الكويت... أزمة تلد أخرى

المشهد السياسي بعد حكم المحكمة الدستورية وتصاعد الخلاف بين «الرئيسين»

البرلمان الكويتي (كونا)
البرلمان الكويتي (كونا)
TT

الكويت... أزمة تلد أخرى

البرلمان الكويتي (كونا)
البرلمان الكويتي (كونا)

لا يوجد عنوان للأزمات السياسية المتكررة في الكويت أكثر شيوعاً لدى الكتّاب والمحللين السياسيين هناك مِن «أزمة تَلِدُ أخرى»؛ فمنذ أكثر من عقد من الزمان والحياة السياسية تخرج من رحم أزمة لتسقط في أزمات متجددة... ليست المرة الأولى التي تبطل المحكمة الدستورية في الكويت مجلساً منتخباً وتعيد مجلساً تم حله بمرسوم، بسبب شوائب دستورية؛ فقد سبق أن أصدرت المحكمة، في عام 2012، حكماً مشابهاً بإبطال الانتخابات، وبالتالي «مجلس الأمة» المنتخَب، الذي كانت تهيمن عليه المعارضة، وعودة المجلس السابق. فقد حكمت المحكمة الدستورية في 20 يونيو (حزيران) 2012 ببطلان حل مجلس الأمة (2009) وإجراءات الدعوة لانتخابات «مجلس 2012». وبذلك قضت بعودة «مجلس 2009» والنواب الممثلين فيه للانعقاد وفق الأطر الدستورية. لكن قرار المحكمة الدستورية في 19 مارس (آذار) الماضي ببطلان انتخابات مجلس الأمة الكويتي (2022)، وعودة رئيس وكامل أعضاء مجلس الأمة السابق (مجلس 2020)، برئاسة مرزوق الغانم، مثَّل صدمة مدوية؛ فالمجلس المبطل جاء على إيقاع انتخابات حشدت لها الدولة كل طاقاتها لتمثل المشروع السياسي للعهد الجديد الذي ترافق مع وصول رئيس وزراء جديد، وتم تحييد أجهزة الدولة عن التدخل في تلك الانتخابات والتعهُّد بكف يد الحكومة عن التأثير في الانتخابات البرلمانية أو في اختيار رئيس «مجلس الأمة»، مع جهود كبيرة لمكافحة توظيف المال السياسي، ومنع الانتخابات الفرعية التي تضر بالعملية الانتخابية، وكذلك منع نقل الأصوات بين الدوائر.
كانت هناك إرادة في الكويت للخروج من النفق السياسي المعتم، خصوصاً أن البلاد شهدت مشادات سياسية جمدت الإصلاحات الاقتصادية وأضرت بالعملية السياسية برمتها. وعلى وقع تلك الأزمة أعلن ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد الصباح، يوم 22 يونيو (حزيران) 2022، حل البرلمان، وأطلق على الفترة المقبلة «تصحيح المسار»، وأشار إلى أن المشهد السياسي «تمزقه الاختلافات، وتدمره الصراعات، وتسيره المصالح والأهواء الشخصية على حساب استقرار الوطن وتقدمه وازدهاره»، ملقياً باللوم على السلطتين التشريعية والتنفيذية في هذا الوضع.
ويوم 24 يوليو (تموز) 2022، أصدر أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الصباح، أمراً أميرياً بتعيين الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح رئيساً جديداً للوزراء ليحل محل رئيس وزراء الحكومة المستقيلة الشيخ صباح الخالد، الذي واجه خلافات مستحكمة مع المعارضة في البرلمان أدت لتقديم استقالته 4 مرات، منذ تشكيله أول حكومة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2019.
وبعد تشكيل الحكومة الجديدة، مطلع أغسطس (آب) 2022، وعقدها اجتماعها الأول، رفعت مرسوم حل «مجلس الأمة»، في الثاني من أغسطس 2022، بعد ساعات من أداء الحكومة الجديدة القسم الدستوري؛ ما أوقعها في معضلة دستورية، وهي انتفاء سبب حل المجلس (عدم التعاون) لكون رئيس الحكومة للتو قد تم تكليفه تشكيل الحكومة. وبحسب رأي رئيس المجلس مرزوق الغانم، في 5 أبريل (نيسان) الحالي، فإن «مَن يفقه أبجديات التشريع والدستور والقوانين يعلم تماماً أن الخلاف وعدم التعاون بين (مجلس الأمة) والحكومة ينتهي أمره ويزول أثره بمجرد تكليف رئيس وزراء جديد».
لكن قبل صدور حكم المحكمة الدستورية لم تكن العلاقة بين الحكومة التي يرأسها أحمد النواف، ومجلس الأمة الذي يقوده البرلماني المخضرم أحمد السعدون، في أحسن حالاتها؛ إذ شابها التوتر وتعطيل الجلسات، وقاطعت الحكومة حضور البرلمان. وفي 23 يناير (كانون الثاني) الماضي قدم رئيس مجلس الوزراء الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح استقالة حكومته إلى ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد الصباح، على أثر خلاف مع مجلس الأمة (البرلمان) بشأن الاتفاق على حزمة معونات مالية يرغب النواب في دفع الحكومة لإقرارها، مقابل التنازل عن مطلب شراء القروض. جاءت هذه الاستقالة بعد إصرار الحكومة على موقفها بشأن إعادة تقارير اللجنة المالية إلى اللجان من دون تعهدات، إضافة إلى طلبها سحب استجوابين إلى وزير المالية عبد الوهاب الرشيد، ووزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء براك الشيتان.

