انقلابيو اليمن يقلصون المساعدات الأممية للموظفين العموميين

يمني في صنعاء يظفر بحصة من المساعدات الغذائية (إ.ب.أ)
يمني في صنعاء يظفر بحصة من المساعدات الغذائية (إ.ب.أ)
TT
20

انقلابيو اليمن يقلصون المساعدات الأممية للموظفين العموميين

يمني في صنعاء يظفر بحصة من المساعدات الغذائية (إ.ب.أ)
يمني في صنعاء يظفر بحصة من المساعدات الغذائية (إ.ب.أ)

بينما يستعد موظفو المؤسسات والمصالح الحكومية في العاصمة اليمنية صنعاء ومناطق سيطرة الانقلابيين الحوثيين لمواجهة أعباء عيد الفطر، وما تبقى من شهر رمضان، فوجئوا بتقليص كمية وحجم السلال الغذائية المقدمة لهم من الجهات الإغاثية الأممية، وحرمان عدد كبير منهم من هذه السلال، بينما تحصل عائلات قتلى وجرحى الانقلابيين على مساعدات بملايين الدولارات.
يأتي هذا التصرف الحوثي بالتزامن مع تنفيذ الانقلابيين مشاريع رمضانية بقيمة 7 مليارات ريال (الدولار نحو 560 ريالاً)، لتقديم المعونات لعائلات قتلاهم وجرحاهم في الحرب، وما يسمى «الكفالة الشهرية» لهذه العائلات، حيث دُفعت مبالغ مالية لـ51 ألف عائلة، بحسب إعلام الجماعة.
وذكر عدد من المستفيدين من السلال الغذائية في العاصمة صنعاء أن ما يُعرف بـ«المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية والتعاون الدولي»، وهو كيان حوثي مستحدث، وزع لهم أكياس دقيق فقط، بعد أن كانت السلال الغذائية المقدمة من «برنامج الغذاء العالمي» تحتوي على مواد استهلاكية مختلفة، مثل الزيت والسكر وأنواع من البقوليات والمعلبات، إضافة إلى الدقيق.
واتهم عدد آخر من المستفيدين من هذه السلال الانقلابيين الحوثيين ببيع مكونات السلال الغذائية في الأسواق، وبأسعار تفوق أسعار نظيرتها المتوفرة في الأسواق اليمنية، مشيرين إلى أن هذه الإجراءات الحوثية حدثت بالتوازي مع خفض «برنامج الأغذية العالمي» لكمية السلال الغذائية وحجمها، وكانت تُقدَّم كل 3 أشهر.
وطالب المستفيدون من السلال الغذائية مسؤولي «برنامج الغذاء العالمي» بالنزول إلى الأسواق بأنفسهم لاستقصاء الحقيقة حول بيع الميليشيات الحوثية لمستحقاتهم من المعونات المقدمة التي يقدمها البرنامج للمتضررين من الأزمة الإنسانية التي تسببت بها الميليشيات.
وقال أحد موظفي المؤسسات الإعلامية العمومية التي تسيطر عليها الميليشيات الحوثية لـ«الشرق الأوسط»: «نهبوا رواتبنا، ثم مارسوا أعمال قطاع الطرق، وأجبروا المنظمات على تسليم المساعدات الإغاثية لهم لتوزيعها حسب مزاجهم أو بيعها ليزيد ثراؤهم وجوعنا»، معبراً عن غضبه مع زملائه من صمت «برنامج الغذاء العالمي» عما يجري من أعمال نهب للمساعدات التي يقدمها.
وأضاف صحافي يعمل في المؤسسة ذاتها: «في البداية كنا نحصل على سلة غذائية عالية الجودة كل شهر، وكان فيها ما يكفي عائلتي لمدة شهر، ثم جرى تقليص السلة إلى النصف، وتغيرت جودتها إلى الأسوأ، والآن لم يتبقَ منها إلا الدقيق، ولاحقاً سيحرموننا حتى منه».
