عسكريو ليبيا يتعهدون بحماية «مدنية الدولة»

«رئيسا الأركان» اتفقا على «حرمة الدم» وتأمين الانتخابات

جانب من اجتماع الناظوري والحداد في بنغازي برفقة قيادات عسكرية من لجنة «5+5» (قناة ليبيا الحدث)
جانب من اجتماع الناظوري والحداد في بنغازي برفقة قيادات عسكرية من لجنة «5+5» (قناة ليبيا الحدث)
TT

عسكريو ليبيا يتعهدون بحماية «مدنية الدولة»

جانب من اجتماع الناظوري والحداد في بنغازي برفقة قيادات عسكرية من لجنة «5+5» (قناة ليبيا الحدث)
جانب من اجتماع الناظوري والحداد في بنغازي برفقة قيادات عسكرية من لجنة «5+5» (قناة ليبيا الحدث)

تمسّك عسكريو ليبيا بإبعاد الجيش (شرقاً وغرباً) عن التجاذبات السياسية، مُقدمين ما يشبه خطاب طمأنة لجموع المواطنين في البلاد، بأنهم يسعون «للحفاظ على وحدة التراب الوطني، وحرمة الدم، ومدنية الدولة، ويعملون على سرعة توحيد مؤسستهم العسكرية».
وكان الفريق عبد الرازق الناظوري رئيس الأركان العامة التابع لـ«الجيش الوطني»، استقبل في مدينة بنغازي، نظيره الفريق محمد الحداد، التابع لقوات حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، بطرابلس، مساء الخميس، في خطوة لاقت استحساناً من أطراف سياسية عديدة بالبلاد.
وتمحور الاجتماع الذي عقده الناظوري والحداد، بمشاركة قيادات عسكرية من اللجنة العسكرية (5+5) بشرق البلاد وغربها، حول استكمال المناقشات بشأن توحيد المؤسسة العسكرية، والعملية الانتخابية المنتظرة، بجانب الاتفاق على إنهاء الوجود الأجنبي بالبلاد، وتثبيت هدنة وقف الاقتتال بأنحاء ليبيا.
واستهل الحداد حديثه بالتأكيد على أن المؤسسة العسكرية الليبية «تعمل على مساندة الشعب ودعم اختياراته في إنجاز وحماية انتخابات نزيهة». وتحدث عن «ليبيا الواحدة الموحدة»، وقال إن «أبناء المؤسسة العسكرية هم أبناء بلد واحد، ولن يختلفوا»، ومضى قائلاً: «لا بد أن نلوم أنفسنا جميعاً، نحن شركاء ولا بد أن نُحاسب أنفسنا».
وتحدث الناظوري في الاجتماع نفسه عن أن «الانتماءات القبلية والحزبية والسياسية تتلاشى في المؤسسة العسكرية»، ورأى أنها لكونها «من أهم ركائز الدولة، فإنها لا تعترف إلا بالهوية الليبية للمواطنين كافة».
وذهب إلى أن «القيادات العسكرية قادرة على التقارب وسد الفجوة في أقرب ما يمكن، مهما كانت الخلافات بينها»، متابعاً: «أبناء هذه المؤسسة لديهم القدرة على تجاوز الخلافات والدفاع عن سيادة وسلامة أراضيهم». وأكد أن المؤسسة العسكرية تنأى بنفسها عن التجاذبات السياسية، وقال إن «الجيش لن يكون أداة لأي طرف سياسي».
وسبق والتقى الحداد والناظوري في العاصمة طرابلس مرتين مؤخراً، كما شاركا في اجتماعات اللجنة العسكرية المشتركة «5+5» في طرابلس وسرت، وكذلك في تونس والقاهرة.
ونظر الكاتب السياسي الليبي يوسف الحسيني، إلى اجتماع الناظوري والحداد، على أنه خطوة مهمة تصب في صالح البلاد، وقال إن «الربع الأول من العام انتهى بتقدم المسار العسكري على المسار السياسي بعدة خطوات مهمة»، منوهاً بتميز المسار العسكري - الأمني في عقد مداولاته داخل الوطن، وبجلسات تقابلية مباشرة على أعلى المستويات.
وذهب الحسيني، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن هذا المسار، بتقدمه «يُعدّ بمثابة الحصان الأسود في الرهان الأميركي على فرض حزمة حلول جادة قد تبدأ بخيار الانتخابات (عبر المؤسسات الحالية)».
ولفت الحسيني إلى أن استقبال الناظوري للحداد «محطة أخرى ستتوالى مثيلاتها»، مضيفاً: «وفي حال صمود نتائجها، أتصور أنها ستضاعف الفارق بين المسار السياسي والمسار العسكري في النصف الثاني من العام الحالي مما سيتطلب (بعث) مسار (سياسي - مدني) يتناغم مع التوافقات الدولية وتطلعات الشارع الليبي».
وفي الثامن من الشهر الحالي، انتهت لجنة «5+5» العسكرية المشتركة خلال اجتماعها الذي ضم قيادات عسكرية وأمنية وميدانية في بنغازي (شرق) وبمشاركة البعثة الأممية، إلى الإعلان عن «الاستعداد الكامل لتقديم أشكال الدعم كافة لتأمين الانتخابات المؤجلة بكل مراحلها».
واتفق المجتمعون حينها، حسب بيان للبعثة، على «دعم جهود لجنة (5+5)، ولجنة التواصل الليبية المنبثقة منها في إخراج المرتزقة والمقاتلين الأجانب، بالإضافة إلى الالتزام الكامل بكل ما نتج عن الحوار بين الطرفين خلال اجتماعي تونس وطرابلس، وعلى تبادل المعلومات في ما يخص المحتجزين لدى الطرفين، والبدء باتخاذ خطوات عملية لتبادل المحتجزين بأسرع وقت».
في شأن مختلف، أثار إبراهيم الدباشي، مندوب ليبيا السابق في الأمم المتحدة، قضية المواطن الأميركي الموقوف بتهمة نشر «التبشير المسيحي» بالعاصمة طرابلس، داعياً إلى ضرورة إخضاعه للمحاكمة، وعدم إطلاق سراحه.
واقترح الدباشي، في تصريح له اليوم (الجمعة)، مقايضة المواطن الأميركي بالليبي أبوعجيلة مسعود المريمي، الموقوف في الولايات المتحدة على ذمة قضية إسقاط طائرة «لوكربي».
وكان جهاز الأمن الداخلي بطرابلس، أعلن الخميس أن الأميركي، الذي رمز إلى اسمه بـ«S. B. O»، ويعمل مساعد مدير مركز «جيت وي» لتدريس اللغة الإنجليزية في طرابلس، اتضح أنه «يمارس التبشير؛ ويعمل هو وزوجته كفريق تابع لمنظمة (جمعيات الله) (ASSEMBLIES OF GOD) لنشر المسيحية في البلاد».
وزاد الجهاز أنهما «يعملان على استقطاب أبناء شعبنا المسلم بإغوائهم ببعض المزايا والوعود الواهية للوصول لمبتغاهما؛ وهو إفساد عماد المجتمع الليبي والتشكيك في عقيدته، إلا أنهما فشلا في تمرير مخططاتهما، كما فشل الذين من قبلهم، ومن سيعقبهم مهما تعددت دسائسهم واختلفت أدواتهم».
واتهمت واشنطن، أبوعجيلة مسعود، بتورطه في «تفجير طائرة (بان إم 103) فوق (لوكربي) باسكوتلندا عام 1988 ما أسفر عن مقتل 259 شخصاً، منهم 190 أميركياً، و11 شخصاً على الأرض»، ومثل أبو عجيلة، وهو ضابط سابق بالاستخبارات الليبية، أمام محكمة اتحادية بالعاصمة واشنطن، ولا يزال محتجزاً حتى الآن.

