«دار ميمة»... هدية الكوميدي المغربي جمال دبوز إلى والدته

جمال دبوز مع والدته وشريكه (حساب المطعم على «إنستغرام»)
جمال دبوز مع والدته وشريكه (حساب المطعم على «إنستغرام»)
TT

«دار ميمة»... هدية الكوميدي المغربي جمال دبوز إلى والدته

جمال دبوز مع والدته وشريكه (حساب المطعم على «إنستغرام»)
جمال دبوز مع والدته وشريكه (حساب المطعم على «إنستغرام»)

هو واحد من أجمل المواقع في العاصمة الفرنسية، يتخذ من سطح «معهد العالم العربي» مكانه، ويطل على «السين» من ضفته الشرقية وجزيرة «سان لوي» ذات المباني العتيقة وكاتدرائية «نوتردام» التاريخية التي شبّ فيها حريق ولا تزال قيد الترميم. هنا، في الطابق التاسع من العمارة الحداثية للمعهد، يختار الكوميدي المغربي جمال دبوز إنشاء مطعم تديره والدته فاطمة.
اعتدنا أن يهدي الأبناء البارّون باقات الورد إلى أمهاتهم، أو أن يقدموا لهنّ بيوتاً تجمعهن بأبنائهن وأحفادهن إن فتح الله أبواب النجاح والرزق، كما هي حال الممثل الفكاهي الأشهر بين أبناء جيله في فرنسا. أما أن تكون الهدية تحفة تحتفي بفنون المطبخ المغربي في عقر دار باريس، فتلك هي المفاجأة.
تقاعدت والدته فاطمة من عملها وتفرّغت لإدارة هذا المشروع التجاري الذي ستوزّع وقتها بينه وبين مزرعتها في المغرب، حيث تنتج العسل وزيت الزيتون. اسم المطعم «دار ميمة»، وهي صيغة الدلال لفاطمة. وكل ما فيه من أثاث وأطباق وكؤوس ونكهات وروائح، يأخذ الزبون إلى ذلك البلد الذي يعشق الفرنسيون مأكولاته ومنهم من يفضّلها على الأطعمة المحلية. لقد نافست «الكُسكُس» و«الطاجين» و«سلطة الزعلوك»، وجبات فرنسية شعبية مثل «رأس العجل»، الذي كان الطبق المفضّل للرئيس الراحل جاك شيراك، و«الشوكروت» أي اللفت المسلوق مع اللحم المقدد، أو الديك المطبوخ بالنبيذ.
تشارك دبوز مع شركة باريسية للفوز بهذا المكان الاستثنائي الذي كان لسنوات طويلة مطعماً لبنانياً. وخصّصت المجلة الأسبوعية لصحيفة «الفيغارو» صفحات عدّة للاحتفال بهذا المطعم، ووصفت إطلالة شرفته العالية بأنه «منظر يحبس الأنفاس».

مهندسة الديكور لورا غونزاليس (حساب المطعم على «إنستغرام»)

كشف مؤسس شركة «باري هوسبيتاليتي» لوران غورسوف، عن أنه وضع نصب عينه 20 موقعاً في العاصمة حين بدأ مشروعه قبل عشر سنوات، فأنجز 16 مطعماً من تلك القائمة، وها هو يضيف إليها مطعماً مغربياً ينسجم مع المستوى العالي للبقية. الفارق بين المطاعم الأخرى هو وجود اسم النجم جمال دبوز شريكاً في المكان؛ الأمر الذي لم يكن ضمن خطتهم من قبل، حيث كان المكان في ذاته هو النجم.
ولدت فكرة المطعم من محادثة بين الشريكين اللذين تربطهما صداقة. إن لدبوز علاقة خاصة بـ«معهد العالم العربي» لكونه جسراً بين الثقافتين الفرنسية والعربية، وقد جاء بوالدته لتزوره في السفرة الأولى لها إلى باريس. وهو أيضاً مكان أول مقابلة صحافية أجريت معه في بدايات مشواره. وبهذا، يصبح «دار ميمة» حكاية صداقة وعودة إلى الجذور، ومطعماً يضمن لمرتاديه نقلهم إلى أجواء مختلفة عن المألوف.
لضمان هذه الأجواء؛ عهد إلى مهندسة الديكور لورا غونزاليس رسم التفاصيل الداخلية للمطعم. ونالت لورا شهرتها بعد تعاونها في تصميم مقرات دُور لعلامات شهيرة مثل الصائغ «كارتييه» وصانع الأحذية «لوبوتان». وهي تقول، إنها رسمت التصاميم عندما كانت محجوزة في بيتها خلال عزلة «الكوفيد»، وكان الأمر فرصة ثمينة للهروب من ضغط الجائحة. لكن المهمة لم تكن سهلة؛ إذ كان عليها تصميم مكان مختلف وجذاب ورومانسي... أين؟ على سطح مبنى حديث يحمل توقيع المعماري المعروف عالمياً جان نوفيل.

