باريس على موقفها من «صفقة» الرئاسة اللبنانية... والمراوحة سيدة الموقف

TT

باريس على موقفها من «صفقة» الرئاسة اللبنانية... والمراوحة سيدة الموقف

قالت مصادر مطلعة على الاتصالات الحالية محلياً وخارجياً بخصوص الانتخابات الرئاسية في لبنان إن الأمور «ما زالت تراوح مكانها، وأن لا أفق قريباً لتحقيق اختراق، ما يعني أن الطبخة الرئاسية لم تنضج بعد». وتضيف هذه المصادر أن الأسباب لا علاقة لها بأعياد الفصح أو بشهر رمضان، «بل لأن عملية الشد والدفع ما زالت في أوجها، ولأن محاولات التوسط الخارجية لتسهيل العملية الانتخابية، خصوصاً الفرنسية، لم تحقق النتائج المرجوة منها». يضاف إلى ما سبق ترقُب داخلي وخارجي لمآلات التقارب السعودي - الإيراني، وما ينتظر من انعكاسات على الملف الرئاسي اللبناني، حيث يريد كل طرف أن تكون لصالحه.
واللافت حتى اليوم، وفق المصادر المشار إليها، أن باريس وهي الجهة الأكثر نشاطاً في البحث عن تقاطعات يمكن أن تفضي إلى عقد جلسة نيابية انتخابية يتعين أن تكون حاسمة: «لم تتزحزح عن موقفها، وما زالت ترى أن الحل الممكن يكمن في انتخاب النائب والوزير السابق سليمان فرنجية رئيساً، مقابل اختيار رئيس حكومة إصلاحي بشخص القاضي نواف سلام، في سياق صفقة متكاملة تتضمن اختيار حاكم جديد لمصرف لبنان، وتعهدات بعدم الإطاحة بالحكومة العتيدة، وعدم وضع العصي في دواليب الإصلاحات». ووفق الرؤية الفرنسية فإن المطروح هو «أفضل الممكن»، وبذلك تكون باريس قد تجاوزت الاعتراضات الكثيرة على انتخاب فرنجية لبنانياً وإقليمياً وأميركياً (إلى حد ما). وحجة الجانب الفرنسي أن فرنجية، الذي اجتمع مع الخلية الدبلوماسية في قصر الإليزيه التي تمسك بالملف اللبناني، شرح السياسات التي يريد أن يسير على هديها، إن كان في العلاقة مع «حزب الله»، أو مع سوريا، أو في موضوع النازحين السوريين، وفرض الرقابة على الحدود... وحسبما يشيع فرنجية وداعموه وما نقل إلى الطرف الفرنسي، فإن الأخير هو الأكثر قدرة على «الحصول على شيء ما» من «حزب الله»، ومن سوريا، وامتداداً من إيران. بيد أن صورة المشهد السياسي، كما أصبح واضحاً اليوم، هي أن «الترويج» الفرنسي لفرنجية «غير كافٍ لإقناع المعارضين أو المترددين»، وبالتالي فإن قصر بعبدا «ما زال بعيداً» بالنسبة إليه.
وترد باريس على من يسألها عن سبب تمسُكها بالقول: «لنترك فرنجية جانباً، أعطونا أسماءً أخرى تجد قبولاً؟». عندها تذكر لائحة الأسماء وأولها اسم الوزير الأسبق ومدير إدارة دائرة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي. ولا تجد باريس صعوبة في قبول أزعور، إلا أنها ترد أن جهتين على الأقل في لبنان لا تقبلان به هما «حزب الله» و«القوات اللبنانية». الحزب لأنه يعتبره أميركي الهوى وابن مدرسة صندوق النقد، و«القوات» لأنه يرشح رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل. كذلك، فإن اسم قائد الجيش العماد جوزيف عون يطرح دورياً، إلا أن ورقته «احترقت»، بعد أن أخبر «حزب الله» من يعنيهم الأمر بأنه «لا يمكن أن يقبل به». وعلى أي حال، هو يردد أن مرشحه الأول والثاني والثالث هو سليمان فرنجية. كذلك طرحت أسماء الوزير السابق زياد بارود، والنائب نعمة أفرام، وصلاح حنين... وآخرين. وفي الخانة المقابلة لكل اسم من هذه الأسماء اعتراضات من هذا الطرف أو ذاك، بحيث إن «حرق» الأسماء تحول إلى رياضة مفضلة لدى الطبقة السياسية اللبنانية، ما يحير أصدقاء لبنان في العالم العربي والعالم الخارجي، فيما الأوضاع تزداد تدهوراً.
يفهم مما سبق أن ثمة من يلعب لعبة الوقت، بمعنى ترك الأمور على عواهنها حتى يقبل المعارضون ما يرفضونه اليوم. وهؤلاء يأخذون على باريس «تعاميها» عن اعتراضاتهم، ومنها إعادة التأكيد على ضرورة النظر إلى «وعود وضمانات» فرنجية بكثير من التشكيك؛ لأنه «لن يستطيع الخروج من ثيابه» وفق المثل اللبناني المعروف. ويضيف هؤلاء أن أحد الأخطار المترتبة على انتخابه عودة النفوذ السوري إلى لبنان عبر بوابة فرنجية، الصديق القديم للرئيس السوري بشار الأسد. ويضيف هؤلاء أن فرنجية لم يعلن ترشيحه بعد، ويقول المقربون منه إنه يريد التأكد أولاً أن «الطبخة نضجت»، وثانياً، ولأنه غير مرشح رسمياً إلا من خلال «حزب الله» وحركة «أمل»، فلا يوجد برنامج متكامل سياسياً واقتصادياً قد صدر عنه، ويمكن بالتالي محاسبته عليه في حال لم يعمل بهديه. والأمر الثالث، غياب أي يقين بشأن السياسة العربية والإقليمية والدولية التي سينتهجها، علماً بأن خلاص لبنان الاقتصادي لن يوفره مبلغ الـ3 مليارات دولار، التي وعده البنك الدولي بتوفيرها لثلاث سنوات (شرط التوصل إلى اتفاق نهائي على البرنامج الإصلاحي) بالنظر إلى حالة الدولة المفلسة.
وأخيراً، يرى كثيرون أن مجيء فرنجية إلى السلطة سيعني استمرار الأداء المزري للسلطات، الذي عرفه لبنان، وأدى إلى الحالة التي وصل إليها اليوم على كافة الأصعدة.
هكذا ينظر من باريس إلى المسألة الرئاسية التي ولجت طريقاً مسدودة، فيما الآمال التي علقت على اجتماع اللجنة الخماسية في العاصمة الفرنسية في 12 فبراير (شباط) الماضي بكامل أطرافها لمرة واحدة، لم يتحقق منها شيء، بل إن اللجنة كمجموعة اختفت عن الأنظار. وسبق أن قيل إنها سوف تجتمع بصيغتها الأولى لتقييم ما تحقق من اتصالاتها مع الأطراف اللبنانية أو على المستوى الوزاري. بيد أنه لم يحصل شيء من هذا حتى اليوم. ولأن الوضع على هذا النحو، فإن كافة الأنظار متجهة لمعرفة مردود التقارب السعودي - الإيراني على الملفات اللبنانية، وأولها الملف الرئاسي.


