بات الذكاء الصناعي حاضراً في عالم الموسيقى، ويؤدي دوراً متنامياً في هذا المجال، لكن المعنيين يرون أن ثمة حاجة إلى تشريعات تنظم الاستعانة بهذه التكنولوجيا، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».
فعلى سبيل المثال، استخدمت المغنية ديلورانتيس جوقة مستحدثة، بواسطة الذكاء الصناعي، على خلفية صوتها، بينما أثارت فرقة «آلتا» (AllttA) الجدل مع شخصية رمزية صوتية تمثل المغني جاي زي. ومع أن الذكاء الصناعي في المجال الموسيقي يُعتبر محركاً للإبداع، فإنه يطرح مشكلة لناحية تنظيمه.
وكتب يَنغ غورو، وهو معاون المغني جاي زي، عبر «إنستغرام»: «من المستحيل إعادة المارد إلى المصباح بعد خروجه منه».
وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يلاحظ ألكسندر لاش من «الاتحاد الوطني للنشر الفونوغرافي» في فرنسا أن «الذكاء الصناعي بات منذ بضع سنوات موجوداً في المجالات كلها».
وتشير كلاريس آرنو من «اتحاد منتجي الفونوغرافيا الفرنسيين المستقلين» إلى أن «الابتكارات التكنولوجية ساهمت في تطوير المجال الموسيقي، مما سيوسع نطاق الإمكانات والابتكارات»، مؤكدة ضرورة إخضاع أي تقنية لقواعد معينة.
ولجأت ديلورانتيس، وهي فنانة فرنسية تؤدي الموسيقى الإلكترونية، إلى تقنية «الذكاء الصناعي»، بينما تعمل حالياً على الجزء الثاني من ألبومها «كلاسيكل فارييشنز» الذي تُسمع في أغانيه «جوقة افتراضية» ابتكرها القسم المعني بالتكنولوجيا في شركة «سوني»، ومعهد «إركام» في باريس.
وتقول المغنية إن «جوقة (الذكاء الصناعي) تبدأ الغناء مستندة إلى صوتي الذي ينبثق منه 21 صوتاً، مع نبرة صوت وطريقة بالتنفس تتناسب مع أسلوبي الغنائي»، مضيفة: «يمكنني أن أتوجه إلى الجوقة بالقول مثلاً (سانديني في نوتة الدو الصغيرة)، وأكون بذلك عازف جاز يتفاعل مع موسيقيين آخرين».
وتقول مؤلفة كتاب «الفنان والمجال الرقمي والموسيقى»، إميلي غونو، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن الذكاء الصناعي يُعتبر في حالة المغنية ديلورانتيس «أداة للاستلهام».
لكن ما الحدود التي ينبغي عدم تخطيها في ما يخص استخدام الذكاء الصناعي؟ استعان ديفيد غيتا بالذكاء الصناعي لابتكار صوت مشابه لصوت مغني الراب إمينيم في إحدى حفلاته، إلا أن منسق الأسطوانات الشهير لم يطرح هذا العمل في السوق، وأشار في حديث لـ«بي بي سي» إلى أنه رغب من خلال خطوته في «إطلاق نقاش يرمي إلى التوعية بموضوع الذكاء الصناعي».
وأطلقت فرقة «آلتا (AllttA)» الفرنسية الأميركية أخيراً أغنية بصوت مزيف للمغني جاي زي، من خلال استخدام برنامج للذكاء الصناعي. وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يوضح مدير أعمال الفرقة الفرنسي يات نيديليك أن هذه الخطوة ترمي إلى «إطلاق زاوية أخرى من النقاش».
ويضيف نيديليك: «طبعاً لم نطرح هذا العمل في الأسواق، بل أردنا إظهار أننا داخل منطقة رمادية، وتأكيد الحاجة الملحة لتنظيم هذا المجال». ولن تكون الأغنية ضمن ألبوم «آلتا» الجديد «كوريو» المتوقع طرحه في الأسواق بتاريخ 12 مايو (أيار).
ويقول يَنغ غورو بأسف: «لا يُفترض أن تكون البرامج قادرة على استخدام اسم الشخص وصوته ومظهره من دون إذنه»، ومن هنا تبرز، بحسب إميلي غونو «المسائل المرتبطة بموافقة الشخص المعني وبالاستغلال التجاري، بالإضافة إلى مفهوم الشخصية (حقوق الصورة والصوت)».
أما بخصوص التزوير، فثمة إجراءات قانونية معينة، لكن الاستفادة من عمل الآخرين أو سمعتهم بهدف تحقيق ثروات بالإضافة إلى انتهاك الحقوق الشخصية مسألتان تتسمان بتعقيد أكبر، بحسب لاش.
وتقول كلاريس أرنو: «بمجرد نسخ صوت أو لحن وجعله أبطأ أو أسرع، فهذا يطرح مشكلة؛ إذ نادراً ما تتم استشارة صاحب الحقوق أو دفع مبلغ له عن عمله الأصلي»، مضيفة: «ثمة عمل كثير ينبغي القيام به لتنظيم هذا المجال».
ويلاحظ لاش أن «التكنولوجيا تتقدم بوتيرة أسرع بكثير من القوانين». ولا يوجد ما يكفي من إمكانات الرصد والجهات الرقابية لإدارة أعداد الأعمال الكبيرة التي تُنشر على المنصات الرقمية، البالغة نحو مائة ألف أغنية يومياً. وتقول إميلي غونو: «لستُ متشائمة كثيراً، بل واثقة من أن الوضع سيُستدرك قانونياً. لكن حتى تحقيق ذلك، أَلَن تكون طريقة إنتاج الموسيقى قد تبدلت أصلاً؟».
الذكاء الصناعي في عالم الموسيقى... مسألة تحتاج إلى تشريعات
الذكاء الصناعي في عالم الموسيقى... مسألة تحتاج إلى تشريعات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة