حكومة تونس تحشد الدعم لمتابعة التفاوض على تمويل لا بد منه من صندوق النقد الدولي

(تحليل إخباري)

إحدى الأسواق الداخلية في العاصمة التونسية (إ.ب.أ)
إحدى الأسواق الداخلية في العاصمة التونسية (إ.ب.أ)
TT

حكومة تونس تحشد الدعم لمتابعة التفاوض على تمويل لا بد منه من صندوق النقد الدولي

إحدى الأسواق الداخلية في العاصمة التونسية (إ.ب.أ)
إحدى الأسواق الداخلية في العاصمة التونسية (إ.ب.أ)

تحشد الحكومة التونسية الدعم من أجل حلحلة المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، والحصول على قرض يُعد سبيلاً للإنقاذ، في ظل وضع مالي متدهور؛ لكن في المقابل، يعارض الرئيس التونسي قيس سعيّد ما وصفها بإملاءات الصندوق.
وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، توصلت تونس إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع صندوق النقد للحصول على تمويل مدته 48 شهراً بقيمة 1.9 مليار دولار؛ لكن الاتفاق النهائي تعطل بسبب تأخر تنفيذ حزمة إصلاحات اقتصادية متفق عليها، على ما أوردت «وكالة أنباء العالم العربي» في تقرير لها السبت.
ويطالب المانحون الدوليون، الحكومة التونسية، بتنفيذ حزمة إصلاحات، يقولون إنها مهمة لاستعادة التوازنات المالية والخروج من الأزمة. وتشمل الحزمة رفع الدعم عن المواد الاستهلاكية والطاقة، وتأهيل المؤسسات العامة، وخفض كتلة الأجور. لكن الرئيس سعيّد أبدى معارضته لتلك الإصلاحات قائلاً إن «إملاءات صندوق النقد الدولي مرفوضة».
ويخشى الرئيس التونسي من اندلاع احتجاجات بسبب تلك الإصلاحات، حيث قال إن «السلم الأهلي ليس لعبة».
ويُعبّر التونسيون بالفعل عن صعوبة الوضع الاقتصادي بسبب غلاء الأسعار، الذي أنهك مقدرتهم الشرائية، في الوقت الذي ترتفع نسبة البطالة على نحو دفع كثيرين إلى خوض رحلات محفوفة بالمخاطر عبر البحر المتوسط، سعياً وراء حياة أفضل في أوروبا.
وارتفع مستوى التضخم في تونس إلى 10.4 في المائة في فبراير (شباط) الماضي، مقارنة مع 6.7 في المائة في يناير (كانون الثاني) 2022، لكنه تراجع بشكل طفيف إلى 10.3 في المائة في مارس (آذار) المنصرم.
ويعارض الاتحاد التونسي للشغل أيضاً الإصلاحات. لكن وكالة «تونس أفريقيا للأنباء» نقلت عن جهاد أزعور، مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، قوله قبل يومين: «إن الصندوق لم يفرض أي إملاءات على تونس»، مؤكداً أن برنامج الإصلاح هو برنامج «تونسي بحت».
وعلى الرغم من عدم تحمس الرئيس سعيّد للاتفاق، فإن حكومة بلاده برئاسة نجلاء بودن رمضان، تبذل جهوداً لحشد الدعم من أجل التوصل إلى الاتفاق النهائي مع صندوق النقد. وقال بيان لرئاسة الحكومة، الجمعة، إن بودن التقت سفير اليابان لدى تونس تاكيشي أوسيقا للحديث عن دعم تونس في مفاوضاتها مع صندوق النقد، في ظل تولي الحكومة اليابانية الرئاسة الدورية لمجموعة السبع في الفترة الحالية.
أيضاً، استقبلت بودن سفير فرنسا لدى تونس أندري باران، «لتبادل الآراء حول دعم تونس في مفاوضاتها مع صندوق النقد».
ويشارك وزير الاقتصاد والتخطيط التونسي سمير سعيد، ومحافظ البنك المركزي مروان العباسي، في اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولي ومجموعة البنك الدولي، في محاولة لإزاحة العراقيل التي قد تعطل التوصل إلى اتفاق نهائي والحصول على التمويل.
وحسب بيان نشرته وزارة الاقتصاد والتخطيط التونسية، السبت، فإن الوزير سمير سعيد أكد خلال لقاءات مع مسؤولي مؤسسات مالية دولية «حرص الحكومة التونسية على المضي قدماً في تنفيذ برامجها الإصلاحية تدريجياً، والعمل على ضمان التلازم بين الانتعاش الاقتصادي والاستقرار والسلم الاجتماعي». وشدّد على «أهمية التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد في أفضل الآجال، حتى يتسنى لبلاده العمل مع باقي الشركاء على تنفيذ برامج تعاون».
وسيفتح الاتفاق النهائي مع صندوق النقد الأبواب أمام تونس للحصول على تمويلات ضمن اتفاقيات ثنائية.
وتضغط دول، في مقدمتها إيطاليا، لكي تتوصل تونس إلى اتفاق نهائي مع صندوق النقد يجنبها انهياراً قد يتسبب في موجات هجرة من السواحل التونسية نحو الأراضي الإيطالية. وبدأت تونس بالفعل منذ العام الماضي إجراءات إصلاحية بعد رفع أسعار الطاقة خمس مرات، وتتجه إلى إلغاء دعم الطاقة نهائياً هذا العام.
وأظهرت بيانات رسمية نشرتها وزارة المالية التونسية، أن الدعم الموجه للمواد الأساسية تراجع بنحو 90 في المائة، إلى 21 مليون دينار في أول شهرين من العام الحالي، مقارنة مع 200 مليون دينار في فبراير 2022، وتخطط الحكومة لخفض نفقات الدعم بنسبة 26.4 في المائة في موازنة 2023.