من أطباق «دار ميمة» (حساب المطعم على «إنستغرام»)

لم يكن الهدف تكرار ما يراه الضيف في المطاعم الشرقية الحافلة بالرموز والألوان والمشغولات التراثية. لهذا وقع الاختيار على فكرة الحكايات، بالتعاون مع محافظي متحف «معهد العالم العربي».
وبهذا؛ فإنّ نقوش السجاد المفروش على الأرضية مستوحاة من بساط مصري يعود للقرن السادس عشر. أما خشب الأعمدة فاعتمدت فيه الرسوم الهندسية للمشربيات التي تميز واجهة المعهد، وأُضيفت فواصل تمنح الإحساس بالخصوصية من دون حجب جمال المنظر خارج النوافذ. وهناك قطع للزينة مستعارة من مجموعة المعهد أو تم اقتناؤها من الحرفيين، ومنها مصابيح إنارة إيطالية على النمط الموريسكي وثريات قريبة من تلك التي تتدلى من سقوف المساجد. وعلى ذكر السقوف، فقد وضعت فيها مرايا تعكس الألوان الدافئة للأثاث.

ديوان شرقي في المطعم (حساب «دار ميمة» على «إنستغرام»)

يتسع المطعم لـ95 مقعداً، أما الشرفة الخارجية فيمكنها استقبال 180 شخصاً، وهي تحوّلت إلى خميلة ذات مناضد حجرية ودواوين مغطاة بالقماش المنقوش المُصمم خصيصاً للمكان.
في حديثها لصحيفة «الفيغارو»، تقول لورا غونزاليس، إنّ مدخل المطعم مهم جداً. فالزبون يصل إليه بواحد من المصاعد الزجاجية للمعهد. ثم يمر عبر مجاز منخفض السقف ليصل إلى ستارة يزيحها ليجد نفسه في قاعة مغمورة بالنور. وهو الأثر نفسه الذي يترك مشاعر مختلطة عند الخروج من باب الطائرة بعد رحلة طويلة، أو عند اجتياز عتبة روضة من رياض المغرب؛ تلك البيوت التقليدية ذات الباحات الداخلية السابحة في ضوء مراكش.


مقالات ذات صلة

إشادة أميركية بالتزام العاهل المغربي «تعزيز السلام»

الولايات المتحدة​ إشادة أميركية بالتزام العاهل المغربي «تعزيز السلام»

إشادة أميركية بالتزام العاهل المغربي «تعزيز السلام»

أشاد وفد من الكونغرس الأميركي، يقوده رئيس لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب الأميركي مايك روجرز، مساء أول من أمس في العاصمة المغربية الرباط، بالتزام الملك محمد السادس بتعزيز السلام والازدهار والأمن في المنطقة والعالم. وأعرب روجرز خلال مؤتمر صحافي عقب مباحثات أجراها مع وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، عن «امتنانه العميق للملك محمد السادس لالتزامه بتوطيد العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة والمغرب، ولدوره في النهوض بالسلام والازدهار والأمن في المنطقة وحول العالم».

«الشرق الأوسط» (الرباط)
شمال افريقيا ترحيب مغربي بإقرار رأس السنة الأمازيغية عطلة رسمية

ترحيب مغربي بإقرار رأس السنة الأمازيغية عطلة رسمية

أعلن بيان للديوان الملكي المغربي، مساء أول من أمس، أن الملك محمد السادس تفضل بإقرار رأس السنة الأمازيغية عطلة وطنية رسمية مؤدى عنها، على غرار فاتح (أول) محرم من السنة الهجرية ورأس السنة الميلادية. وجاء في البيان أن العاهل المغربي أصدر توجيهاته إلى رئيس الحكومة لاتخاذ الإجراءات اللازمة لتفعيل هذا القرار الملكي. ويأتي هذا القرار تجسيداً للعناية الكريمة التي يوليها العاهل المغربي للأمازيغية «باعتبارها مكوناً رئيسياً للهوية المغربية الأصيلة الغنية بتعدد روافدها، ورصيداً مشتركاً لجميع المغاربة دون استثناء».