وتحسَّر الصحافي على الأوضاع التي وصل إليها وزملاؤه تحت سيطرة الميليشيات، وتابع: «لا نريد سلالاً غذائية... نريد رواتبنا التي تحفظ لنا كرامتنا، أما السلال الغذائية فهي امتهان للموظف، واستمرارنا في العمل دون رواتب ليس إلا سخرة».
وكان «برنامج الغذاء العالمي» بدأ منذ شهرين تخفيض حجم مكونات السلال الغذائية المقدمة إلى الموظفين العموميين، فتراجعت كمية الدقيق من 75 كيلوغراماً إلى 50 كيلوغراماً، وبدلاً من 8 لترات من الزيوت، و10 كيلوغرامات من البقوليات، جرى تخفيضها إلى النصف، مع بقاء كمية الملح والسكر كما هي، بمقدار كيلوغرام واحد فقط.
وتُعدّ السلال الغذائية التي تقدمها الجهات الإغاثية والمنظمات الأممية إحدى أهم وسائل التخفيف من آثار الأزمة الإنسانية على العائلات اليمنية، خصوصاً تلك التي فقد معيلوها مصادر دخلهم أو انقطعت رواتبهم.
وأقدم شاب يمني على الانتحار شنقاً؛ بربط رقبته بالحبال في إحدى فتحات سطح أحد الفنادق من الخارج، قبل 6 أشهر، بعد أن أوقف أحد القادة الحوثيين السلة الغذائية التي كانت عائلته تعتمد عليها.
وترك الشاب رسالة أوضح فيها أن سبب إقدامه على الانتحار الظلم الذي وقع عليه من الميليشيات الحوثية، عندما حُرمت عائلته من السلة الغذائية التي لم يستطع توفير بديل عنها. ولقيت الحادثة استنكاراً واسعاً حينها.
وتستخدم الجماعة الحوثية السلال الغذائية لابتزاز السكان في مناطق سيطرتها، حيث تطلب منهم دفع أبنائهم، خصوصاً الأطفال والشباب، للقتال في صفوفها مقابل الحصول على المساعدات الغذائية المقدمة من جهات دولية، أو الاستجابة لمطالبها وأوامرها.
وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أوقف الحوثيون السلال الغذائية المخصصة للموظفين العموميين عن كل مَن رفض التوقيع على «مدونة السلوك الوظيفي» التي أقرتها الجماعة في الشهر ذاته، وتضمنت إقراراً بولاء الموظف لها وقادتها ومشروعها.
ووفقاً للصحافة المحلية في حينه؛ فقد اشترط القادة الحوثيون الذين يديرون المؤسسات العمومية على الموظفين التوقيع على المدونة مقابل الحصول على السلال الغذائية المخصصة لهم، وتم حرمان كل مَن رفض هذا الشرط من السلة الغذائية.
وأنشأت الجماعة الانقلابية، أواخر عام 2019، ما يُسمى بـ«المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية والتعاون الدولي»، للسيطرة على المساعدات المقدمة عبر الهيئات التابعة للأمم المتحدة، والتحكم بمساراتها، وتحديد المستفيدين منها بما يخدم أجندتها.
وسبق لـ«الشرق الأوسط» الكشف عن أدوار هذا الكيان للتحكم في قوائم وكشوف المعونات الإغاثية، وإلزام المنظمات بتوجيه المساعدات إلى مناطق وأحياء وقرى ومؤسسات محددة من طرفه، ويتولى مسؤولون فيه توزيع المساعدات على الموالين للجماعة، أو يفرضون شروطاً على المستفيدين منها، أو يلجأون لبيعها في الأسواق وتوريد أثمانها إلى حسابات خاصة.


