ابن رشد... ميدالية تتويج على صدر النساء

تجاوز أرسطو... وتخطى أطروحات أفلاطون في موقفه من المرأة

ابن رشد... ميدالية تتويج على صدر النساء
TT

ابن رشد... ميدالية تتويج على صدر النساء

ابن رشد... ميدالية تتويج على صدر النساء

- أورثتِنا محبةَ الفيلسوف ابن رشد يا دكتورة...
أسعد قلبي كلام الطالبة بالجامعة المركزية بالعاصمة، كان ذلك بعد محاضرتي الأسبوعية في مادة الأدب العالمي والمقارن عن تأثير كتب ابن رشد وترجماته في تنوير العقل الإنساني وترشيده. ثم مَن غيره مِن الفلاسفة قَبلَه دافع عن المرأة بكل تلك الشجاعة والجرأة وبكل ذلك الوضوح؟
لكن لماذا كلما رغبتُ في الكتابة عن الفيلسوف والعالِم العربي أبي الوليد ابن رشد 1126 - 1198 أثيري بين الفلاسفة جميعاً، أو كلما ذهبت لكي أحاضر عنه، أو أن أتحدث في محفل ما عن هذا الذي سبق عصره في منهجه التنويري وتصوره الفلسفي العقلاني، صاحب أول موقف دفاعي عن المرأة في تاريخ الفلسفة منذ أن انطلقت شعلتها، والمصرّح بالمساواة بينها وبين الرجل، وكلما هممتُ بالحديث عنه ينتابني شعور بالزهو تارة، وشعور عميق بالذنب تارة أخرى... لماذا؟
هل من باب الشفقة على الحال الراهنة لأمّتِه التي أنتمي إليها، التي رفس حكامٌ لها نعمةَ العقل لدى ابنها، الذي كان يغرف من أنهار جديدة للوعي والعلم، فأحرقوا كتبه، وقلبه، ونفوه، وآلموه، وأهانوه، وحاولوا إخراجه من التاريخ فأخطأوا؟
ألهذا أم لغيرةٍ من أُمَم أخرى كانت تعيش وسط الظلام، فأخذت ما تبقى من كتبه وعقلانيته سنداً لها، منذ فريدريك الثاني في إيطاليا، إلى الملك لويس الحادي عشر في فرنسا وحتى اللحظة الراهنة، فخلقوا مذهباً فكرياً سموه «الرشدية اللاتينية»، وفتحوا أبواباً للنور، وشيدوا ركائز الحضارة، وطوروا النظريات السياسية والاجتماعية لديهم...؟
أم لأنه أول المدافعين عن كرامة النساء وحقوقهن، وحريتهن، وإنسانيتهن في زمن لم يكن زمن التصريح بالأفكار الجريئة ممكناً بأسماء مستعارة على «إنستغرام»؟
ربما لهذا وذاك، ولكن أغلب ظني أن السببَ شعوري الدفينُ بأنني غصنٌ من الشجرة الأولى التي أكل ابن رشد من تفاحها ليدخل الجنة، ثم أكل منه ليصْلى نار جهنم الأرضية؛ جهنم البشر، إنها شجرة الموحّدين التي أنتمي إليها. نعم، كل ما حدث لابن رشد، أثيري بين الفلاسفة جميعِهم، من خير وشر، حدث زمن الموحّدين، زمن سلالة عبد المؤمن بن علي الكومي 1094 - 1163 الذي يجمع المؤرخون على ولادته بناحية مدينة ندرومة، وهي نفسها مدينة أجدادي، فيها وُلدوا وفيها عاشوا وفيها قضوا. المدينة التي اهتم بها عبد المؤمن وبناها وشيدها، تقع في الغرب الجزائري على مقربة من مدينة تلمسان. هي ند تلمسان، ندرومة مدينة أثرية تعج بالأسر