د. خديجة جعفر

صورة المشهد السياسي
في البدء يرسم لنا الدكتور عايد المناع، الأكاديمي والباحث السياسي الكويتي، صورة المشهد السياسي الراهن، خصوصاً بعد صدور حكم المحكمة الدستورية، قائلاً: «المشهد السياسي في الكويت بعد حكم المحكمة الدستورية مختلفٌ عما قبله. هذا الحكم قلب الأوضاع رأساً على عقب؛ فربما لم يتوقع كثيرون أن تحكم المحكمة الدستورية ببطلان (مجلس 2022)، وعودة (مجلس 2020)، ولكن ما حصل أن المحكمة الدستورية أصدرت هذا الحكم، في 19 مارس (آذار) الماضي. ولذلك أصبح الوضع مختلفاً؛ فقد عاد (مجلس 2022) الذي يرأسه مرزوق الغانم لممارسة أعماله، ولكن من الواضح تماماً أن رئيس مجلس الوزراء الشيخ أحمد نواف الأحمد الجابر الصباح، لا يريد أن يتجه بحكومته إلى مجلس الأمة لتؤدي اليمين الدستورية، وليصبح الوزراء، ورئيس الوزراء، أعضاء في مجلس الأمة (بحكم وظائفهم)، ولتبدأ مسيرة التشريع والرقابة ما بين مجلس الأمة ومجلس الوزراء أو الحكومة».
ويضيف مناع: «هذا الوضع أدى إلى أن يفقد رئيس مجلس الأمة، مرزوق الغانم، صبره، ويتكلم بكلام قاسٍ جداً على رئيس الوزراء (في 5 أبريل الحالي) وصفه خلاله بأنه (يمثل خطراً على البلاد وعلى الوضع العام). وبالتأكيد رغم عدم رد رئيس مجلس الوزراء بشكل مباشر، فإنه من الواضح وجود حالة من الجفاء الشديد بين الرئيسين. وبالتالي، نحن الآن بالفعل ندور في الأزمة؛ فقد كانت الأزمة (في السابق) ما بين بعض الأعضاء في مجلس الأمة ورئيس المجلس (مرزوق الغانم)، الأمر الذي انعكس على العلاقة مع رئيس الحكومة السابق الشيخ صباح الخالد الصباح وحكومته، وأدى إلى رحيل رئيس الوزراء السابق صباح الخالد. أما الآن، فأصبحت الأزمة بين رئيس مجلس الأمة ورئيس مجلس الوزراء. وهذه المعضلة تتطلب حلاً من القيادة العليا عبر تحكيم الدستور بالشكل الذي يراه أهل الاختصاص الدستوري، خصوصاً فيما إذا كان رئيس مجلس الوزراء والحكومة مُلزمين بأداء اليمين الدستورية وممارسة عملهم (أمام المجلس)، وبعد ذلك إذا حصلت أزمة ما بين الطرفين يتدخل المرجع الأعلى للسلطات، الأمير وولي العهد (ممثلاً للأمير) بقبول استقالة الحكومة وحل مجلس الأمة وإجراء انتخابات جديدة».
> ماذا إذاً يمكن أن يحمل الخطاب من أفكار؟
يجيب مناع: «حتى الآن ليس لدينا ما يشير إلى إمكانية استخدام أداة غير مرسوم الحل، وفقاً للمادة 107 من الدستور، لأن صلاحيات الأمير بالأوامر الأميرية محددة بتسمية ولي العهد وتسمية رئيس الوزراء بعد موافقة مجلس الأمة وتعيين نائب عن الأمير في حال غيابه أو كان ولي العهد غير موجود أو لا يستطيع العمل أو لأي سبب آخر».

