في الذكرى الرابعة لسقوط نظام البشير... السودانيون يتطلعون إلى التغيير

رغم التفاؤل... لا تزال العملية السياسية تواجه العقبات

جانب من احتجاجات الخرطوم المطالبة بالحكم المدني في 6 أبريل (رويترز)
جانب من احتجاجات الخرطوم المطالبة بالحكم المدني في 6 أبريل (رويترز)
TT

في الذكرى الرابعة لسقوط نظام البشير... السودانيون يتطلعون إلى التغيير

جانب من احتجاجات الخرطوم المطالبة بالحكم المدني في 6 أبريل (رويترز)
جانب من احتجاجات الخرطوم المطالبة بالحكم المدني في 6 أبريل (رويترز)

انقضت 4 سنوات، أمس، على الثورة الشعبية السودانية التي أطاحت بحكم الرئيس المعزول عمر البشير، الذي كان يدعمه تنظيم «الإخوان المسلمين»، بينما لا يزال السودانيون ينتظرون العبور إلى حكم مدني والتخلص من الانقلابات العسكرية. ويقول عدد منهم إنهم يريدون إنهاء الحكم «الأوتوقراطي» المتسلط الذي أذاقهم الويلات، ولا تزال «الحالة الثورية مشتعلة طوال هذه السنوات الأربع، وخلالها تم تقديم مئات الشهداء وآلاف الجرحى والمصابين والمخفين قسراً والمعتقلين، ولا تزال الشوارع تتظاهر لإكمال حلقات الثورة وتخليص البلاد من الحكم العسكري».
وصنفت منصة «نبض» واسعة الانتشار خبر «الشرق الأوسط» الذي نقلت فيه خبر سقوط نظام الإسلاميين في السودان، الذي جاء فيه «خرج مئات الآلاف في العاصمة الخرطوم، قاصدين القيادة العامة للجيش السوداني للتعبير عن فرحتهم بنجاح ثورتهم التي استمرت أربعة أشهر، واعتصامهم أمام القيادة المستمر طوال ستة أيام، بعد أن حقق أهدافه بتسلم الجيش السلطة وإعلانه تشكيل مجلس عسكري انتقالي».
انطلقت الثورة ضد حكم نظام «الحركة الإسلامية»، وهو الاسم السوداني لحركة «الإخوان المسلمين»، في وقت مبكر من شهر ديسمبر (كانون الأول) 2018 في مدينتي الدمازين وعطبرة؛ احتجاجاً على الأوضاع الاقتصادية في البلاد، ثم انتقلت للخرطوم يوم الخامس والعشرين منه، لتعم البلاد كافة، وتتحول لمظاهرات شبه يومية تطالب بتنحي الرئيس البشير وتسليم السلطة للشعب، بينما تصدت لها قوات الأمن والشرطة وكتائب تابعة لنظام البشير بعنف مفرط، أدى إلى مقتل العشرات وإصابة المئات، وإخفاء العشرات قسراً، واعتقال المئات من القادة السياسيين وقادة النقابات المهنية.
شعار «تسقط بس»
ولم تفلح الأجهزة الأمنية وكتائب نظام البشير والعنف المفرط الذي استخدمته ضد المتظاهرين السلميين في كبح جماح الحراك الشعبي، الذي تبنى شعاراً واحداً أصبح أيقونة، وهو «تسقط بس». وتزايد التفاعل الشعبي مع المحتجين السلميين، لتدخل الكتلة البشرية الحرجة والحاسمة في السادس من أبريل (نيسان) 2019 إلى ميدان شارع القيادة العامة، حيث مقر الجيش، وتعتصم أمامه لتطالبه بالانحياز إليها تحت الهتاف «شعب واحد... جيش واحد». وتضامن مع الاحتجاجات عدد من صغار الضباط، ما شكل ضغطاً على قيادات الجيش التي اضطرت إلى إزاحة البشير والتحفظ عليه وعدد من رموز وقادة حكمه وحزبه، وتسمية وزير دفاعه، عوض بن عوف، رئيساً للمجلس العسكري الانتقالي الذي تشكل في ذلك اليوم.
لكن رئاسة عوض بن عوف للمجلس العسكري الانتقالي لم تستمر سوى بضع ساعات؛ لأن المعتصمين اعتبروه «امتداداً لنظام البشير»، فاضطر لتقديم استقالته وتسمية رئيس مجلس السيادة الحالي الفريق عبد الفتاح البرهان رئيساً للمجلس العسكري الانتقالي، بينما ظل المعتصمون أمام مباني قيادة الجيش يطالبون بتكوين حكومة مدنية. ولم تكتمل فرحة السودانيين؛ لأن القيادة العسكرية، على الرغم من تعهداتها بعدم فض الاعتصام، فإنها فضته بعد نحو شهرين وعشية عيد الفطر المبارك في 3 يونيو (حزيران) 2019، ونفذت ما يعتبره كثيرون «مجزرة فض الاعتصام»، التي أطلقت خلالها القوات العسكرية الرصاص بكثافة ضد المعتصمين السلميين، فقتلت المئات منهم وجرحت الآلاف، وارتكبت انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، بما فيها إلقاء عدد من المعتصمين في النهر بعد ربطهم بالحجارة، فضلاً عن أعمال عنف شملت اغتصاباً للنساء والرجال، وغيرها من الانتهاكات التي لا تزال متراكمة في الذاكرة الجمعية للسودانيين.

