تفاقم الوضع الإنساني في حلب نتيجة انقطاع التيار الكهربائي ومياه الشرب عن المدينة

مناطق النظام أكثر عرضة للأزمة.. وخلافات بين «الإدارة المحلية» و«النصرة» في القسم المحرر

سكان طريق الباب الواقع تحت سيطرة المعارضة في مدينة حلب يعبئون المياه من الآبار (رويترز)
سكان طريق الباب الواقع تحت سيطرة المعارضة في مدينة حلب يعبئون المياه من الآبار (رويترز)
TT
20

تفاقم الوضع الإنساني في حلب نتيجة انقطاع التيار الكهربائي ومياه الشرب عن المدينة

سكان طريق الباب الواقع تحت سيطرة المعارضة في مدينة حلب يعبئون المياه من الآبار (رويترز)
سكان طريق الباب الواقع تحت سيطرة المعارضة في مدينة حلب يعبئون المياه من الآبار (رويترز)

تفاقم الوضع الإنساني في مدينة حلب وريفها، شمال سوريا، إثر الانقطاع التام للتيار الكهربائي عنهما، بعد خروج محطة الزربة المسؤولة عن توزيع الكهرباء عن العمل بشكل نهائي، وهو الأمر الذي قاد بدوره إلى انقطاع المياه عن كل أحياء المدينة نتيجة عدم القدرة على تغذية محطتي مياه سليمان الحلبي وباب النيرب بالكهرباء اللازمة لاستئناف عمليات ضخ المياه.
أزمة المياه والكهرباء الأخيرة عمت هذه المرة أحياء المعارضة والموالاة على حد سواء، وتزامنت مع موجة الحر الشديد، مما دفع بالسكان إلى الاعتماد على مياه الآبار وشرائها بأثمان عالية، وصلت إلى حد دفع 2000 ليرة ثمنًا لكل خزان مياه سعة 10 براميل، يتم نقله بصهاريج التوزيع بعد ضخ المياه من الآبار، ولكن معظم تلك الآبار ملوثة وغير صالحة للشرب، مما أدى حدوث العشرات من حالات التسمم بالمياه.
ويقول أسامة تلجو، رئيس المجلس المحلي في حلب لـ«الشرق الأوسط»، إن «المدينة كانت تتغذى بالكهرباء عبر خط الغاب - الزربة. وذاك الخط كان يشهد سابقًا انقطاعات كثيرة نتيجة الأضرار الناجمة عن الاشتباكات المستمرة الحاصلة في الجهة الغربية من المدينة، وخصوصا على جبهة الراشدين وحلب الجديدة». وأشار إلى أن جميع المناطق المحررة، باتت أخيرًا دون كهرباء، كون محطة الزربة «قد خرجت نهائيا عن العمل بعد الدمار الذي ألحقه النظام بمحطة زيزون لتوليد الكهرباء التي تعتبر المغذي الرئيس لمحطة الزربة قبل توزيعها عبر الأخيرة على حلب وريفها».
وحذر تلجو من تفاقم الوضع الإنساني في حلب نتيجة الأزمة الأخيرة، موضحًا أن انقطاع المياه «سيستمر إلى أن يقبل النظام بتزويد محطتي ضخ المياه في سلمان الحلبي وباب النيرب، بخط توتر من محطة توليد كهرباء الحرارية والتي يتقاسم إنتاجها الكهربائي مع (داعش)».
من جهتها، أصدرت الإدارة العامة للخدمات التابعة لجبهة النصرة، بيانًا أوضحت فيه أن الاتفاق مع مديرية كهرباء النظام على كمية الكهرباء اللازمة لتشغيل محطة سليمان الحلبي لا يزال يشهد عرقلة واضحة وتراجعا عن الاتفاق من قبل الطرف الآخر. وأحالت الإدارة أسباب ذلك إلى معارضة وزير الموارد المائية في حكومة النظام لأي اتفاق يقضي بتشغيل محطة مياه حلب.
وتطرق البيان إلى الزيارة التي قام بها وزيرا الكهرباء والموارد المائة إلى مناطق حلب الموالية والوعود غير الواقعية التي أطلقها الوزيران وحلولهما المخدرة التي خلقت استياءً عامًا بين الأوساط الموالية في حلب، حين تحدثا بحلول غير واقعية من شأنها أن تزيد من المعاناة الإنسانية، كفصل خط كهرباء حماة الزربة بشكل نهائي، والاستغناء عن تشغيل محطات ضخ المياه والاعتماد على مشاريع استثمارية بديلة بعد استيراد وتشغيل مولدات كهرباء ضخمة وحفر آبار جديدة كبديل عن محطات جر مياه الشرب.
وسرعان ما انعكست أزمة انقطاع الكهرباء في حلب على الأوضاع الإنسانية لتزيدها سوءًا، فقد سجل حالة وفاة واحدة حدثت نتيجة الإصابة بالحر الشديد الذي اجتاح المنطقة خلال الأيام السابقة. أما الأحياء الواقعة تحت سلطة النظام في مدينة حلب فمن المرجح أن تتكبد أعباء إضافية، كونها تحتوي ما يزيد على مليون إنسان ما زالوا يقطنون داخلها، علمًا أنها لا تستفيد من خط كهرباء المحطة الحرارية الذي يتقاسمه النظام مع تنظيم داعش، فهو يقوم بسحب حصته من الكهرباء إلى مناطق الساحل السوري. وقد تتعرض الكثير من الأفران والمنشآت الغذائية للضرر والتوقف عن العمل نتيجة الصعوبة في تأمين الوقود لتشغيل المولدات الكهربائية.
من جهة ثانية، فجّرت أزمة المياه والكهرباء خلافات كثيرة جمعت بين المجلس المحلي في حلب من جهة والإدارة العامة للخدمات التابعة لجبهة النصرة من جهة أخرى. ويبدو أن ثمة تنافسًا قديمًا بينهما على النفوذ في إدارة المناطق والإدارات، خاصة التنافس على إدارتي المياه والكهرباء اللتين سعت الإدارة التابعة لـ«النصرة» أن تكونا تحت سيطرتها وحدها وإخراج المجلس من المشهد.
بدوره، يحاول المجلس المحلي إبقاء الإدارات بصيغة التكنوقراط، غير تابعة لأي جهة أو فصيل كي لا تكون الخدمات موضع مساومة أو ابتزاز من قبل أي فصيل كان.



