتماعي صوراً لتلاميذ إحدى مدارس الخرطوم «كمبوني» التي تقع بالقرب من القيادة العامة للجيش، وهم محاصرون منذ الصباح الباكر والرصاص يتطاير بينهم، وليست لديهم «سواتر» سوى الاستلقاء من دون حراك تحت مقاعد الدرس. ولا يعرف حتى الآن عدد القتلى أو المصابين من المدنيين أو الذين ألقي القبض عليهم من قبل قوات الطرفين، بسبب تضارب المعلومات التي تتداولها وسائل الإعلام المحلية، مسنودة في الغالب إلى مصادر «دعاية حربية» من الجانبين.


مقالات ذات صلة

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

شمال افريقيا الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

كثَّفت المملكة العربية السعودية، جهودَها الدبلوماسية لوقف التصعيد في السودان، إلى جانب مساعداتها لإجلاء آلاف الرعايا من أكثر من مائة دولة عبر ميناء بورتسودان. وأجرى وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، أمس، اتصالات هاتفية، مع الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ووزير الخارجية الجيبوتي محمود علي يوسف، بحث خلالها الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف السودانية، وإنهاء العنف، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين، بما يضمن أمنَ واستقرار ورفاه السودان وشعبه.

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

بعد 3 أيام عصيبة قضتها المسنة السودانية زينب عمر، بمعبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان، وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على غر

شمال افريقيا الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص توقعت أن يفروا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين هذا النداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مضيفة أن مصر وجنوب السودان سيسجّلان أكبر عدد من الوافدين. وستتطلب الاستجابة للأزمة السودانية 445 مليون دولار حتى أكتوبر؛ لمواجهة ارتفاع عدد الفارين من السودان، بحسب المفوضية. وحتى قبل هذه الأزمة، كانت معظم العمليات الإنسانية في البلدان المجاورة للسودان، التي تستضيف حالياً الأشخاص الفارين من البلاد، تعاني نقصاً في التمو

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

وجّه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة للمركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم. كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة. وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى ومصارف ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية. حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)

انفراجة في أزمة المدارس السودانية الموقوفة بمصر

امتحانات لطلاب سودانيين بمصر (السفارة السودانية في القاهرة)
امتحانات لطلاب سودانيين بمصر (السفارة السودانية في القاهرة)
TT

انفراجة في أزمة المدارس السودانية الموقوفة بمصر

امتحانات لطلاب سودانيين بمصر (السفارة السودانية في القاهرة)
امتحانات لطلاب سودانيين بمصر (السفارة السودانية في القاهرة)

في انفراجة لأزمة المدارس السودانية الموقوفة بمصر، أعلنت السفارة السودانية بالقاهرة، إعادة فتح مدرسة «الصداقة»، التابعة لها، فيما ستقوم لجنة من وزارة التعليم المصرية، بزيارة لبعض المدارس الأخرى المغلقة، للتأكد من «توافر اشتراطات ممارسة النشاط التعليمي».

وفي يونيو (حزيران) الماضي، أغلقت السلطات المصرية المدارس السودانية العاملة في البلاد، لحين توفر اشتراطات قانونية لممارسة النشاط التعليمي، تشمل موافقات من وزارات التعليم والخارجية السودانية، والخارجية المصرية، وتوفير مقر يفي بجميع الجوانب التعليمية، وإرفاق بيانات خاصة بمالك المدرسة، وملفاً كاملاً عن المراحل التعليمية وعدد الطلاب المنتظر تسجيلهم.

وحسب تقديرات رسمية، تستضيف مصر نحو مليون و200 ألف سوداني، فروا من الحرب السودانية، إلى جانب ملايين آخرين يعيشون في المدن المصرية منذ عقود.