الوثيقة الدستورية
لكن السودانيين سرعان ما لملموا جراحهم واتفقوا على «وثيقة دستورية» تكونت على أثرها حكومة الشراكة بين العسكريين وتحالف المعارضة الرئيسي «الحرية والتغيير» بقيادة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، وذلك في أغسطس (آب) 2019. وخلال حكمها أفلحت الحكومة المدنية في إعادة السودان للمجتمع الدولي، وشطبه من لائحة العقوبات الأميركية والدول الراعية للإرهاب، والحصول على تعهدات بتقديم الدعم والمنح والقروض لدعم الانتقال الديمقراطي في البلاد، بما في ذلك الإعفاء من الديون البالغة نحو 60 مليار دولار.
لكن قادة الجيش وقوات «الدعم السريع» فاجأت السودانيين في 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021، بإطاحة الحكومة المدنية وإلقاء القبض على كبار المسؤولين والوزراء، بمَن فيهم رئيس الوزراء نفسه، وإعلان ذلك «عملية تصحيحية» إزاء ما اعتبروه فشل المدنيين في قيادة البلاد، بينما سماه المدنيون «انقلاباً عسكرياً»، ودعم الاتحاد الأفريقي التوجه المدني، واعتبر ما حدث «انقلاباً عسكرياً» وجمد عضوية السودان في الاتحاد، ولا تزال مجمدة، كما اعتبرته الأمم المتحدة أيضاً «انقلاباً عسكرياً».
وأدى الانقلاب العسكري إلى تشرذم قوى الثورة، إذ خرجت قوى عديدة من التحالف الذي قاد الثورة «الحرية والتغيير»، وانقسم «تجمع المهنيين السودانيين» الذي مثل أيقونة العمل المدني إبان إسقاط نظام البشير، كما التحقت حركات مسلحة موقعة على «اتفاقية السلام في جوبا» بالانقلاب، ما جعل المسرح يخلو من أية عروض جادة في الذكرى الرابعة للثورة الشعبية التي أطاحت بأطول حكم عسكري في تاريخ البلاد استمر 30 عاماً تحت رئاسة البشير.
«الاتفاق الإطاري»
لكن ضوءاً في آخر النفق لاح بتوقيع «اتفاق إطاري» بين المدنيين والعسكريين في 5 ديسمبر الماضي، ضمن عملية سياسية مدعومة من المجتمعَين الإقليمي والدولي، يقضي بتسليم السلطة للمدنيين وعودة العسكريين إلى ثكناتهم. وكان مقرراً أن يكون يوم أمس، (11 أبريل) يوماً لإعلان الحكومة المدنية الجديدة، لكن التوقيتات التي كان متفقاً عليها بين الأطراف المختلفة انهارت عقب تعثر الاتفاق على عملية الإصلاح الأمني والعسكري بين الجيش وقوات «الدعم السريع» التي ينص عليها الاتفاق الإطاري. رغم التفاؤل فإن العملية السياسية لا تزال تواجه العقبات.
وعلى غير العادة، لا تشهد الشوارع السودانية ولا السياسية اهتماماً لافتاً بذكرى سقوط الطاغية، عدا «لجان المقاومة الشعبية» التي تقود عادة حراك الشارع، والتي اكتفت أمس بإعلان اليوم «يوماً للتصعيد الثوري»، وقررت إغلاق الطرق وإحراق الإطارات تزامناً مع ذكرى سقوط نظام البشير.

