في الذكرى الرابعة لسقوط نظام البشير... السودانيون يتطلعون إلى التغيير

رغم التفاؤل... لا تزال العملية السياسية تواجه العقبات

جانب من احتجاجات الخرطوم المطالبة بالحكم المدني في 6 أبريل (رويترز)
جانب من احتجاجات الخرطوم المطالبة بالحكم المدني في 6 أبريل (رويترز)
TT

في الذكرى الرابعة لسقوط نظام البشير... السودانيون يتطلعون إلى التغيير

جانب من احتجاجات الخرطوم المطالبة بالحكم المدني في 6 أبريل (رويترز)
جانب من احتجاجات الخرطوم المطالبة بالحكم المدني في 6 أبريل (رويترز)

انقضت 4 سنوات، أمس، على الثورة الشعبية السودانية التي أطاحت بحكم الرئيس المعزول عمر البشير، الذي كان يدعمه تنظيم «الإخوان المسلمين»، بينما لا يزال السودانيون ينتظرون العبور إلى حكم مدني والتخلص من الانقلابات العسكرية. ويقول عدد منهم إنهم يريدون إنهاء الحكم «الأوتوقراطي» المتسلط الذي أذاقهم الويلات، ولا تزال «الحالة الثورية مشتعلة طوال هذه السنوات الأربع، وخلالها تم تقديم مئات الشهداء وآلاف الجرحى والمصابين والمخفين قسراً والمعتقلين، ولا تزال الشوارع تتظاهر لإكمال حلقات الثورة وتخليص البلاد من الحكم العسكري».
وصنفت منصة «نبض» واسعة الانتشار خبر «الشرق الأوسط» الذي نقلت فيه خبر سقوط نظام الإسلاميين في السودان، الذي جاء فيه «خرج مئات الآلاف في العاصمة الخرطوم، قاصدين القيادة العامة للجيش السوداني للتعبير عن فرحتهم بنجاح ثورتهم التي استمرت أربعة أشهر، واعتصامهم أمام القيادة المستمر طوال ستة أيام، بعد أن حقق أهدافه بتسلم الجيش السلطة وإعلانه تشكيل مجلس عسكري انتقالي».
انطلقت الثورة ضد حكم نظام «الحركة الإسلامية»، وهو الاسم السوداني لحركة «الإخوان المسلمين»، في وقت مبكر من شهر ديسمبر (كانون الأول) 2018 في مدينتي الدمازين وعطبرة؛ احتجاجاً على الأوضاع الاقتصادية في البلاد، ثم انتقلت للخرطوم يوم الخامس والعشرين منه، لتعم البلاد كافة، وتتحول لمظاهرات شبه يومية تطالب بتنحي الرئيس البشير وتسليم السلطة للشعب، بينما تصدت لها قوات الأمن والشرطة وكتائب تابعة لنظام البشير بعنف مفرط، أدى إلى مقتل العشرات وإصابة المئات، وإخفاء العشرات قسراً، واعتقال المئات من القادة السياسيين وقادة النقابات المهنية.
شعار «تسقط بس»
ولم تفلح الأجهزة الأمنية وكتائب نظام البشير والعنف المفرط الذي استخدمته ضد المتظاهرين السلميين في كبح جماح الحراك الشعبي، الذي تبنى شعاراً واحداً أصبح أيقونة، وهو «تسقط بس». وتزايد التفاعل الشعبي مع المحتجين السلميين، لتدخل الكتلة البشرية الحرجة والحاسمة في السادس من أبريل (نيسان) 2019 إلى ميدان شارع القيادة العامة، حيث مقر الجيش، وتعتصم أمامه لتطالبه بالانحياز إليها تحت الهتاف «شعب واحد... جيش واحد». وتضامن مع الاحتجاجات عدد من صغار الضباط، ما شكل ضغطاً على قيادات الجيش التي اضطرت إلى إزاحة البشير والتحفظ عليه وعدد من رموز وقادة حكمه وحزبه، وتسمية وزير دفاعه، عوض بن عوف، رئيساً للمجلس العسكري الانتقالي الذي تشكل في ذلك اليوم.
لكن رئاسة عوض بن عوف للمجلس العسكري الانتقالي لم تستمر سوى بضع ساعات؛ لأن المعتصمين اعتبروه «امتداداً لنظام البشير»، فاضطر لتقديم استقالته وتسمية رئيس مجلس السيادة الحالي الفريق عبد الفتاح البرهان رئيساً للمجلس العسكري الانتقالي، بينما ظل المعتصمون أمام مباني قيادة الجيش يطالبون بتكوين حكومة مدنية. ولم تكتمل فرحة السودانيين؛ لأن القيادة العسكرية، على الرغم من تعهداتها بعدم فض الاعتصام، فإنها فضته بعد نحو شهرين وعشية عيد الفطر المبارك في 3 يونيو (حزيران) 2019، ونفذت ما يعتبره كثيرون «مجزرة فض الاعتصام»، التي أطلقت خلالها القوات العسكرية الرصاص بكثافة ضد المعتصمين السلميين، فقتلت المئات منهم وجرحت الآلاف، وارتكبت انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، بما فيها إلقاء عدد من المعتصمين في النهر بعد ربطهم بالحجارة، فضلاً عن أعمال عنف شملت اغتصاباً للنساء والرجال، وغيرها من الانتهاكات التي لا تزال متراكمة في الذاكرة الجمعية للسودانيين.