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

ربط عراقجي غزة بالجنوب يتعارض وموقف الحكومة اللبنانية

وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي مجتمعاً مع رئيس البرلمان نبيه بري (د.ب.أ)
وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي مجتمعاً مع رئيس البرلمان نبيه بري (د.ب.أ)
TT

ربط عراقجي غزة بالجنوب يتعارض وموقف الحكومة اللبنانية

وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي مجتمعاً مع رئيس البرلمان نبيه بري (د.ب.أ)
وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي مجتمعاً مع رئيس البرلمان نبيه بري (د.ب.أ)

تمسُّك وزير خارجية إيران، عباس عراقجي، بربط جبهتي جنوب لبنان وغزة قوبل باعتراض ضمني من رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، الذي تمايز عنه بتمسكه بحرفية ما ورد في البيان الذي تلاه بعد اجتماعه برئيس المجلس النيابي نبيه بري، والرئيس السابق للحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، وأكد فيه دعوة المجتمع الدولي للتدخل لوقف النار تمهيداً لنشر الجيش اللبناني في الجنوب بمؤازرة القوات الدولية «يونيفيل» لتطبيق القرار 1701 وإلزام إسرائيل بتنفيذه بشكل متوازن على جانبي الحدود.

لكن ميقاتي حرص على عدم إظهار التباين مع عراقجي إلى العلن، وأبقى عليه طي الكتمان، رغبة منه بعدم الدخول في سجال معه ينسحب حكماً على «حزب الله» الذي يتمسك بعدم الفصل لقطع الطريق على ما يمكن أن يترتب على حاضنته الشعبية من تبعات في حال عدم تبنيه موقف حليفه الوزير الإيراني، الذي كان وراء القرار الذي اتخذه أمينه العام حسن نصر الله بمساندته منفرداً حركة «حماس» في غزة، وظل متمسكاً به ولم يبدّل موقفه إلى أن اغتالته إسرائيل، وهذا ما يشكل إحراجاً للحكومة في مطالبتها المجتمع الدولي بدعم موقفها لوقف النار.

