«لا مساومة أو تفريط في سيناء»... رسالة مصرية جديدة لرفض «التهجير»

تزامناً مع الذكرى 43 لتحريرها

السيسي يوجه كلمة للمصريين بمناسبة الذكرى 43 لـ«تحرير سيناء» (الرئاسة المصرية)
السيسي يوجه كلمة للمصريين بمناسبة الذكرى 43 لـ«تحرير سيناء» (الرئاسة المصرية)
TT

«لا مساومة أو تفريط في سيناء»... رسالة مصرية جديدة لرفض «التهجير»

السيسي يوجه كلمة للمصريين بمناسبة الذكرى 43 لـ«تحرير سيناء» (الرئاسة المصرية)
السيسي يوجه كلمة للمصريين بمناسبة الذكرى 43 لـ«تحرير سيناء» (الرئاسة المصرية)

في الوقت الذي شدد فيه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على «رفض تهجير الفلسطينيين من أرضهم، وتمسك بلاده بكل شبر من أرض سيناء بصفتها جزءاً لا يتجزأ من مصر، وتقديم الشعب والجيش التضحيات في سبيل ذلك على مر التاريخ»، أكد برلمانيون مصريون أن «تلك رسالة جديدة من القاهرة تؤكد أن موقفها لم يتزعزع بشأن رفض مخطط تهجير الفلسطينيين من غزة إلى الأراضي المصرية».

وتحدث السيسي، الجمعة، بمناسبة ذكرى تحرير سيناء من الاحتلال الإسرائيلي، قائلاً إن «سيناء نقشت في وجدان المصريين حقيقة راسخة بأنها جزء لا يتجزأ من أرض الكنانة، محفوظة بإرادة شعبها وجسارة جيشها وعزيمة أبنائها».

وأضاف أن «الدفاع عن سيناء وحماية كل شبر من أرض الوطن عهد لا رجعة فيه، ومبدأ ثابت في عقيدة المصريين جميعاً يترسخ في وجدان الأمة جيلاً بعد جيل، ضمن أسس أمننا القومي... التي لا تقبل المساومة أو التفريط».

و«عيد تحرير سيناء» أو ذكرى تحرير سيناء، هو اليوم الذي يوافق 25 أبريل (نيسان) من كل عام، وهو اليوم الذي استردت فيه مصر أرض سيناء بعد انسحاب آخر جندي إسرائيلي منها، وفقاً لمعاهدة «كامب ديفيد»، وفيه تم استرداد كامل أرض سيناء ما عدا مدينة طابا التي استُردت لاحقاً بالتحكيم الدولي في مارس (آذار) عام 1989.

وقال عضو مجلس النواب المصري (الغرفة الأولى للبرلمان)، مصطفى بكري، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الرئيس السيسي حرص على تأكيد عدم التفريط في أي شبر من سيناء، وهذه رسالة تُعبّر عن رفض مخطط التهجير الذي تسعى إليه إسرائيل والولايات المتحدة».

وشدد بكري على أن «هذا رد أيضاً على حملات التشكيك والتشويه التي تتجدد من حين لآخر، بأن مصر ستسمح باستقبال الفلسطينيين بسيناء مقابل أموال أو ضغوط»، لافتاً إلى أن ذِكر الرئيس السيسي لدفاع الشعب والجيش ووحدة الموقف الرسمي والشعب، رسالة قوية بأنه لا تراجع عن رفض «التهجير» الذي أعلنته القاهرة منذ البداية.

وأشار بكري إلى أن «هذه الرسائل مهمة، وتجديدها بين الحين والآخر، أمر ضروري لإحباط محاولات التشكيك في الدور المصري، ومساندة للفلسطينيين، خصوصاً في ملف وقف إطلاق النار وإعادة إعمار غزة وإقامة الدولة الفلسطينية».