مقالات ذات صلة

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

العالم العربي غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

وصف المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الخميس) اللقاء الذي جمعه برئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي في عدن بـ«المثمر والجوهري»، وذلك بعد نقاشات أجراها في صنعاء مع الحوثيين في سياق الجهود المعززة للتوصل إلى تسوية يمنية تطوي صفحة الصراع. تصريحات المبعوث الأممي جاءت في وقت أكدت فيه الحكومة اليمنية جاهزيتها للتعاون مع الأمم المتحدة والصليب الأحمر لما وصفته بـ«بتصفير السجون» وإغلاق ملف الأسرى والمحتجزين مع الجماعة الحوثية. وأوضح المبعوث في بيان أنه أطلع العليمي على آخر المستجدات وسير المناقشات الجارية التي تهدف لبناء الثقة وخفض وطأة معاناة اليمنيين؛ تسهيلاً لاستئناف العملية السياسية

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

في خطوة أحادية أفرجت الجماعة الحوثية (الأحد) عن القائد العسكري اليمني المشمول بقرار مجلس الأمن 2216 فيصل رجب بعد ثماني سنوات من اعتقاله مع وزير الدفاع الأسبق محمود الصبيحي شمال مدينة عدن، التي كان الحوثيون يحاولون احتلالها. وفي حين رحب المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ بالخطوة الحوثية الأحادية، قابلتها الحكومة اليمنية بالارتياب، متهمة الجماعة الانقلابية بمحاولة تحسين صورتها، ومحاولة الإيقاع بين الأطراف المناهضة للجماعة. ومع زعم الجماعة أن الإفراج عن اللواء فيصل رجب جاء مكرمة من زعيمها عبد الملك الحوثي، دعا المبعوث الأممي في تغريدة على «تويتر» جميع الأطراف للبناء على التقدم الذي تم إنجازه

علي ربيع (عدن)
العالم العربي أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

في مسكن متواضع في منطقة البساتين شرقي عدن العاصمة المؤقتة لليمن، تعيش الشابة الإثيوبية بيزا ووالدتها.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

فوجئ محمود ناجي حين ذهب لأحد متاجر الصرافة لتسلّم حوالة مالية برد الموظف بأن عليه تسلّمها بالريال اليمني؛ لأنهم لا يملكون سيولة نقدية بالعملة الأجنبية. لم يستوعب ما حصل إلا عندما طاف عبثاً على أربعة متاجر.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

يجزم خالد محسن صالح والبهجة تتسرب من صوته بأن هذا العام سيكون أفضل موسم زراعي، لأن البلاد وفقا للمزارع اليمني لم تشهد مثل هذه الأمطار الغزيرة والمتواصلة منذ سنين طويلة. لكن وعلى خلاف ذلك، فإنه مع دخول موسم هطول الأمطار على مختلف المحافظات في الفصل الثاني تزداد المخاطر التي تواجه النازحين في المخيمات وبخاصة في محافظتي مأرب وحجة وتعز؛ حيث تسببت الأمطار التي هطلت خلال الفصل الأول في مقتل 14 شخصا وإصابة 30 آخرين، كما تضرر ألف مسكن، وفقا لتقرير أصدرته جمعية الهلال الأحمر اليمني. ويقول صالح، وهو أحد سكان محافظة إب، لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف، في ظل الأزمة التي تعيشها البلاد بسبب الحرب فإن الهطول ال

محمد ناصر (عدن)

انقلابيو اليمن يبتزون سكان الحديدة لإلحاق أبنائهم بالمعسكرات

قيادات حوثية تزور مركزاً صيفياً في الحديدة (فيسبوك)
قيادات حوثية تزور مركزاً صيفياً في الحديدة (فيسبوك)
TT
20

انقلابيو اليمن يبتزون سكان الحديدة لإلحاق أبنائهم بالمعسكرات

قيادات حوثية تزور مركزاً صيفياً في الحديدة (فيسبوك)
قيادات حوثية تزور مركزاً صيفياً في الحديدة (فيسبوك)

على خلفية عزوف مجتمعي واسع عن معسكرات الحوثيين الصيفية، اتهمت مصادر حقوقية في محافظة الحديدة اليمنية (غرب)، الجماعة باستغلال معاناة السكان وإغرائهم بتقديم مساعدات إغاثية ومالية وتوفير بعض الخدمات الأساسية مقابل سماحهم لأطفالهم بالالتحاق بهذه المعسكرات.

وشهدت المراكز الصيفية الحوثية في المحافظة مُنذ بدء التدشين في الخامس من أبريل (نيسان) الحالي، إحجام السكان عن إلحاق أطفالهم بها، في حين كانت قيادات في الجماعة تتوقع التحاق أكثر من 40 ألف طالب وطالبة في 900 مدرسة ومركز لتلقي التعبئة العسكرية والمذهبية.

ونقلت مصادر تربوية في الحديدة عن قيادي حوثي تأكيده أن معظم الأنشطة والبرامج الصيفية للجماعة لهذا العام تركز على تلقين الأطفال والنشء أهمية الانتماء إلى ما تسمى «المسيرة الحوثية»، وبذل المال والنفس دفاعاً عنها.