د. عايد المنّاع

جوهر الأزمة عدم الإيمان بالنهج الديمقراطي
من جانب آخر، تقول الدكتورة خديجة جعفر، الأمين العام لتجمع «ولاء» الوطني لـ«الشرق الأوسط» في تحليلها للوضع الراهن في الكويت: «المشهد السياسي في الكويت استمرار لوضع نعيشه منذ أكثر من 15 سنة؛ فهذا ليس أول مجلس تبطله المحكمة الدستورية، وفي النهاية نحن في دولة مؤسسات، ما يتطلب احترام أحكام القضاء، واللجوء إلى الإجراءات الدستورية لحل الإشكاليات الواردة. أما التشكيلة الحكومية، فهي استمرار لذات المنهجية السالفة».
ثم تضيف جعفر، حيال تفاصيل هذا المشهد والعلاقة المتوترة بين رئيسي السلطتين: «العلاقة بين الرئيسين شابها عدم الانسجام والتوتر منذ قدوم الشيخ أحمد النواف الصباح لرئاسة الحكومة؛ فهو، منذ توليه رئاسة مجلس الوزراء، رفض التعاون مع رئيس البرلمان مرزوق الغانم. وكما هو معلوم للجميع، باشر رئيس الحكومة عمله برفع مرسوم حل البرلمان الذي كان يترأسه السيد مرزوق الغانم، وكان قراره هذا مبنياً على التزامه بتنفيذ توجهات القيادة السياسية والإرادة الشعبية التي خاضت حراكاً لرحيل رئيس البرلمان ورئيس الحكومة السابق الشيخ صباح الخالد. إلا أن حكومة الشيخ أحمد النواف ومستشاريها وقعوا بأخطاء إجرائية أبطلت حلَّه للبرلمان، وهذا ما نص عليه حكم المحكمة الدستورية».
رداً على السؤال: هل نحن مقبلون على تبريد الأزمة أم تصعيدها وصولاً لحل المجلس والعودة للشعب مرة أخرى؟
تقول الأمين العام لتجمع «ولاء» إن «أي إجراء سيُتخذ من دون إصلاحات سياسية حقيقية، هو حتماً عملية تبريد للوضع الراهن وتأجيل للمشكلة، ولن تأتي بجديد... والعودة للانتخابات بالنظام الانتخابي ذاته والآلية نفسها ليست إلا محاولة لتصحيح الوضع بذات الأسلوب الذي خلق المشكلة. وهذا يدخل في خانة هدر الوقت واستمرار لحالة اللااستقرار وتعطيل لأي محاولة جادة للإصلاح». وتتابع: «بشكل محدد، فإن استمرار المشهد السياسي بالمنهجية ذاتها لا يستفيد منه إلا الحكومة وحلفاؤها الذين يسعون لتعزيز نفوذهم واستمرار سيطرتهم على مقدَّرات الدولة».
وهنا تُعيد خديجة جعفر جوهر الأزمة إلى ما تسميه «عدم إيمان بعض الأقطاب المؤثرين في القرار السياسي بالنهج الديمقراطي وبمشاركة الشعب في القرار، ورغبة الحكومة الدائمة بالانفراد بمقدرات الدولة والسيطرة على القرارات السياسية والإدارية والمالية».
ولا تستثني النظام الانتخابي؛ فهي ترى أن «النظام الانتخابي غير العادل لجهات تقسيم الدوائر وتوزيع الشريحة الانتخابية وآلية التصويت لا يعكس الواقع الحقيقي للإرادة الشعبية؛ فالحكومة تدير العملية الانتخابية من خلال وزارتي العدل والداخلية».
ثم تضيف جوهر عناصر أخرى للب المشكلة السياسية المتجددة في الكويت، وهي أن «آلية التشكيل الحكومي قائمة على الولاءات لا الكفاءات... ودستورنا ليس مطَبّقاً بشكل حقيقي، وآلية عمل مؤسساتنا بالمنهجية السابقة لم تعد مناسبة. إننا نحتاج إلى مراجعة وتقييم لتجربتنا الديمقراطية لتحقيق مزيد من الحريات وتطوير منظومتنا السياسية لكي يستطيع الشعب التعبير عن إرادته بشكل حقيقي».