السيسي يضع إكليلاً من الزهور على قبر الرئيس الأسبق أنور السادات بمناسبة ذكرى «تحرير سيناء» (الرئاسة المصرية)

وتضمنت كلمة السيسي في ذكرى «تحرير سيناء» أن «سيناء ستظل محفوظة بإرادة شعبها وجسارة جيشها وعزيمة أبنائها الذين سطروا أروع البطولات حفاظاً على ترابها المقدس». وخاطب المصريين، بقوله: «أثبتم برؤيتكم الواعية وإدراككم العميق لحجم التحديات التي تواجه مصر والمنطقة، أنكم جبهة داخلية متماسكة، عصية على التلاعب والتأثير، وأن الوطن في أيديكم، وبوعيكم وفطنتكم، محفوظ إلى يوم الدين».

وأضاف السيسي: «نحتفل في هذا (اليوم) المجيد بالذكرى الثالثة والأربعين لتحرير سيناء... تلك البقعة الطاهرة من أرض مصر، التي لطالما كانت هدفاً للطامعين، وظلت على مدار التاريخ، عنواناً للصمود والفداء».

ومنذ 25 يناير (كانون الثاني) الماضي، اقترح الرئيس الأميركي دونالد ترمب استقبال مصر والأردن لفلسطينيين بعد تهجيرهم من غزة، قبل أن تبدأ سلسلة من الرفض المصري والعربي، وقدمت مصر خطة لإعادة إعمار غزة من دون تهجير سكانها، أقرتها «القمة العربية» الأخيرة، واجتماع استثنائي لـ«منظمة التعاون الإسلامي»، لكن الخطة لم تقنع حتى الآن الإدارة الأميركية التي تحاول بضغط إسرائيلي تنفيذ مخطط التهجير بشتى السبل.

مصر تحتفل يوم 25 أبريل من كل عام بذكرى «تحرير سيناء» (الرئاسة المصرية)

رئيس «لجنة الثقافة والإعلام» بمجلس الشيوخ المصري (الغرفة الثانية للبرلمان)، محمود مسلم، قال لـ«الشرق الأوسط»، إن «رسالة الرئيس السيسي أهميتها تنبع من كونها تتحدث عن أرض سالت فيها دماء المصريين، من أجل الحفاظ على التراب وتحريره من الاحتلال الإسرائيلي».

وأوضح أن «الرسالة مفادها أن من ضحى بدمائه من أجل الأرض، لن يقبل التفريط فيها تحت أي ظرف، وهذا رفض قاطع لمخطط التهجير الذي تدفع إليه إسرائيل نحو الأراضي المصرية بكل قوة».

وكان السيسي قد أشار في كلمته، الجمعة، إلى جهود بلاده في رفض التهجير ودعم القضية الفلسطينية، وقال: «منذ اللحظة الأولى، كان موقف مصر جلياً لا لبس فيه»، مطالباً بوقف إطلاق النار، والإفراج عن الرهائن والمحتجزين، وإنفاذ المساعدات الإنسانية بكميات كافية، رافضاً بكل حزم لأي تهجير للفلسطينيين خارج أرضهم. وشدد على أن «مصر تقف، كما عهدها التاريخ، سداً منيعاً، أمام محاولات تصفية القضية الفلسطينية، وتؤكد أن إعادة إعمار قطاع غزة يجب أن تتم وفقاً للخطة العربية - الإسلامية، دون أي شكل من أشكال التهجير».


مقالات ذات صلة

محادثات السيسي ومستشار ترمب... هل تعيد «الدفء» للعلاقات المصرية - الأميركية؟

تحليل إخباري الرئيس المصري خلال استقبال مستشار ترمب (الرئاسة المصرية)

محادثات السيسي ومستشار ترمب... هل تعيد «الدفء» للعلاقات المصرية - الأميركية؟

لقاء مهم جمع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع كبير مستشاري الرئيس الأميركي للشؤون العربية والشرق أوسطية والشؤون الأفريقية مسعد بولس، بالقاهرة الأحد.