مقالات ذات صلة

تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على أمن الدولة»

شمال افريقيا تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على  أمن الدولة»

تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على أمن الدولة»

وجه القطب القضائي لمكافحة الإرهاب طلبا رسميا إلى رئيس الفرع الجهوي للمحامين بتونس لبدء تحقيق ضدّ المحامين بشرى بلحاج حميدة، والعيّاشي الهمّامي، وأحمد نجيب الشابي، ونور الدين البحيري، الموقوف على ذمة قضايا أخرى، وذلك في إطار التحقيقات الجارية في ملف «التآمر على أمن الدولة». وخلفت هذه الدعوة ردود فعل متباينة حول الهدف منها، خاصة أن معظم التحقيقات التي انطلقت منذ فبراير (شباط) الماضي، لم تفض إلى اتهامات جدية. وفي هذا الشأن، قال أحمد نجيب الشابي، رئيس جبهة الخلاص الوطني المعارضة، وأحد أهم رموز النضال السياسي ضد نظام بن علي، خلال مؤتمر صحافي عقدته اليوم الجبهة، المدعومة من قبل حركة النهضة، إنّه لن

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا الرئيس التونسي يؤكد «احترام حرية التعبير»

الرئيس التونسي يؤكد «احترام حرية التعبير»

أعلنت نقابة الصحافيين التونسيين أمس رصد مزيد من الانتهاكات ضد حرية التعبير، مع تعزيز الرئيس قيس سعيد لسلطاته في الحكم، وذلك ردا على نفي الرئيس أول من أمس مصادرة كتب، وتأكيده أن «الحريات لن تهدد أبدا»، معتبرا أن الادعاءات مجرد «عمليات لتشويه تونس». وكان سحب كتاب «فرانكشتاين تونس» للروائي كمال الرياحي من معرض تونس الدولي للكتاب قد أثار جدلا واسعا في تونس، وسط مخاوف من التضييق على حرية الإبداع. لكن الرئيس سعيد فند ذلك خلال زيارة إلى مكتبة الكتاب بشارع الحبيب بورقيبة وسط تونس العاصمة قائلا: «يقولون إن الكتاب تم منعه، لكنه يباع في مكتبة الكتاب في تونس...

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا تشكيل أول كتلة نيابية في البرلمان التونسي الجديد

تشكيل أول كتلة نيابية في البرلمان التونسي الجديد

بعد مصادقة البرلمان التونسي المنبثق عن انتخابات 2022، وما رافقها من جدل وقضايا خلافية، أبرزها اتهام أعضاء البرلمان بصياغة فصول قانونية تعزز مصالحهم الشخصية، وسعي البرلمانيين لامتلاك الحصانة البرلمانية لما تؤمِّنه لهم من صلاحيات، إضافة إلى الاستحواذ على صلاحيات مجلس الجهات والأقاليم (الغرفة النيابية الثانية)، وإسقاط صلاحية مراقبة العمل الحكومي، يسعى 154 نائباً لتشكيل كتل برلمانية بهدف خلق توازنات سياسية جديدة داخل البرلمان الذي يرأسه إبراهيم بودربالة، خلفاً للبرلمان المنحل الذي كان يرأسه راشد الغنوشي رئيس حركة «النهضة». ومن المنتظر حسب النظام الداخلي لعمل البرلمان الجديد، تشكيل كتل برلمانية قبل

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا تونس: الشركاء الأجانب أصدقاؤنا... لكن الاستقرار خط أحمر

تونس: الشركاء الأجانب أصدقاؤنا... لكن الاستقرار خط أحمر

أكد وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج نبيل عمار أمس، الاثنين، أنه لا مجال لإرساء ديكتاتورية في تونس في الوقت الحالي، مشيراً إلى أن التونسيين «لن ينتظروا أي شخص أو شريك للدفاع عن حرياتهم»، وفق ما جاء في تقرير لـ«وكالة أنباء العالم العربي». وأشار التقرير إلى أن عمار أبلغ «وكالة تونس أفريقيا للأنباء» الرسمية قائلاً: «إذا اعتبروا أنهم مهددون، فسوف يخرجون إلى الشوارع بإرادتهم الحرة للدفاع عن تلك الحريات». وتتهم المعارضة الرئيس التونسي قيس سعيد بوضع مشروع للحكم الفردي، وهدم مسار الانتقال الديمقراطي بعد أن أقر إجراءات استثنائية في 25 يوليو (تموز) 2021 من بينها حل البرلمان.