التنافس على المناصب
في لقاء مع {الشرق الأوسط}، تحدث ناصر العبدلي، رئيس مركز دراسات التنمية فتطرّق إلى الأزمة المستجدة في البلاد، بعد حكم المحكمة الدستورية غير المسبوق، وقال إن هذا الحكم «أدى إلى إرباك الساحة السياسية، وأعاد كل الفرقاء إلى المربع الأول، الأمر الذي أدى إلى توتير الأجواء السياسية مرة أخرى بين رئيس الوزراء من جهة ورئيس البرلمان العائد بحكم المحكمة الدستورية مرزوق الغانم من جهة أخرى».
غير أن العبدلي يرى أن المشكلة «تكمن في مكان آخر؛ فالخلافات بين السلطتين طبيعية ومتوقعة دائماً بحكم التعدد في مجلس الأمة وفي مجلس الوزراء، لكن المشكلة اليوم تكمن في وجود ازدواجية عند اتخاذ القرارات الخاصة بعمل السلطتين، وهي تحدث للمرة الثانية في تاريخ البلاد». ويستطرد موضحاً: «طبيعة النظام السياسي في البلاد أدى إلى وجود تنافس وصراع بين أفراد الأسرة الحاكمة للحصول على مراكز متقدمة في المناصب الرئيسية، وقد درجت الساحة السياسية على هذا الأمر. كل هذا والأمور عادية جداً، وغالباً ما يكون التنافس بين أبناء الأسرة ينحصر في شخصين أو ثلاثة على الأغلب، ولكن هذه المرة هناك إحساس باتساع دائرة التنافس ما أدى إلى ضراوة وشراسة في هذا التنافس. وقد أدخلت وسائل التواصل الاجتماعي، خصوصاً (تويتر)، أجواءً جديدة على هذا التنافس؛ ما دفع بقطاعات شعبية في المساهمة في هذه الخلافات الداخلية. وهذا أمر يحدث للمرة الأولى في تاريخ البلاد، وثمة تخوف فعلي من أن يؤدي الزج بالقطاعات الشعبية في أتون هذا التنافس أو الصراع إلى تمزيق البلد»
لكن ما آفاق هذه الأزمة؟ يجيب العبدلي: «أعتقد أن الأزمة الحالية ستتصاعد أكثر، وستكون هناك معركة كسر عظم بين كل الأطراف المتنافسة والمتصارعة والقوى المحسوبة على كل طرف... والمخيف أن الضحية يمكن أن تكون البلد فيما لو انجرت الأمور إلى مسارات أخطر مما هي عليه الآن.
وبالتأكيد، سيكون لهذه المعركة ضحايا كثر لأن المعركة الوحيدة المذكورة في التاريخ ولم يكن لها ضحايا هي (معركة الطواحين). أما المعركة الدائرة الآن في البلاد فهي خطيرة جداً وضحاياها ستكون مؤسسات وأشخاص. إن جوهر الأزمة هو التنافس على المناصب الرئيسية في البلاد. وللأسف، لم يكن التنافس لخدمة المواطن أو الوطن... بل أصبح هذا التنافس خنادق ربطت معها القواعد الشعبية وشارك فيها الجميع. وهذا الواقع يدعونا جميعاً إلى وضع إطار سياسي جديد يمكن من خلاله إعادة ترسيم حدود التنافس للحصول على أي مكاسب سياسية سواء من جانب أبناء الأسرة الحاكمة أو حتى من التيارات السياسية أو الشخوص المستقلة».