وأكدت المصادر لـ«الشرق الأوسط» وجود إقبال محدود من الأهالي بمختلف مناطق قبضة الجماعة في الحديدة على إلحاق أطفالهم بالمعسكرات الصيفية، رغم تكثيف الجماعة من أنشطتها ووسائلها المختلفة لإقناعهم.

أطفال يتلقون التعبئة في مركز صيفي حوثي بالحديدة (فيسبوك)
أطفال يتلقون التعبئة في مركز صيفي حوثي بالحديدة (فيسبوك)

وأرجعت المصادر ذلك إلى حالة الخوف المجتمعي من الخطر الحوثي الداهم الذي يستقطب صغار السن إلى جبهات الموت، وحرمانهم من حقهم في التعليم.

ويؤكد ثلاثة أولياء أمور في مدينة الحديدة، تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أنه لم يعد بمقدورهم تحمل فقدان المزيد من فلذات أكبادهم، بعد سقوط أبناء لهم خلال أوقات سابقة قتلى وجرحى بسبب الاستقطاب الحوثي لهم، وإخضاعهم للتعبئة الفكرية في معسكرات صيفية مغلقة.

وكشف «خيري»، وهو أحد أولياء الأمور، ويسكن في حي السور بمدينة الحديدة، عن أن مشرفاً حوثياً ينحدر من محافظة عمران استدرج ابنه سليمان (18 عاماً) قبل ثلاثة أعوام إلى مركز حوثي صيفي مغلق بذات الحي، وتم إخضاعه للتعبئة الطائفية والقتالية، والزج به إلى إحدى جبهات القتال قبل أن يعود لهم جثة هامدة.

ودعا خيري جميع الآباء في عموم مناطق سيطرة الجماعة إلى الحفاظ على أبنائهم من المعسكرات الصيفية التي تستغلها الجماعة لنشر أفكارها المتطرفة، وغسل عقول صغار السن والمراهقين بشعاراتها الطائفية، وتحويلهم إلى أدوات للقتل والتدمير، ووقود لمعاركها الميدانية، وفق قوله.

استغلال الفاقة

يتزامن العزوف المجتمعي في الحديدة عن معسكرات الصيف الحوثية مع اتهامات حكومية للجماعة باستخدام أدوات المجالس المحلية والسلطات التنفيذية الخاضعة لها لفرض المعسكرات الصيفية على أولياء الأمور بالقوة، مع تهديدهم بالحرمان من المساعدات الإغاثية والخدمات الضرورية، مستغلة بذلك فاقة الناس وظروفهم المعيشية والمادية المتدهورة.

وقال مكتب الإعلام في محافظة الحديدة التابع للحكومة الشرعية، في بيان، إن ما يُبث بتلك المراكز الحوثية من أفكار مؤدلجة ومفاهيم متطرفة يسهم في ترسيخ ثقافة العنف، ويزرع في عقول النشء مفاهيم الصراع والكراهية.

الحوثيون يركّزون على الأطفال والمراهقين لتعبئتهم فكرياً وطائفياً (فيسبوك)
الحوثيون يركّزون على الأطفال والمراهقين لتعبئتهم فكرياً وطائفياً (فيسبوك)

ووصف البيان ما تقوم به الجماعة الحوثية بحق أطفال وشبان المحافظة بـ«الجريمة التربوية والأخلاقية» في سياق مواصلة تحويل التعليم إلى أداة تعبئة طائفية وسياسية، مما يؤسس لجيل مشوّه الوعي، ويعاني من اضطرابات نفسية وسلوكية، ويُحرم من قيم الانفتاح والتعايش والسلام.

ودعا المكتب الحكومي النشطاء والحقوقيين والجهات المحلية والدولية إلى تحمل مسؤولياتهم القانونية والإنسانية، ورصد وتوثيق جميع الانتهاكات الحوثية التي يتعرض لها الأطفال داخل هذه المراكز في الحديدة، والتحرك العاجل لوقف هذه الممارسات وحماية الطفولة اليمنية من مشاريع الاستغلال والتجنيد «تحت غطاء ديني زائف».

وأوضح البيان أن الدورات الحوثية الصيفية تقام تحت شعارات متطرفة مثل «علم وجهاد»، في سياق مشروع منهجي يستهدف تجنيد الأطفال فكرياً، تمهيداً للزج بهم في معارك عسكرية، وهو ما يعد انتهاكاً صارخاً لكافة القوانين والأعراف الدولية المتعلقة بحقوق الطفل.