بين لقاء عين التينة والربط بين الجبهتين

فالرئيس ميقاتي، باختلافه مع الوزير عراقجي، ينطلق من حرصه الشديد على روحية ما ورد في اللقاء الثلاثي، الذي قوبل بتأييد دولي وإقليمي، لإلزام إسرائيل بوقف النار، كون البيان يشكّل خشبة الخلاص لإعادة الهدوء إلى الجنوب الذي يشهد حالياً أشد المواجهات قساوة بين «حزب الله» وإسرائيل.

في المقابل، يدرك لقاء عين التينة أن عدم الربط بين جبهتي غزة والجنوب يلقى معارضة من «حزب الله»، لأن تخليه عن التلازم بينهما يعني حكماً أن قيادته الانتقالية تفرّط بما أوصى به نصر الله، ما يتسبب لها بأزمة داخل الحزب وحاضنته.

لكن التباين بين لقاء عين التينة وبين الحزب بقي تحت السيطرة؛ لأنه لا مصلحة بالانجرار لاشتباك سياسي، خصوصاً أن الموقّعين على البيان هم موضع ثقة، وأن نصر الله كان فوّض بري بالتفاوض مع الوسيط الأميركي أموس هوكستين لتهدئة الوضع في الجنوب، وبالتالي لا يرى الحزب ضرورة لتقديم نفسه لجمهوره وللبنانيين بأنه يعيق التوصل لوقف النار.

رسالة إيرانية إلى المجتمع الدولي

إلا أن عراقجي، كما تقول مصادر سياسية لـ«الشرق الأوسط»، أراد بتسليط الضوء على ربط الجبهتين تمرير رسالة إلى المجتمع الدولي، ومن خلاله لواشنطن، تقضي بضرورة التشاور مع إيران وعدم استبعادها عن الجهود المؤدية لإنهاء الحرب على جبهتي الجنوب وغزة، بتطبيق ما نص عليه النداء الأميركي - الفرنسي، بدلاً من أن تنصاع الإدارة الأميركية لمخطط رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو باستدراجها للصدام مع طهران.

ومع أن البند الأساسي الذي أدرجه عراقجي على جدول أعمال زيارته الخاطفة لبيروت يكمن في طمأنته، حسب المصادر السياسية، لقيادة «حزب الله» وحاضنته الشعبية، بأن طهران لن تتخلى عن دعمها له، وذلك لاستيعاب ردود الفعل التي أخذت نبرتها تتعالى داخل الشارع الشيعي وتتهمها بالتخلي عنه واستخدام نفوذه في الساحة اللبنانية لتحسين شروطها في مفاوضاتها التي لم تنقطع مع واشنطن، ولا تزال قائمة إبان اشتداد العدوان الإسرائيلي على لبنان.

العلاقة بين طهران و«الثنائي الشيعي»

ومن تولى التدقيق في اللقاء الذي عقده عراقجي مع وفد من النواب ضم ممثلين عن حركة «أمل» و«حزب الله»، إلى جانب رئيس حزب «الطاشناق» النائب هاغوب بقرادونيان والنائب المستقل جهاد الصمد، يلاحظ، كما تقول المصادر نفسها، أن الموفد الإيراني استفاض في حديثه عن العلاقة الاستراتيجية بين طهران والثنائي الشيعي، التي لا يمكن أن تهتز، وستبقى صامدة في وجه من أخذ يشيّع لتدهور العلاقة.

وهنا أثنى عراقجي، بحضور سفير إيران السابق لدى لبنان محمد رضا شيباني، الذي عُيّن سفيراً بالإنابة عن سلفه مجتبى أماني الذي أصيب بتفجير جهاز الـ«بيجر» الذي كان بحوزته، ويخضع حالياً للعلاج في طهران، «على دور المقاومة في تصديها للعدوان الإسرائيلي»، وأكد أن طهران ثابتة على موقفها، وليس كما يروّج له البعض بتخليها عن احتضانها للحزب، خصوصاً بعد استشهاد نصر الله، مستغرباً اتهامها بمقايضة دور الحزب بتفاوضها مع واشنطن.