ذات الأصول الأندلسية والموريسكية جاءت لاجئة إليها بعد سقوط الأندلس، مزودة بما خف حمله وغلا قدْرُه. مدينة عريقة ما زال كل ما فيها ينضح بمعالم العلم والشعر والموسيقى الأندلسية والنسيج والتاريخ والعمران، وما زالت تتباهى بآخر منبر يعود إلى عهد المرابطين يتصدر مسجدها المسمى «الجامع الكبير»، الذي حفظتُ بين جنباته بعض آيات القرآن الكريم وأنا طفلة، على يد الشيخ سليمان أحد أعلامها ومعالمها. ندرومة أو كما يجتهد المؤرخون في تأويل تسميتها: «ندّ روما» وهي «نظر الماء»!
هكذا إذن، أشعر كأنني معنيةٌ مباشرة بما حدث لابن رشد، أثيري بين الفلاسفة جميعهم، ألسنا في زمن مفاجآت أسرار علم الأنساب الجيني؟!
عندما وُلد ابن رشد، فالأرجح أن عبد المؤمن بن علي مؤسس الدولة الموحدية كان في الثانية والثلاثين من عمره، وقد أصبح الخليفة الثاني خلفاً لأستاذه المهدي بن تومرت، بعد شنهما الحروب الطاحنة التي أسقطا على أثرها «دولة المرابطين»، وأقاما على أعقابها «دولة الموحدين»، التي شملت الأندلس وجزءاً كبيراً من بلدان شمال أفريقيا.
وعندما توفي عبد المؤمن بن علي بعمر الثانية والسبعين، كان ابن رشد، على الأرجح، في أوجّ عطائه في السابعة والثلاثين، فقرّبه أولاً الابن الخليفة، أبو يعقوب يوسف بن عبد المؤمن، ثم الحفيد الخليفة يعقوب المنصور، من بعده وضمّاه إلى مجالسهما قبل أن تحل به نكبته.
ولا يخفى على كل متتبع للمسيرة الفريدة للعالِم والفيلسوف والطبيب ابن رشد، أن نجمه ما كان ليلمع أكثر بعد سقوط «دولة المرابطين»، لولا سياسة عبد المؤمن بن علي الكومي، ومَن تلاه من خلفاء الموحدين الذين عُرفوا بتقديرهم للعلم وإقامة المدارس العلمية، والطلب في حضور مشاهير الأساتذة، وتشجيع الفكر، والمجالس الثقافية والمناظرات الفكرية والفلسفية، فبرز علماء وفلاسفة ومفكرون منهم ابن سبعين وابن جبير وابن عربي، وابن طفيل الذي قدم ابن رشد الشاب إلى الخليفة الموحدي أبو يعقوب بن عبد المؤمن بن علي الكومي، الذي كان من قبلُ حاكماً على إشبيلية في عهد أبيه، وأكثرهم شغفاً بالثقافة والعلم. قرّب أبو يعقوب يوسف ابنَ رشد إليه فأصبح مستشاره وطبيبه الخاص، ونصّبه قاضياً في قرطبة، وهو نفسه مَن طلب منه إعادة ترجمة وشرح أعمال الفيلسوف أرسطو. وبعد وفاة أبي يعقوب يوسف ظل ابن رشد قريباً من مجالس خلفه ابنه المنصور الموحّدي إلى أن هوى نجمه اللامع بطريقة مأساوية، فنفاه ونكل به وأحرق كتبه وألزمه أن يظل حبيس بيته بمراكش، ومات كئيباً منسياً ومهاناً.