المنجي السعيداني (تونس)

رغم الحديث عن تراجع الإصابات... الكوليرا تحصد الأرواح في الجزيرة السودانية

أطفال نازحون من ولاية الجزيرة في أحد مراكز النزوح في حلفا الجديدة بالسودان (رويترز)
أطفال نازحون من ولاية الجزيرة في أحد مراكز النزوح في حلفا الجديدة بالسودان (رويترز)
TT

رغم الحديث عن تراجع الإصابات... الكوليرا تحصد الأرواح في الجزيرة السودانية

أطفال نازحون من ولاية الجزيرة في أحد مراكز النزوح في حلفا الجديدة بالسودان (رويترز)
أطفال نازحون من ولاية الجزيرة في أحد مراكز النزوح في حلفا الجديدة بالسودان (رويترز)

لم تجد عائلة سودانية ابتليت بإصابة إحدى نسائها بالكوليرا سوى سرير منزلي لنقلها إلى مستشفى قريب في ولاية الجزيرة وسط السودان في ظل فشلها في الحصول على محفة طبية، مع استمرار معاناة المنطقة من قطع الطريق والحصار المفروض منذ أشهر بسبب انتشار «قوات الدعم السريع» في محيطها.

وذكرت مصادر طبية أن مرض الكوليرا حصد أرواح المئات في الجزيرة بمتوسط 3 وفيات في اليوم بسبب تداعيات تأخر المصابين في الوصول للمستشفيات مع شح الوقود واستمرار حالة الانفلات الأمني في الطرق الرابطة بين قرى الولاية والمدن الكبرى التي توجد بها مستشفيات كبيرة، فضلاً عن نقص الإمداد في الأدوية والمحاليل الوريدية، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وتقول السلطات الصحية بولاية الجزيرة إن التدابير التي اتخذتها خلال الفترة الماضية من خلال حملات الرش والتعقيم والتثقيف الصحي أسهمت في خفض الإصابات من 300 إلى 117 في اليوم الواحد.

ونجحت مزدلفة آدم في إنقاذ حياة طفلها بصعوبة بالغة بعد إصابته بمرض الكوليرا، حيث اتخذت قراراً سريعاً بنقله إلى مستشفى المناقل الذي يبعد عن قريتها أكثر من 30 كيلومتراً.

وقالت: «فجأة ظهر له مغص، استفرغ (تقيأ) مرة واحدة. قمت بإعطائه بعض الليمون وذهبت به إلى المستوصف. قالوا إنه مصاب بالملاريا والتهاب وجرثومة».

وأضاف: «بعد أخذ العلاجات وقبل خروجي أصابه الإسهال والاستفراغ (القيء) مرة أخرى. قررت الذهاب به إلى المستشفى. عندما جئنا وبعد عمل الفحوصات قالوا إنه مصاب بالمرض ده (هذا)».

وتوقع عمار يحيى مدير إدارة المستشفيات بوزارة الصحة في ولاية الجزيرة استمرار انخفاض عدد الإصابات في الفترة المقبلة بشكل تدريجي.

وقال: «الحالات في البدء كانت عالية ويمكن أن تصل في اليوم إلى أكثر من 300 حالة. والآن بدأت في الانخفاض التدريجي. حتى أمس الحالات الموجودة كانت 117 حالة، ومتوقع أن يحدث اليوم انخفاض كبير إلى ما يقل عن 100 حالة».

وألقى مرضى ومرافقون باللوم على وزارة الصحة الاتحادية بسبب ما اعتبروه تأخيراً في إيجاد الحلول المناسبة لإيصال الأدوية والمستلزمات الطبية خلال فترة حصار ولاية الجزيرة، ما أدى إلى توسيع دائرة انتشار المرض.

وقال الإمام بشير، رئيس قسم التمريض في مركز عزل المصابين بمرض الكوليرا في المناقل: «كانت هناك بعض الصعوبات التي واجهت الناس منها نقص المحاليل الوريدية والإمداد بشكل عام».

وأضاف: «لجأنا لمحلول معالجة الجفاف وهذا مخصص لعلاج الأعراض البسيطة. فالناس اعتمدت عليه في فترة من الفترات كلياً. بسبب قطع الطريق، الإمداد كان بسيطاً. والحمد لله الناس تخطت المرحلة دي (هذه) بس (لكن) حالياً الحالات بدأت تخف».