ضربات أميركية ليلية تستهدف مواقع للحوثيين في صنعاء وحجة

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات "هاري ترومان" لضرب الحوثيين في اليمن (أ.ف.ب)
مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات "هاري ترومان" لضرب الحوثيين في اليمن (أ.ف.ب)
TT
20

ضربات أميركية ليلية تستهدف مواقع للحوثيين في صنعاء وحجة

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات "هاري ترومان" لضرب الحوثيين في اليمن (أ.ف.ب)
مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات "هاري ترومان" لضرب الحوثيين في اليمن (أ.ف.ب)

ضربت غارات أميركية مواقع للحوثيين في صنعاء وحجة ليل الأحد- الإثنين، استمراراً للحملة التي أمر بها الرئيس دونالد ترمب ضد الجماعة الموالية لإيران، سعياً لإرغامها على وقف تهديدها للملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن.

وكان ترمب أمر الجيش ببدء الحملة الواسعة ضد الحوثيين في 15 مارس (آذار) وتوعدهم بـ «القوة المميتة» وبـ «القضاء عليهم تماما»، وسط تقارير أميركية تحدثت عن تكبد الجماعة حتى الآن خسائر كبيرة على مستوى العتاد والقادة.

وتزعم الجماعة أنها استأنفت هجماتها وتهديدها للملاحة نصرة للفلسطينيين في غزة بعد انهيار اتفاق الهدنة بين حركة حماس وإسرائيل وعودة الأخيرة لعملياتها العسكرية في القطاع الفلسطيني المدمر.

وفي حين هدد وزير دفاع الجماعة الحوثية، الإثنين، بالمزيد من التصعيد وهون من أثر الضربات الأميركية، أقرت الجماعة بمقتل 3 أشخاص وإصابة 12 آخرين جراء الغارات التي ضربت مواقع في صنعاء واستهدفت سيارة في محافظة حجة (شمال غرب).

وأوضحت الجماعة في بيان أن شخصا قتل وأصيب خمسة جراء الغارات التي ضربت منطقة جدر في شمالي صنعاء، إضافة إلى إصابة ستة آخرين جراء القصف الذي استهدف منطقة صرف التابعة لمديرية بني حشيش حيث المدخل الشرقي لصنعاء.

وقال البيان الصادر عن قطاع الصحة الذي يديره الحوثيون إن شخصين قتلا وأصيب طفل جراء غارة استهدفت سيارة في منطقة الطور حيث مديرية بني قيس في محافظة حجة.

وبحسب إعلام الجماعة الحوثية، استهدفت 4 غارات منطقة جدر مديرية بني الحارث في صنعاء، كما استهدفت 8 غارات منطقة «الملكة» في مديرية بني حشيش و5 غارات أخرى صرف في المديرية نفسها.

ويرى مجلس القيادة الرئاسي اليمني أن الحل لا يكمن في الضربات الأميركية لإنهاء التهديد الحوثي وإنما في دعم القوات الحكومية على الأرض وتمكينها من تحرير الحديدة وموانئها وصولا إلى صنعاء وصعدة لاستعادة المؤسسات وإنهاء الانقلاب على الشرعية.