لماذا كل هذا الجحود؟ يؤوّل بعض المحللين هذه الارتدادات في المواقف السياسية إلى جملة من دسائس الوشاة في البلاط، وهو ما غيّر مصير فيلسوف قرطبة، فحوّل سؤددَه إلى هاوية. ويبدو أن من الأسباب الرئيسية لنكبة فيلسوفنا التنويري، جرأته في مواقفه المختلفة والتنويرية من قضايا المرأة وحريتها، مواقف جاءت مناقضة لأغلبية المرجعيات الفلسفية والفقهية التي كانت تدرج المرأة خارج سلُّم الجنس الإنساني والدعوة إلى شيطنتها. من هنا يعتبر ابن رشد الأول في تاريخ الفكر مَن انتقد التفسيرات العامية لمفهوم الدين، التي تنتقص من القدرات العقلية للمرأة، ودعا إلى المساواة وتحرر المرأة من الهيمنة الذكورية في المجتمعات.
إن شخصيتَي ابن رشد الإنسان وابن رشد العالم لم تكونا على نقيض أو تعارض، فقد عكست أطروحاتُه الفكرية سلوكاتِه الفعلية، وفي ذلك كان على خلاف مع ما كان يمارسه معاصروه الأندلسيون من فلاسفة وشعراء وفقهاء، فلم يتزوج على زوجته سارة، وظل وفياً لها طول حياته يرعيان أولادهما.
وإذا كان أرسطو قد وصف المرأة في مؤلفه «كتاب السياسة» بأنها «طائر جميل تقتله الأقفاص»، فإن ابن رشد قد تجاوزه، وتخطى أطروحات أفلاطون صاحب كتاب «الجمهورية»، وسبق الجميع برأيه الصريح بالارتكاز على العقل، العامل الأساسي في تقدم الإنسانية بنسائها ورجالها، وبأحقية المرأة في التعلّم والوظيفة، وما حجبها عن الحياة العامة وعدم مشاركتها في تسيير شؤون المجتمع سوى إضعاف لطاقته الاجتماعية.
ويؤكد فيلسوف قرطبة قدرة عقل المرأة على خلق الأفكار، وقدرتهن الطبيعية على أن يكنّ فيلسوفات ومفكرات، وموسيقيات، ومحاربات في الجيوش، وحاكمات في السلطة العليا. ونجد في تلخيص المفكر الفرنسي إرنست رينان Ernest Renan) 1823 - 1892) لكتاب ابن رشد «جوامع سياسة أفلاطون»، الذي فُقِد أصلُه العربي، آراءه التي سبق بها - وبأزمنة طويلة - المدافعين المعاصرين عن قضية المرأة وحقها في المساواة في الوجود والتعليم والعمل والحياة. هي ذي منظومة ابن رشد الفلسفية العقلانية النقدية التي جاء بها منذ القرن الثاني عشر، فكانت القاعدة التي على أساسها غيّر الأوروبيون نظرتهم للمرأة في العصور الحديثة وبالأساس منذ زمن الأنوار، وكان مروره على هذه الأرض، بترجماته وشروحه وفكره، أثراً جلياً في مسار التاريخ الإنساني وتوجهه.
- أليس من واجب كل امرأة وكل رجل يدافع عن الحق في الحياة الحرة الكريمة، الاعتراف بمرجعية ابن رشد الذي دفع مقابل ذلك حياته، وقد تنكر له يعقوب المنصور الموحّدي؟
- بلى... ونستنتج من سطوع نجم الفيلسوف العقلاني ابن رشد ثم من سقوطه المريع، أن السلطة السياسية قادرةٌ على إعلاء العقل وبناء مشروع فكري حقيقي إذا ما كانت لها الإرادة لذلك، وقادرة على إطفاء نوره إذا ما بدا لها ذلك. تراوحٌ تتحكم فيه طبيعةُ ميزان القوى الذي يجلس على كفّتيه هذا النظام السياسي أو ذاك، في هذا الزمن أو ذاك.
* كاتبة جزائرية