وبطبيعة الحال، ركّز عراقجي على أهمية عدم الفصل بين الجبهتين. ونقل عنه النواب قوله إن طهران لم تكن مع توسيع الحرب، وكانت تدعو لضبط النفس والتحلي بالصبر وعدم السماح لإسرائيل باستدراج المقاومة على نحو يؤدي إلى خروج مساندتها لـ«حماس» عن السيطرة.

عراقجي: سنرد على إسرائيل

وتطرق عراقجي إلى اغتيال نصر الله. وقال، حسب النواب، إن الحزب سيبقى وفياً للخط الذي رسمه ولن يحيد عنه، «ونحن من جانبنا سنواصل دعمنا للمقاومة ولن نتردد في تأمين إيصال المساعدات للبنانيين، وسنكسر الحصار البري المفروض على لبنان من قبل إسرائيل التي أغارت على نقطة العبور التي تربط سوريا بلبنان».

وفي هذا السياق، أكد عراقجي أن المساعدات ستصل براً وعن طريق سورية إلى لبنان، «وكنتُ وصلتُ إلى بيروت عن طريق المطار بواسطة طائرة صغيرة محملة بمساعدات زنتها 10 أطنان». ودعا الحكومة والبرلمان لتنظيم حملة دولية للضغط على إسرائيل لفك الحصار عن هذا البلد الشقيق، كاشفاً أمام النواب أنه بحث هذا الأمر مع الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي؛ لأن هناك ضرورة للسماح للطائرات الإيرانية بإيصال كل ما يتعلق بالإغاثة والمساعدات الغذائية عن طريق المطار، وهذا يدعو المجتمع الدولي للتدخل لفك الحصار الجوي الإسرائيلي على لبنان.

مسؤولية إسرائيل

وحمل على الولايات المتحدة، ونقل عنه النواب قوله: «إننا لا نثق بها وكنا نرغب بأن نوفر الفرص لوقف العدوان على غزة ولبنان، وهذا ما دعانا للتجاوب مع الجهود التي قامت بها فرنسا وعدد من الدول العربية، لكنها أحبطت كل المساعي وفوتت الفرصة لمنع إسرائيل من الاستمرار في عدوانها، وهي لم تقرر عدم الاستجابة لكل الوساطات إلا لأنها واثقة من الضوء الأخضر للرئيس جو بايدن، لعلها تتمكن من تغيير الوضع في الجنوب وإعادة خلط الأوراق في المنطقة، وصولاً لرسم خريطة جديدة لها».

ولم يتطرق عراقجي إلى انتخابات الرئاسة، بخلاف دعوته لتطبيق القرار 1701، محملاً إسرائيل مسؤولية تعطيل تنفيذه بخرقها المتواصل للأجواء اللبنانية، مكرراً قوله إن الثقة معدومة بين طهران وواشنطن، وإنه «لا مكان للرهان على تخلينا عن الحزب، وإن القيادة الإيرانية على التزامها بتوفير كل أشكال الدعم له».

علاقة استراتيجية مع المقاومة

لذلك خص عراقجي لبنان بهذه الزيارة لدحض وتطويق كل ما يتم تناقله مع اشتداد المواجهة في الجنوب، بأن إيران تخلت عن دعمها للحزب، في مقابل تصحيح علاقتها بالولايات المتحدة بما يحفظ مصالحها في المنطقة، مؤكداً أن «الإخوة في المقاومة يعرفون جيداً عمق العلاقة الاستراتيجية بيننا ومتانتها برغم كل ما يشيعه من يريد الاصطياد في الماء العكر»، خصوصاً أن «ما يتناقله البعض عن مخاوف لدى الحزب تدخل في باب التكهن».

وكان الوزير الإيراني مضطراً لاستحضار موقف بلاده القديم - الجديد بربط الجبهتين ليصرف الأنظار، كما تقول المصادر السياسية، عن المهمة الأولى التي أوكلت إليه، والمحصورة باستيعاب المخاوف التي أخذت تُطل برأسها وتطويقها في ضوء ارتفاع منسوب التساؤلات حول عدم انخراطها في المواجهة الدائرة جنوباً، والتي تكاد تبقي إسناد محور الممانعة لغزة محصوراً بالساحة اللبنانية، وهذا ما أدى إلى اتساع رقعة الحذر التي بدأت تخرج منذ أسابيع من الغرف المغلقة إلى العلن، وازدادت مع اغتيال نصر الله، وإن كان عراقجي اختار توقيت مجيئه لبيروت بعد الرد الإيراني على إسرائيل، الذي سيُسهم من وجهة نظر طهران بتطويق المحاولات لزرع الشقاق بين الحليفين.