الوثيقة الدستورية
لكن السودانيين سرعان ما لملموا جراحهم واتفقوا على «وثيقة دستورية» تكونت على أثرها حكومة الشراكة بين العسكريين وتحالف المعارضة الرئيسي «الحرية والتغيير» بقيادة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، وذلك في أغسطس (آب) 2019. وخلال حكمها أفلحت الحكومة المدنية في إعادة السودان للمجتمع الدولي، وشطبه من لائحة العقوبات الأميركية والدول الراعية للإرهاب، والحصول على تعهدات بتقديم الدعم والمنح والقروض لدعم الانتقال الديمقراطي في البلاد، بما في ذلك الإعفاء من الديون البالغة نحو 60 مليار دولار.
لكن قادة الجيش وقوات «الدعم السريع» فاجأت السودانيين في 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021، بإطاحة الحكومة المدنية وإلقاء القبض على كبار المسؤولين والوزراء، بمَن فيهم رئيس الوزراء نفسه، وإعلان ذلك «عملية تصحيحية» إزاء ما اعتبروه فشل المدنيين في قيادة البلاد، بينما سماه المدنيون «انقلاباً عسكرياً»، ودعم الاتحاد الأفريقي التوجه المدني، واعتبر ما حدث «انقلاباً عسكرياً» وجمد عضوية السودان في الاتحاد، ولا تزال مجمدة، كما اعتبرته الأمم المتحدة أيضاً «انقلاباً عسكرياً».
وأدى الانقلاب العسكري إلى تشرذم قوى الثورة، إذ خرجت قوى عديدة من التحالف الذي قاد الثورة «الحرية والتغيير»، وانقسم «تجمع المهنيين السودانيين» الذي مثل أيقونة العمل المدني إبان إسقاط نظام البشير، كما التحقت حركات مسلحة موقعة على «اتفاقية السلام في جوبا» بالانقلاب، ما جعل المسرح يخلو من أية عروض جادة في الذكرى الرابعة للثورة الشعبية التي أطاحت بأطول حكم عسكري في تاريخ البلاد استمر 30 عاماً تحت رئاسة البشير.
«الاتفاق الإطاري»
لكن ضوءاً في آخر النفق لاح بتوقيع «اتفاق إطاري» بين المدنيين والعسكريين في 5 ديسمبر الماضي، ضمن عملية سياسية مدعومة من المجتمعَين الإقليمي والدولي، يقضي بتسليم السلطة للمدنيين وعودة العسكريين إلى ثكناتهم. وكان مقرراً أن يكون يوم أمس، (11 أبريل) يوماً لإعلان الحكومة المدنية الجديدة، لكن التوقيتات التي كان متفقاً عليها بين الأطراف المختلفة انهارت عقب تعثر الاتفاق على عملية الإصلاح الأمني والعسكري بين الجيش وقوات «الدعم السريع» التي ينص عليها الاتفاق الإطاري. رغم التفاؤل فإن العملية السياسية لا تزال تواجه العقبات.
وعلى غير العادة، لا تشهد الشوارع السودانية ولا السياسية اهتماماً لافتاً بذكرى سقوط الطاغية، عدا «لجان المقاومة الشعبية» التي تقود عادة حراك الشارع، والتي اكتفت أمس بإعلان اليوم «يوماً للتصعيد الثوري»، وقررت إغلاق الطرق وإحراق الإطارات تزامناً مع ذكرى سقوط نظام البشير.