«الشرق الأوسط» (الرباط)
شمال افريقيا أعضاء «الكونغرس» الأميركي يشيدون بالتزام العاهل المغربي بـ«تعزيز السلام»

أعضاء «الكونغرس» الأميركي يشيدون بالتزام العاهل المغربي بـ«تعزيز السلام»

أشاد وفد من الكونغرس الأميركي، يقوده رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس النواب، مايك روجرز، مساء أمس، في العاصمة المغربية الرباط، بالتزام الملك محمد السادس بتعزيز السلام والازدهار والأمن في المنطقة والعالم. وأعرب روجرز، خلال مؤتمر صحافي، عقب محادثات أجراها مع وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين في الخارج، ناصر بوريطة، عن «امتنانه العميق للملك محمد السادس لالتزامه بتوطيد العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة والمغرب، ولدوره في النهوض بالسلام والازدهار والأمن في المنطقة وحول العالم»، مبرزاً أن هذه المحادثات شكلت مناسبة للتأكيد على الدور الجوهري للمملكة، باعتبارها شريكاً للول

«الشرق الأوسط» (الرباط)
شمال افريقيا حزبان معارضان يبحثان تدهور القدرة الشرائية للمغاربة

حزبان معارضان يبحثان تدهور القدرة الشرائية للمغاربة

عقد حزبا التقدم والاشتراكية اليساري، والحركة الشعبية اليميني (معارضة برلمانية) المغربيين، مساء أول من أمس، لقاء بالمقر الوطني لحزب التقدم والاشتراكية في الرباط، قصد مناقشة أزمة تدهور القدرة الشرائية للمواطنين بسبب موجة الغلاء. وقال الحزبان في بيان مشترك إنهما عازمان على تقوية أشكال التنسيق والتعاون بينهما على مختلف الواجهات السياسية والمؤسساتية، من أجل بلورة مزيد من المبادرات المشتركة في جميع القضايا، التي تستأثر باهتمام الرأي العام الوطني، وذلك «من منطلق الدفاع عن المصالح الوطنية العليا للبلاد، وعن القضايا الأساسية لجميع المواطنات والمواطنين».

«الشرق الأوسط» (الرباط)
شمال افريقيا عائلات مغربية تحتج لمعرفة مصير أبنائها المفقودين والمحتجزين

عائلات مغربية تحتج لمعرفة مصير أبنائها المفقودين والمحتجزين

دعت «تنسيقية أسر وعائلات الشبان المغاربة المرشحين للهجرة المفقودين» إلى تنظيم وقفة مطلبية اليوم (الخميس) أمام وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي بالرباط، تحت شعار «نضال مستمر من أجل الحقيقة كاملة وتحقيق العدالة والإنصاف»، وذلك «لتسليط الضوء» على ملف أبنائها المفقودين والمحتجزين ببعض الدول. وتحدث بيان من «التنسيقية» عن سنوات من المعاناة وانتظار إحقاق الحقيقة والعدالة، ومعرفة مصير أبناء الأسر المفقودين في ليبيا والجزائر وتونس وفي الشواطئ المغربية، ومطالباتها بالكشف عن مصير أبنائها، مع طرح ملفات عدة على القضاء. وجدد بيان الأسر دعوة ومطالبة الدولة المغربية ممثلة في وزارة الشؤون الخارجية والتع

«الشرق الأوسط» (الرباط)

أزمة بيع مواد الإغاثة تتفاقم في السودان... وتبرؤ حكومي

أطفال يحملون حزماً من المساعدات الإنسانية في مدرسة للنازحين بمدينة القضارف شرق السودان (أ.ف.ب)
أطفال يحملون حزماً من المساعدات الإنسانية في مدرسة للنازحين بمدينة القضارف شرق السودان (أ.ف.ب)
TT

أزمة بيع مواد الإغاثة تتفاقم في السودان... وتبرؤ حكومي

أطفال يحملون حزماً من المساعدات الإنسانية في مدرسة للنازحين بمدينة القضارف شرق السودان (أ.ف.ب)
أطفال يحملون حزماً من المساعدات الإنسانية في مدرسة للنازحين بمدينة القضارف شرق السودان (أ.ف.ب)

تبرَّأت «مفوضية العون الإنساني» التابعة للحكومة السودانية، من بيع المواد الإغاثية في الأسواق، مؤكدةً أنه «لا يوجد تسريب للمساعدات الإنسانية (من جهتها)، وأن تصرفات بعض المواطنين لا يمكن أن تُحسب عليها»

وتفاقمت أزمة بيع المواد الإغاثية في الأسواق خلال الفترة الماضية، وأفاد سودانيون بأنهم شاهدوا في عدد من الولايات مواد غذائية مخصصة للمساعدات معروضة للبيع في الأسواق العامة، دون رقابة من السلطات.