أحمد عدلي (القاهرة)
شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه نظيره اللبناني بالقاهرة في مارس الماضي (الرئاسة المصرية)

ماذا على أجندة الرئيس اللبناني خلال زيارته لمصر؟

يبدأ الرئيس اللبناني جوزيف عون زيارة إلى القاهرة، الاثنين، ويلتقي خلالها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والأمين العام لجامعة الدول العربية

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
العالم العربي الرئيس عبد الفتاح السيسي مع مستشار للرئيس الأميركي دونالد ترمب الأحد (أ.ف.ب)

السيسي يؤكد ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار في غزة

نقل بيان للرئاسة المصرية عن الرئيس عبد الفتاح السيسي تأكيده على ضرورة العمل على الوقف الفوري لإطلاق النار في قطاع غزة، وإنفاذ المساعدات الإنسانية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا نقابة المحامين تطالب منتسبيها بعدم حضور جلسات «الجنايات» لمدة يومين (النقابة)

محامون مصريون يُضربون عن العمل رفضاً لزيادة الرسوم القضائية

أضرب محامون مصريون عن العمل رفضاً لزيادة الرسوم القضائية، ضمن سلسلة «إجراءات تصعيدية» أقرَّتها النقابة العامة للمحامين للمطالبة بـ«إلغاء الرسوم الجديدة».

عصام فضل (القاهرة )
العالم العربي مطار شرم الشيخ الدولي يستقبل رحلة طيران عارض (أرشيفية - الطيران المدني)

سقوط لوحة إعلانية في مطار شرم الشيخ يودي بحياة راكبة كازاخستانية

لقيت راكبة كازاخستانية مصرعها وأصيبت اثنتان أخريان، إثر سقوط لوحة إعلانية، داخل مطار شرم الشيخ الدولي بمصر، الأحد، خلال انتظارهن الصعود على متن طائرة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

محادثات السيسي ومستشار ترمب... هل تعيد «الدفء» للعلاقات المصرية - الأميركية؟

الرئيس المصري خلال استقبال مستشار ترمب (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري خلال استقبال مستشار ترمب (الرئاسة المصرية)
TT

محادثات السيسي ومستشار ترمب... هل تعيد «الدفء» للعلاقات المصرية - الأميركية؟

الرئيس المصري خلال استقبال مستشار ترمب (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري خلال استقبال مستشار ترمب (الرئاسة المصرية)

وسط تباين في الرؤى بشأن التعامل مع أزمات إقليمية مشتعلة، وغياب لأي حديث عن قمة رئاسية قريبة، يأتي استقبال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لكبير مستشاري الرئيس الأميركي للشؤون العربية والشرق أوسطية والشؤون الأفريقية مسعد بولس، بالقاهرة الأحد، ليؤكد «أهمية الشراكة الاستراتيجية بين القاهرة وواشنطن، وحتمية التشاور المستمر في قضايا المنطقة»، وفق برلمانيين وسياسيين مصريين تحدثوا لـ«الشرق الأوسط».

وفي لقاء هو الأول مع مسؤول أميركي منذ انتهاء جولة ترمب للمنطقة، الجمعة، نقل بولس للرئيس المصري تأكيدات ترمب على «عمق العلاقات الاستراتيجية بين البلدين»، مع تناول سبل استعادة الاستقرار الإقليمي، والعمل على الوقف الفوري لإطلاق النار في غزة، وإنفاذ المساعدات الإنسانية، وفق بيان الرئاسة المصرية.

وبدوره، ثمّن السيسي الجهود المشتركة بين مصر والولايات المتحدة وقطر للوساطة في غزة، مؤكداً حرص مصر على استمرار هذا التنسيق في المرحلة المقبلة، مطالباً بالعمل على الوقف الفوري لإطلاق النار في غزة، وإنفاذ المساعدات الإنسانية.

اللقاء عُقد بحضور وزير الخارجية ومدير المخابرات المصري (الرئاسة المصرية)

ومطلع فبراير (شباط) الماضي، أصدرت الرئاسة المصرية بياناً رسمياً قالت فيه إن السيسي تلقى اتصالاً هاتفياً من ترمب، وإن الأخير «وجَّه دعوة مفتوحة إلى الرئيس المصري لزيارة واشنطن ولقائه في البيت الأبيض»، وإن السيسي «وجَّه الدعوة إلى ترمب لزيارة مصر في أقرب فرصة ممكنة، لتعزيز العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، والبحث في القضايا والأزمات المعقدة التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط، مما يسهم في دعم استقرار المنطقة، وكذا للمشاركة في افتتاح المتحف المصري الجديد». لكنَّ البيت الأبيض أصدر بياناً مقتضباً حول الاتصال نفسه، ولم يتضمن الإشارة إلى أي دعوة للزيارة سواء من السيسي أو من ترمب، حسب نص بيان البيت الأبيض، وفق الترجمة الرسمية الأميركية المعتمدة.