وقالت في بيان: «تاريخ اليوم علامة فارقة ورمز وطني خالص لثورة ديسمبر المجيدة».
وتابعت: «استكمال مهام وتحقيق أهداف ثورة ديسمبر المجيدة، تستدعي مزيداً من العمل والإرادة الحقيقية للتوحد خلف أهداف وشعارات الثورة».
ولم تخفِ لجان المقاومة رفضها للعملية السياسية بين الجيش والقوى السياسية، وتعتبرها محاولة لشرعنة الانقلاب، قائلة: «رفض لجان المقاومة عملية التسوية لا يأتي من فراغ، فهي ردة عن ثورة ديسمبر. نقولها بوضوح لا تفاوض، ولا تسوية، ولا شراكة لا شرعية». كما اعتبرت العملية السياسية محاولة لحشد لجان المقاومة لدعمها، وأن خروج المحتجين للشوارع هو رفض لهذه التسوية والعملية السياسية.


مقالات ذات صلة

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

بعد 3 أيام عصيبة قضتها المسنة السودانية زينب عمر، بمعبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان، وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على غر

شمال افريقيا الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص توقعت أن يفروا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين هذا النداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مضيفة أن مصر وجنوب السودان سيسجّلان أكبر عدد من الوافدين. وستتطلب الاستجابة للأزمة السودانية 445 مليون دولار حتى أكتوبر؛ لمواجهة ارتفاع عدد الفارين من السودان، بحسب المفوضية. وحتى قبل هذه الأزمة، كانت معظم العمليات الإنسانية في البلدان المجاورة للسودان، التي تستضيف حالياً الأشخاص الفارين من البلاد، تعاني نقصاً في التمو

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

وجّه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة للمركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم. كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة. وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى ومصارف ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية. حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

بحث الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية السعودي والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، اليوم (الخميس)، الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف في السودان، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين السودانيين والمقيمين على أرضه. وأكد الأمير فيصل بن فرحان، خلال اتصال هاتفي أجراه بغوتيريش، على استمرار السعودية في مساعيها الحميدة بالعمل على إجلاء رعايا الدول التي تقدمت بطلب مساعدة بشأن ذلك. واستعرض الجانبان أوجه التعاون بين السعودية والأمم المتحدة، كما ناقشا آخر المستجدات والتطورات الدولية، والجهود الحثيثة لتعزيز الأمن والسلم الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

حادث حافلة سياحية بمصر يعيد طرح تساؤلات عن أمان الطرق

مسؤولون يتفقدون حالة المصابين في حادث تصادم بمدينة رأس غارب (محافظة البحر الأحمر)
مسؤولون يتفقدون حالة المصابين في حادث تصادم بمدينة رأس غارب (محافظة البحر الأحمر)
TT

حادث حافلة سياحية بمصر يعيد طرح تساؤلات عن أمان الطرق

مسؤولون يتفقدون حالة المصابين في حادث تصادم بمدينة رأس غارب (محافظة البحر الأحمر)
مسؤولون يتفقدون حالة المصابين في حادث تصادم بمدينة رأس غارب (محافظة البحر الأحمر)

أعاد حادث سير لحافلة سياحية بمدينة رأس غارب في محافظة البحر الأحمر المصرية طرح تساؤلات عن أمان الطرق في البلاد، مع تكرار الحوادث في الآونة الأخيرة.