وقالت في بيان: «تاريخ اليوم علامة فارقة ورمز وطني خالص لثورة ديسمبر المجيدة».
وتابعت: «استكمال مهام وتحقيق أهداف ثورة ديسمبر المجيدة، تستدعي مزيداً من العمل والإرادة الحقيقية للتوحد خلف أهداف وشعارات الثورة».
ولم تخفِ لجان المقاومة رفضها للعملية السياسية بين الجيش والقوى السياسية، وتعتبرها محاولة لشرعنة الانقلاب، قائلة: «رفض لجان المقاومة عملية التسوية لا يأتي من فراغ، فهي ردة عن ثورة ديسمبر. نقولها بوضوح لا تفاوض، ولا تسوية، ولا شراكة لا شرعية». كما اعتبرت العملية السياسية محاولة لحشد لجان المقاومة لدعمها، وأن خروج المحتجين للشوارع هو رفض لهذه التسوية والعملية السياسية.


مقالات ذات صلة

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

بعد 3 أيام عصيبة قضتها المسنة السودانية زينب عمر، بمعبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان، وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على غر

شمال افريقيا الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص توقعت أن يفروا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين هذا النداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مضيفة أن مصر وجنوب السودان سيسجّلان أكبر عدد من الوافدين. وستتطلب الاستجابة للأزمة السودانية 445 مليون دولار حتى أكتوبر؛ لمواجهة ارتفاع عدد الفارين من السودان، بحسب المفوضية. وحتى قبل هذه الأزمة، كانت معظم العمليات الإنسانية في البلدان المجاورة للسودان، التي تستضيف حالياً الأشخاص الفارين من البلاد، تعاني نقصاً في التمو

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

وجّه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة للمركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم. كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة. وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى ومصارف ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية. حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

بحث الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية السعودي والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، اليوم (الخميس)، الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف في السودان، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين السودانيين والمقيمين على أرضه. وأكد الأمير فيصل بن فرحان، خلال اتصال هاتفي أجراه بغوتيريش، على استمرار السعودية في مساعيها الحميدة بالعمل على إجلاء رعايا الدول التي تقدمت بطلب مساعدة بشأن ذلك. واستعرض الجانبان أوجه التعاون بين السعودية والأمم المتحدة، كما ناقشا آخر المستجدات والتطورات الدولية، والجهود الحثيثة لتعزيز الأمن والسلم الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

القاهرة ستطلب من منظمة التعاون الإسلامي اعتماد «خطة غزة»

شعار قمة القاهرة حيث عقدت قمة عربية طارئة حول غزة (أ.ب)
شعار قمة القاهرة حيث عقدت قمة عربية طارئة حول غزة (أ.ب)
TT

القاهرة ستطلب من منظمة التعاون الإسلامي اعتماد «خطة غزة»

شعار قمة القاهرة حيث عقدت قمة عربية طارئة حول غزة (أ.ب)
شعار قمة القاهرة حيث عقدت قمة عربية طارئة حول غزة (أ.ب)

أعلن وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ليل الثلاثاء في القاهرة حيث عقدت قمة عربية طارئة حول غزة أنّه سيطلب من منظمة التعاون الإسلامي خلال اجتماع وزاري طارئ ستعقده في جدة الجمعة اعتماد خطة إعادة إعمار غزة التي أقرّها لتوّهم القادة العرب.

وقال عبد العاطي خلال مؤتمر صحافي إنّه «في السابع من مارس (آذار) إن شاء الله القادم في جدة سيكون هناك اجتماع طارئ لوزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي وسنسعى إلى أعتماد هذه الخطة أيضا حتى تكون خطة عربية وخطة إسلامية».