وقالت السفارة السودانية، في إفادة لها مساء الاثنين، إن السلطات المصرية وافقت على استئناف الدراسة في مدرسة «الصداقة» بالقاهرة، وإن «إدارة المدرسة، ستباشر أعمال التسجيل للعام الدراسي، الجديد ابتداء من الأحد الأول من ديسمبر (كانون الأول) المقبل».

وتتبع مدرسة «الصداقة» السفارة السودانية، وافتتحت عام 2016، لتدريس المناهج السودانية لأبناء الجالية المقيمين في مصر، بثلاث مراحل تعليمية (ابتدائي وإعدادي وثانوي).

وبموازاة ذلك، أعلنت السفارة السودانية، الثلاثاء، قيام لجنة من وزارة التعليم المصرية، بزيارة بعض المدارس السودانية المغلقة، لـ«مراجعة البيئة المدرسية، والتأكد من توافر اشتراطات ممارسة النشاط التعليمي»، وشددت في إفادة لها، على أصحاب المدارس «الالتزام بتقديم جميع المستندات الخاصة بممارسة النشاط التعليمي، وفق الضوابط المصرية».

وفي وقت رأى رئيس «جمعية الصحافيين السودانيين بمصر»، عادل الصول، أن إعادة فتح «الصداقة» «خطوة إيجابية»، غير أنه عدّها «غير كافية»، وقال إن «المدرسة التي تمثل حكومة السودان في مصر، تعداد من يدرس فيها يقارب 700 طالب، ومن ثمّ لن تستوعب الآلاف الآخرين من أبناء الجالية»، عادّاً أن «استئناف النشاط التعليمي بباقي المدارس ضروري، لاستيعاب جميع الطلاب».

وأوضح الصول، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «غالبية السودانيين الذين فروا من الحرب، اختاروا مصر، رغبة في استكمال تعليم أبنائهم»، مشيراً إلى أن «توقف الدراسة بتلك المدارس منذ أكثر من ثلاثة أشهر، سبب ارتباكاً لغالبية الجالية»، وأشار إلى أن «المدارس التي تقوم وزارة التعليم المصرية بمراجعة اشتراطات التدريس بها، لا يتجاوز عددها 40 مدرسة، وفي حالة الموافقة على إعادة فتحها، لن تكفي أيضاً كل أعداد الطلاب الموجودين في مصر».

وسبق أن أشار السفير السوداني بالقاهرة، عماد الدين عدوي، إلى أن «عدد الطلاب السودانيين الذين يدرسون في مصر، أكثر من 23 ألف طالب»، وقال نهاية شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن «المستشار الثقافي بالسفارة، قام بزيارات ميدانية للعديد من المدارس السودانية المغلقة، للتأكد من التزامها بمعايير وزارة التعليم المصرية، لممارسة النشاط التعليمي»، منوهاً إلى «اعتماد 37 مدرسة، قامت بتقنين أوضاعها القانونية، تمهيداً لرفع ملفاتها إلى السلطات المصرية، واستئناف الدراسة بها».

وبمنظور رئيس لجنة العلاقات الخارجية بـ«جمعية الصداقة السودانية – المصرية»، محمد جبارة، فإن «عودة الدراسة لمدرسة الصداقة السودانية، انفراجة لأزمة المدارس السودانية»، وقال: «هناك ترحيب واسع من أبناء الجالية، بتلك الخطوة، على أمل لحاق أبنائهم بالعام الدراسي الحالي».

وأوضح جبارة، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الأمر يستوجب إعادة النظر في باقي المدارس المغلقة، لضمان لحاق جميع الطلاب بالعام الدراسي»، وشدد على «ضرورة التزام باقي المدارس السودانية، باشتراطات السلطات المصرية لممارسة النشاط التعليمي مرة أخرى».

وكان السفير السوداني بالقاهرة، قد ذكر في مؤتمر صحافي، السبت الماضي، أن «وزير التعليم السوداني، سيلتقي نظيره المصري، الأسبوع المقبل لمناقشة وضع المدارس السودانية».