ووقع حادث التصادم في الساعات الأولى من صباح الثلاثاء، بين حافلة سياحية وسيارة نقل، على مسافة نحو 5 كيلومترات من مدينة رأس غارب، وأدى لوفاة مصري وسائحة روسية، وإصابة عشرات الأجانب.

وقالت محافظة البحر الأحمر عبر بوابتها الإلكترونية على موقع «فيسبوك» إن الحادث أسفر عن وفاة شخصين، هما مصري وسائحة روسية.

وبحسب البيان، كانت الحافلة السياحية تقل 38 سائحاً من جنسيات مختلفة، ونُقل المصابون إلى مستشفى رأس غارب لتلقي الإسعافات والعلاج اللازم.

مسؤولون يزورون المصابين في حادث حافلة سياحية بمدينة رأس غارب (محافظة البحر الأحمر)

وذكرت وسائل إعلام محلية أن الحادث وقع على طريق «رأس غارب - الغردقة»، شمال محافظة البحر الأحمر، وبدأت نيابة مدينة رأس غارب تحقيقاتها، وانتقل فريق المحققين إلى موقع الحادث لإجراء معاينة ميدانية وفحص كاميرات المراقبة المحيطة وسماع أقوال الشهود وسائقي المركبات الأخرى.

الأسباب والحلول

شهدت مصر خلال السنوات الماضية حوادث طرق مفجعة تسببت في وفاة 5260 شخصاً خلال العام الماضي؛ وهو رقم أقل قليلاً مما سجلته الحوادث في عام 2023 حيث بلغ عدد المتوفين 5861، بنسبة انخفاض بلغت 10.3 في المائة. في حين سجّلت إصابات حوادث الطرق ارتفاعاً بنسبة 7.5 في المائة العام الماضي؛ إذ أصيب 76362 شخصاً، مقابل 71016 عام 2023، وفق إحصاءات «الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء».

ويرى أستاذ النقل والهندسة بجامعة الأزهر، إبراهيم مبروك، أن مواجهة تكرار حوادث الطرق يحتاج إلى عودة لدراسة مسبباتها بشكل علمي. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن أسبابها الشائعة تنحصر في ثلاثة عوامل هي: حالة الطريق وجودته وأمانه، وحالة السيارة سواء ما يتعلق بصيانتها أو وجود مشكلات فنية بها، والسبب الثالث يتعلق بالسائق وكفاءته.

وأضاف: «لا بد من وضع خطط لتجاوز المشكلات التي تسببها، سواء بتحسين كفاءة الطرق التي تشهد حوادث متكررة، أو مواجهة وجود مشكلات بالسيارات، أو تدريب السائقين». واقترح إنشاء مدارس علمية لتعليم القيادة تمولها شركات التأمين بالمشاركة مع بعض البنوك، ولا يسمح لأي شخص بالحصول على رخصة قيادة إلا بعد التخرج في هذه المدارس.

مسؤولون مصريون يتابعون حالة المصابين بمستشفى رأس غارب (محافظة البحر الأحمر)

وأدى تكرار حوادث الطرق إلى تدخل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي وجه الحكومة في يوليو (تموز) الماضي بإغلاق الطريق الدائري الإقليمي بعد أن شهد حوادث متكررة. وقال المتحدث باسم الرئاسة المصرية في بيان حينها إن السيسي وجّه الحكومة أيضاً بوضع البدائل المناسبة والآمنة حفاظاً على سلامة المواطنين.

وتسعى الحكومة المصرية إلى الحد من الحوادث عبر إصلاح وصيانة الطرق الرئيسية ورفع كفاءتها، فضلاً عن مبادرات تدريب السائقين.