مقالات ذات صلة

السعدون يخوض السباق لـ«الأمة 2023» ووزير النفط يستقيل تمهيداً لدخوله

الخليج السعدون يخوض السباق لـ«الأمة 2023» ووزير النفط يستقيل تمهيداً لدخوله

السعدون يخوض السباق لـ«الأمة 2023» ووزير النفط يستقيل تمهيداً لدخوله

أعلنت وزارة الداخلية الكويتية، الخميس، فتح باب الترشح لانتخاب أعضاء «مجلس الأمة»، اعتباراً من اليوم الجمعة، وحتى نهاية الدوام الرسمي ليوم الرابع عشر من شهر مايو (أيار) الحالي. وأوضحت الوزارة أنه جرى اعتماد 5 مدارس لتكون لجاناً رئيسية في الدوائر الانتخابية الخمس، لإعلان النتائج النهائية للانتخابات. كان مجلس الوزراء قد قرر، في مستهل اجتماعه الاستثنائي، أول من أمس الأربعاء، الموافقة على مشروع مرسوم بدعوة الناخبين لانتخاب أعضاء «مجلس الأمة»، يوم الثلاثاء، الموافق 6 يونيو (حزيران) 2023 المقبل. ونقلت «وكالة الأنباء الكويتية» عن المدير العام للشؤون القانونية في وزارة الداخلية، العميد صلاح الشطي، قوله

ميرزا الخويلدي (الكويت)
الخليج الكويت: انتخابات «أمة 2023» في 6 يونيو

الكويت: انتخابات «أمة 2023» في 6 يونيو

حددت الحكومة الكويتية يوم 6 يونيو (حزيران) المقبل موعداً لإجراء الانتخابات البرلمانية، بعد حلّ مجلس الأمة حلاً دستورياً.

ميرزا الخويلدي (الكويت)
الخليج الكويت تحدد 6 يونيو موعداً للانتخابات التشريعية

الكويت تحدد 6 يونيو موعداً للانتخابات التشريعية

وافق مجلس الوزراء الكويتي، في اجتماعه الاستثنائي الذي عُقد، اليوم الأربعاء، في قصر بيان، على مشروع مرسوم بدعوة الناخبين لانتخاب أعضاء مجلس الأمة، يوم الثلاثاء 6 يونيو (حزيران) المقبل 2023، ورفعه إلى ولي العهد. وجرى حل مجلس الأمة «البرلمان» المنتخَب في 2020، الذي أعادته المحكمة الدستورية في مارس (آذار)، بمرسوم أميري، يوم الاثنين، والعودة للشعب؛ لاختيار ممثليه من جديد. وقالت «الوكالة الرسمية الكويتية»، اليوم، إن مجلس الوزراء قرَّر تعطيل العمل في جميع الوزارات والجهات الحكومية والمؤسسات العامة، يوم الاقتراع، واعتباره يوم راحة. كان ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد، قد أعلن، في كلمة ألقاها نيابة عن الأم