مقالات ذات صلة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

يوميات الشرق «تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر  في تشجيع الشباب على القراءة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

كشفت تقارير وأرقام صدرت في الآونة الأخيرة إسهام تطبيق «تيك توك» في إعادة فئات الشباب للقراءة، عبر ترويجه للكتب أكثر من دون النشر. فقد نشرت مؤثرة شابة، مثلاً، مقاطع لها من رواية «أغنية أخيل»، حصدت أكثر من 20 مليون مشاهدة، وزادت مبيعاتها 9 أضعاف في أميركا و6 أضعاف في فرنسا. وأظهر منظمو معرض الكتاب الذي أُقيم في باريس أواخر أبريل (نيسان) الماضي، أن من بين مائة ألف شخص زاروا أروقة معرض الكتاب، كان 50 ألفاً من الشباب دون الخامسة والعشرين.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق «تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

«تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

كل التقارير التي صدرت في الآونة الأخيرة أكدت هذا التوجه: هناك أزمة قراءة حقيقية عند الشباب، باستثناء الكتب التي تدخل ضمن المقرّرات الدراسية، وحتى هذه لم تعد تثير اهتمام شبابنا اليوم، وهي ليست ظاهرة محلية أو إقليمية فحسب، بل عالمية تطال كل مجتمعات العالم. في فرنسا مثلاً دراسة حديثة لمعهد «إبسوس» كشفت أن شاباً من بين خمسة لا يقرأ إطلاقاً. لتفسير هذه الأزمة وُجّهت أصابع الاتهام لجهات عدة، أهمها شبكات التواصل والكم الهائل من المضامين التي خلقت لدى هذه الفئة حالةً من اللهو والتكاسل.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

من جزيرة تاروت، خرج كم هائل من الآنية الأثرية، منها مجموعة كبيرة صنعت من مادة الكلوريت، أي الحجر الصابوني الداكن.

يوميات الشرق خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

صدور كتاب مثل «باريس في الأدب العربي الحديث» عن «مركز أبوظبي للغة العربية»، له أهمية كبيرة في توثيق تاريخ استقبال العاصمة الفرنسية نخبةً من الكتّاب والأدباء والفنانين العرب من خلال تركيز مؤلف الكتاب د. خليل الشيخ على هذا التوثيق لوجودهم في العاصمة الفرنسية، وانعكاسات ذلك على نتاجاتهم. والمؤلف باحث وناقد ومترجم، حصل على الدكتوراه في الدراسات النقدية المقارنة من جامعة بون في ألمانيا عام 1986، عمل أستاذاً في قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة اليرموك وجامعات أخرى. وهو يتولى الآن إدارة التعليم وبحوث اللغة العربية في «مركز أبوظبي للغة العربية». أصدر ما يزيد على 30 دراسة محكمة.

يوميات الشرق عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

على مدار العقود الثلاثة الأخيرة حافظ الاستثمار العقاري في القاهرة على قوته دون أن يتأثر بأي أحداث سياسية أو اضطرابات، كما شهد في السنوات الأخيرة تسارعاً لم تشهده القاهرة في تاريخها، لا يوازيه سوى حجم التخلي عن التقاليد المعمارية للمدينة العريقة. ووسط هذا المناخ تحاول قلة من الباحثين التذكير بتراث المدينة وتقاليدها المعمارية، من هؤلاء الدكتور محمد الشاهد، الذي يمكن وصفه بـ«الناشط المعماري والعمراني»، حيث أسس موقع «مشاهد القاهرة»، الذي يقدم من خلاله ملاحظاته على عمارة المدينة وحالتها المعمارية.

عزت القمحاوي

فنانون مصريون يتجهون للإنتاج السينمائي والدرامي

ياسمين رئيس مع أسماء جلال في مشهد من الفيلم (حسابها على «فيسبوك»)
ياسمين رئيس مع أسماء جلال في مشهد من الفيلم (حسابها على «فيسبوك»)
TT

فنانون مصريون يتجهون للإنتاج السينمائي والدرامي

ياسمين رئيس مع أسماء جلال في مشهد من الفيلم (حسابها على «فيسبوك»)
ياسمين رئيس مع أسماء جلال في مشهد من الفيلم (حسابها على «فيسبوك»)

انضمت الفنانة المصرية ياسمين رئيس لقائمة الممثلين الذين قرروا خوض تجربة الإنتاج السينمائي من خلال فيلمها الجديد «الفستان الأبيض» المنتظر أن يشارك في النسخة السابعة من مهرجان الجونة السينمائي، المقرر انطلاقها يوم 24 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي.

وأظهر «التريلر» الدعائي للفيلم، الذي تقوم ببطولته ياسمين رئيس مع أسماء جلال، اسم رئيس كمنتج شريك في الفيلم مع المنتج محمد حفظي بأولى تجاربها في مجال الإنتاج الفني، وهو الفيلم الذي كتبته وتخرجه جيلان عوف، فيما تدور الأحداث حول قصة فتاتين تُضطر إحداهن للبحث عن فستان زفافها عشية العرس، لكن رحلة البحث تتحول لرحلة من أجل اكتشاف الذات.