وفي أغسطس (آب) الماضي، أعلنت وزارة النقل تخرج 250 سائقاً تم تدريبهم ضمن مبادرة «سائق واعٍ... لطريق آمن».

وأكد المستشار الإعلامي لمحافظة البحر الأحمر محمد مخلوف، في تصريحات صحافية، أن الإصابات بين السائحين بسيطة، وتنوعت بين الكدمات والسحجات، موضحاً أنه وفق شهود العيان والمعاينة الأولية فإن سائق الأتوبيس السياحي هو الذي اصطدم بالسيارة النقل التي كانت متوقفة على جانب الطريق.

هل تؤثر في السياحة؟

تثير حوادث التصادم التي تتعرض لها الحافلات السياحية من وقت لآخر مخاوف الخبراء من تأثيرها على السياحة في مصر. ففي أغسطس (آب) الماضي أصيب 11 سائحاً من جنسيات مختلفة نتيجة حادث مروري على طريق «مرسى علم - القصير» بمحافظة البحر الأحمر عقب تصادم بين 3 سيارات.

وفي رأي الأمين العام لـ«المجلس المصري للشؤون السياحية» زين الشيخ، تؤثر حوادث الطرق سلباً في السياحة. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «وكالات السياحة تدرج في تقاريرها حالة أمان الطرق، وعندما تتكرر الحوادث خاصة للأفواج السياحية، يكون لذلك تأثير سلبي».

وطالب باتخاذ «مزيد من التدابير للحد من هذه الحوادث، سواء بتدريب السائقين بشكل عام، وسائقي الحافلات السياحية بشكل خاص، وكذلك تشديد الرقابة على الطرق خاصة السياحية».


محادثات «بنّاءة» لمسؤول أممي كبير مع البرهان لمدّ السودانيين بالمساعدات

سودانيون فروا من الفاشر وتجمعوا في طويلة بشمال دارفور (رويترز)
سودانيون فروا من الفاشر وتجمعوا في طويلة بشمال دارفور (رويترز)
TT

محادثات «بنّاءة» لمسؤول أممي كبير مع البرهان لمدّ السودانيين بالمساعدات

سودانيون فروا من الفاشر وتجمعوا في طويلة بشمال دارفور (رويترز)
سودانيون فروا من الفاشر وتجمعوا في طويلة بشمال دارفور (رويترز)

عقد مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، توم فليتشر، الثلاثاء، في بورتسودان محادثات «بنّاءة» مع قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، تناول خلالها جهود وقف إطلاق النار وضمان وصول المساعدات الإنسانية، فيما تتسع رقعة المعارك بين الجيش و«قوات الدعم السريع» في غرب البلاد.

وأشاد فليتشر بمحادثات وصفها بأنها «بنّاءة» مع البرهان، لضمان إيصال المساعدات إلى مختلف أنحاء البلاد الغارقة في الحرب منذ أكثر من عامين.

وقال فليتشر في مقطع فيديو وزّعه مجلس السيادة الانتقالي عقب اللقاء: «نرحب بالمحادثات البنّاءة مع الرئيس البرهان عصر اليوم، والهادفة إلى ضمان قدرتنا على مواصلة العمل في كل مكان في السودان لإيصال (المساعدات) بطريقة حيادية، ومستقلة وغير منحازة، لكل من هم في أمسّ الحاجة إلى الدعم الدولي».

من جهته، أكد البرهان «حرص السودان على التعاون مع الأمم المتحدة ووكالاتها المختلفة، لا سيما في المجال الإنساني»، بحسب بيان المكتب الإعلامي لمجلس السيادة.

كما عقد فليتشر اجتماعاً مع وزيري الخارجية السوداني محيي الدين سالم، والمصري بدر عبد العاطي، لمناقشة مقترحات وقف إطلاق النار.

وتشهد مناطق واسعة من السودان تصاعداً في المعارك بين الجيش و«قوات الدعم السريع»، إذ امتد القتال من إقليم دارفور الذي أحكمت «قوات الدعم السريع» سيطرتها عليه الشهر الماضي، إلى مناطق كردفان المجاورة.