جانب من اجتماع الناظوري والحداد في بنغازي برفقة قيادات عسكرية من لجنة «5+5» (قناة ليبيا الحدث)


مقالات ذات صلة

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

شمال افريقيا المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

بحثت نجلاء المنقوش مع نظيرها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها أمس إلى الجزائر، فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الأشخاص، بعد سنين طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا. وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان أن الوزيرين بحثا قضايا جارية في الساحتين المغاربية والعربية، منها تطورات ملف الصحراء، والمساعي العربية والدولية لوقف الاقتتال وحقن الدماء في السودان. وأكد البيان أن عطاف تلقى من المنقوش «عرضا حول آخر مستجدات العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، لإنهاء الأزمة في ليبيا».

شمال افريقيا وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

بحث وفدان عسكريان، أميركي وفرنسي، في ليبيا سبل إعادة بناء وتطوير المؤسسة العسكرية المُنقسمة، بين شرق البلاد وغربها، منذ إسقاط النظام السابق، في وقت زار فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» روما، والتقى برئيسة الوزراء بالحكومة الإيطالية جورجا ميلوني، وعدد من وزراء حكومتها. وفي لقاءين منفصلين في طرابلس (غرباً) وبنغازي (شرقاً)، التقى الوفدان الأميركي والفرنسي قيادات عسكرية للتأكيد على ضرورة توحيد الجيش الليبي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا «حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

«حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

لم يكن من قبيل الصدفة أن تقذف أمواج البحر المتوسط كميات متنوعة من المخدرات إلى السواحل الليبية، أو أن تتلقف شِباك الصيادين قرب الشاطئ «حزماً» من «الحشيش والكوكايين وحبوب الهلوسة»، فالبلاد تحوّلت -وفق تقرير أممي- إلى «معبر مهم» لهذه التجارة المجرّمة. وتعلن السلطات الأمنية في عموم ليبيا من وقت لآخر عن ضبط «كميات كبيرة» من المخدرات قبل دخولها البلاد عبر الموانئ البحري والبرية، أو القبض على مواطنين ووافدين وهو يروّجون هذه الأصناف التي يُنظر إليها على أنها تستهدف «عقول الشباب الليبي». غير أنه بات لافتاً من واقع عمليات الضبط التي تعلن عنها السلطات المحلية تزايُد تهريب المخدرات وتعاطيها، خصوصاً «حبوب

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا «النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

«النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

استهلّت اللجنة المُشتركة لممثلي مجلسي «النواب» و«الدولة» (6+6) المكلفة بإعداد قوانين الانتخابات الليبية، اجتماعاتها في العاصمة طرابلس بـ«الاتفاق على آلية عملها». وطبقاً لما أعلنه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، فقد شهد الاجتماع ما وصفه بتقارب في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة حول القوانين الانتخابية، مشيراً، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إلى أنه «تم أيضاً الاتفاق على التواصل مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية».

خالد محمود (القاهرة)

إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

TT

إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.