تقول ياسمين رئيس إن خوضها للتجربة ارتبط بقوة المشروع والسيناريو الذي اطلعت عليه، مضيفة لـ«الشرق الأوسط» أنها اتخذت القرار لإعجابها بالفكرة والمعالجة وطريقة تقديمها، مشيرة إلى أن رغبتها في خروج الفيلم للنور ورؤية الجمهور شخصية «وردة» التي تقدمها بالأحداث في الصالات السينمائية جعلها تنخرط كشريكة في الإنتاج لدعم المشروع.

ويشيد الناقد الفني المصري أحمد سعد الدين بخطوة ياسمين رئيس للمشاركة في الإنتاج، معرباً عن أمله في أن يتجه الفنانون للانخراط في تجارب إنتاجية تقدمهم بشكل مختلف.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «كثيراً من الفنانين خاضوا تجربة الإنتاج وقدموا تجارب مهمة سينمائياً، سواء فيما يتعلق بالأدوار التي قدموها أو حتى بالقضية التي تناولوها، منهم الفنان الراحل فريد شوقي الذي خاض تجربة الإنتاج بفيلم (جعلوني مجرماً) الذي تسبب في تغيير القوانين وقتها».

وياسمين رئيس ليست الممثلة الأولى التي تخوض تجربة الإنتاج هذا العام، فقد سبقتها الفنانة هند صبري بمشاركتها كمنتج فني لمسلسلها «البحث عن علا 2» الذي انطلق عرضه الشهر الماضي على منصة «نتفليكس».

هند وظافر في مشهد من «البحث عن علا 2» (نتفليكس)

ويملك عدد من الفنانين شركات إنتاج في الوقت الحالي أو شركاء فيها مع آخرين من بينهم أحمد حلمي، ومنى زكي، ومحمد هنيدي، وإلهام شاهين، بالإضافة إلى بعض صناع السينما، منهم المخرجان رامي إمام وطارق العريان، بالإضافة إلى المؤلف صلاح الجهيني.

وأوضح الناقد المصري محمد عبد الخالق أن «مشاركة الفنانين في الإنتاج لا يكون الهدف منها ضخ الأموال فحسب، ولكن مرتبط برغبة الممثل في تقديم التجربة بمستوى وشكل معين ربما لا يلقى الحماس من المنتج بحماس الممثل نفسه الذي تكون لديه حرية أكبر بالعمل عندما يكون منتجاً أو شريكاً في إنتاج العمل الفني».

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن هند صبري قدمت هذا النموذج في مسلسل (البحث عن علا) بجزأيه، فلم يكن ذلك مرتبطاً بضخ الأموال في الإنتاج بقدر اهتمامها بمتابعة جميع التفاصيل الفنية الخاصة بالعمل، من الكتابة والتصوير والنقاش مع الكتاب بمنظور الممثلة والمنتجة وصولاً لتسليم الحلقات وبدء عرضها».

وخاضت الفنانة إلهام شاهين تجربة الإنتاج من خلال عدة أفلام؛ أبرزها «يوم للستات» الذي حصد العديد من الجوائز في المهرجانات التي شارك بها، لكن إلهام أكدت في تصريحات تلفزيونية سابقة أن تجربة الإنتاج جعلتها تخسر على المستوى المادي بسبب اهتمامها بأدق التفاصيل، رغم تصريحها بمساندة زملائها لها بتخفيض أجورهم في الأعمال التي أنتجتها.

وأكدت إلهام أن الخسائر التي تعرضت لها على المستوى الإنتاجي كانت سبباً في عدم قدرتها على إنتاج أعمال أخرى كانت ترغب في تقديمها من بينها فيلم «حظر تجول» الذي استمر معها لمدة عام، ولم تستطع إنتاجه إلى أن تحمست له شركة أخرى قامت بإنتاجه.

ويختتم محمد عبد الخالق حديثه بالتأكيد على أن «مشاركة الفنانين في العملية الإنتاجية أمر إيجابي؛ لأنهم سيكونون قادرين على تقديم أعمال فنية تبقى في ذاكرة السينما والدراما، دون التركيز على الربح المادي».