وأعلنت «قوات الدعم السريع»، الاثنين، وصول «حشود ضخمة» من مقاتليها إلى مدينة بابنوسة في غرب كردفان، في محاولة للسيطرة على مقر الجيش هناك.

وتقع المدينة على الطريق الرابطة بين الخرطوم وإقليم دارفور، كما تقع في منتصف الطريق بين نيالا في جنوب دارفور الخاضعة لسيطرة «الدعم السريع»، والأُبيّض عاصمة شمال كردفان، التي تشهد معارك متصاعدة بين الطرفين.

وأكد فليتشر في منشور عبر منصة «إكس»، الثلاثاء، وصوله إلى السودان، حيث سيعمل على «وقف الفظائع ودعم جهود السلام والتمسك بميثاق الأمم المتحدة، والضغط من أجل تمكين طواقمنا من الحصول على التمويل اللازم، وحرية الحركة لإنقاذ الأرواح على جانبي خطوط القتال».

وكانت «قوات الدعم السريع» قد سيطرت على مدينة الفاشر في شمال دارفور في 26 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لتفرض بذلك سيطرتها على إقليم دارفور في غرب البلاد، بينما يحتفظ الجيش بالسيطرة على الشرق والشمال.

جرحى أصيبوا في معارك الفاشر يخضعون للعلاج في مستشفى ميداني أقامته منظمة «أطباء بلا حدود» في طويلة بشمال دارفور (رويترز)

ومنذ ذلك الحين، تتواتر تقارير عن عمليات قتل جماعي وعنف عرقي وخطف واعتداءات جنسية، فيما أشارت منظمات حقوقية إلى وقوع عمليات قتل على أساس عرقي في المناطق الخاضعة لسيطرة «الدعم السريع».

وبحسب المنظمة الدولية للهجرة، فرّ خلال الأسبوعين الماضيين أكثر من 90 ألف مدني من الفاشر إلى مدن مجاورة، إضافة إلى نحو 40 ألف نازح من شمال كردفان.

وقالت المديرة العامة للمنظمة إيمي بوب في بيان إن انعدام الأمن والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان أدّيا إلى ارتفاع كبير في معدلات النزوح وتفاقم الأزمة الإنسانية. وأضافت أن «الأزمة في الفاشر هي نتيجة مباشرة لحصار استمر قرابة 18 شهراً، ومنع حصول الأسر على الغذاء والماء والرعاية الطبية».

وكانت «قوات الدعم السريع» قد أعلنت الأسبوع الماضي موافقتها على هدنة إنسانية اقترحتها الرباعية الدولية حول السودان (مصر، والسعودية، والإمارات، والولايات المتحدة)، لكنها واصلت هجماتها على مدن خاضعة لسيطرة الجيش، من بينها الخرطوم وعطبرة.

من جهته، أكد وزير الدفاع السوداني حسن كبرون أن الجيش سيواصل القتال ضد «قوات الدعم السريع»، بعد مناقشة مجلس الأمن والدفاع مقترح الهدنة المقدم من الرباعية الدولية.

أما البرهان، فتوعد خلال زيارة ميدانية بـ«الثأر للذين قُتلوا ونُكّل بهم في الفاشر والجنينة والجزيرة وكل المناطق التي هاجمها المتمرّدون»، مؤكداً أن «الجيش ماض في دحر هذا العدو وتأمين الدولة السودانية إلى أقصى حدودها».

وأدّت الحرب المستمرة في السودان منذ أكثر من عامين إلى مقتل عشرات الآلاف ونزوح نحو 12 مليون شخص، وتسببت في أزمة جوع حادّة تهدد ملايين المدنيين.