«الشرق الأوسط» (الكويت)
الخليج حلّ «الأمة» الكويتي بمرسوم... وبدء السباق الانتخابي

حلّ «الأمة» الكويتي بمرسوم... وبدء السباق الانتخابي

صدر في الكويت، أمس (الاثنين)، مرسوم أميري بحل مجلس الأمة، بعد أن وافق مجلس الوزراء على مشروع المرسوم، ورفعه إلى ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد الصباح في وقت سابق من يوم أمس. وصدر المرسوم باسم ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد الذي يتولى بعض صلاحيات الأمير.

ميرزا الخويلدي (الكويت)
الخليج «الوزراء الكويتي» يرفع مرسوم حل مجلس الأمة إلى ولي العهد

«الوزراء الكويتي» يرفع مرسوم حل مجلس الأمة إلى ولي العهد

رفع مجلس الوزراء الكويتي مشروع مرسوم حل مجلس الأمة إلى ولي العهد، بعد موافقته عليه خلال اجتماعه الأسبوعي، اليوم (الاثنين)، برئاسة الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح، رئيس المجلس، وذلك بناءً على عرض الرئيس، واستناداً إلى نص المادة 107 من الدستور. كان ولي العهد، الشيخ مشعل الأحمد، قد أعلن الشهر الماضي، حل مجلس الأمة 2020 المعاد بحكم المحكمة الدستورية حلاً دستورياً استناداً للمادة 107، والدعوة لانتخابات عامة في الأشهر المقبلة.

«الشرق الأوسط» (الكويت)

الشيخة حسينة ومحمد يونس... الطريق إلى الصدام الأخير

العاصمة دكا مسرحاً للاضطرابات قبل تنحي الشيخة حسينة ومغادرتها بنغلاديش (رويترز)
العاصمة دكا مسرحاً للاضطرابات قبل تنحي الشيخة حسينة ومغادرتها بنغلاديش (رويترز)
TT

الشيخة حسينة ومحمد يونس... الطريق إلى الصدام الأخير

العاصمة دكا مسرحاً للاضطرابات قبل تنحي الشيخة حسينة ومغادرتها بنغلاديش (رويترز)
العاصمة دكا مسرحاً للاضطرابات قبل تنحي الشيخة حسينة ومغادرتها بنغلاديش (رويترز)

> تدريجياً، تعود بنغلاديش البالغ عدد سكانها 170 مليون نسمة، جلّهم من المسلمين، إلى الحياة الطبيعية بعد أشهر من الفوضى والاحتجاجات، واستقالة كبار المسؤولين من الشرطة والقضاء وجهاز الخدمة المدنية. ولقد أُطلق سراح معظم أولئك الذين اعتُقلوا إبان الاحتجاجات، وكذلك بعض السجناء السياسيين المحتجزين، بما في ذلك البيجوم خالدة ضياء، المنافسة السياسية التقليدية للشيخة حسينة، رئيسة الحكومة السابقة. وللعلم، نشأت بنغلاديش إثر حرب الانفصال عن باكستان عام 1971. ولكن تأسيس الدولة كان أمراً بالغ الصعوبة، إذ قُتل ما يقرب من 3 ملايين شخص في الحرب، ونزح نحو 10 ملايين شخص إلى الهند، مع نزوح ما يقرب من 30 مليون شخص داخلياً بسبب الصراع. وفاقم من متاعب البلاد السياسية والأمنية أنها تعاني وضعاً محفوفاً بالمخاطر، وحدوداً جغرافية هشة، وتضربها الأعاصير العاتية بانتظام، في حين تشعر في الوقت نفسه بالتأثير المباشر لتغير المناخ وارتفاع مستويات سطح البحر.