270 غارة

بهذه الغارات تكون الجماعة قد استقبلت نحو 270 غارة منذ بدء الحملة الأميركية الجديدة، لتضاف إلى حوالي ألف غارة وضربة بحرية تلقتها في عهد إدارة جو بايدن على مدار عام ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، وحتى إبرام هدنة غزة بين حركة حماس وإسرائيل في 19 يناير الماضي.

وكانت إدارة بايدن توقفت عن ضرباتها ضد الحوثيين بعد سريان اتفاق الهدنة في غزة كما توقفت الجماعة عن مهاجمة السفن وإطلاق الصواريخ باتجاه إسرائيل، قبل أن تعود مجددا للتهديد بشن الهجمات تجاه السفن الإسرائيلية مع تعذر تنفيذ المرحلة الثانية من الهدنة في غزة.

ألسنة لهب ودخان يتصاعدان إثر غارة أميركية ضربت موقعا للحوثيين في صنعاء (أ.ف.ب)
ألسنة لهب ودخان يتصاعدان إثر غارة أميركية ضربت موقعا للحوثيين في صنعاء (أ.ف.ب)

ويقول مراقبون يمنيون إن الضربات التي أمر بها ترمب تختلف عما كان عليه الحال مع إدارة بايدن، لجهة أنها لا تكتفي بالعمليات الدفاعية والاستباقية وإنما تتخذ منحى هجوميا أكثر كثافة وشمولية لمواقع الحوثيين ومراكز قيادتهم ومخابئهم الحصينة في الجبال مع التركيز على معقلهم الرئيسي في صعدة والذي يرجح اختباء زعيمهم فيه.

ولم يحدد الجيش الأميركي مدة زمنية لوقف الضربات، بينما رهنها المسؤولون في واشنطن بتوقف الحوثيين عن تهديد الملاحة في البحر الأحمر، وهو أمر كما يبدو بعيد المنال مع بقاء قدرة الجماعة العسكرية على حالها، وتحولها من لاعب محلي إلى لاعب إقليمي يعوض خسارة إيران لفاعلية حزب الله اللبناني.

إصرار على التصعيد

على وقع هذه الغارات الأميركية والهجمات الصاروخية الحوثية باتجاه إسرائيل هدد وزير دفاع الجماعة الانقلابية محمد ناصر العاطفي، الإثنين، بالمزيد من التصعيد، زاعما أن جماعته «أصبحت تمتلك ترسانة عسكرية قتالية متعددة المهام وقاعدة صناعية نوعية».

كما ادعى وزير دفاع الحوثيين أن لدى الجماعة «من القدرات والمفاجآت الكبيرة والواسعة بشأن الصناعة العسكرية والإنتاج الحربي ما يذهل العدو ويريح الصديق».

وهون المسؤول الحوثي من أثر الضربات الأميركية، وقال إنها لن تؤثر على قدرات الجماعة التي زعم أنها اتخذت «كافة التدابير الممكنة لمواجهة طويلة الأمد».

تقارير أميركية تحدثت عن مقتل قادة أساسيين في الجماعة الحوثية جراء ضربات ترمب (أ.ب)
تقارير أميركية تحدثت عن مقتل قادة أساسيين في الجماعة الحوثية جراء ضربات ترمب (أ.ب)

وكان الحوثيون قد استأنفوا هجماتهم الصاروخية تجاه إسرائيل منذ 17 مارس، وتبنّوا خلال أسبوعين إطلاق 10 صواريخ باليستية اعترضها الجيش الإسرائيلي دون أضرار.

يشار إلى أن الجماعة دخلت على خط التصعيد بعد السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، حيث أطلقت نحو 200 صاروخ وطائرة مسيرة تجاه إسرائيل، دون أن يكون لها أي تأثير عسكري باستثناء مقتل شخص واحد في 19 يونيو (حزيران) الماضي حينما انفجرت مسيرة في إحدى الشقق في تل أبيب.

كما تبنت الجماعة منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، حتى بدء هدنة غزة، مهاجمة 211 سفينة، وأدّت الهجمات خلال 14 شهرا إلى مقتل 4 بحارة وغرق سفينة بريطانية وأخرى يونانية، إضافة إلى قرصنة السفينة «غالاكسي ليدر».

وردت إسرائيل بخمس موجات من الضربات الانتقامية ضد الحوثيين كان آخرها في 10 يناير الماضي، واستهدفت الضربات موانئ الحديدة ومستودعات الوقود ومحطات كهرباء في الحديدة وصنعاء إضافة إلى مطار صنعاء.