المصريون يختتمون المرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب

سيدة مصرية تدلي بصوتها في اليوم الثاني من المرحلة الأولى لانتخابات مجلس النواب المصري (المجلس القومي للمرأة)
سيدة مصرية تدلي بصوتها في اليوم الثاني من المرحلة الأولى لانتخابات مجلس النواب المصري (المجلس القومي للمرأة)
TT

المصريون يختتمون المرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب

سيدة مصرية تدلي بصوتها في اليوم الثاني من المرحلة الأولى لانتخابات مجلس النواب المصري (المجلس القومي للمرأة)
سيدة مصرية تدلي بصوتها في اليوم الثاني من المرحلة الأولى لانتخابات مجلس النواب المصري (المجلس القومي للمرأة)

يختتم المصريون، الثلاثاء، المرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب، التي أجريت في 14 محافظة على مدى يومين، وسط أجواء «أكثر سخونة» و«إقبال أكبر» عن اليوم الأول، خصوصاً في القرى وفي محافظات الصعيد التي شهدت حشداً من جانب الأحزاب والمرشحين، وفق مسؤولين.

وقال المدير التنفيذي للهيئة الوطنية للانتخابات المستشار أحمد البنداري خلال مؤتمر صحافي، الثلاثاء، إن اليوم الثاني «شهد كثافات وإقبالاً على عدد كبير من اللجان الانتخابية، وتم دعم عدد من اللجان ببطاقات تصويت في المواقع التي شهدت إقبالاً كبيراً من الناخبين».

وكان لافتاً انتشار لافتات الأحزاب أمام بعض اللجان الانتخابية، كما برز وجود مَسيرات انتخابية في مناطق متفرقة للحشد الانتخابي بعدد من المحافظات، وانتشرت وسائل نقل جماعية تحمل صور مرشحين وتجوب بها الشوارع، واستمرت ظاهرة إذاعة الأغاني الوطنية عبر مكبرات الصوت في محيط بعض اللجان.

سيدة مصرية قعيدة تتوجه للإدلاء بصوتها في انتخابات مجلس النواب المصري (حزب الشعب الجمهوري)

ويحق لأكثر من 35 مليون ناخب التصويت في المرحلة الأولى بانتخابات مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان)، وتُجرى في 14 محافظة، ويتنافس فيها 1281 مرشحاً على النظام الفردي، وقائمة واحدة هي «القائمة الوطنية من أجل مصر»، وهي تحتاج إلى خمسة في المائة فقط من مجمل الأصوات المُقيدة للفوز.

كثافة بين المتوسطة والعالية

ورصدت غرفة العمليات الخاصة بـ«تنسيقية شؤون الأحزاب والسياسيين» إقبالاً كثيفاً مع بدء تصويت اليوم الثاني، وأشارت إلى أن «المشاركة ازدادت على مدار ساعات اليوم في بعض الدوائر»، كما رصدت منافسة انتخابية قوية على المقاعد الفردية في محافظات الصعيد وبعض دوائر محافظة البحيرة، «مما استدعى حشد الأحزاب السياسية لأنصارها من أجل دعم مرشحيها».

وقال الأمين العام المساعد لحزب «مستقبل وطن» عضو مجلس الشيوخ عصام هلال عفيفي إن معدلات المشاركة في اليوم الثاني تفوق نظيرتها في اليوم الأول، وإن النساء والشباب تصدروا المشهد في كثير من اللجان، مشيراً إلى تسهيلات حكومية لوصول الناخبين إلى اللجان عبر وسائل نقل عامة.

مشاركة كثيفة للسيدات في إحدى لجان محافظة سوهاج (حزب الإصلاح والتنمية)

وأضاف في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «ارتفاع معدلات المشاركة طبيعي في اليوم الثاني الذي تزيد فيه سخونة المنافسة قبل غلق باب التصويت، وفي الوقت ذاته فهي تعبر عن وعي سياسي من جانب المواطنين بغض النظر عن توجهاتهم».

وتابعت الهيئة الوطنية للانتخابات في مؤتمر عبر الفيديو مع القضاة رؤساء اللجان سير العملية الانتخابية بعد ساعات من انطلاقها. ووصف كثير من المشرفين على اللجان الكثافة الحضورية بأنها بين «المتوسطة والعالية»، فيما طالب بعضهم بتزويدهم ببطاقات تصويت إضافية.