وأما بالنسبة للدكتور محمد يونس، ففي حين كان محل إعجاب في مختلف أنحاء العالم لمساعدته الملايين من الناس على الخروج من براثن الفقر، فإنه في وطنه بنغلاديش، أكسبته شخصيته العامة عداء رئيسة الوزراء الشيخة حسينة واجد، ابنة مؤسس البلاد الشيخ مجيب الرحمن، التي اتهمته ذات مرة بامتصاص دماء الفقراء. وجاء أول اتهام بالاختلاس بحق يونس عام 2010، عندما اتهم توم هاينمان، مخرج الأفلام الوثائقية الدنماركي، الدكتور يونس و«بنك غرامين» في أحد أفلامه بتحويل ملايين الدولارات من أموال المساعدات التي قدمتها الوكالة النرويجية للتعاون الإنمائي (نوراد). وكان عنوان ذلك الفيلم «متورط في الائتمان الصغير».

على الأثر، بدأت حكومة حسينة التحقيقات في أنشطة يونس، وأقصتْه عن منصب المدير الإداري للبنك إثر مزاعم بانتهاك قواعد التقاعد، وكان قد تجاوز ستين عاماً في ذلك الوقت. وأيَّدت محكمة بنغلاديش العليا قرار فصله في أبريل (نيسان) 2011.

الشيخة حسينة واجد... طي صفحة تاريخية وعائلية (روبترز)

يومذاك، اتهمت حسينة «بنك غرامين» باجتذاب مبالغ ضخمة من المساعدات من البلدان الغربية «من دون حدوث تغيير ملموس على أرض الواقع». وتصاعد التأزم في يناير (كانون الثاني) 2024 عندما اتُّهم يونس وثلاثة من زملائه من شركة «غرامين تيليكوم»، وهي واحدة من شركاته العديدة، بانتهاك قوانين العمل لصالح موظفيهم. ويومها حُكم عليهم بالسجن ستة أشهر، لكنَّ محكمة العمل أفرجت عنهم بكفالة، مما أتاح لهم الوقت للاستئناف أمام محكمة أعلى. وفي حينه، علّقت «منظمة العفو الدولية» بالقول إن إدانة يونس كانت «رمزاً لحالة حقوق الإنسان المحاصرة» في بنغلاديش. ولاحقاً، في يونيو (حزيران)، وجهت المحكمة إلى يونس تهمة اختلاس 2.2 مليون دولار من صندوق رعاية العمال التابع لشركة الاتصالات الخاصة به.

معلّقون ومفكّرون سياسيون رأوا أن جذور الصراع بين يونس وحسينة ترجع إلى عام 2007، عندما أعلن يونس اعتزامه تشكيل حزب سياسي، بينما أقدمت حكومة مدعومة من الجيش على سجن حسينة. والمفارقة هنا، أنه قبل ذلك، كان يونس من مناصري والد حسينة، الشيخ مجيب الرحمن. بل وعيّن يونس حسينة -مع السيدة الأميركية الأولى هيلاري كلينتون- رئيساً مشاركاً لـ«قمة الائتمان الصغير» التي عُقدت بين 2 و4 فبراير (شباط) عام 1997، وحينذاك لم يكن لدى حسينة سوى الثناء على يونس والإعجاب به.

مع كل ذلك، انتهت هذه العلاقة الطويلة عام 2007 بعدما كشف يونس عن نيته تشكيل حزب سياسي باسم «ناغوريك شاكتي» (سلطة المواطن) لإنهاء ثقافة الصدام السياسي في بنغلاديش، التي تخللتها فترات من الاضطرابات وفترات من الحكم العسكري.