وفي جولته بالمنطقة الأسبوع الماضي زار ترمب السعودية وقطر والإمارات. وبعكس الزيارة السابقة عام 2017، والتي شهدت قمة مصرية - أميركية في الرياض، لم يجتمع السيسي مع ترمب في أي لقاء هذه المرة.

ورفض الرئيس المصري عدة مرات بشكل واضح مقترح ترمب لتهجير الفلسطينيين من غزة، وتمسك السيسي بخطة إعادة الإعمار التي أعدتها مصر للقطاع وتبنتها الجامعة العربية.

وبينما ربط البعض بين تباين المواقف الأميركية - المصرية إزاء حرب غزة، خاصة مقترح التهجير، وبين عدم لقاء ترمب والسيسي حتى الآن، ترى وكيل لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب (البرلمان)، سحر البزار، أن زيارة مستشار ترمب للقاهرة تعكس وجود مساحات توافق بين القاهرة وواشنطن، وأهمية التنسيق المتبادل، رغم ما يبدو من تباينات سياسية، وما قد يصفه البعض بـ«عدم دفء» للعلاقات بين الجانبين في الوقت الراهن.

وتضيف لـ«الشرق الأوسط» أن القضايا المنخرط فيها البلدان بالمنطقة متعددة، ولا تقتصر على جهود الوساطة المشتركة مع قطر للتوصل لاتفاق تهدئة في غزة.

واعتبرت أن زيارة بولس «تمثل خطوة جديدة في بناء جسور الشراكة بين البلدين على أسس من الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة»، لافتة إلى أن قنوات التواصل الدبلوماسي والبرلماني بين البلدين مستمرة لتحقيق مصالح البلدين.

اللقاء المصري - الأميركي ناقش عدة قضايا إقليمية (الرئاسة المصرية)

وترى مساعدة وزير الخارجية الأسبق للشؤون الأميركية، هاجر الإسلامبولي، لـ«الشرق الأوسط» أن العلاقات والتعاون بين القاهرة وواشنطن ليست مرتبطة بزيارات على مستوى رئاسي أو لقاءات ثنائية فقط، وربما لم تسمح بها الظروف خلال الجولة الخليجية للرئيس الأميركي التي كان يسيطر الجانب الاقتصادي على جزء رئيسي فيها، مشيرة إلى وجود دعوات متبادلة للزيارات بين السيسي وترمب تنتظر الوقت المناسب.

وتشير الدبلوماسية المصرية السابقة إلى أن الزيارات الخارجية للرؤساء الأميركيين عادة ما يسبقها تحضيرات وترتيبات موسعة لتحقيق الأهداف المرجوة منها، وبالتالي لا يمكن النظر لغياب القاهرة عن أجندة محطات ترمب باعتباره تجاهلاً لدورها السياسي، أو انعكاساً لتوتر بالعلاقات في ظل تركيزه على الملف الاقتصادي، وليست الزيارة للانخراط في مفاوضات بشأن التهدئة التي تتشارك مصر مع الولايات المتحدة وقطر بجهود الوساطة فيها.

وعدّت عضوة لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان المصري، غادة عجمي، زيارة بولس بمثابة تأكيد على التشاور المستمر في قضايا المنطقة لوجود العديد من الملفات المفتوحة التي تدرك واشنطن دور القاهرة فيها. وأضافت عجمي لـ«الشرق الأوسط» أن واشنطن تدرك الدور الذي تلعبه مصر سياسياً، وقدرتها على الانخراط في حل أزمات المنطقة، لافتة إلى أن هذا الأمر يتضح بالملفات التي ناقشها بولس خلال لقائه مع الرئيس السيسي.