ولفت البنداري إلى تمديد ساعات العمل في اللجان التي بها ناخبون بعد التاسعة مساء، وهو موعد غلق باب التصويت، ويعقب ذلك بدء أعمال الفرز وإعلان الأعداد المشاركة دون إعلان نتائج.

وأشار إلى أن اليومين الأول والثاني من انتخابات مجلس النواب «شهدا إقبالاً مُرضياً» من المواطنين في مختلف المحافظات، مع تفاوت ملحوظ في كثافات التصويت بين الدوائر الانتخابية، وأوضح في تصريحات إعلامية أن بعض اللجان شهدت تأخيراً نسبياً بسبب كثرة عدد المرشحين في بعض الدوائر، وأن جميع الناخبين الذين حضروا تمكنوا من الإدلاء بأصواتهم دون أي عقبات.

المشاركة النسائية البارزة تستمر لليوم الثاني في انتخابات مجلس النواب المصري (المجلس القومي للمرأة)

ورصد تقرير «المنظمة المصرية لحقوق الإنسان» في اليوم الثاني من الاقتراع «إقبالاً ملحوظاً للسيدات على المشاركة في التصويت، خصوصاً في المناطق الريفية بعدد من محافظات الصعيد والدلتا». وأشارت في تقرير أصدرته، الثلاثاء، إلى أن «المرأة الريفية لعبت دوراً بارزاً في المشهد الانتخابي منذ الساعات الأولى لفتح اللجان».

التغيير «المأمول»

وقالت مها عبد الرحيم، وهي ربة أسرة أدلت بصوتها في اليوم الثاني بحي الدقي في محافظة الجيزة، لـ«الشرق الأوسط»، إنها شاركت في الانتخابات أملاً في تحسين الخدمات المحيطة بها، وبحثاً عن التغيير المأمول بعيداً عن وجوه سابقة في دائرتها «لم يقوموا بأدوارهم تجاه الناخبين».

وفي المقابل، شكت أحزاب محسوبة على المعارضة بينها «المحافظين» و«العدل» إلى جانب حزب «الوعي» من منع مندوبيها دخول بعض الدوائر، ورصدت «وجود دعاية انتخابية مباشرة لبعض المرشحين داخل محيط عدد من اللجان، وتباطؤاً في سير العملية الانتخابية بالبعض الآخر نتيجة قلة عدد الصناديق مقارنة بعدد المقيدين».

لافتات الأحزاب تنتشر أمام إحدى اللجان الانتخابية في محافظة الجيزة (حزب الجبهة الوطنية)

وتوقع أستاذ العلوم السياسية بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، حسن سلامة، أن تكون معدلات المشاركة في انتخابات مجلس النواب الحالية تفوق نظيرتها السابقة عام 2020، التي سجلت معدلات بلغت 28.6 في المائة؛ مشيراً إلى أن استبعاد الأحزاب بعض الوجوه القديمة والاستعانة بأخرى يجدد حيوية الحياة السياسية. لكنه شدّد على أن ذلك كان يتطلب دعاية سياسية أقوى قبل انطلاق الاقتراع.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لجان الصعيد والقرى والنجوع هي الأكثر كثافة في اليوم الثاني نتيجة الموروثات الاجتماعية المتعارف عليها نظراً للتنافس بين العائلات الكبيرة، وكان من الممكن أن تزيد معدلات المشاركة لو كانت هناك منافسة أيضاً بين القوائم».

ومن المقرر إعلان نتائج الاقتراع في المرحلة الأولى يوم 18 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، على أن تُجرى جولة الإعادة في الخارج يومي الأول والثاني من ديسمبر (كانون الأول)، وفي الداخل يومي الثالث والرابع من الشهر نفسه، على أن تُعلن النتائج النهائية للمرحلة الأولى في 11 ديسمبر.

وتنطلق المرحلة الثانية من الانتخابات يومي 21 و22 نوفمبر الحالي في الخارج، وتُجرى بالداخل يومي 24 و25 من الشهر في 13 محافظة.