لكنَّ مفوضة العون الإنساني، سلوى آدم بنيه، قالت لـ«الشرق الأوسط» إن «بيع مواطن لحصته من الإغاثة في السوق ليست مسؤوليتنا»، مشيرةً إلى أن «بعض المتلقين للمساعدات يضطرون إلى بيعها لشراء معونات أخرى يحتاجون إليها مثل دقيق حبوب الذرة والدخن».

وتَسبب الصراع الدائر بين الجيش و«قوات الدعم السريع» الذي تعدّه الأمم المتحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في التاريخ الحديث، في مقتل ما بين 20 ألفاً و150 ألف شخص، بالإضافة إلى إجبار نحو 11 مليون شخص على النزوح.

لجنة للمراجعة

وكشفت المسؤولة الحكومية عن «تشكيل لجنة مكونة من ممثلي عدد من المؤسسات ذات الصلة لمراجعة مخازن تابعة لبعض المنظمات لمعرفة ما يوجد بها من مواد إغاثة، ولماذا لم يتم توزيعها؟».

وأكدت أن «اللجنة ستقف على تنفيذ المشاريع الخاصة بالمنظمات، وسترفع تقريرها إلى المفوضية في غضون أسبوعين لاتخاذ الإجراءات تجاهها».

وقالت الأمم المتحدة، الاثنين، إن أكثر من 30 مليون شخص، أكثر من نصفهم من الأطفال، يحتاجون إلى المساعدة في السودان بعد عشرين شهراً من الحرب المدمرة.

جانب من مساعدات الإغاثة في السودان (الأمم المتحدة)

ووجهت الأمم المتحدة نداءً لجمع 4.2 مليار دولار لتوفير المساعدات لـ20.9 مليون شخص داخل السودان من إجمالي 30.4 مليون شخص قالت إنهم في حاجة إلى المساعدة فيما سمتها «أزمة إنسانية غير مسبوقة».

وفي سبتمبر (أيلول ) 2023 أصدر مجلس الوزراء قراراً بإقالة مفوض العون الإنساني، نجم الدين موسي، وكان ذلك بعد نشر تقارير إعلامية أشارت إلى «فساد كبير» في ملف الإغاثة.

وتفيد وسائل إعلام محلية سودانية برصد بيع مواد غذائية «بكميات كبيرة» في أسواق ولاية بورتسودان التي تعد العاصمة المؤقتة للبلاد، في حين يشكو ملايين النازحين في مراكز الإيواء بعدد من الولايات من نقص المساعدات.

ورغم وصول آلاف الأطنان من المساعدات الإنسانية بعد أشهر قليلة من اندلاع الحرب في السودان أبريل (نيسان) 2023، فإن مئات الآلاف من النازحين في مراكز الإيواء بالولايات التي تقع تحت سيطرة الجيش السوداني لم يتلقوا المعونات، ويعتمدون على توفير معاشهم من إمكانات ذاتية.

تسريب مُسبق

وقال ناشطون ومتطوعون في مجال العمل الإنساني لـ«الشرق الأوسط» إن «تسريب المساعدات الإنسانية قد يحدث مسبقاً قبل وصولها إلى مراكز الإيواء».

وشرح بعضهم أن «المواد الغذائية لا تصل إلى كل المحتاجين إليها بسبب تسريبها إلى الأسواق»، ورجحوا «تورط مسؤولين» في عملية التسريب تلك، من دون أن يحددوا أسماء.

لكن الناشطين أنفسهم أكدوا كذلك أن «بعض المواطنين يبيعون الفائض عن حاجتهم من المواد الغذائية في الأسواق»، وأفادوا بأنهم رصدوا «بعض تلك المواد في منازل لمواطنين».

لاجئون سودانيون فروا من العنف يتلقون المساعدات بالقرب من الحدود بين السودان وتشاد (رويترز)

وقال نشطاء آخرون في مدينة حلفا الجديدة شرق السودان، أنهم سألوا بعض أصحاب المحال التجارية عن مصدر البضائع (المصنَّفة مساعدات) التي تحصلوا عليها، لكنهم رفضوا الإفصاح عنها.

وفي ديسمبر (كانون الأول) الماضي وصلت أولى المساعدات الإنسانية إلى جنوب العاصمة السودانية الخرطوم، للمرة الأولى بعد 21 شهراً من اندلاع الحرب في البلاد بين الجيش و«قوات الدعم السريع».

وفي حين ترفض الحكومة السودانية الإقرار بحدوث مجاعة في البلاد، يشير أحدث تقرير للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، إلى أن 24 مليون شخص بحاجة إلى مساعدات إنسانية عاجلة.

ومنذ بداية الحرب، توجَّه اتهامات إلى طرفي الحرب بتعطيل المساعدات الإنسانية كجزء من استخدام «سلاح التجويع».